- مرحبا بكل الفراشات..............
- الزراعة العضوية.. ما هي؟
- التربة الخصبة أساس مهم للزراعة العضوية
- منتج عضوي.. من يضمنه!
- الزراعة العضوية سوق رائجة
مرحبا بكل الفراشات..............
هل لفت انتباهك وأنتي تتجولين في أحد المتاجر الكبرى وجود أنواع خاصة من الأغذية كالخضر والفاكهة المغلفة بعناية والتي تتميز بسعر مرتفع قد يزيد عن 3 أضعاف مثيلاتها التي تباع بأسعار متدنية في نفس المتجر؟! وهل تساءلت عن سبب ارتفاع أثمان هذه الأغذية التي عادة ما يكتب عليها كلمة "عضوي" أو "Organic" ؟!.. إذا تساءلتي عن هذا الفرق الكبير في الأسعار ولم تعرف سببا لذلك فقد تفاجئك الإجابة بأن سبب ارتفاع أسعار هذه المنتجات يرجع إلى أنها طبيعية، تمت زراعتها دون استخدام الأسمدة أو المبيدات الكيميائية!
ومن الغريب أن هذا النوع من الغذاء (الطبيعي) قد صار بعيدا عن متناول غالبية أفراد المجتمع نظرا لارتفاع أثمانه وكلفة إنتاجه وندرته، حتى إنه صار في بعض الدول غذاء للنخبة من الأفراد الميسورين.
ويدفع الأفراد ثمنا عاليا لهذه الأغذية أملا في الحفاظ على صحتهم وتجنبا للإصابة بالعديد من الأمراض المميتة كالسرطان والفشل الكلوي التي تتسبب فيها الأغذية العادية المتداولة في معظم أنحاء العالم نتيجة لاستخدام المبيدات والهرمونات والأسمدة الكيميائية التخليقية في إنتاجها بحسب الدراسات والأبحاث العلمية والتقارير الطبية العديدة.
كما يرى الكثيرون أن الأغذية العضوية تتميز بالطعم الطبيعي والرائحة المميزة والخواص الآمنة، وتوفر طلبات المستهلكين المتزايدة الحصول على منتجات غذائية وليفية منتجة عضويا، وتوفر أيضا طلبات المنظمات الدولية الحصول على تنمية أكثر استدامة وفرص جديدة للمزارعين ولأصحاب الأعمال التجارية في بلادنا للدخول في هذا المجال الزراعي الحديث نسبيا والذي يعرف بالزراعة العضوية.
الزراعة العضوية.. ما هي؟
تعرف الزراعة العضوية بأنها العملية التي تستخدم فيها وسائل تنطلق من البيئة في جميع مراحلها. وتشمل الزراعة العضوية جميع النظم الزراعية التي تشجع إنتاج الأغذية بوسائل سليمة بيئيا واجتماعيا واقتصاديا، وتعتبر هذه النظم خصوبة التربة عنصرا أساسيا في نجاح الإنتاج. والزراعة العضوية تقلل إلى حد كبير المدخلات التخليقية ( مثل الأسمدة الصناعية، والمبيدات التخليقية، والعقاقير البيطرية، والبذور والسلالات المحورة وراثيا، والمواد الحافظة، والمواد المضافة، والتشعيع ). وتُفعل الزراعة العضوية القوانين الطبيعية لزيادة المحاصيل الزراعية ومقاومة الأمراض، وتهدف إلى جعل نوعية الزراعة والبيئة أقرب إلى الكمال من جميع الجوانب.
التربة الخصبة أساس مهم للزراعة العضوية
والزراعة العضوية لا تعنى بالنبات فقط، وإنما تشمل نظم إنتاج الماشية والأسماك. وتهدف إلى إنتاج غذائي ذي جودة عالية للمحافظة على صحة الإنسان وتقليل جميع أشكال التلوث. كما تهدف إلى تطوير نظام زراعي دائم يحافظ على خصوبة التربة على المدى الطويل ويستخدم الموارد المتجددة إلى أقصى درجة ممكنة في نظم الإنتاج ويشجع ويعزز الدورات البيولوجية والدورات الطبيعية داخل النظام الزراعي.
منتج عضوي.. من يضمنه!
ظهرت المبادئ الأولية للزراعة العضوية في صورة مجموعة من المحاضرات والمنشورات والبحوث بدأها د. "أدولف ستينر" ، ثم تم وضع المواصفات الأولية لهذا النمط الزراعي من طرف جمعية الأرض البريطانية في عام 1967. وبعد ذلك تم وضع أساس لنظام تصديق خاص للزراعة العضوية وظهور تشريعات تنظيمية في الولايات المتحدة، وامتدت هذه المرحلة من 1974 إلى 1979.
وبدءا من 1980 حدثت قفزة نوعية دعمها نشر المواصفات الأساسية للمنظمة العالمية الفيدرالية للحركات العضوية، ثم تم اعتماد نظام تصديق أوربي في إطار الإجراء المنظم لهذا النمط الزراعي؛ مما أدى إلى تطوير التجارة العالمية في مجال المحاصيل العضوية في السوق العالمي.
