نامي يا بنتي غدا موعد رحلتك ...
الهدوء مخيم والناس يتحركون في جميع الاتجاهات
المطر يهطل غزيرا هذه هي باريس في فصل الشتاء
أخرجت معطفي نظرت في كل الوجوه ولا وجه اعرفه
الوقت يمضي والريح تعصف وتجمع السحب ركاما مبشرة باستمرار هطول المطر فكرت أن أنادي
على سائق سيارة اجرة ليقلني للفندق لكني لا أرى سيارات فالطريق خال الا من سيارة تقف أمامي
وأنا أهم بدخول المطار لاشتري مظلة..
ترجل سائقها وبلكنة عربية جميلة سأل :هل أستطيع المساعدة ...أنا عربي وملامحك تبدو شرقية
لا تخافي تفضلي .. فتح الباب الخلفي لي فركبت ثم حمل حقيبتي ووضعها بجواري
انطلق بنا وسأل إلى أين تريدين الذهاب؟ واصل سؤاله ب.. أنا رشد من..
الآن ودعت عمتي التى ذاهبت إلى بلدي وأنت من أين ؟
من ..
أهلا وسهلا
الاسم ؟
خلود
رحلة عمل أم سياحة ؟
لا هذا ولا ذاك جئت لزيارة أخي وهو يقطن في الجامعة في سكن داخلي
هل هذه أول زيارة لك لفرنسا ؟
اجل
وبلكنته الرائعة المختلطة قال: إذا لم تمانعي فسأعرفك عليها فهي مدينة الحب والجمال
شكرا لك ولكن لا اعرف ماهي مخططات أخي لي
على كل حال هذا رقمي اتصلي متى ما رغبتى وسأرتب لك رحلة سياحية لن تنسيها أبدا
أوقف السيارة بجانب الفندق وودعته وإنصرف ..
أكملت الاجراءات وصعدت إلى غرفتي بدلت ثيابي
أجريت اتصالا هاتفيا بأخي
أهلا سلمان
أنا أحدثك من فرنسا أين أنت بالله عليك ؟
منورة فرنسا بنورك اعذريني قطعت الأمطار علينا الطريق وألغيت الرحلات الذاهبة لباريس
سأجد وسيلة أخرى للحضور استمتعي بوقتك .
حسنا لا تتأخر فانا غريبة في بلد كبير
بعد انتهاء المحادثة لم أفكر إلا في كيف امضي نهاري نزلت لردهة الفندق وتناولت الشاي
وجبت أرجاؤه اوه أريد أن أشاهد العديد من ألاماكن لكن ما السبيل لذلك لبست وشاحي المخملي
وخرجت من الفندق اوقفت سيارة أجرة
الشانزلزيه وتبسمت لأني لا اعرف غير هذا الاسم
ماهية إلا لحظات حتى توقفت السيارة دفعت للسائق ترجلت ومن ثم تجولت سيرا وإشتريت بعض من الحاجيات
كم هو جميل لو كانت والدتي بصحبتي لاستمتعت أكثر
هناك في الطرف الأخر مقهى فوكتس اخترت مكان بحيث أشاهد الجادة كاملة من قوس النصر إلى المسلة
كم هو منظر رائع والغروب يزيد من روعته
النادل تقدم مني وتحدث إلى باللكنة الجزائرية مما سهل على الطلب
وساعدنى باختار نوع الكيك الذي سأتناوله
كان فى تلك الزاوية رجل وامرأة يتهامسان بحب وهناك على الطرف الآخر رجل يقرأ جريدة الفيغارو
كررت النظر ترى اهذ هو رشد ؟
أجل انه هنا يا للصدفة ألا يجب علي أن ادعوه لطاولتي عرفانا بجميله .. تقدمت منه أهلا رشد أنا ..
قاطعني أهلا خلود
هل من الممكن أن تشاركني في شرب فنجان من القهوة على طاولتي
قال ..............
بكل سرور أزاح الكرسي وقام أول مرة انتبه لهيئته التي تدل على انه رجل ميسور
بدلة وكرافه كلاسيك ومعطف ثمين ما أروعه قمحي اللون صافي البشرة وجميل البسمة
تضيع نظراتك في ملامحه الشرقية ويخرس صوتك عندما يتحدث بأدب يشعر محدثه بقيمته
اخذ يتحدث عن باريس وروعتها وعن بلده ونشأته
لم أتحدث كنت أصغي فقط الوقت مر كأنه لحظات نادى النادل وأراد دفع الحساب
رفضت فانا من دعاه دفعنا الحساب وفتح مظلته وشاركني فيها احتماء من الأمطار وفتح باب سيارته
وصعدت كأميرة قصص الأطفال سندريلا والأمير الوسيم ..
اخذ الليل يرخي بسدوله وكنت متعبة جدا عند عتبة الفندق تمنى لي ليلة حالمة وصعدت إلى غرفتي
بدلت ملابسي وارتميت على سريري الوثير بالرغم من تعبي وليقيني باني أول ما أستلقي على سيري
سأنام ... إلا أن النوم أبى أن يأتي فصورة رشد لم تفارقني تململت في الفراش وقفت أشاهد
نزول الأمطار من النافذة عدت لكن لا شيء تغير صورته لا تفارق خيالي..
أستيقظت فزعة على رنين الهاتف مساء الخير مدموزيل خلود.. جاء صوته رائعا ممطرا بالحنان ..
انساب لحنا جميلا في أذني أهلا رشد كم الساعة الآن ؟
الواحدة والنصف ظهرا هيا انهضي هناك سائق في انتظارك فلقد رتبت لك جدول اليوم..
شكرا رشد لا اعلم كيف أشكرك وما كنت صانعة بدونك
قال سأصطحبك الليلة للعشاء سأكون في انتظارك الساعة التاسعة
السائق يعرف المطعم إستمتعى بالجولة ..
بعد أن فرغت من شؤونى وطقوسى الصباحية نزلت لأجد سائقا عربيا بجوار سيارة فارهة في انتظاري
أمام المدخل وكأنه يعرفنى تقدم منى قائلا : مرحبا آنسة ..أنا السائق الخاص للاستاذ رشد
واسمي عبد الرحمن
وبعفوية قلت إذا كان له سائق فلما أوصل عمته للمطار لماذا لم توصله أنت ؟
لان السيد رشد يقدر الحياة العائلية ويحب عمته فهي التي قامت على تربيته وتعليمه
عذرا لتطفلي
انطلقت السيارة وبدأ السائق في تعريفي بالأماكن انشغلت معه بالمشاهدة والتقاط الصور
وفي تلك اللحظات اخذت اعاتب نفسي على تهوري الا مسؤول.
وقفت السيارة أمام متحف اللوفر وترجلت من السيارة فهمت أن هذه هي محطتي التي سأتجول بها اليوم
مدمو زيل تفضلي هذا قاموس عربي فرنسي أعطاني هو السيد رشد لأعطيه لك
ربما يساعدك في فهم بعض الكلمات
شكرته وأخذت الكتاب مشيت في رحاب المتحف الفسيح ولم اترك مكانا حتى انتهى موعد الزيارة
وبدأ الناس بالخروج فخرجت معهم
وأقلتني السيارة عائدة للفندق قال عبد الرحمن سأكون في انتظارك الساعة الثامنة والنصف
هل يناسبك ذلك أومأت برأسى موافقة حسنا
ودعته وصعدت لغرفتي فتحت الباب إذ بي أشاهد أشياء على الأرض وأكياس على السرير
وصناديق هنا وهناك لوهلة قلت ربما اخطأت في الغرفة لكن رأيت حقيبتي فتيقنت أني لم اخطئ
رأيت وردة حمراء وبجانبها ورقة بسرعة امتدت يدي للورقة وقرأت ما جاء فيها
اعلم انك غير مستعدة للسهر فهذه بعض الأغراض أتمنى إن تجدي فيها ما يتناسب وذوقك.
. رشد
وقفت حائرة من أين ابدأ وبمن ابدأ واخيرا فتحت الصندوق الكبير الموجود على السرير
وأخرجت ما فيه وكان فستان رائع بروعة أجواء فرنسا وأريج عبيرها
وأعقبه صندوق وأخر أشياء كثيرة كانت بين أحذية وحقائب وادوات تجميل وايشاربات واكسسوارات
قمت أقيس هذا وذاك وتلك والوقت يمضى إذ بالهاتف يرن الوقت أزف هل أنت مستعدة للذهاب
عشرة دقائق ياعبد الرحمن وأكون في السيارة
استعديت على عجل ولبست الفستان وتزينت وتطيبت ونظرت فإذا بجمال الفستان قد انعكس على وجهي
فزاد جمالا
نزلت مسرعة لا اعلم ماذا دهاني فانا متلهفة للقاء رشد بحماس شديد وكلما مضى الوقت
وأفكر في أني سألتقي به أجد أنفاسي تتقطع وقلبي يسارع في نبضه كأنه في سباق معها
وهناك كان اللقاء
نزلت من السيارة ووجدته واقفا ينتظر .. كاد أن يغمى علي ...نظراته اخترقت كل الحواجز وشعرت بها
ثقبت صدري واكتشف ما في قلبي احمرت وجنتاي خجلا .. ربت على كتفي ومشينا إلى داخل مطعم
انتر كوت طلب إستيك له ولي واختار نوع العصير شردت فيه وحلمت به وتأكدت أن ذا هو فارسي
وان القدر رتب هذا السفر والصدف لألتقي به
أجواء حالمة وإيقاع الموسيقى الهادي يجعلني اغرق مع نفسي وترانيم سقوط المطر على زجاج النوافذ
زاد في بهجة وجمال وروعة المكان واللحظات
نظراته لا تبارح وجهي تشعرني بالحياء اخفض عيني لكن لا تلبث أن ترتفع مرة أخرى لتلتقي بنظراته الآسرة
كم أنا مجنونة كيف وقعت في الحب وأنا التي لم أفكر قط في هذا أبدا ولم اخطط له
لا هذا ليس حبا بل إعجاب وهناك فرق
لم استطع تناول شئ من الطعام برغم محاولاته معي لكن لا جدوى فأناملي لا تستطيع أن تمسك
بمقبض السكين ولعابي جاف أحاول أن ارتشف بعض من العصير فأتراجع لكيلا يرى رعشة يدي
ويفهم ما بي . رنين جواله يصدح اعتذر مني وقام مسرعا أعطاني فرصة لان أتمالك من نفسي بعض الشيء
وابل ريقي برشفة من العصير
عاد إلي وطلب من النادل دفع الحساب معتذرا مني لقطع السهرة لظرف طارئ
عدنا إلى الفندق وتمنى لي ليلة سعيدة
كنت سعيدة وخائفة وحزينة كل المشاعراالمعروفة اكتستنى فلا اعرف ماذا أريد وفي ماذا أفكر
لقد سرقني النوم من صحوتي وأفكاري .
إستيقضت من نومى صباحا على صوت الباب يقرع .. خادمة الغرف ؟.. استعديت وخرجت وجدت عبد الرحمن
في انتظاري أخذني إلى ديزني وهناك قضيت نهاري بطوله
وكلي أمل أني سألقاه ليلا عدت منهكة إلى غرفتي وكنت أراقب عقارب الساعة وانظر للهاتف واتسائل
لما لم يتصل رفعت سماعة التلفون لعل الخلل منه ..الحرارة موجودة ولكن برودة في قلبي تسري
مالذي أخره ؟ أيكون متزوج من كان ذاك الاتصال الذي أزعجه ؟
أسئلة وتساؤلات لم تبارحنى لثلاثة أيام وليس عندي اجابة شافيةى لها تريحني ..
اتصل أخي خلالها مفيدا انه سيحضر اليوم ارتديت ملابسي ونزلت للردهة طلبت كوبا من القهوة وإفطار خفيف
وبدأت أتصفح الجريدة مر الوقت وأنا أراقب الغادي والقادم هاهو أخي وصل قمت وحضنته تبادلنا التحيا
والأخبار خرجنا معا برفقة عبد الرحمن ومر الوقت ولكن فكري يشرد بين الفينة والأخرى إليه..
إلى من سرق قلبي برغبة مني
كنت سأسال عبد الرحمن عنه خجلت من نفسي حاولت مرة أخرى لم أستجمع ما يكفى من الشجاعة
في الليل وحين العودة نزل أخي قبلي تباطأت عنوة استجمعت شجاعتي وسالت عبد الرحمن
أين رشد كم يوم لم أره ؟
لقد سافر
إلى أين ؟
إلى نيس هناك أمرا مستعجل في المصنع الخاص به
هل لي أن أسالك سؤال خاص ؟
اجل سيدتي بكل سرور
هل رشد متزوج ؟
لا لقد كان هناك مشروع زواج وفشل ولازلت صدمة ذاك الحب معلقة مخالبها في قلبه .
واردف قائلا : كم هو طيب لكن لم يكن يستحق ما فعلته به تلك البائسة التي حطمت فؤاده
وادعت أن ما كان بينهما سرابا لا حبا وذهبت وتركت طعنات كلماتها جرح نازف في قلبه لا يندمل
بون نوي مدموزيل
انطلقت لغرفتي متمنية ليلة هادئة وأحلاما سعيدة لأخي
وجفاني النوم أين هو وما هو عمله ومن تلك التي جرحت قلبا طاهرا كقلبه ..
أسبوع مضى وأنا مع أخي ما بين قصر فرساي و ساحة الكونكورد وكاتدرائية نوتردام قصر الانفاليد
وحدائق تويليري وآخر المطاف صلينا في المسجد وودعت أخي لان إجازته انتهت ولابد من العودة
وسفري سيكون بعده بيومين
انشغلت في ترتيب وشراء الهدايا عند عودتي اخر النهار للفندق قال لي عبد الرحمن : غدا ستكون أخر محطاتنا
لبرج ايفل وسأكون في انتظارك بعد الظهر لانشغالي في الفترة الصباحية
استيقضت
استيقظت وأنا أتوق إلى صوت رشد والى لقياه
أوه ربي أيعقل أن أكون قد أحببته وأنا لا اعرف عنه الاالقليل؟؟
هل سأكون كالقصص المحزنة حب من طرف واحد ؟؟
حاولت جاهدة أن اقنع نفسي انه التعود ليس للحب دخلا فيما اشعر به أكملت ما تبقى لى مشتروات
لبست نفس الثوب الذي اشتراه كما كنت تلك الليلة كزهرة لكن هذه المرة بدون عبير ..أخذت حقيبتي
ووضعت الكاميرا ونزلت إلى الشارع أتنفس الهواء البارد لعله يطفي النار التي بداخل صدري
أو يخفف حدتها ... ترقب ووجل من القادم إحساس بان هناك ثمة شيء ناقص يحول بيني وبين السعادة
أين يا ترى الحلقة المفقودة ؟
وصلنا لميدان تروكاديرو سيرا على الأقدام وابتعت تذكرة وبدت رحلتي إلى أعلى البرج ووقفت مذهولة
لروعة المنظر وجماله شعرت بالبرودة تسري في أوصالي لملمت الشال علي
اخذتني افكاري الى كيفية صنع هذه المعجزة وقوة البشر في تخليد هذا الاثر
اذن كيف هي قوة الله .. سبحان الله والحمد لله
البرد يشتد وبدأ الناس في النزول.. يد حانية تضع على أكتافي شيء ثقيل رائحة ذكية اعرف صاحبها
التفت على عجل تقابلت نظراتنا ارتعشت كعصفورة مبللة في فصل الشتاء تحت المطر ابتسمت وتيقنت
أن المشاعر التي أحسها هي حب لا إعجاب
وددت أن.. تحدث ويا ليته صمت فقد افقدني وعيي وسقطت بين يديه قال احبك خلود همست احبك رشد
ليلة انقضت احسبني كنت في الجنة لعبنا.. ركضنا ..تبللنا ..أكلنا وضحكنا وبالرغم من أنى لا أجيد الرقص
فقد رقصنا سويا و هناك اغنية تصدح
يُسمعني.. حينَ يراقصُني
كلماتٍ ليست كالكلمات
يأخذني من تحتِ ذراعي
يزرعني في إحدى الغيمات
والمطرُ الأسودُ في عيني
يتساقطُ زخاتٍ.. زخات
يحملني معهُ.. يحملني
لمساءٍ ورديِ الشُرفات
وأنا.. كالطفلةِ في يدهِ
كالريشةِ تحملها النسمات
يحملُ لي سبعةَ أقمارٍ
بيديهِ وحُزمةَ أغنيات
يهديني شمساً.. يهديني
صيفاً.. وقطيعَ سنونوَّات
يخبرني.. أني تحفتهُ
وأساوي آلافَ النجمات
و بأني كنزٌ... وبأني
أجملُ ما شاهدَ من لوحات
يروي أشياءَ تدوخني
تنسيني المرقصَ والخطوات
كلماتٍ تقلبُ تاريخي
تجعلني امرأةً في لحظات
يبني لي قصراً من وهمٍ
لا أسكنُ فيهِ سوى لحظات
وعرف كل منا الأخر ومسح كل علامات الشك والخوف من داخلي
وتعاهدنا على الوفاء ووعدني بان يزورني اهلي في اقرب وقت
على أنغام زخات المطر عدنا إلى الفندق ولم انم ولن أنام وكيف أنام ولحظات السعادة أعيشها
لا أريد أن اخفف من وهجها بالنوم .. الساعة قاربت على السابعة الحاجب حضر ليأخذ حقائبي
نزلت وجدت الحساب مدفوع وهو هناك واقف كرمز للجمال والرجولة ركبت بجواره إلى المطار
كما استقبلني ولكن هذه المرة مختلفة فالحب يزهر بداخلي والحنين يسبقني اليه وانا معه
كيف وهو بعيد عني ؟ وانا بجواره قابعة كقطة وجدت صاحبها بعد ان اعياها البحث عنه واتعبها الضياع
وفي لحظات الوداع مد يده بزهرة التوليب وطلب مني أن لا أنساه أبدا
وأكد لي أن اللقاء قريب ووأدار ظهره ومشى
وجلست على اقرب كرسي ووضعت يدي على وجهي وبكيت
وإذ بيد تهزني خلود خلود قومي الوقت قد حان هذا أبوك ينتظرك ليقلك إلى المطار
فزعت مستيقظة من نومي امسح دموع الوداع بكفي ..
أأنا احلم يا نفسي؟
لم يكن ذاك الحب إلا حلما
فهل ستتحقق أحلامنا يوما ؟
ربما ...
منقوله وإسم صاحبتها
فعلا روعه