علي ابو مريحيل
- في الزاوية الأدبية من المجلة 00 شاعر من بلدي
علي أبو مريحيل شاعر فلسطيني الجنسية ولد في 27/10/1981 في مخيم البداوي شمال لبنان
وانتقل مع عائلته إلى فلسطين عام 1996 بعد قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية 0
كان ديوانه الأول (مذكرات عاشق) شهادة الميلاد الضوئية التي لفتت الأنظار إليه
نتيجة الطابع الرومانسي الذي اتسمت به قصائد المجموعة في وقت كان فيه الشعر الفلسطيني
الرومانسي يلفظ انفاسه الأخيرة تحت ركام الواقعية الجافة واعراضها الجانبية 0
وفي تقديم هذا الديوان يقول الشاعر ياسر الوقاد :
(يحق للشعر الفلسطيني أن يعلق هذه المجموعة وسام شرف على كاهله المثقل وأن يحتفل
بابنه الذي يصعد السلم الشعري بثقة حين عقه أبناؤه السابقون 0
إن هذه المجموعة تمثل إضافة فريدة تثري فردوس الشعر ليس لكونها رافداً رومانسياً فحسب
بل لأنها تتنفس هواء الواقع وتلبس أبهى حلة وشّاها الشاعر بريشته الفنية الرشيقة
ذلك ما تلمسه النفس الراشفة قدح الشعر منذ أول رشفة بأن الشاعر يقدم لنا عصارة قلبه
وبكارة فنه في سنوات رمادية قضاها محاولاً رفع الحجارة والأتربة عن جسد الشعر الفلسطيني
الرومانسي الذي أمسى مخنوقاً بين عباءة الكلاسيكية وسنابك المد الواقعي الذي فرضته علينا
غابة القرن العشرين )0
إذاً بدأ الشاعر مجدداً في شعره متجنباً جلامييد الكلاسيكية مقدماً لنا قصيدته التي رسمها
بريشته البسيطة المحافظة على لمساتها الفنية 0
إني عليل بالهوى
والداء أفشى دمعتي
أشفى إذا حطت على
ثغري الصغير قبلة
فمن تداوي علتي ؟
هكذا كان الشاعر في ديوانه الصغير (مذكرات عاشق) وسرعان ما استجاب القراء لهذا النداء
ليتحول الشاعر إلى (عاشق لكل النساء) ديوانه الثاني, الذي أثار ضجة عارمة من خلال عنوانه فقط
وعن العنوان يقول الشاعر : (العنوان يلعب دوراً بارزاً في مسيرتي الفنية ,أعشق كل مايثير الجدل
ربما لأني لم أجد المرأة التي تغنيني عن كل النساء , كنت في هذا الديوان عاشقاً لكل النساء
فأنا ما زلت أبحث عن امرأة تأخذني إلى عالم آخر,يكون الحب فيه كالصلاة والصيام 0
وفي تقديم هذا الديوان تقول الكاتبة هبة عواد :
( بحروف تتخطى الفواصل ونسيم يثمل المدى , يهدينا شاعرنا أصدافاً وقواقع من شطآن روحه
الحارة التي ما أن نصغي إليها حتى تصلنا وشوشة البحار وهمس القوافي وعبق الضاد
فنرفع رؤوسنا حائرين من هذا الرجل الذي لم يستطع يوماً أن يروض جموح الطفل الذي يملي عليه
حروفاً من لهب ويبحر فيه بخيال من رحيق , فيعزف لحناً للقمر الحزين ويكفكف دموع النجمات اليتامى
إذ يعلن في قصائده من كل أنثى قضية أدبية مغلقة , يتوجهن جميعاً أميرات يرفلن بالكلمات
ثملات بأكواب الندى التي تقطر من قارورة شعره المندورة المراقة تحت أقدامهم
فيحلقن تارة ويرقصن تارة ويصبح ملكهن جميعاً 0
يخترق بنا آفاقاً لم يسبقه إليها أحد فيخلق في كل قصيدة مساحة بوح تمتد بين القارىء والكائن الحبري
فينسج حولنا ثوباً للدهشة يبقينا طويلاً بلا حراك 0
