الفراشة أصبح فتيات Ftayat.com : يتم تحديث الموقع الآن ولذلك تم غلق النشر والمشاركات لحين الانتهاء من اتمام التحديث
ترقبوا التحديث الجديد مزايا عديدة وخيارات تفاعلية سهلة وسريعه.
فتيات اكبر موقع وتطبيق نسائي في الخليج والوطن العربي يغطي كافة المجالات و المواضيع النسائية مثل الازياء وصفات الطبخ و الديكور و انظمة الحمية و الدايت و المكياج و العناية بالشعر والبشرة وكل ما يتعلق بصحة المرأة.
خطبة الحجاب
اللهم لك الحمد أنت ولينا وأنت نصيرنا وأنت ظهيرنا وأنت مولانا فنعم المولى ونعم النصير لك الحمد ربي حتى ترضى ولك الحمد بعد الرضا ولك الحمد على حمدنا إياك ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
أما بعد : فأوصيكم أحبتي بالتزود ليوم الحساب وهول المطلع فقد أوصانا بذلك ربنا إذ يقول :{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}(
).معاشر الأحبة تحدثت في الخطبة الماضية عن بعض مظاهر للتفريط في الحجاب أخذت تظهر بين بعض الناس في المجتمع المكي الطاهر،واليوم أكمل الحديث بالتعرض لبعض الأخطاء في هذا الجانب التي قد يقع فيها البعض بغير قصد في جانب الحجاب؛فمن تلك الأخطاء عدم التقيد بآداب الحجاب في المنزل ، وقد يعجب البعض فيقول أحجاب في المنزل؟ فأقول له لا تعجل علي فلم أرد من الحجاب ما يتبادر إلى ذهنك من لبس العباءة وغطاء الوجه في المنزل ، ولكن أيضاً هناك آداب ينبغي للمرأة والرجل أن يلتزموا بها في المنزل والأساس في ذلك ماورد في آية الاستئذان إذ يقول تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}(
) فلما كان هذا الاستئذان أليس من أجل أن لا تنكشف العورات حتى داخل البيت ، وفي تنظيم الحجاب يقول صلى الله عليه وسلم : ((مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ))(
) يقول صاحب عون المعبود:(وَفَرِّقُوا):أَمْر مِنْ التَّفْرِيق(بَيْنهمْ فِي الْمَضَاجِع):أَيْ الْمَرَاقِد.قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي فَتْح الْقَدِير شَرْح الْجَامِع الصَّغِير:أَيْ فَرِّقُوا بَيْن أَوْلَادكُمْ فِي مَضَاجِعهمْ الَّتِي يَنَامُونَ فِيهَا إِذَا بَلَغُوا عَشْرًا حَذَرًا مِنْ غَوَائِل الشَّهْوَة إِنْ كُنَّ أَخَوَات.قَالَ الطِّيبِيُّ,جَمَعَ بَيْن الْأَمْر بِالصَّلَاةِ وَالْفَرْق بَيْنهمْ فِي الْمَضَاجِع فِي الطُّفُولِيَّة تَأْدِيبًا لَهُمْ وَمُحَافَظَة لِأَمْرِ اللَّه كُلّه وَتَعْلِيمًا لَهُمْ وَالْمُعَاشَرَة بَيْن الْخَلْق,وَأَنْ لَا يَقِفُوا مَوَاقِف التُّهَم فَيَجْتَنِبُوا الْمَحَارِم اِنْتَهَى.)(
)،وهناك بعض من الأباء لا يُلقون لهذه القضية بالاً مع أنها قد تكون مشكلة عظيمة بالنسبة للأولاد،ولقد قرأت خلال الشهر الماضي في صحيفة محلية(
