فاشة الكون
28-09-2022 - 07:57 am
يحكى أن أحد الحكماء ذهب مع إبنه خارج المدينه ليعرفه على تضاريس الحياه
في جو نقي بعيد عن صخب المدينه وهمومها . سلك الاثنان وادياً عميقاً تحيط به
جبال شاهقه وأثناء سيرهما تعثر الطفل في مشيته وسقط على ركبته صرخ الطفل
على إثرها بصوت مرتفع تعبيراً عن ألمه آآآآه فإذا به يسمع من أقصى الوادي من
يشاطره الألم بصوت مماثل آآآآه .
نسي الطفل الألم وسارع في دهشه سائلا مصدر الصوت ومن أنت ؟؟ فاذا الجواب
يرد عليه سؤاله ومن أنت؟؟ .
انزعج الطفل من هذا التحدي في السؤال . فرد عليه مؤاكداً بل أنا أسألك من أنت ؟!
ومره أخرى لا يكون الرد إلا بنفس الجفاء والحده بل أنا أسألك من أنت ؟!.
فقد الطفل صوابه بعد أن استثارته المجابهه في الخطاب . فصاح غاضباً " أنت جبان"
فما كان الجواب إلا من جنس العمل وبنفس القوه يجىء الرد " أنت جبان " .
أدرك الصغير عندها أنه بحاجه لأن يتعلم فصلا جديداً في الحياه من أبيه الحكيم ,
الذي وقف بجانبه دون أن يتدخل المشهد الذي كان من إخراج إبنه .
قبل أن يتمادى في تقاذف الشتائم تملك الابن أعصابه وترك المجال لأبيه لإدارة الموقف
حتى يتفرغ هو لفهم هذا الدرس .
تعامل الأب كعادته بحكمه وطلب من ولده أن ينتبه للجواب هذه المره وصاح في الوادي
" إني أحترمك " ! كان الجواب من جنس العمل أيضاً فجاء بنفس نغمة الوقار " إني أحترمك "
عجب الطفل من تغيير لهجة المجيب ولكن الأب أكمل المساجله قائلاً " كم أنت رائع "
فكان الرد عن تلك العباره الراقيه " كم أنت رائع " .
ذهل الطفل مما سمع ولكن لم يفهم سر التحول في الجواب ولذا صمت بعمق لينتظر تفسيراً من
أبيه لهذه التجربه الفيزيائيه ........
علق الحكيم على الواقعه بهذه الحكمه " أي بني : نحن نسمي هذه الظاهره الطبيعيه في عالم
الفيزياء ( صدى) لكنها في الواقع هي الحياه بعينها إن الحياه لا تعطيك إلا بقدر ما تعطيها
ولا تحرمك إلا بمقدار ما تحرم نفسك منها .
الحياه مرآة أعمالك وصدى أقوالك . إذا أردت أن يحبك أحد فأحب غيرك وإذا أردت أن يرحمك
أحد فأرحم غيرك واذا أردت أن يسترك أحد فاستر غيرك .
إذا أردت الناس أن يساعدوك فساعد غيرك وإذا أردت من الناس أن يستمعوا لك فاستمع إليهم
لفهمهم أولاً لا تتوقع من الناس أن يصبروا عليك إلا إذا صبرت عليهم ابتداء ..
أي بني ... هذه سنة الله التي تنطبق على شتى مجالات الحياة وهذا ناموس الكون الذي تجده
في كافة تضاريس الحياة .... إنه صدى الحياه ... ستجد ما قدمت وستحصد ما زرعت ....!
(( والحكمة من القصة بأن ما من مسلم يعمل صالحاً إلا وجزاه الله احسنه سواء ً في الدنيا أو في الآخره وكل إنساناً يحصد ما عمل))
( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره )