عدم التحمل الغذائي يضعف الجسم
نعلم جميعاً أن الغذاء الصحي مهم جداً بالنسبة لكل فرد، ولكن التكوين البيولوجي لكل شخص يجعل الغذاء يختلف من شخص لآخر، إذا ما أخذنا الغذاء وفقاً للمعايير الصحية.
يعني ذلك أيضاً أنه من الممكن أن تعاني من رد فعل سلبي إزاء نوع معين من الأغذية التي تبدو في كثير من الأحيان طبيعية بالنسبة للأغلبية من الناس.
- ماذا نعني بعدم قابلية الجسم لنوع من الأغذية؟
- يعني عدم قابلية الجسم لتقبل نوع من الأغذية المحددة التي هي في العادة لا تسبب أي نوع من التهديدات الصحية. ويمكن أن يؤدي رد الفعل على نوع من الغذاء إلى سلسلة من الأعراض المتنوعة، مثل ألم البطن والصداع النصفي (الشقيقة) أو الصداع العادي والتطبل، فضلاً عن ظهور مشكلات على البشرة واضطرابات في الجهاز الهضمي والشعور بالإنهاك والتهاب المثانة ومشكلات في الوزن أو شعور بعدم الراحة.
- طبيعة اختلاف ذلك عن الحساسية تجاه بعض أنواع الطعام.
- تتسبب الحساسية نحو بعض أنواع الطعام في رد فعل لدى جهاز المناعة، ولكن نظراً لأنها تثير أنواعاً مختلفة من المضادات، فإن الأعراض تبقى دائماً مختلفة. وتؤدي الحساسية نحو أصناف معينة من الغذاء لدى البعض إلى ردود فعل تتراوح ما بين الشديدة والمنخفضة وأحياناً كثيرة تؤدي إلى تهديد الحياة. في الوقت الذي لا تشكل هذه الأغذية أي تهديد للأشخاص العاديين الذين يتناولون هذه الأصناف، ولكن بالنسبة لعدم تقبل الجسم لبعض أصناف الطعام فإن رد فعل الجسم يبقى على الأغلب مختلفا اختلافاً كبيراً، حيث يقتضي ذلك مرور الطعام عبر الجهاز الهضمي أولاً قبل أن يثار جهاز المناعة.
ويؤدي ذلك إلى رد فعل متأخر قد تمضي عليه ساعات أو حتى أيام، وتميل الأعراض إلى كونها عامة أكثر وأقل حدة، ولكن يرجح أن تصبح حالة صحية مزمنة. كما أن عدم قابلية تناول الجسم لأصناف من الطعام يمكن أن تكون ناجمة عن خلل أنزيمي يؤدي إلى منع ذوبان الطعام لامتصاصه في الجسم كما في حالة عدم تقبل الجسم للاكتوز.
- لماذا يصعب الكشف عن الحالة؟
- تجعل مدة وسرعة حساسية الطعام تشخيص شيء ما تناولته مسألة ضرورية جداً، ويعلم المرضى أنهم إذا لم يتناولوا أنواعاً معينة من الطعام، فإنهم سيكونون في مأمن من الإصابة بالحساسية ويعيشون حياتهم بشكل طبيعي. ومن بعض الحالات يمكن التغلب على حساسية الطعام، ولكن في معظم الأحوال يولد الإنسان وهو مصاب بهذه الحالة المرضية التي تبقى معه طوال حياته.
ومن جانب آخر، فإن تأخر رد الفعل والخفيف نسبياً لعدم تحمل أصناف من الطعام يجعل من الصعب القيام بعملية تشخيص، ويصبح من الصعب الربط ما بين الأعراض السلبية مثل انتفاخ البطن أو الإنهاك، حتى بعد مرور 12 ساعة على تناول الطعام. كما يمكن أيضاً أن تعزى تلك الأعراض لكثير من الحالات الصحية الأخرى، ويصبح هنا أيضاً من الصعب توجيه اللوم لنوع معين من الطعام على أنه السبب، وفي حال تم تجاهل عدم التحمل الغذائي، فإن المريض يستمر على هذه الحالة لسنوات أو تضعف حالته الصحية لأن المريض يواصل تناول الغذاء الذي يتسبب له في مشكلات صحية كل يوم.
وأخيراً، ولجعل الأمور أكثر تعقيداً، فإن عدم التحمل الغذائي يمكن أن يظهر لدى الإنسان في أي عمر ولهذه المشكلة أيضاً أسباب متعددة إزاء حدوث الحالة.
- كيف يتطور عدم التحمل الغذائي؟
- هناك أسباب كثيرة تؤدي إلى عدم التحمل الغذائي. بعضها نعلم عنه بعض الشيء، بينما أسباب أخرى لا تزال غامضة، مثلها مثل أمراض الحساسية التي يمكن أن تحدث بسبب خلل جيني في جهاز المناعة، وهو ما يؤدي إلى إرسال مؤشرات خاطئة لمهاجمة جزيئات أغذية غير ضارة، بدلاً من الباثوجينات الضارة، المسببة للحالة المرضية. ويمكن أن يتطور عدم التحمل الغذائي من خلال الاعتلال الصحي على المدى البعيد.
ويمكن أن ينجم عن إصابة المعدة والأمعاء بجرثومة ضارة ومؤذية تدفع المريض إلى تناول مضادات حيوية لفترات طويلة. وبعض الحالات الأخرى تحدث من دون أن يكون لها صلة بأية حالة مرضية بل يمكن أن يسببها اتباع أسلوب معيشة غير صحي يمارسه المريض خلال سنوات طويلة.
وهناك عوامل أخرى ضارة مثل تناول وجبات غذائية تفتقر إلى مواد غذائية حقيقية وتناول كميات كبيرة من السكر وتناول الدهون المشبعة والملح وتناول كميات عالية من الأغذية المعلبة والأغذية المعالجة معالجة كبيرة، وتناول مشروبات تحتوي على نسبة عالمية من الكافيين فضلاً عن التدخين والاجهاد والقلق والافتقار إلى النشاط البدني وينضم إلى ذلك أيضاً المنبهات (استنفار الأعصاب) ونوعية الراحة والاسترخاء لتلحق كلها أفدح الضرر بصحة الإنسان، خاصة الجهاز الهضمي وتتعثر قابلية الجسم عن القيام بوظائفه بصورة جيدة.
- هل يمكن معالجة عدم التحمل الغذائي؟
- تتوفر هناك مقاربتان للتغلب على الأعراض السلبية لعدم التحمل الغذائي. ولعل أول عناصر الحل للتغلب على هذه الحالة عزل الأغذية التي تسببها، كي تستبدل العناصر الإيجابية بعناصر سلبية تخص الأطعمة التي تقود إلى هذه الحالة. وفي كل الأحوال فإن الإصابة بعدم التحمل الغذائي يمكن علاجه على نقيض الحساسية الغذائية، وهي حالة عضوية صعبة العلاج على الأغلب. ويتسنى للمريض تناول الأغذية التي كانت تؤدي به إلى عدم التحمل الغذائي، إلى معاودة تناول كل تلك الأغذية ثانية، وتبقى المشكلة مع عدم التحمل الغذائي مشكلة صعبة جداً على الأغلب حتى باتباع نظام غذائي للتخلص من الحالة أو عزل الأغذية المسببة للحالة.
ولعل أسرع وأسهل طريقة لتحديد هوية عدم التحمل الغذائي تكون بإجراء اختبار. وتتوفر هناك سلسلة طويلة من الاختبارات والفحوصات، لكن أي منها ليست لها سند علمي أو توثيق طبي سريري، ومن المهم جداً أيضاً اختيار اختبار لا يوفر لك فقط النتائج الدقيقة، بل يوفر المعلومات والدعم بعد العناية.
ومن الوسائل المجدية للتخلص من الأغذية التي تشك بأنها تسبب الحالة وتشعر بأن عدم وجودها على قائمة طعامك تؤدي إلى تحسن الحالة الصحية، وعند ذلك لابد من وضع جدول لوجباتك يخلو من تلك الأغذية حتى توفر لنفسك حياة خالية من الاضطرابات المعوية.
ولكن تذكر دائماً أن اضطراب أسلوب المعيشة يتسبب على الأغلب في حدوث اضطرابات في الجهاز الهضمي، ولا شيء قد يتغير إذا واصلت التدخين وتناول المشروبات الغازية، ولكن قد تكون هناك عناصر أخرى مسببة لحالتك الصحية السيئة. ولاستعادة حالتك الصحية الجيدة الماضية كل ما عليك القيام به هو الجمع ما بين الغذاء الصحي والقدرة على التغلب على الإجهاد والاسترخاء والقيام بتدريبات منتظمة، وهي الطريقة الأكثر جدوى حتى يتعافى جسمك بالكامل..
دمتن بصحة وعافية