يسلب من الحرف مفهومه المجرد ليصبح الحرف تابعاً لقلمه ويتحولا معاً لمرآة تقف عليها المرأة طويلاً
بلا أدنى قدر من الزيف والتجميل , فينزع بلا وعي منها آخر قناع لها ويفرد أسارير حواء الأولى
تلك البريئة التي سيبر عمقها بنظرة ويترجم احساسها بكلمة ويرتب بيد من أثير على أحزانها
فيعذر جنونها ويتفهم حماقتها ويقف احتراماً لأنوثتها ) 0
وتتساءل الكاتبة هبة عواد فتقول :
أشعل شاعرنا الحرف الأول من ديوانه (مذكرات عاشق) ولكن تراه كان يعلم أن الحريق سيخرج
تماماً ن سيطرته ليصبح عاشقاً لكل النساء ؟؟ 0
يقول الشاعر بالنسبة لي المرأة هي مصدر الإلهام والإثارة , أنا إذ أتغزل بمفاتنها
انما أتغزل بسحر الطبيعة التي تتشكل وتجتمع فيها من خلال أقاليم وتضاريس ومواسم متنوعة
الفرق بين المرأة والطبيعة , ان المرأة طبيعة متكاملة 0
وبرأي الشاعر ان أجمل القصائد وأبقاها تلك التي تخدش طبيعة القراء
فتصبغ بالحمرة وجوههم ,وتقطع بالدهشة أنفاسهم 0
بهذه القصائد يستطيع الشاعر أن يلامس سماء الإبداع والأدب والفن والتاريخ 0
ونوافق الشاعر هنا فنحن من خلال قصائده الغزلية التي تنتمي إلى الغزل الحسي العفيف
نلامس صدق العاطفة وانسانيتها , فالشاعر عندما يتذكر حبيبته ويبثها عواطفه
نشعر وكأن شعره تعبير عن عواطفنا رغم بعد المسافة بيننا وبينه وذلك لما تحوي خلجات قلبه
من شحنان عاطفية لا تعبر عن فرد أو جماعة في بيئة معينة وانما تعبر عن قاسم مشترك
لعواطف الناس أجمعين 0
ما دمت رفيقة قلبي
لا داعي
لشروق الشمسْ
لحضورك وهج يملؤني
وجنون يعصف بالهمسْ
وننتقل مع الشاعر إلى ديوانه الثالث (قراءة في عيون حبيبتي) لنجده فناناً ورساماً بارعاً
في التصوير والتشبية والصياغة 0
وعن هذا الديوان يقول الشاعر :
في كل مرة كنت أقول تكفيني نظرة من امرأة جميلة كي أكتب قصيدة
ولكن في هذه المرة وجدت نفسي أقف صامتاً أمام معرض من الأزهار واللوحات الفنية
أمام شاطىء من المعاني العميقة التي تجعلك تبحث في داخلك عن مفردات تكون بحجم أبعادها الخرافية 0
أي عين هذه التي تهديك ديواناً من الشعر , أي عين هذه التي تختصر ما في الآرض من نساء
لتجعل ربتها تغار منها بل تحسده لأنها عشيقتك, هذه العشيقة التي تمارس مها الحب دون مقابل
وتقيم معها علاقة غير شرعية بياركها الله فتنجب أطفالاً يحملون اسمك
أطفالاً لا يتخلون عنك , بل أكثر من ذلك يخلدون اسمك في متحف الأدب والفن والتاريخ 0
ألمح بعيونك أمي
ولهذا أطلب يا ملهمتي
من عينك مصروفي اليومي
بهذه الروح وهذه الدعابة يراقص الشاعر محبوبته في هذا الديوان الذي حطم من خلاله جميع الأطر
التي حاولت ربط أبعاد العيون بمفاهييم ومقاييس كلاسيكية ضيقة 0
وبهذا يكون الشاعر علي ابو مريحيل أول من يخترق حدود العقل والمنطق في تناول جرعة السحر
المستقاه من عيون المرأة ليسافر بنا إلى عالم من الأساليب والتراكيب المدهشة 0
منقول عن مجلة الطالب الفلسطيني
الصادرة عن رابطة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان