((عاتكة))
15-08-2022 - 01:14 pm
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
غاليتي (لبنانية متميزة)
أعضاء هذا المنتدى الرائع
أنا عند وعدي أن أنقل بعضا من قصص صديقتي ورفيقة دربي *ومضة*
\
/
\
/
حينما ينضب القلم وتجف العبرات، تتساوى المشاعر حزناً أم فرحاً ..
نحتاج مساحة بوح، مساحة لنعبر بها عن آلامنا وآمالنا التي لم ترى النور ..
بداخل كل بيت، وخلف كل حائط ..
هناك قصة ..
قد يختلف أبطالها، قد تتغير فصولها ..
لكنها تبقى حكاية الحياة ..
وهل تخلو حياة من آلام !
من آمال معلقة؟ من عثرات على الطريق !
من ترقب للغد وقلق منه !
من ندم وحسرة على أيام مضت ولم تكن كما نريد ..
من ضغوط بسبب أشخاص يشاركوننا الحياة وتهمنا سعادتهم !
من احباط من فشل ..
قد تكون القصص مكررة ..
قد يحسب البعض أنها قصته !
قد نرى أنفسنا بإحدى أبطالها، قد يتشابه السيناريو مع قصة عشناها ..
لكني أؤكد لكم ليست سوى نسج خيال مقتبس من الواقع ..
ليست سوى قصص مكررة لكثيير من البيوت، هي آمال مشتركة بين كثيرات ..
وآلام تنزف بين كثير من بيوتنا ..
7
7
7
نشيج بكاء أمها ..
صوت السيارة تحت غرفتها ..
خرج ثانية إذن !!
بتفكير طفولي رمت لحافها على الأرض وجرت خارج غرفتها،
أوه ... ماما
جرت سريعا للمطبخ لتحضر لها كوب عصير يهدئها، تعثرت بأخيها الذي كان يسير مفزوعا :
ما الأمر آلمها ثانية ورحل ! ؟؟
حرك يده بحماس أطاش به الكأس ..
صوت الارتطام وتناثر زجاج الكأس كان كفيلا بأن يخيم الصمت للحظة على المكان !
ثم كالانفحار علا الصراخ ثانية ..
أليس لك عين ألا ترى أين تضع يدك يالك من طفل مزعج مهلا لا أسمح لك، حدثيني بأدب أنا لست طفلا وحدك الطفلة هنا !!!
هذه الجملتان فقط هما الواضحتان، بعد ذلك اختلط أصواتهما لا يتضح ما يقولانه .
لم يسكتهما سوى صراخ أمهما وهي تلطم وجهها وتبكي :
ألا يكفيني والدكما وأنتما أيضا ..
لا أحد يشعر بي بهذا البيت ,,
يا الهي متى تأخذني لأرتاح .
بكفها الصغير مسحت عبراتها، وحاولت أن تكبت صوت نشيجها ..
لتتابع لم الزجاج من الأرض بذات الكف الذي مسح العبرات .
لم تشعر بألم رغم قطرات الدماء التي بللت يديها لتختلط بالعصير الملقى على الأرض، لكنها كانت تشعر بألم من نوع آخر وهي تفكر "إلى متى؟ !"
أمي إلى أين؟ لم تلتفت كانت تحمل حقيبتها وتفتح الباب ..
تمسك بها بقوة، كادت تسحب عباءتها بها. فأبعدته وهي تبكي أكثر ..
خذيه من هنا سلوان يجب أن أرحل قبل عودته ..
خذيه.. كانت تصرخ وتبكي ..
ويختلط صوت بكائه بصوت صراخها .
لكنها خرجت وخبطت الباب بقوة وراءها .
سلوان، سلوان... خبطت المعلمة على الطاولة لتشعرها بوجودها ..
رفعت رأسها بخجل، وهزته اشارة أنها لن تجيب .
هذه ليست المرة الأولى سلوان، غدا أريد أن أرى أمك.. أخبريها بضرورة حضورها للمدرسة !
نفس تلك الحرقة بمعدتها عادت بقوة، تسرعت دقات قلبها، وتجمعت عبرات ساخنة تداركتها بسرعة ..
وطأطأت رأسها مجددا وقررت ألا تسمع المزيد.. علا صراخ المعلمة أيضا، لكنها لم تدرك ما كانت تقوله اختلطت الكلمات، وعاد ذلك الطنين لأذنها، صوت أمها أبوها بكاء أخيها كله يعلو برأسها كلما سمعت صراخا.. وبحركة لا شعورية رفعت يدها لأذنها تحميها من المزيد .
ثم تداركت الأمر وابتسمت وهي تنظر لمعلمتها وتعدها خيراً ..
وتفكر كيف يمكنها أن تتصرف وتخبرهم أن أمها غادرتهم من سنة تقريبا ولا يعرفون عنها شيئا !!
سامي أرجوك لا تتأخر أخاف وحدي بالبيت ..
لا تقلقي سلوان فقط سأنهي حسابات المعمل وأعود بإذن الله ..
تبسم فجأة وانفرجت ابتسامته ليقهقه :
سلوان اعترفي حقا تخافين وحدك أم تخافين علي؟ مررنا بأسوأ من هذا وكنت أنا وأنت فحسب بالبيت.. ستخافين الآن بعد أن كبرنا وجاوزنا مرحلة الطفولة !
ومن سيحميك؟ سامي المدلل الصغير الباكي دوما!! الذي طالما صرخت بوجهه وسحبت منه دميته المهترئة !
تبسمت سلوان وهي تنظر لأخيها بحنان :
أردتك رجلا، وقد صرت الآن رجلا أفخر أنه معي ..
حسنا سلوان، المهم الآن لا تقلقي لن أتأخر فقط سأذهب للمعلمل لدي بعض الحسابات، والأهم اطمئني أخوك ليس من النوع الذي يخشى عليه !
سامي لا تنسى أنك بشر ولست من فصيلة أخرى، وما دام بداخلي قلب ينبض سأبقى قلقة حتى أطمئن
مسحت عبراتها بباطن كفها كما كانت تفعل منذ كانت طفلة كلما أغلق الباب ..
وسرحت كعادتها تفكر بأمها أين تراها الآن؟ وهل تشعر بهم وتفكر بحالهم كيف يكون !!
فكرت بوالدها الذي اعتاد على الرحيل منذ رحلت والدتهم، وصار يكتفي بأن يلبي لهم احتياجات البيت ويسافر ..
وينتقل من نجاح لنجاح بالعمل .
لكنه ترك كل شيء لأخيها الشاب الآن ورحل لزوجته الأخرى ببلاد بعيدة .
سيعود ليتأكد من سير الأمور ثم يغادرهم مجددا ..
حينما كانت صغيرة وشعرت بخوف، شيء واحد كان يطمئن قلبها الصغير ..
أن تشعر أن الله معها !
لم يعلمها أحد ..
فقدت الكثيير بحياتها، لكنها تعلمت من آلامها الكثير .
وبنت آمالا تناطح السحاب ..
لكن هل تراها ستحققها يوما كما تصبو !