وقد يتبادر إلى ذهنك -عزيزي القارئ- سؤال مهم ألا وهو : من يضمن لي أن هذا المنتج الغذائي المعروض "عضوي" بالفعل؟ ! وتأتي أهمية هذا السؤال من تشكك المستهلكين نظرا لتعرضهم للعديد من عمليات الغش التجاري، بخاصة في ظل اندماج الأسواق العالمية. ولهذا يعتبر المنتج عضويا حقيقيا في حال تصديقه واعتماده من قبل الجهة المختصة فقط، وهذا يعني أنه أنتج وفقا لمواصفات ومقاييس فنية دقيقة تضعها هيئات عالمية ووطنية.
وفي السنوات الأخيرة ظهرت عدة جهات اعتماد مختصة بالأغذية العضوية، وهي الوحيدة فعليا التي تحدد الأغذية العضوية التي تحمل عبارة غذاء عضوي "حقيقي" تبعا لقواعد ومعايير عالمية للزراعة العضوية، تستمد من هيئة الدستور الغذائي لمنظمة الأغذية والزراعة (FAO) ومن الوكالة الدولية للحركات الزراعية العضوية "إفوام" (IFOAM )، وهي هيئة عالمية غير حكومية، ظهرت عام 1972 ويتبعها حاليا حوالي 750 منظمة موزعة على أكثر من 100 بلد.
الزراعة العضوية سوق رائجة
تتزايد أهمية الزراعة العضوية على مستوى العالم حيث بلغت جملة المبيعات في السوق العالمية للمحاصيل المزروعة عضويا من 23 إلى 25 مليار دولار في 2003 (أوربا: 10 - 11 مليار دولار، الولايات المتحدة: 11 - 13 مليار دولار، كندا: من 850 مليون دولار - مليار دولار، اليابان: 250 - 450 مليون دولار، أستراليا: 75 - 100 مليون دولار).
وهناك ما يقرب من 400 ألف مزرعة عضوية في العالم، وهذا الرقم يتزايد بصورة متسارعة. ففي عام 2001 كان هناك 8‚15 مليون هكتار مزروع بالزراعة العضوية، وفي عام 2003 قفز هذا الرقم إلى 22 مليون هكتار تشكل ما بين 11 – 13 بليون دولار أمريكي في أسواق الولايات المتحدة الأمريكية. ويتوقع أن يصل الرقم في عام 2005 إلى 29 -31 مليار دولار من الزراعة العضوية.
وبدأت الزراعة العضوية في العالم العربي في حقبة الثمانينيات بزراعة نحو 63 هكتارا بمنطقة بلبيس على بعد 60كم شمال شرق القاهرة لإنتاج النباتات الطبية، وبلغ عدد المزارع العضوية في مصر 460 مزرعة في عام 2001 لتشكل 2‚0% من إجمالي عدد المزارع بها، وعدد المزارع العضوية في المغرب قفز إلى 555 مزرعة مساحتها تبلغ 11 ألفا و956 هكتارا، وفي تونس نحو 409 مزراع مساحتها 18 ألفا و255 هكتارا، وفي لبنان بلغ عددها 17 مزرعة ومساحتها 250 هكتارا.
وتتميز تجارب مصر الزراعية بالريادة في هذا المجال الحيوي، وتتمثل أولى هذه التجارب في هيئة شركة زراعية مصرية تسمى "سيكيم"، وهي هيروغليفية ومعناها بالعربية "حيوية الشمس"، وقد كانت تلك الشركة بين الخمسة الفائزين بجائزة "نوبل البديلة" عام 2003. حيث أشاد مانحو الجائزة بنجاح التجربة في "تحقيق التزاوج بين مفهوم الربحية التجارية والمقاربة الروحية والإنسانية لعملية الإنتاج، إضافة إلى احترام البيئة".
كما قامت وزارة الزراعة المصرية بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" بتنفيذ أول مشروع من نوعه في مصر لزراعة الخضر فوق أسطح المنازل في نهاية عام 2002. وقامت بتشجيع هذا المشروع الذي يهدف إلى مساعدة الأسر في الحصول على احتياجاتها من الخضر بأسعار زهيدة ونوعيات خالية من الكيماويات والتلوث، بالإضافة إلى تحقيق نظافة البيئة وتحويل أسطح المنازل من مقالب للمخلفات إلى أماكن إنتاج.
وتعد السوق الإقليمية للمنتجات العضوية صحية ومبشرة. ويمكن عبر هذه السوق الاستفادة من تكامل الموارد بين الدول العربية ووجود مؤسسات قائمة كالمنظمة العربية للتنمية الزراعية وغيرها لوضع إستراتيجية عربية موحدة للزراعة العضوية ووضع معايير ونظم عربية مشتركة للزراعة العضوية.
وبنظرة للمستقبل نرى أن الزراعة العضوية هي الحل للعديد من المشكلات الصحية والبيئية المتراكمة، فالعودة إلى الطبيعية المتوازنة –التي يسرها وسخرها الله للبشر- هي طوق النجاة للبشرية جمعاء.