السلام عليكن ورحمة الله وبركاته
أسعد الله أوقاتكن بالخير والمسرات، وبالرضا من رب العباد.
أحبتي: أتعجب كثيرا بل وأتألم حينما أرى الكثير من أخواتي يقصرون سعادتهن في
الدنيا على الزواج بصفة عامة وعلى وجود الزوج بصفة خاصة وأنهن عند
عدم حصول ذلك الأمر يعشين حياة مريرة وفي أجواء من اليأس والإحباط
والحزن الدائم والقلق والتوتر رغم رفاهية الحياة أمامهن.
أخيتي: ثقي تماما بأنه السعادة شعور عميق لابد أن ينبع من داخلك وإلا فمهما حصلت
من ملذات الدنيا فلن تدرك تلك السعادة .
ولا ريب في أنه سعادتنا تكمن في أعظم أمر وهو عبادة الله عز وجل وتقواه
والقرب منه، وتكمن أيضا في بعض الأشياء التي منها: العطاء، وبذل
المعروف للغير وطاعة الوالدين ونقاء السريرة والقراءة ... الخ.
وما أجمل ما قاله الشاعر: ولست أرى السعادة جمع مال
ولكن التقي هو السعيد.
ويقول أيضا أديب مصر لطفي المنفلوطي رحمه الله: (( حسبك من السعادة في الدنيا ضمير نقي ، ونفس هادئة، وقلب شريف))
وقفة ( 1 ):
( من روائع القصص التي قرأتها):
يروى أن زوجا غاضب زوجته، فقال لها متوعدا: لأشقينك.
قالت الزوجة في هدوء: لا تستطيع أن تشقيني، كما لا تملك أن تسعدني .
فقال الزوج في ضيق: وكيف لا أستطيع؟
فقالت الزوجة في ثقة: لو كانت السعادة في راتب لقطعته عني ، أو زينة من
الحلي لحرمتني منها، ولكنها في شيء لا تملكه أنت ولا الناس أجمعون!
فقال الزوج في دهشة: وما هو؟
فقالت الزوجة في يقين: إني أجد سعادتي في إيماني، وإيماني في قلبي، وقلبي
لا سلطان لأحد عليه غير ربي.
أخيتي: هل مازلت إلى الآن على قناعة تامة بأنه الزوج هو السعادة كلها وبدونه العناء والمشقة
إذا كان جوابك بنعم فتابعي معي.
وقفة ( 2 ):
( من روائع القصص التي قرأتها):
محاضر مشهور ، كان محط الأنظار في محيطه، بعدما انتهى من إلقاء إحدى
محاضراته الجميلة التي نال فيها الإعجاب... وقبل أن يغادر القاعة، رفع أحد
الحضور يده يريد أن يسأل زوجة المحاضر.
سمح له المدرب وتوجه السائل نحو الزوجة وقال لها:
هل أسعدك زوجك؟!
سؤال غريب:!!!!!
أجابت وبلا تردد: لا.
تعكر مزاج المحاضر وتغير لونه وأصيب بخيبة من الأمل بسبب هذه الإجابة
غير المتوقعة .
واصلت الزوجة حديثها قائلة:
نعم زوجي هذا الإنسان الرائع المتميز الخلق العالمي لم يسعدني!!!!!
عم الذهول الحضور وخيم الصمت على الجميع وأكملت حديثها قائلة:
أنا من أسعدت نفسي!!!!
وزوجي هو أحد أسباب السعادة فقط.
غاليتي: إذن الزوج وكما رأينا هو عنصر ( سبب) من أسباب السعادة في الحياة وليس
السعادة بحد ذاتها كما يعتقد الكثير.
فلماذا إذن هذا الإحباط واليأس والحزن ؟؟؟؟!!!!!
أخيتي : يقول تعالى: (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ))
خلقك الله تعالى في هذه الحياة وأوجدك من العدم من أجل عبادته وطاعته و
إعمار الأرض ولكن للأسف نحن أوقفنا حياتنا وسعادتنا على أمور قد لاتسمن
ولا تغني من جوع وتركنا الغاية التي خلقنا من أجلها والتي نجد سعادتنا بين
ثناياها، وقد يأتي اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا أعمالنا وحينها لن
ينفعنا الندم.