) شاب يصرخ ويشتكي من وضع بيته فيقول لم أعد أستطيع المكوث في البيت طويلاً واضطررت إلى البقاء خارج المنزل أطول فترة ممكنة أتدرون ما هو السبب؟ أنه عدم الالتزام بآداب الحجاب في المنزل حيث يقول ذلك الشاب إن أخواتي يلبسن في المنزل ملابس ضيقة من بنطلونات ونحوها أو شفافة مما يُبرز مفاتنهن وأنا شاب تفور الشهوة في جسدي وهن لا يُقدرن حالي وأبي وأمي في غفلة عن الأمر فأصبحت أخشى على أخواتي مني فاخترت البقاء خارج المنزل حتى لا أقع في محذور،فهذا شاب جهر بشكواه وكم من شاب يكتم ما به ويستحي أن يصارح والديه بما في نفسه وبالمقابل كم من فتاة أيضاً قد يتكشف أمامها اخوتها فتعاني ما تعاني ولا تستطيع الحديث بما تعاني،فهل يتنبه الأباء والأمهات لهذه القضية؟ وهناك قضية أخطر منها يفرط فيها بعض الأباء والأمهات ألا وهي ترك الأبناء ذكوراً وإناثاً في الليل وبالذات في ليالي الإجازات يتابعن فحش القنوات بينما يذهب الأبوان للنوم،فيرى الأبناء ما يهيج الغرائز ويثير كوامن الشهوات وهم في قمة الاشتعال ينظر الولد فلا يرى إلى جواره إلا أخته وتنظر الأخت فلا ترى إلى جوارها إلا أخاها والقلب قد ضعف الإيمان فيه والليل يسترهم بظلمته والأبوان نائمان فيقع المحذور وقد تتكرر الجريمة وقد سمعنا وسمعتم بوقوع مثل ذلك فمن بالله عليكم الجاني هنا ؟
ومما تقع فيه بعض النساء التخفف من الملابس داخل البيت بشكل يبدي العورة والتزين بحجة أنها تتزين لزوجها فنقول لها إن زينتك لزوجك أمر حث عليه الشرع وهو مما تؤجرين عليه الأجر العظيم لكن لا يكون ذلك بشكل فاضح أمام الأولاد،وليكن في المخدع الخاص حيث لا يراك إلا هو،فتذكري أنك قدوة لبنياتك وهم ينظرون إليك ما ذا تفعلي فيقلدونك.ومن الأخطاء التي يقع فيها البعض داخل المنزل معاملة الخادمات حتى أن شاباً جاء يستنجد بداعية يقول له إن أبي يقول بأن الخادمة ملك يمين فأرجوك أن تبين له،فجاء الداعية وأخذ يحاور ذلك الأب الذي كان مقتنعاً بما زينه الشيطان له وأقنعه بعد جهد كبير،ولا يُتصور أن هناك الكثير ممن عندهم نفس التصور ولكن هناك من عنده تساهل في الأمر فالخادمة تحضر الطعام وأفراد الأسر جالسون من أب وأبناء في سن المراهقة ولا يرون في ذلك بأساً ومنهم من يكون عنده حرص أكبر فيأمرها أن تغطي شعرها،ومنهم من تُحضر له كأس العصير أو الماء أو تحضر له ملابسه،فنقول لأمثال هؤلاء أيها الأحبة إن الخادمة امرأة أجنبية لا يجوز للرجل أياً كان أن يُحادثها أو ينظر إلى وجهها أو أي جزء من بدنها،نقول لمن يفعل ذلك هذه امرأة مسلمة اضطرتها الظروف إلى هذا العمل ولو كانت زوجتك أو ابنتك في مكانها أكنت ترضى أن تعامل كما تعاملها أنت؟ومن الأسر من تذهب الزوجة إلى العمل أو إلى مناسبة من فرح أو نحوه وتترك الرجل مع الخادمة ! أو يخرج الأبوان ويتركان شباباً في سن المراهقة مع الخادمة بحجة أن أمامها أعمال يجب أن تنجزها وأن الأولاد قد أحسنوا تربيتهم ! فنقول لهؤلاء أن هذه خلوة محرمة شرعاً يقول فيها صلى الله عليه وسلم : ((..أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ..))(
) ،وكم عن نتيجة هذا التساهل من قصص تستحي منها الفضيلة، ويخجل منها الحياء .أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ()وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ()}(
)
عن الوالدين
أيها الإخوة المؤمنون:أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، فهو وصية الله لنا ولمن قبلنا،(ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله) ..
.
