ذكرى الجراح
02-07-2022 - 01:58 pm
المكان: مكان واسع مكتظ بالناس..
الزمان: الساعة تقترب من الخامسة مساءاً..
الحدث: موعدي الأول
المكان يكتظ بالناس... من مختلف الأجناس و الأعراق..
هنا في الطرف القريب..عائلة جميلة..طفلتهم شقية..تقفز برشاقة..و جدائها الذهبية تقفز في الهواء مثلها..
و في مكان ليس بعيد..مجموعة من الفتيات يمشين بدلال و غنج.. و تمتلأ أيديهن بالأكياس الملونة الكثيرة..الكبيرة و الصغيرة..
في المقهى المقابل.. مجموعة مختلفة من الرواد..أكثرهم من الشباب صغار السن.. أحدهم يحرق صدره بدخان الشيشة..و ينفث دخانها بمتعة..كأنه يحرق هموم يومه الطويل..و متاعب حياته في دخان أبيض بنكهة التفاح!!!
و في الزاوية البعيدة للمقهى يجلس اثنين تدل ملامحهما على النضج.. يتحدثان عن البورصة..و أحوال الأسهم.. في حديث جدي..!
و أنا أقف من بعيد..أرقب الساعة بقلق شديد...
هذا موعدي الأول... و أنا خائفة..مرتبكة..
حاولت قبل المجيء للموعد.. أن أمثل الموقف بيني و بين المرآة..
لكن كل التمثيل لم يجدي..و أشعر برجفة تسري في جسدي.. تمتد من أخمص قدميّ حتى آخر شعرة في رأسي...
أسمع دقات قلبي ..تدق بصوت عالي...
و أشعر بدوار خفيف..كأنني على وشك أن أفقد وعيي..
لازالت نظرتي تتعلق بعقارب الساعة....
أحس أن عقاربها تعاندني.. و لا تتحرك...
كم تخيلت هذا الموقف كثيراً.. و لكن الخيال شيء..و أرض الواقع شيء آخر...
كيف سيكون لقاءنا الأول؟..
ماذا سأقول له..؟؟
ماذا سيقول لي؟؟؟
هل أمد يدي له..؟
أم انتظر..حتى يبدأ هو بالسلام..؟؟
هل أضمه لصدري؟؟
أم انتظر مبادرته هو؟؟؟
هل ستعانق روحي روحه؟؟
هل سأغرق في رائحة جسده..أم أكتفي برائحة عطره؟
هل أمرر أصابعي بين خصلات شعره...؟
عشرات الأسئلة.. بل المئات..مرت في خاطري قبل هذه اللحظة... و لكن الآن أنا أعيش اللحظة المهمة... و أحس أنني نسيت كل شيء..حتى الكلام..
أشعر بالضياع... و كأنني طفلة تائهة...
عقارب الساعة تقترب من الخامسة..و دقات قلبي تزداد شدة...
من البعيد..ألمح طيفه..
دقات قلبي ..أحسها ستمزق صدري..
يقترب بهدوء.. واثق من نفسه..و بابتسامة مشرقة على محياه يطل...
أنه يقترب..أكثر فأكثر... و أنا أبتعد... أبعد و أبعد...
أفكر في الانسحاب.. في الهروب...
لكن قدميّ تأبى الحركة...
إنه يقف أمامي مباشرة... طول قامته يضفي عليه هيبة و عزة..
و أنا أمامه أحس بالتضاءل..
يفاجئني و يمد ذراعيه القويتين..و يحضنني بشدة...
في تلك اللحظة..أحسست أن كل مخاوفي زالت...و أنني في حضن آمن دافيء..
أحسست بدمعة ساخنة تنساب على وجنتي... إنها دموع الفرح!!!
الى الامام ..
لك اطيب التحايا ..
اختك
الريم..