روابي نجد*
14-07-2022 - 12:27 pm
عندما يثور الحرف ثورة البركان الغاضب
يرفض أن يعبر عما بداخلك تتوقف الكلمات حائرة
تمتنع عن العبور
عندما ينتفض القلم بين يديك انتفاضة الألم
ينزف الجرح في حنايا ضلوعك
يطبق الألم على فؤادك المكلوم
عندها تنطق المأساة تستصرخ كوامن الحزن بداخلك عندها فقط
تندفع دموعك اندفاع السيل الهادر
لتصف هذه المأساة
فاستمعوا إليها ترويها من عايشت ألمها وتجرعت من كأس مرارتها
انتهى العام الدراسي وتكللت نتائجنا بالنجاح وبعد أسبوع يعود أخي من سفره
كنا ننتظره بشوق ولهفة الدنيا كلها لا تسعنا من الفرحة
وفي اليوم الموعود أعدت أمي له طبقه المفضل
قمت بترتيب غرفته وضعت فيها باقة من الأزهار الجميلة
كل شئ كما يحب ويرغب حانت مني التفاتة إلى ساعتي
ليت الوقت يمر بسرعة البرق
بقيت ساعة ويصل
بدلت ملابسي وارتديت سواراً كان قد اشتراه لي
ثم خرجنا أنا وإخوتي ننتظره في الفناء الخارجي
لكنه تأخر اتصلنا على هاتفه النقال
عجباً إنه لا يرد
ماذا حصل ؟!
آلاف الخواطر والهواجس دارت بخلدنا
لماذا تأخر هل حدث له مكروه
قطع حبل أفكاري صوت جرس الهاتف
قفز قلبي من مكانه رفع أبي السماعة فهم من
المتصل أن خالد حصل له حادث
حالته حرجة وهو في العناية المركزة
لقد اصطدمت سيارة أخي بسيارة شاب طائش في السادسة عشرة من عمره
يسير بسرعة الصاروخ وكأن الشارع حلبة سباق
كيف كان يفكر هل يظن أن الشارع ملك له وحده ليقوم بمغامراته الجنونية
ذهب أبي وأمي إلى المستشفى
وبقيت أنا عند إخوتي الصغار أخذت أتمشى في الفناء الخارجي
وأنا أدعو الله أن يشفيه ويعيده إلينا سالماً
متشابكة من الحزن
والأزهار ذابلة من الألم والعصافير تشدو باكية
بلحن حزين
بعد ساعة عاد والداي من المستشفى
كانا حزينين وسحابة من الحزن تلف وجهيهما
ركضت إليهما مسرعة
توجهت بوجهي إلى أمي سألتها بلهفة أين خالد
؟كيف حاله ؟!
لكن أمي لا تجيب ثم اغرورقت عيناها بالدموع
وأجهشت بالبكاء
فَزِعتُ من حالها التفتُ إلى أبي سألتهُ بصوت ٍ
مبحوح أبي ماذا حدث
احتضنني أبي بحنان وقال لي عزاؤك في خالد لقد
مات
لم أستوعب ما قاله للوهلة الأولى صرخت في
حالة هستيرية
أين خالد لماذا تركتماه هناك؟ لماذا لم يعد معكما ؟!
رد علي بنبرة حزينة إنا لله وإنا إليه راجعون
اذكري الله يا ابنتي
خالد مات وانتقل إلى جوار ربه اسألي الله له
المغفرة والرحمة
أحسست بدوار في رأسي سقطت على الأرض لم تعد ركبتاي تحملاني
مازال صدى كلمات أبي يجلجل في أذني
يدوي في كل مكان
خالد مات
مات
مات
أحسست أنني الآن فقط فهمت معنى الموت
عندها يغيب الشخص يرحل ولا يعود أبداً
لن نرى خاالدبعد الآن
بكيت بحرقة مر شريط الذكريات سريعا أمام
ناظري عندما كنا نلعب سوياً نضحك سوياً
نخطط للمستقبل كل منا كان له حلم يتمنى أن
يحققه
كان يتمنى أن يصبح طبيباً ليعالج أبي من مرضه
رحمك الله يا خالد وأدخلك فسيح جناته
فقد كنت الأخ الحنون والابن البار
اكتملت فصول حكايتي هذه
و مازال مسلسل الحوادث مستمراً
أرواح ٌ أزهقت
أبناءٌ يتمت
نساءٌ رملت
أمهاتٌ ثكلت
فهل من وقفة جادة
لإيقاف شلال الدماء هذا
مع فائق أمنياتي وخالص احترامي
بقلم روابي نجد*