معاشر المسلمين: كانت النية أن تكون الخطبة هذه الجمعة عن العطلة الصيفية وكيفية استغلالها، ولكن حال دون ذلك كثرة شكاوي الناس وكثرة الأخبار المزعجة التي تفطر القلوب وتدمي الأسماع، وهي نذير شؤم، وعلامة خذلان، يجب على الأمة جميعها أن تتصدى لإصلاح هذا الخلل الذي بدأ ينتشر انتشار النار في الهشيم، ألا وهو عقوق الوالدين.
عقوق الوالدين أيها الإخوة من أكبر الكبائر بعد الإشراك بالله، وكيف لا يكون كذلك وقد قرن الله برهما بالتوحيد فقال تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) ..
.
وقال تعالى: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً) ..
.
بل هي من المواثيق التي أخذت على أهل الكتاب من قبلنا، (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحساناً وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسناً) ..
.
وها نحن نسمع بين الحين والآخر، وللأسف من أبناء الإسلام من يزجر أمه وأباه، أو يضربهما أو يقتل أمه أو أباه.
أقول أيها الإخوة : إن انتشار مثل هذه الجرائم البشعة ليست في الإسلام فحسب بل في عرف جميع بني آدم، أقول: إن انتشارها نذير شؤم وعلامة خذلان للأمة، ومن هنا وجب على جميع قنوات التربية والتوعية والإصلاح تنبيه الناس على خطر هذا الأمر، وإظهار هذه الصورة البشعة لمجتمعاتنا بأنها علامة ضياع وعنوان خسارة.
أيها الإخوة في الله: ما سبب انتشار أمثال هذه الجرائم؟ ولا أقول وجودها لأنها قد وجدت من قديم الزمان، لكن ما سبب انتشارها إلا انتشار الفساد والأفلام المقيتة بوجهها الكالح، وتشبه طبقة من طبقات المجتمع بصورة الشاب الغربي الذي يعيش وحده، وليست له أي صلة تربطه بذي رحم أو قريب، فيتأثر البعض بهذه المناظر فيحصل ما لا تحمد عقباه من العقوق.
أيها الأخوة المؤمنون:
قال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً).
قال ابن عباس رضي الله عنهما: يريد البر بهما مع اللطف ولين الجانب، فلا يغلظ لهما في الجواب، لا يحد النظر إليهما، ولا يرفع صوته عليهما، بل يكون بين يديهما مثل العبد بين يدي السيد تذللاً لهما.
(وقضى ربك إلا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً.. ) الآية.
قال الهيثمي عند قوله تعالى: (وقل لهما قولاً كريماً) أي اللين اللطيف المشتمل على العطف والاستمالة وموافقة مرادهما وميلهما ومطلوبهما ما أمكن لا سيما عند الكبر، (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) ثم أمر تعالى بعد القول الكريم بأن يخفض لهما جناح الذل من القول، بأن لا يُكلما إلا مع الاستكانة والذل والخضوع، وإظهار ذلك لهما، واحتمال ما يصدر منهما، ويريهما أنه في غاية التقصير في حقهما وبرهما.
ولا يزال على نحو ذلك حتى ينثلج خاطرهما، ويبرد قلبهما عليه، فينعطفا عليه بالرضا والدعاء، ومن ثم طلب منه بعد ذلك أن يدعو لهما، (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً).
وكان أبو هريرة إذا أراد أن يخرج من دار أمه وقف على بابها فقال: السلام عليك يا أمتاه ورحمة الله وبركاته، فتقول: وعليك يا بني ورحمة الله وبركاته، فيقول: رحمك الله كما ربيتني صغيراً، فتقول: ورحمك الله كما سررتني كبيراً، ثم إذا أراد أن يدخل صنع مثل ذلك.
أيها الإخوة المسلون:
وحق الوالدين باقٍ، ومصاحبتهما بالمعروف واجبة، حتى وإن كانا كافرين.
فلا يختص برهما بكونهما مسلمين، بل تبرهما وإن كانا كافرين، فعن أسماء رضي الله عنها قالت: قَدِمت عليّ أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدهم، فاستفتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إن أمي قدمت عليّ وهي راغبة أفأصلها؟ قال: ((نعم، صلي أمك)).
