كفشتو

كفشتو..!
د. عواطف الخريصي
ألا تظهر رائحة خبث ومكر في هذا العنوان؟! فهل شممتِ تلك الرائحة أيتها الزوجة؟!
وإن شممتِها.. فهل تتبعتِها لتعرفي مصدرها؟! وإن عرفتِ مصدرها ماذا ستكون ردة فعلكِ؟!
"كفشتو" مصطلح يشير مصنعوه إلى أنه مكونات عشبية تسعى إلى "كفش" عفواً أقصد "كشف" الخيانة الزوجية.
لن أذكر لكِ التفاصيل.. بل سأدعوكِ إلى قراءة هذا الاقتباس من أحد المنتديات التي نشرت الخبر:
"القصة بدأت بإعلان قبل أشهر عن طرح مستحضر يدعى "Ka-Fashto " ابتكرته زوجة هندية تدعى "شانكيتا بالأوال" طلبت الطلاق من زوجها بعدما كشفت خيانته لها، انهالت عليها عروض شركات الأدوية بملايين الدولارات للحصول على المستحضر العجيب المحضر من الأعشاب الطبيعية، والذي ما إن يتم دسه للزوج في الطعام أو الشراب حتى يفرز جسمه روائح معينة أطلقوا عليها رائحة الخيانة!
شركة أمريكية اشترت المنتج وأطلقت عليه اسم «Ka-Fashto»، وهو الاسم الذي يتكون من كلمتين باللغة الهندية هما «Ka» التي تعني مفتاح و«Fashto» التي تعني الحقيقة.
في إحدى الدول العربية، انتشر خبر فاعلية هذا المستحضر الذي أجيز من قبل إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية (FDA) من دون وصفة طبية حيث ذكرت الإدارة في سياق حيثيات موافقتها عليه، أنه لا يحتوي على أي مواد كيماوية بل يتألف أساسا من خلاصات عشبية وزيوت عطرية نادرة يتم تحضيرها بنسب دقيقة جدا على هيئة سائل شفاف لزج القوام.
وتأتي تركيبة المستحضر بنكهات متعددة من بينها اللافندر والبرجمون والنعناع والدارسين والهيل والمرمرية والزعفران والحبق والزعتر والفانيليا، وهي كلها تجعل جسم الرجل يفرز رائحة واحدة ألا وهي رائحة البخور، وهي الرائحة التي تفوح من جسم الزوج إذا كان عائدا لتوه من «علاقة حميمة عابرة»! انتهى.
والآن بعدما قرأتِ هذا الخبر.. ما رأيك هل شممتِ تلك الرائحة التي أشرت إليها في بداية المقال؟ هل عرفت مصدرها، هل ستنطلي عليك هذه الخدعة التي تسعى إلى زرع الريبة في زوجك وتسقيه بماء الشك لتجلسي وإياه على عشب القلق والاضطراب، ثم تصرفي عينك عن كل شيء جميل وتشعرين بوخز ذلك القلق والاضطراب في كل أنحاء بدنك عضويا كان أم نفسيا؟!
هل تصورت يا سكن الزوج وصندوق راحته مدى الاضطراب الذي سيلف كيان أسرتك؟!
هل شممت رائحة استغلال مشاعرك في خدمة تجارتهم.. فها هم يبيعون المستحضر بمبالغ تفوق قدرة صاحب الدخل المحدود.. تعالي لنحسبها بدقة قد لا تظهر نتائج لهذه العشبة في المرة الأولى مما يعني أنك ستعاودين التجربة لتشتري مرة أخرى وثالثة ورابعة وخامسة و حتى يثبت لك الخبر.. فكم دفعتِ لهم ليهزوا ميزان عقلك وميزانية أُسرتك؟!
ماذا لو كان زوجك بريئا براءة الذئب من دم يوسف؟ ماذا ستكون نظرته لك بعد طعنك في شرفه؟ هل سيبقى وتر الحب والود بينكما معزوفا؟ أم سيقطع أوتاره بسبب استسلامك لمن أراد أن يقطعه وبعدها سيحل في قلبك الطاهر الندم بعد أن عزفتِ عن أجواء الفرح والمرح وولجتِ إلى عالم الكآبة والحزن لتضعي نفسك في دائرة الهم والغم والحيرة والقلق.
والآن عزيزتي الزوجة حددي موقعك على خريطة الشريعة لتعرفي أين هو مكانك بالضبط منها موقعك من الشك: احذري المكوث فيه فقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إن من الغيرة ما يحبها الله ومنها ما يبغضه الله فالتي يبغضها الله الغيرة في غير ريبة".

• موقعك من الحزن والضيق: لقد حذرتك الشريعة منه وبينت لك أنه من مصائد الشيطان قال تعالى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا}.
• موقعك من خراب بيتك: لاشك أن من دخل بوابة الشك سيخرج منها إلى بوابة الطلاق، وقد ذم الشارع من يسعى لذلك وشبهة باليهود إذ هو شأنهم، قال تعالى: {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ}.
• موقعك من المحاكاة والتقليد: لاشك أن المتتبع لشرع هؤلاء يعلم يقينا أن لا منهج يستندون إليه في التعامل مع من يشك في زوجته، أو العكس، أما نحن فلدينا منهج واضح في سورة النور، وإذا كان منهجهم في كفشتوا فمنهجنا في سورة النور: استمعي للتلاوة . -

موقعك في الضرر: قد يسبب هذا المستحضر ضررا للأزواج وعليه تكون الزوجة قد تجرأت وخالفت الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذ قال: "لا ضرر ولا ضرار".

• موقعك في الظلم: قد يكون شكك في غير محله وبالتالي أوقعتِ نفسك في الظلم الذي حرمه الله على نفسه، قال تعالى في الحديث القدسي:

" يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا".

• موقعك في الخدعة: إن استسلامك لكل خدعة مدروسة ضد البيت المسلم دليل على ضعف في الشخصية، والمؤمن القوي خير وأحب عند الله من المؤمن الضعيف، قال الرسول صلى الله عليه وسلم "لست بالخب وليس الخب يخدعني".
• موقعك في القذف: إن هذا المستحضر ليس دليلا معتبرا لإثبات الزنا، فقد جاء هلال بن أمية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاذفاً زوجته بالزنا فلم يجبه الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا بطلب البينة: يا هلال! البينة أو حد في ظهرك؟ فقال هلال بن أمية: يا رسول الله! إذا رأى أحدنا رجلاً على امرأته ينطلق يلتمس البينة؟!

والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: البينة أو حد في ظهرك! وإذا بهلال يقول: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق! إني لصادق، ولينزلن الله ما يبرئ به ظهري من الحد. فأنزل الله آية الملاعنة التي سمعتِها منذ قليل..

• ومضة: العجيب أن مجتمعنا استقبل الخبر وكأننا مجتمع غير طاهر ومن أقوالهم: "راحوا فيها الشباب، انتبهوا لا أحد يلعب بذيله، والله بترتاح حواء من الطبخ، بتكون خدمة الرجال ذاتية"، كل هذا من أجل ماذا؟! يقول تعالى: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا}.

منقول