- قال تعالى {وجعلنا من الماء كل شيء حي.} صدق الله العظيم.
- لننتقل الآن إلى فقرة أُخرى، لنرى معاً، ما للألوان من أهمية في حياتنا.
مرحبا اخواتي الفراشات
الوضوح والشفافية كثير نسمع عنها ...ربما نبحث عنها لنشعر بالتوافق والتقرب والود اكثر لمن هم حولنا ....
تبدو الالوان من حولنا كثيرة وتتعدد درجات اللون الواحد ....
لكن ماذا عن لون الماء ذلك اللون الشفاف المحايد لجميع الالوان
لنتعرف المزيد عنه ... وعن اسراره ...!!! وفلسفة هذا اللون الشفاف الواضح ....
الماء يقف على حياد الألوان
نأمل أن نرى صحفنا ومجلاتنا، قد ازدانت بالألوان، لما لها من أهمية جمالية في الإخراج والتعبير.
قال تعالى {وجعلنا من الماء كل شيء حي.} صدق الله العظيم.
فسبحان الله، أن جعل الماء شريان الحياة، ولكنه لم يجعل له لوناً، بل اشترط لطهارته، ألا يكون له لون، ولارائحة، ولا طعم، لعلمه وهوَّ السميع العليم، بأهواء النفوس.
فمن الناس من يهوى لوناً معيناً دونما سواه، بدليل أنّ هُناك من يحب تناول نوع معين من الفواكه حسب لونها، لأنه يُميز بين الأنواع، من خلال ألوانها قبل أشكالها، فنجد هذا الشخص، يُفضل تناول تفاحةً صفراء، عن تناول أخرى حمراء، على الرغم من أن للاثنتين طعماً واحداً، ما يعني، أنّ إقبال البشر على اللون، يتقدم على الطعم، فالعين هي من تشتهي أولاً، بمعنى آخر، أن حاسة النظر تتقدم على حاسة التذوق.
لنتصور أنّ، هذا الشخص الذي يبغض اللون الأحمر، من دون سائر الألوان الأخرى، قد أُعطي كوباً من الماء لونه أحمر، بالطبع لا نقصد لون الكوب، بل لون الماء، لاشك إن ما تصورناه لأمر مضحك، ولكن دعونا في تصورنا هذا، لنرى معاً، ما إذا كان هذا الشخص سيُقدِم على تناول ما في الكوب، من ماءٍ أحمرٍ من عدمه، أخاله سيفضل الموت عطشاً عن شرب جرعةٍ منه. أليس كذلك؟
لهذا السبب، كانت عدالة الله عزّ وجلّ، فلم يجعل للماء لوناً ثابتاً، بل جعله يقف على الحياد من الألوان، فاختار، وهو الحكيم العليم، أن يكون الماء عديم اللون.
وهنا نقف لنسلط الضوء على لونٍ معروفٍ، وهوَّ اللون الأسود، الذي يصفه الكثير من الناس، بأنه عديم اللون، في حين، أنه من الألوان المعروفة، التي نُميز بها الأشياء، فبهذا اللون، نميز مثلاً، ما إذا كان الوقت مبكراً أو متأخراً، حينما ننظر إلى السماء ونجدها حالكة السواد، فنعرف بذلك أنّ الوقت قد أزف وصار ليلاً. وكذلك عندما نجعل منه رمزاً لشارات الحداد، كما حدث أثناء ذكرى استشهاد شيخ الشهداء عمر المختار، حيث تلونت كل المباني بهذا اللون.
ونقول لمن ما يزال يرى في اللون الأسود أنه عديم اللون: إنه لو كان كذلك، لجعله الله تعالى لوناً للماء ولوّنه به. طالما اتفقنا على أنّ الماء ليس له لون.
لننتقل الآن إلى فقرة أُخرى، لنرى معاً، ما للألوان من أهمية في حياتنا.
ذكرنا فيما مضى أنّ للألوان دوراً كبيراً في انجذابنا إلى الأشياء ونفورنا منها، وللألوان أهمية أخرى في سبر وفلسفة أمور عدة، منها الحالة النفسية الطارئة لأيِّ إنسان، لأننا نعلم علم اليقين، بأنّ الوجوه تتلون عند الخطوب, فالشخص الخجوليحمروجهه لأبسط موقف محرج، أما الذي يعلو وجهه إصفرار،فهو شخصٌ رعديدٌ ومرتعبٌ.
لكنّ الذي نراه مسوّد الوجه ممتزجاً بشيءٍ من الشحوب، فهو شخصٌ مريضٌ، وقد لا يكون مرضه عضوياً، بل يكون مريض النفس، أما الوجه الذي نراه أبيضَ ومشوباً بحمره، فصاحبه بصحة جيدة ومرتاح البال، حينما يبدو لنا كأنه فلقة البدر حين اكتماله.
هذا من ناحية دور الألوان في تشخيص الحالات النفسانية الطارئة. ومن ناحية أخرى، فإنّ للألوان أهمية كبيرة في معرفة المواطن الجمالية للأشياء التي من حولنا، فتصوروا معي، أنّ هذه الأشياء من غير ألوان، وهي الورود، العيون، المروج، وهذا التصور، ليس غريبا، ويحدث حينما يقوم أحد الرسامين بتصويرها على لوحة فنية بديعة ومن الطراز الأول، في شكل امرأة لها عينان واسعتان، تفترش الحشائش في خميلة مزدانة بالورود.
لكن هذه العناصر الثلاثة المكونة لهذه التحفة الفنية، كانت عديمة الألوان فإنه وبلا ريب، ستكون فاقدة لقيمتها الجمالية، وينقصها الشيء الكثير، وسوف لن تكتمل تعبيراً، إلا بعد أن يختار هذا الرسام، لوناً لكل عنصر فيها، وبما يتناسب مع كل منهم.
دمتن بخير
الله يعطيك العافيه
يسلموا