لماذا لا نلتمس الأعذار قبل ان تتطفل رعونة الأحكام ,
على الآنام ,وقبل أن تتسابق الكلمات إلى حلوقنا
في يوم من الأيام ,, والذي لن يبرح مخيلتي ما حييت ,,
وبعد صلاة المغرب مباشرة , وقفت أمام باب إحدى الصيدليات أنتظر قدوم الصيدلي ,
وأثناء ذلك إذ بسيارة تقف بجوار سيارتي , يقودها شاب عشريني , وبجانبه إمراة ,
ترتدي نظارة لم تمنع نظرتي الخاطفة من رؤية تجاعيد جفونها
و دمعةٌ يتيمة تعلقت على هدبها
وصل الصيدلي , وعندما هم في فتح الواجهات الثلاث للصيدلية , وإذ بالشاب
يطلق بوق سيارته ,قاصدا بها الصيدلي الذي لم يلقي له بالا , واستمر في فتح الابواب , اعاد
الشاب مافعله في المرة الأولى , التفت الصيدلي و ملامح وجهه يداعبها الغضب ,
وهو يقول : لاحول ولاقوة الا بالله , وكأنه سمعني حين قلتها بصمت !,
فُتح الباب الرئيسي , وعند دخولنا , اعاد الشاب فعلته ولكن لا حياة لمن تنادي !
وبينما الصيدلي يأخذ مكانه ,
قلت له : يا أخي الناس ذولا فيهم كسل غريب , (البقالات) ومشيناها , لكن صيدلية !
قال : انا عارف , لا ومعاه حرمه , خلاص انزل وخد حاقتك وتوكل , ايه الكسل دا !
قلت : كلها دقيقة ينزل وماهي بضارته , قلة حيا صراحة
قال : خليك منه , انت عاوز ايه
قلت : عطني كذا و كذا
اخذت الأدوية , اتجهت لسيارتي , وعند خروجي , القيت نظرة على الشاب وتفاجأت ,
بأنه غير موجود , وباب السائق مفتوح و نظرات المراة تتجه لمكان الشاب , ومن حركة
رأسها ويديها ايقنت بأنها تتحدث مع أحد ما , اثناء ذلك
فُتح الباب الذي خلف السائق , ولكني لا ارى أحد ,
ركبت سيارتي , وأنا في قمة الحيرة والإستغراب , ولا زلت أنظر و اترقب ,
ترددت كثيرا بين أن أذهب لأرى ما يحدث وبين أن ابقى !!
فتحت المرأة بابها , - المشهد الآن بطئ جدا - ,, لأن بطلته (أطال الله عمرها )
هي تلك المرأة المسنة , التي اثقلت كاهلها تصاريف السنين, من نزولها وحتى وصولها للجهة الأخرى ,
ما يعادل المسافة التي قطعتها أنا من باب الصيدلية إلى سيارتي عشر مرات , وبينما هي
في طريقها إلى الشاب , سمعت هذه المحادثة
قالت : ياوليدي عوّد , لا إله الا الله , كان خليتني أنزل
قال: يايمه عودّي انتي الله يخليتس لي , خلاص عودّي ,
قالت : لا حول ولاقوة الا بالله , ياولدي لاتنزله لاتنزله وانا امك !
- هنا سمعت صرخة قوية من الشاب -
قال : خلاص هذا انا نزلته عودّي يايمه !
قالت : وكيف بتَرْكبه ؟ !!
كل مايخطر على بال , من هموم الدنيا , وقع على رأسي , أثناء هذه المحادثة ,
:: أما تفاصيل ما حدث فهو أنّ
الشاب "مُقْعَد" , نزل من سيارته سقوطاً على الأرض , وأخذ يزحف حتى وصل
للباب الآخر , فتح الباب , ثم سحب كرسيه المتحرك , حتى أوقعه على جسده
,(وهذا سبب صرخته تلك )
نزلت مسرعاً إلى الشاب
, قلت : السلام عليكم
قال : وعليكم السلام
قلت : خلاص الله يحفظك , ابرجع الكرسي , وبرجعك للسيارة , وعلمني وش تبي من الصيدلية
قال : لا يا خوي شكرا , الله يسهل عليك
الأم : ياولدي خلاص عذبت عمرك , وانا بروح اجيب الأبر ترى الحاجة لي وأنا أمك
قلت : يا خالة انا بجيب اللي تبون , يارجال والله ماتروح , اذكر الله وخلني ارجعك ياخوك
الأم : خلاص ياولدي عوّد مكانك أو جعت قلبي عليك وأنا أمك
اعدت الكرسي إلى مكانه , وحملت الرجل ايضا إلى مكانه ,
قلت : وش تبون من الصيدلية
قال : أُبر سكر و مسحات طبيّة لأمي ,
قلت : ابشر وجعلها ما تشوف شر
عدت للصيدلية , وضميري يردد في ذروة تأنيبه لي
"سامحك الله لما تجاهلتني "
, ودموعي تراود عيني عن نفسها , وإذ بالصيدلي , واضعاً كفيه على وجهه
ظننتها حركة طبيعية , وعندما رفعهما , وإذ به في حالة ذهول , وهو يقول
( سامحني يارب) –
كان متابعا لما حدث الذي صار بيني وبينهم عند
السيارة -
قلت أنا : و سامحني يارب
اخذت الأبر , والمسحات الطبية ,
واعطيتها الشاب
وقلت : اقسم بالله ما اخذ ريال واحد
, ليست من باب الصدقة ولا العطف , ولكن
عل الله يكفر بها , ظلما اوقعته عليك قبل قليل حين , تكلمت وظننت فيك السوء
واسأل الله ان يشفيك , وأن يشفي والدتك , وان يحفظكما لبعض ,
ياترى كم من الظلم نوقعه على الآخرين بدون وجه حق ,
لماذا لا نلتمس الأعذار قبل ان تتطفل رعونة الأحكام ,
على الآنام ,وقبل أن تتسابق الكلمات إلى حلوقنا ,
من غير رادع وكانها معصومة عن النقص و الإجحاف ,
قد نتساهل في مثل هذه الأمور , او نمر بها مرور
الكرام , ولكن عندما نتوقف مع أنفسنا قليلا , حتماً سنوقن
بأنها ليست ذنوباً نستصغرها في ظل الغفلة التي نعيشها ,
ف/الذنوب صغائر و كبائر ,
ولكن الظلم كبير
و صغيره كبير
وأين المعافون من هذا المشهد الذي يتجسد فيه انبل مراتب البر بالوالدين
فليس المعاق من ابتلي بجسده بل المعاق من عق بوالديه
" اللهم أهدنا ل/أحسن الأخلاق , لا يهدينا ل/أحسنها
إلا أنت , واصرف عنّا اللهم سيئها لا يصرف عنا سيئها
إلا انت
وارزقنا البر بوالدينا يارب العالمين
اسأل الله ان يغفر للجميع
ثانكيو على الموضوع الحلو