ولم يقف حق الوالدين عند هذا الحد، بل تبرهما وتحسن إليهما حتى ولو أمراك بالكفر بالله، وألزماك بالشرك بالله، قال تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير * وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعلمون).
فإذا أمر الله تعالى بمصاحبة هذين الوالدين بالمعروف مع هذا القبح العظيم الذي يأمران ولدهما به، وهو الإشراك بالله، فما الظن بالوالدين المسلمين سيما إن كانا صالحين، تالله إن حقهما لمن أشد الحقوق وآكدها، وإن القيام به على وجهه أصعب الأمور وأعظمها، فالموفق من هدي إليه، والمحروم كل المحروم من صُرف عنه.
وهاهو رسول الله صلى الله عليه وسلم يجعل حق الوالدين مقدماً على الجهاد في سبيل الله.
ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: ((الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: ثم الجهاد في سبيل الله)).
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله قال لرجل استأذنه في الجهاد: ((أحي والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد))
.
وعنه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد))
.
وعن معاوية بن جاهمة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرسول الله: أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك، فقال: ((هل لك أم؟ قال: نعم، قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجليها))
.
وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على من أدرك أبويه أو أحدهما ثم لم يدخل الجنة، فيقول كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة: ((رغم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عنده الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة)).
وبر الوالدين من أعظم القربات وأجل الطاعات، وببرهما تتنزل الرحمات وتكشف الكربات.
وما قصة الثلاثة الذين أطبق عليهم الغار فلم يستطيعوا الخروج منه، فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالاً عملتموها لله صالحة، فادعوا الله بها لعله يفرجها فقال أحدهم: ((اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران، ولي صبية صغار، كنت أرعى عليهم، فإذا رجعت إليهم، فحلبت، بدأت بوالدي اسقيهما قبل ولدي، وإنه قد نأى بي الشجر (أي بعد علي المرعى) فما أتيت حتى أمسيت، فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فجئت بالحلاب، فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما، وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما، والصبية يتضاغَون عند قدمي (أي يبكون)، فلم يزل ذلك دَأْبي ودأبهم حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا ففرّج الله لهم حتى يرون السماء)).
وهل أتاك نبأ أويس بن عامر القرني؟ ذاك رجل أنبأ النبي صلى الله عليه وسلم بظهوره، وكشف عن سناء منزلته عند الله ورسوله، وأمر البررة الأخيار من آله وصحابته بالتماس دعوته وابتغاء القربى إلى الله بها، وما كانت آيته إلا بره بأمه، وذلك الحديث الذي أخرجه مسلم: كان عمر رضي الله عنه إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم، أفيكم أويس بن عامر؟ حتى أتى على أويس بن عامر فقال: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم، قال: من مراد؟ قال: نعم، قال: كان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم؟ قال: نعم، قال: لك والدة؟ قال: نعم، قال: سمعت رسول الله يقول: ((يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد اليمن من مراد ثم من قرن، كان به أثر برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدةٌ هو بارٌ بها، لو أقسم على الله لأبرّه، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل)). فاستغفر لي، فاستغفر له، فقال له عمر: أين تريد؟ قال: الكوفة، قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال: أكون في غبراء الناس أحب إلي.
وعن أصبغ بن زيد، قال: إنما منع أويساً أن يَقدم على النبي صلى الله عليه وسلم برّه بأمه.
ولما علم سلفنا الصالح بعظم حق الوالدين، قاموا به حق قيام.
فهذا محمد بن سيرين إذا كلم أمه كأنه يتضرع. وقال ابن عوف: دخل رجل على محمد بن سيرين وهو عند أمه، فقال: ما شأن محمد أيشتكي شيئاً؟ قالوا: لا، ولكن هكذا يكون إذا كان عند أمه.
وهذا أبو الحسن علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنهم كان من سادات التابعين، وكان كثير البر بأمه حتى قيل له: إنك من أبر الناس بأمك، ولسنا نراك تأكل معها في صحفة، فقال: أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها، فأكون قد عققتها.
