هناك في قلب الباديه تزوج عبدالله بسلمى ، كانت حلمَ حياته ..فقانون باديته لا يزوجون الرجل بمن لديها إبن عم وكان لحسن حظ عبدالله أن سلمى ليس لديها إبن عم يحارب من أراد خطبتها ..فكانت له ..فرح وفرحت هي أيضاً فعاشآ كأحب زوجين في ديرتهما تلك ..و أخذ جميع أهل البادية يتحدثون عن هذا الحب وهذا الوفاء..
مرت سنين الصحراء رغم قساوتها بكل هدوء بين سلمى وعبدالله ، و ذات يوم ذهب عبدالله ليسقي أغنامه من مياه الوادي فالتقى بفتيان قريته كل يحمل عن والده قربة من ماء ...أما هو فلم يرزق بالأبناء رغم سنينه التسع ، فتحرك قلبه نحو عاطفة الأبوة وسرح بخياليه الى عمره الذي مضى وهو بدون أبناء وقد لاح الشيب بعارضه فقد تزوج من بين شبان القرية وعمره 29وكان هذا العمر يعتبر رجلاً كبيراً عند أهل البادية .
أخذ يخاطب نفسه ..لم يا عبدالله لم تتزوج لقد ضاع عمرك من سيقوم بخدمتك إذا أصبحت شيخا !!
وما إن سقى أغنامه وعاد الى قريته إلا وشوق الحنين نحو مشاعر الابوة تسير في كل عرق من عروق وجدانه..
مسكينة سلمى لم يفكر بها أبداً في هذه اللحظات ..تركها بمشاعر الحب القديم..
أدخل أغنامه الى زرابيها وأطلق لأقدامه السير الى بيت خاله..
أخذ ينادي...يا أهل الدار؟؟؟؟
وإذا بخاله وقد خرج إليه مسرعاً خوفاً من أن يكون حدث في القرية سوء فهي ليست بعوائد عبدالله الحضور وقت الغروب.
تنهد عبدالله تنهيدة مشتاق ..وأخذ يمسك بيد خاله وهو يقول له: أتيتك يا خال أُريد القرب منك لتكون فاطمة زوجة لي..
فرح وتهلل خاله فمثل عبدالله لا يساومه رجل في القرية فهو ذو أخلاق عالية وشجاعة واضحه...
وتمت الموافقة من جميع بيت الخال، وحدث هذا كله وسلمى لا تعلم بشئ من ذلك.
وفي فجر يوم جميل أخذت سلمى بفك ضفائرها لتعيد تصفيفها من جديد ، وأخرجت مرآتها الم**رة من درج قديم لكي تتقن وضع الكحل بعينيها الواسعتين ...وفجأة ...
و إذا بها تلمح خيالاً واقفاً خلفها ..
إنه عبدالله ...
وبتغنج و دلال وضعت على رأسها منديلاً رائع الألوان و قامت بكل حياء ..فهي ترى في عيني زوجها أجمل وفاء ....
مسكينة سلمى ما حسبت أن عينا عبدالله كأن لم ترآها اليوم..................
وبخفة العروس أخذت تمشي لتعد قهوة الصباح إلا أن عبدالله أشار بيده أن إجلسي ..أريد الحديث معك ..كاد الفرح أن يقتل سلمى لأن حبيبها قد عشق الوصال ..ثم قعدت بكل هدوء وحياء..
فأخذ عبدالله يشير الى بيت جديد يبنيه الرجال من الطين ، وقال لسلمى : ما رأيك بهذا البيت المجاور لنا يازوجتي ؟؟
أرخت سلمى جفنيها بخجل وقالت : عبدالله يا قلبي لم هذا؟؟
بيتنا جميل وما زال بحالة جيده فلم ترهق نفسك ببناء بيت جديد؟؟
أخذ عبدالله يقهقه وبقسوة الرجال قال: سَرحتي بعيداً بعيداً يا سلمى !
و أكمل حديثه قائلاً:غداً ستكون به لي زوجة أُخرى..
- وبحكم قوانين وعادات البادية بأن المرأة لا أعتراض لها في موضوع زواج زوجها أبداً حتى و إن كانت تحبه...فلو نطقت أو بكت فستكون إمرأة سيئة في القرية كلها..وسيقاطعها الجميع_
سلمى........
بدأ قلبها بالخفقان و أحمر وجهها غيرة وغضبآ فهي لم يخطر ببالها موضوع كهذا ..وظلت صامتة مقتولة برمح وجهه لها زوج أحبته ..
وما زال عبدالله يقص قصته منذ أن كان بأغنامه الى أن بنى البيت..وأخذ يذكر لها كيف أن نفسه تاقت لرؤية أبناءه ..و
عندها تمزق قلب سلمى وتمزق الحب معه..عندها عرفت سلمى أن قلب الرجل يمتاز بقسوة وحُب الذات...وعرفت إيضا أن الرجل لا يراعي شعور زوجته فهو لا يرى لها الحق بأن تبدي الحزن ولو بدمعة واحدة..فهو حق شرعي وهو رجل.
خرج عبدالله من عند سلمى وهو يحمل حلمه وحده.. فسلمى لن تكون معه هذه المره..بل ستكون معه فاطمه..
قصة سلمى وعبدالله تتكرر كل يوم ..........فهل ستتكرر معي!
بقلمي ..
الله يرزقك اخيتي بخلودي اللي يزعجك ويكركب البيت عليك وجعلك ان شاء الله ماتجين في الموقف اللي جت فيه سلمى،،،