قلب وذكرى وفراق

قد تطاردنا ذكرياتنا كثيرا .. حتى تقلب حياتنا جحيما ..
وما قد يزيد الجحيم جحيما .. الفراق ..
فهنا يلتهب القلب ..
أيتها الذكرى ..
لما تطاردينني ..
ولما تلاحقينني ...
لما لا تتركينني وتذهبي بعيدا ..
لما تريدين أن تذكرينني بك ..
وتعتصري قلبي بحضورك ..
وتدمعي عيني بمرور أطيافك أمامها ...
أيتها الذكرى ..
لقد فارقتيهم جميعا ..
كل من تذكرينني بهم لم تعد مخيلات عقولهم تذكرك ..
وجعلوك طي النسيان ..
وتناسوا وجودك يوما في حياتهم ..
فلما تعذبينني أنا خاصة بذكرك لهم ..
لما تجرحينني أنا بمرورك أمامي ..
لما تبكينني بسرد ذكرياتهم ..
لما تحزنينني بترديد كلماتهم على مسامعي ..
بل ..
لما تفرحينني بترديد صداهم على قلبي ..
لما لا تفارقينني أنا أيضا وتجعلينني أنساك وأنساهم ..
أنسى من كانوا يوما أغلى من نفسي ..
أنسى من كانوا يوما أقرب إلى قلبي ..
أنسى من كانوا يوما بلسم جراحي ..
أنسى من كانوا يوما أهم شيء في حياتي ..
أنسى فراقهم ..
أنسى عذابهم ..
بل ..
أنسى حبهم الذي تعدى حدود كل الحب الصادق والعطاء الوافر ..
انسى كلماتهم التي اهتزت لها أركاني ..
أنسى ابتساماتهم التي طالما أضاءت الدنيا من حولي ..
أنسى ؟!
نعم أنسى كل حدث يمكن أن يعيد لي ذكراهم ..
ويدمع عيني لفراقهم ..
ويحزن قلبي لبعدهم ..
وآهٍ لبعدهم ..
أم انك أيتها الذكرى لعنة تلاحقينني أينما ذهبت ..
وتريدين قتلي كلما بعدت ..
أم أنك جحيما تريدين حرقي بنارك ..
وكي قلبي بعذابك ..
أم أنك جزءً من تكويني لا يمكن له الإنفصال عني ..
ولا يمكنني الإنفصال عنه ..
أم أنك وفاءاً نادراً بقلبي لايوجد إلا بعددٍ قليلاً من البشر ..
أم أنك حُباً صادقا وُلد لهم ..
وكتب له أن يبقى لأجلهم وليس له زوال ..
أيما كنتِ ..
فقد اعتدت عليكِ ..
على بقاؤكِ بجانبي ..
لتؤنسي وحدتي ..
وتُسمري ليلي ..
وتُمتعي نهاري ..
وبك يمتليء قلبي وعقلي ..
وتُغنيني عمن سواك ..
فما جربته من أحزان أفضل مما لم أجربه ..
وما أعرفه من آلام أفضل مما قد لا أعرفه ..
وما تجرعته من عذاب أفضل مما قد تخبئه الأيام لي ..
فأبقاك القدر ما شاء لي .. ذكرياتي ..
ومني تحيةً بحجم السماء ..
شذى العرب