وهذا حيوة بن شريح، وهو أحد أئمة المسلمين والعلماء المشهورين، يقعد في حلقته يعلم الناس ويأتيه الطلاب من كل مكان ليسمعوا عنه، فتقول له أمه وهو بين طلابه: قم يا حيوة فاعلف الدجاج، فيقوم ويترك التعليم.
هذه بعض نماذج بر السلف لآبائهم وأمهاتهم، فما بال شبابنا اليوم يقصرون في بر آبائهم وأمهاتهم، وربما عق أحدهم والديه من أجل إرضاء صديق له، أو أبكى والديه وأغضبهما (وهذا من أشد العقوق) من أجل سفر هنا أو هناك أو متعة هنا أو هناك.
أوصيكم يا معشر الأبناء جميعاً ونفسي ببر الوالدين، وأن نسعى لإرضائهما وإسعادهما في هذه الدنيا، أسألك بالله يا أخي ماذا يريد منك أبوك إلا أن تقف معه حين يحتاجك، وأن تسانده حين يحتاجك، بل ماذا تريد منك الأم إلا كلمة حانية، وعبارة صافية، تحمل في طياتها الحب والإجلال.
والله يا إخوان لا أظن أن أي أم أو أب يعلمان من ولديهما صدقاً في المحبة وليناً في الخطاب ويداً حانية وكلمة طيبة ثم يكرهانه أو يؤذيانه في نفسه أو ولده.
اللهم إنا نسألك أن تعيننا جميعاً على بر والدينا، اللهم قد قصرنا في ذلك وأخطأنا في حقهما، اللهم فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسرفنا وما أعلنا، واملأ قلبيهما بمحبتنا، وألسنتهما بالدعاء لنا، يا ذا الجلال والإكرام.
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على نبيه الذي اصطفى، وأشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله.
أيها الإخوة المؤمنون:
لا أظن أنه تخفا علينا النصوص الواردة من الكتاب والسنة في فضل بر الوالدين، وحرمة عقوقهما وأن عقوق الوالدين من كبائر الذنوب.
ولكن ينقصنا العمل بما نعلم، ونغفل أحياناً كثيرة عن مواضع البر مع زحمة الأعمال الدنيوية، كزيارة الوالدين وتفقد أخبارهما والسؤال عن أحوالهما وسؤالهما عن حاجتهما.
وكم نجد ونسمع من يلتمس رضا زوجه ويقدمه على رضا والديه.
فربما لو غضبت الزوجة لأصبح طوال يومين حزيناً كئيباً لا يفرح بابتسامة، ولا يسّر بخبر، حتى ترضى زوجه الميمون، وربما لو غضب عليه والداه، ولا كأن شيئاً قد حصل.
ذكر أحد بائعي الجواهر قصة غريبة وصورة من صور العقوق.
يقول: دخل علي رجل ومعه زوجته، ومعهم عجوز تحمل ابنهما الصغير، أخذ الزوج يضاحك زوجته ويعرض عليها أفخر أنواع المجوهرات يشتري ما تشتهي، فلما راق لها نوع من المجوهرات، دفع الزوج المبلغ، فقال له البائع: بقي ثمانون ريالاً، وكانت الأم الرحيمة التي تحمل طفلهما قد رأت خاتما فأعجبها لكي تلبسه في هذا العيد، فقال: ولماذا الثمانون ريالا؟ قال: لهذه المرأة؛ قد أخذت خاتماً، فصرخ بأعلى صوته وقال: العجوز لا تحتاج إلى الذهب، فألقت الأم الخاتم وانطلقت إلى السيارة تبكي من عقوق ولدها، فعاتبته الزوجة قائلة: لماذا أغضبت أمك، فمن يحمل ولدنا بعد اليوم؟ ذهب الابن إلى أمه، وعرض عليها الخاتم فقالت: والله ما ألبس الذهب حتى أموت، ولك يا بني مثله، ولك يا بني مثله.
هذه صورة من صور العقوق، يدخل الزوج وهو يعيش مع والديه أو أن والديه يعيشان عنده، يدخل البيت معبس الوجه مكفهر الجبين، فإذا دخل غرفة نومه سمعت الأم الضحكات تتعالى من وراء باب الحجرة، أو يدخل ومعه هدية لزوجه فيعطي زوجته، ويدع أمه، هذا نوع من العقوق.
ويا أخي المسلم من أحق بالبر: المرأة التي هي سبب وجودك، والتي حملتك في بطنها تسعة أشهر، وتألمت من حملك، وكابدت آلام وضعك، بل وغذتك من لبنها، وسهرت ونمت، وتألمت لألمك، وسهرت لراحتك، وحملت أذاك وهي غير كارهة، وتحملت أذاك وهي راضية، فإذا عقلت ورجت منك البر عققتها، وبررت امرأة لم تعرفها إلا سنةً أو سنتين أو شهراً أو شهرين.
وهذه قصة حصلت في إحدى دول الخليج وقد تناقلتها الأخبار، قال راوي القصة: خرجت لنزهة مع أهلي على شاطئ البحر، ومنذ أن جئنا هناك، وامرأة عجوز جالسة على بساط صغير كأنها تنتظر أحداً، قال: فمكثنا طويلاً، حتى إذا أردنا الرجوع إلى دارنا وفي ساعة متأخرة من الليل سألت العجوز، فقلت لها: ما أجلسك هنا يا خالة؟ فقالت: إن ولدي تركني هنا وسوف ينهي عملاً له، وسوف يأتي، فقلت لها: لكن يا خالة الساعة متأخرة، ولن يأتي ولدك بعد هذه الساعة، قالت: دعني وشأني، وسأنتظر ولدي إلى أن يأتي، وبينما هي ترفض الذهاب إذا بها تحرك ورقة في يدها، فقال لها: يا خالة هل تسمحين لي بهذه الورقة؟ يقول في نفسه: علَّني أجد رقم الهاتف أو عنوان المنزل، اسمعوا يا إخوان ما وجد فيها، إذا هو مكتوب: إلى من يعثر على هذه العجوز نرجو تسليمها لدار العجزة عاجلاً.
نعم أيها الإخوة، هكذا فليكن العقوق، الأم التي سهرت وتعبت وتألمت وأرضعت هذا جزاؤها؟!! من يعثر على هذه العجوز فليسلمها إلى دار العجزة عاجلاً.
هذا جزاء الأم التي تحمل في جنباتها قلباً يشع بالرحمة والشفقة على أبنائها، وقد صدق الشاعر حين وصف حنان قلب الأم بمقطوعة شعرية فقال:
أغرى أمرؤ يوماً غلاماً جاهلاً ** بنقوده كي ما يحيق به الضرر
قال ائتني بفؤاد أمك يا فتى ** ولك الجواهر والدراهم والدرر
فأتى فأغرز خنجراً في قلبها ** والقلب أخرجه وعاد على الأثر
ولكنه من فرط سرعة هوى ** فتدحرج القلب المعفر بالأثر
ناداه قلب الأم وهو معفر ** ولدي حبيبي هل أصابك من ضرر
إني أدعوكم جميعاً أيها الإخوان ألا تخرجوا من هذا المسجد المبارك إلا وقد عاهدتم الله أنه من كان بينه وبين والديه شنآن أو خلاف أن يصلح ما بينه وبينهم، ومن كان مقصراً في بر والديه، فعاهدوا الله من هذا المكان أن تبذلوا وسعكم في بر والديكم.
ومن كان براً بهما فليحافظ على ذلك، وإذا كانا ميتين فليتصدق لهما ويبرهما بدعوة صالحة أو عمل صالح يهدي ثوابه لهما.
وأما أنت أيها العاق فاعلم أنك مجزي بعملك في الدنيا والآخرة.
يقول العلماء: كل معصية تؤخر عقوبتها بمشيئة الله إلى يوم القيامة إلا العقوق، فإنه يعجل له في الدنيا، وكما تدين تدان.
ذكر العلماء أن رجلاً حمل أباه الطاعن في السن، وذهب به إلى خربة فقال الأب: إلى أين تذهب بي يا ولدي، فقال: لأذبحك فقال: لا تفعل يا ولدي، فأقسم الولد ليذبحن أباه، فقال الأب: فإن كنت ولا بد فاعلاً فاذبحني هنا عند هذه الحجرة فإني قد ذبحت أبي هنا، وكما تدين تدان.