أتدرين ماذا أقصد؟!
سأوضح لك بالمثاليين التاليين:- هند أنهت المرحلة الجامعية من دراستها ولم يرد الله تعالى لها أن تتوظف
أو تتزوج وكانت حينها فتاة مرحة وجميلة وذات أخلاق رفيعة ولكن بعد برهة
من الزمن أصاب هند اليأس من عدم زواجها وأصبحت في حالة يرثى لها
(تغيرت ملامحها وأصيبت بالأمراض) وبدأت تتخبط في حياتها ؛ ذلك كله لأنها
ربطت سعادتها بالزواج ولم تدرك الغاية من وجودها بخلاف خلود .
- انتهت كهند من دراستها وأيضا تأخرت في الزواج ولكنها كانت تدرك أن
تأخرها لحكمة يعلمها الله وتجهلها هي ولكنها كانت على قناعة بأنه الزوج
سبب من أسباب السعادة وهي وحدها من تستطيع أن تبني سعادتها بمفردها.
فكان شعارها في الحياة : أنا سعيدة رغم ظروفي وهمتي وغايتي رضا ربي.
فحفظت كتاب الله تعالى وبذلت المعروف والعطاء لغيرها ، وساعدت في نشر
الإسلام، وتعلمت كل ما يخص الحياة الزوجية والأمومة والطفولة وكانت في
قمة سعادتها وبعد برهة من الزمن أراد الله أن يكافأها فحقق لها ما تتمنى
ورزقها بالزوج الصالح فكانت نعم الزوجة الصالحة والأم المثالية.
(( لم تيأس وتحقق لها ما تتمنى بخلاف هند التي لم ينفعها يأسها ))
فأيهما تختارين وتحبذين؟؟
وقفة ( 3 ) : ( من روائع القصص التي قرأتها):
هناك زوجين ذات يوم سافرا معا في رحلة بحرية ، أمضت السفينة عدة أيام في البحر
وبعدها ثارت عاصفة كادت أن تودي بالسفينة ، فالرياح مضادة والأمواج هائجة.
امتلأت السفينة بالمياه وانتشر الرعب والذعر والخوف بين الركاب حتى قائد
السفينة لم يخفي على الركاب أنهم في خطر وأن فرصة النجاح تحتاج إلى
معجزة من الله عز وجل.
لم تتمالك الزوجة أعصابها فأخذت تصرخ لا تعلم ماذا تصنع ، فذهبت مسرعة
نحو زوجها لعلها تجد حل للنجاة من هذا الموت المحقق، وقد كان جميع
الركاب في حالة من الهياج ولكنها فوجئت بالزوج، كعادته جالسا هادئا
فازدادت غضبا واتهمته بالبرود واللامبالاة .
نظر إليها الزوج وبوجه عابس وعين غاضبة واستل خنجره ووضعه على
صدرها. وقال لها بكل جدية وبصوت حاد: ألا تخافين من الخنجر؟
نظرت إليه وقالت: لا. فقال لها: لماذا؟
فقالت: لأنه ممسوك في يد من أثق به وأحبه.
فابتسم وقال لها: هكذا أنا ، فهذه الأمواج الهائجة ممسوكة بيد من أثق به
وأحبه . فلماذا الخوف إن كان هو المسيطر على الأمور ؟
أخيتي: ثقي تماما بلا نزاع أنك في رعاية الرحمان الرحيم الذي هو أرحم من الأم
على ابنها فلماذا الخوف والقلق من المستقبل؟؟!!
أما آن الأوان الآن أن تنفض عن نفسك الغبار وتنطلق وتسعد نفسك والآخرين
ويكون همك الأول : رضا الله عز وجل.
ختاما:
كلمات بسيطة جادت بها نفسي فإن أصبت فمن الله عز وجل ، وإن أخطأت
فمن نفسي والشيطان.
جل ما أتمناه دعوة في ظهر الغيب فهي أجمل وأثمن الهدايا.
أختكم المنطلقة: فلورة
أم ريان ولين
دمتن في حفظ الله ورعايته .
يبعث في النفس الامل والتفائل .. رعاك الله وحفظك من كل سووء..