اللهم أعنا على بر والدينا، اللهم وفق الأحياء منهما، واعمر قلوبهما بطاعتك، ولسانهما بذكرك، واجعلهم راضين عنا، اللهم من أفضى منهم إلى ما قدم، فنور قبره، واغفر خطأه ومعصيته، اللهم اجزهما عنا خيراً، اللهم اجزهما عنا خيراً، اللهم اجمعنا وإياهم في جنتك ودار كرامتك، اللهم اجعلنا وإياهم على سرر متقابلين يسقون فيها من رحيق مختوم ختامه مسك.
اللهم أصلحنا وأصلح شبابنا وبناتنا، اللهم أعلِ همتهم، وارزقهم العمل لما خلقوا من أجله، واحمهم من الاشتغال بتوافه الأمور، وأيقظهم من سباتهم ونومهم العميق وغفلتهم الهوجاء والسعي وراء السراب.
اللهم لك الحمد أنت ولينا وأنت نصيرنا وأنت ظهيرنا وأنت مولانا فنعم المولى ونعم النصير لك الحمد ربي حتى ترضى ولك الحمد بعد الرضا ولك الحمد على حمدنا إياك ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
أما بعد : فأوصيكم أحبتي بالتزود ليوم الحساب وهول المطلع فقد أوصانا بذلك ربنا إذ يقول :{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}(
).معاشر الأحبة تحدثت في الخطبة الماضية عن بعض مظاهر للتفريط في الحجاب أخذت تظهر بين بعض الناس في المجتمع المكي الطاهر،واليوم أكمل الحديث بالتعرض لبعض الأخطاء في هذا الجانب التي قد يقع فيها البعض بغير قصد في جانب الحجاب؛فمن تلك الأخطاء عدم التقيد بآداب الحجاب في المنزل ، وقد يعجب البعض فيقول أحجاب في المنزل؟ فأقول له لا تعجل علي فلم أرد من الحجاب ما يتبادر إلى ذهنك من لبس العباءة وغطاء الوجه في المنزل ، ولكن أيضاً هناك آداب ينبغي للمرأة والرجل أن يلتزموا بها في المنزل والأساس في ذلك ماورد في آية الاستئذان إذ يقول تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}(
) فلما كان هذا الاستئذان أليس من أجل أن لا تنكشف العورات حتى داخل البيت ، وفي تنظيم الحجاب يقول صلى الله عليه وسلم : ((مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ))(
) يقول صاحب عون المعبود:(وَفَرِّقُوا):أَمْر مِنْ التَّفْرِيق(بَيْنهمْ فِي الْمَضَاجِع):أَيْ الْمَرَاقِد.قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي فَتْح الْقَدِير شَرْح الْجَامِع الصَّغِير:أَيْ فَرِّقُوا بَيْن أَوْلَادكُمْ فِي مَضَاجِعهمْ الَّتِي يَنَامُونَ فِيهَا إِذَا بَلَغُوا عَشْرًا حَذَرًا مِنْ غَوَائِل الشَّهْوَة إِنْ كُنَّ أَخَوَات.قَالَ الطِّيبِيُّ,جَمَعَ بَيْن الْأَمْر بِالصَّلَاةِ وَالْفَرْق بَيْنهمْ فِي الْمَضَاجِع فِي الطُّفُولِيَّة تَأْدِيبًا لَهُمْ وَمُحَافَظَة لِأَمْرِ اللَّه كُلّه وَتَعْلِيمًا لَهُمْ وَالْمُعَاشَرَة بَيْن الْخَلْق,وَأَنْ لَا يَقِفُوا مَوَاقِف التُّهَم فَيَجْتَنِبُوا الْمَحَارِم اِنْتَهَى.)(
)،وهناك بعض من الأباء لا يُلقون لهذه القضية بالاً مع أنها قد تكون مشكلة عظيمة بالنسبة للأولاد،ولقد قرأت خلال الشهر الماضي في صحيفة محلية(
) شاب يصرخ ويشتكي من وضع بيته فيقول لم أعد أستطيع المكوث في البيت طويلاً واضطررت إلى البقاء خارج المنزل أطول فترة ممكنة أتدرون ما هو السبب؟ أنه عدم الالتزام بآداب الحجاب في المنزل حيث يقول ذلك الشاب إن أخواتي يلبسن في المنزل ملابس ضيقة من بنطلونات ونحوها أو شفافة مما يُبرز مفاتنهن وأنا شاب تفور الشهوة في جسدي وهن لا يُقدرن حالي وأبي وأمي في غفلة عن الأمر فأصبحت أخشى على أخواتي مني فاخترت البقاء خارج المنزل حتى لا أقع في محذور،فهذا شاب جهر بشكواه وكم من شاب يكتم ما به ويستحي أن يصارح والديه بما في نفسه وبالمقابل كم من فتاة أيضاً قد يتكشف أمامها اخوتها فتعاني ما تعاني ولا تستطيع الحديث بما تعاني،فهل يتنبه الأباء والأمهات لهذه القضية؟ وهناك قضية أخطر منها يفرط فيها بعض الأباء والأمهات ألا وهي ترك الأبناء ذكوراً وإناثاً في الليل وبالذات في ليالي الإجازات يتابعن فحش القنوات بينما يذهب الأبوان للنوم،فيرى الأبناء ما يهيج الغرائز ويثير كوامن الشهوات وهم في قمة الاشتعال ينظر الولد فلا يرى إلى جواره إلا أخته وتنظر الأخت فلا ترى إلى جوارها إلا أخاها والقلب قد ضعف الإيمان فيه والليل يسترهم بظلمته والأبوان نائمان فيقع المحذور وقد تتكرر الجريمة وقد سمعنا وسمعتم بوقوع مثل ذلك فمن بالله عليكم الجاني هنا ؟
ومما تقع فيه بعض النساء التخفف من الملابس داخل البيت بشكل يبدي العورة والتزين بحجة أنها تتزين لزوجها فنقول لها إن زينتك لزوجك أمر حث عليه الشرع وهو مما تؤجرين عليه الأجر العظيم لكن لا يكون ذلك بشكل فاضح أمام الأولاد،وليكن في المخدع الخاص حيث لا يراك إلا هو،فتذكري أنك قدوة لبنياتك وهم ينظرون إليك ما ذا تفعلي فيقلدونك.ومن الأخطاء التي يقع فيها البعض داخل المنزل معاملة الخادمات حتى أن شاباً جاء يستنجد بداعية يقول له إن أبي يقول بأن الخادمة ملك يمين فأرجوك أن تبين له،فجاء الداعية وأخذ يحاور ذلك الأب الذي كان مقتنعاً بما زينه الشيطان له وأقنعه بعد جهد كبير،ولا يُتصور أن هناك الكثير ممن عندهم نفس التصور ولكن هناك من عنده تساهل في الأمر فالخادمة تحضر الطعام وأفراد الأسر جالسون من أب وأبناء في سن المراهقة ولا يرون في ذلك بأساً ومنهم من يكون عنده حرص أكبر فيأمرها أن تغطي شعرها،ومنهم من تُحضر له كأس العصير أو الماء أو تحضر له ملابسه،فنقول لأمثال هؤلاء أيها الأحبة إن الخادمة امرأة أجنبية لا يجوز للرجل أياً كان أن يُحادثها أو ينظر إلى وجهها أو أي جزء من بدنها،نقول لمن يفعل ذلك هذه امرأة مسلمة اضطرتها الظروف إلى هذا العمل ولو كانت زوجتك أو ابنتك في مكانها أكنت ترضى أن تعامل كما تعاملها أنت؟ومن الأسر من تذهب الزوجة إلى العمل أو إلى مناسبة من فرح أو نحوه وتترك الرجل مع الخادمة ! أو يخرج الأبوان ويتركان شباباً في سن المراهقة مع الخادمة بحجة أن أمامها أعمال يجب أن تنجزها وأن الأولاد قد أحسنوا تربيتهم ! فنقول لهؤلاء أن هذه خلوة محرمة شرعاً يقول فيها صلى الله عليه وسلم : ((..أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ..))(
) ،وكم عن نتيجة هذا التساهل من قصص تستحي منها الفضيلة، ويخجل منها الحياء .أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ()وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ()}(
)