- بين جلد الأنسان وحالته النفسية .
- وظائف الجلد.. والحالة النفسية:
- " سيكوساماتك".. وأمراض الجلد النفسية:
- مخاوف وأوهام موضوعها الجلد :
- ما معني هذه الاعراض الجلدية ؟
- الحل بالوقاية نصف العلاج :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جلد الأنسان هو الواجهة الخارجية التى يراها الآخرون من حوله..
واذا كان الجلد الذى يغطى وجه الشخص وجسمه ويديه وقدميه هو المظهر الخارجى
الذى يبدو أمام الناس فإنه يمكن كذلك أن يكون مرآة تعكس ما يدور داخل النفس
من انفعالات ومشاعر وعواطف وصراعات .. وهنا نحاول القاء الضوء على العلاقة
بين جلد الأنسان وحالته النفسية .
وظائف الجلد.. والحالة النفسية:
من وظائف الجلد الرئيسية علاوة على أنه يشكل الواجهة الخارجية لجسم الأنسان أنه عضو الأحساس العام فهو وسيلة استقبال للمؤثرات المختلفة بين الأنسان وبين العالم المحيط به ، ويؤدى الجلد وظائف حيوية أخرى منها حماية الأنسجة الداخلية ، والجلد له اتصال مباشر بالجهاز العصبى والغدد التى تقوم بإفراز المواد الحيوية في الجسم والدورة الدموية.
والعلاقة بين الجلد والحالة النفسية يمكن الأستدلال على وجودها من ملاحظة تأثير الأنفعالات على المظهر الخارجى لأى منا ، حيث نلاحظ في حالة التعرف لموقف الخجل أن الوجه سرعان ما يكسوه الأحمرار ، وفى حالة الخوف فإن لون الجلد يبدو عليه الشحوب والأصفرار، وهذه أمثلة معروفة توضح تأثير الأنفعالات النفسية الداخلية على شكل ولون الجلد وتبدو واضحة لمن ينظر الى الشخص من الخارج.
ولعل التطبيق المباشر لتأثير الأنفعالات الداخلية على الجلد هو استخدام ذلك في عمل أجهزة كشف الكذب ( Lie detector ) ، حيث تقوم فكرة هذه الأجهزة على وضع أقطاب على سطح الجسم تتأثر بحرارة الجلد وإفراز العرق ، وحين يتم استجواب الشخص يتم رصد توصيل الجلد للشحنات الكهربية فإذا بدأ في الكذب زاد التوتر لديه وظهر ذلك من خلال توصيل الجهاز .. وانكشف الأمر !!
" سيكوساماتك".. وأمراض الجلد النفسية:
إن الأمثلة التى ذكرناها لتأثير الأنفعالات النفسية على الجلد في الحالات السابقة تحدث في الشخص العادى ، غير أن هناك بعض الحالات أكثر تعقيداً ، فالانفعالات النفسية والصراعات الداخلية التي يتم كبتها داخل النفس لوقت طويل تؤثر سلبيا علي الجهاز العصبي الذاتي وعلي عمل الغدد الصماء في الجسم ، ويبدو ذلك في صورة امراض جلدية اصلها نفسي ، ويطلق علي هذه الحالات في الطب النفسي الأمراض السيكوساماتية أو النفسية الجسدية Psycho-Somatic disotders ومن أمثلة الامراض الجلدية التي تنشأ نتيجة للقلق والغضب والانفعالات الشديدة التي لا يتم التنفيس عنها الطفح الجلدى المعروف الارتكاريا ، وحكة الجلد ، وزيادة افراز العرق ، وحالات سقوط الشعر ، وحب الشباب ، ومرض الصدفية ، وقائمة طويلة من الأمراض الجلدية ثبت وجود علاقة مباشرة لها مع الاضطراب النفسي والتوتر العصبي .
مخاوف وأوهام موضوعها الجلد :
يكون الجلد في بعض الاحيان موضوعاً للمخاوف والأوهام غير الواقعية ، ونصادف من خلال ممارستنا للطب النفسي حالات الأشخاص يتملكهم القلق وتسيطر عليهم مخاوف الأصابة بأمراض الجلد ، كمثال لهذه الحالات اذكر ان شابا في العشرين كان يدرس بالجامعة تحول لديه هذا الخوف المرضي من الاصابة بالمرض الجلدى إلي حالة وسواس دفعة إلي الابتعاد عن الناس وكان يبالغ في المرض علي غسل يديه بالماء والصابون وبعض المواد المطهرة بعد أن يلمس اى شئ أو يصافح اى شخص حيث يعتقد أن العدوى يمكن ان تنتقل اليه من ملامسة الاشياء والاشخاص من حوله تحولت مسألة الاغتسال الي فعل قهرى يصعب التوقف عنه ، وفي حالات اخرى مشابهة بال
عيادة النفسية كان بعض المرضي يمضي وقتاً طويلاً في عملية الاغتسال للنظافة خوفاً من التلوث بصورة مبالغ فيها ، وقد ذكر لي أحد الطلاب أن وقته يضيع في غسل يديه لساعات طويلة فلا تبقي لديه فرصة لاستذكار دروسه مما ادى الي رسوبه في الامتحان !
وهناك انواع اخرى من المخاوف والاوهام تسيطر علي بعض الناس حين يحاولون تغيير لون أو شكل الجلد لديهم لانهم لا يقبلون المظهر الخارجي له ولا يرغبون في وجود اى بقع او الوان ويشغل تفكيرهم تماما الكيفية التي يعالجون بها هذا التغيير لدى أطباء التجميل ويؤثر ذلك علي حالتهم النفسية نظرتهم للحياة وعلاقتهم بالآخرين ، وليس غريباً ان نرى بعض المرضي بامراض جلدية قد تأثروا بمظهرهم وتمكنت منهم العقد النفسية مما يدفعهم الي الشعور بالدونية والانعزال عن الناس .
ما معني هذه الاعراض الجلدية ؟
يفيد التفسير النفسي للأمراض الجلدية في كثير من الاحيان في فهم المغزى وراء ظهور مثل هذه الأعراض،وعلي سبيل المثال فإن سقوط الشعر في الأطفال يحدث عادة بعد وقت قصير من تعرض الطفل لمشاعر الحزن لفقد شخص عزيز لديه كان يرتبط به عاطفيا،وسقوط الشعر في الكبار الذى يعرف ب"الثعلبة" قد يكون تعبيراً عن مشاعر عدوانية مكبوته وغيظ لم يتم التعبير عنه ، وقد وجد ان الحالة تتحسن ويعود الشعر الي النمو حين تتاح لهؤلاء فرصة التعبير عن انفعالاتهم المكبوتة .
الحل بالوقاية نصف العلاج :
لعل كل الدلائل تشير الي وجود ارتباط قوى بين الحالة النفسية للإنسان في الصحة والاضطراب وبين مظهر الجلد وما يعتريه من تغييرات وقد تكون العوامل النفسية وراء ما يظهر من أمراض جلدية غير واضحة بالنسبة للمريض نفسه والمحيطين به ، كما أن ذلك قد يظل خافيا عن الأطباء ، وقد يتم وصف انواع من العلاج بالادوية والدهانات الموضعية لعلاج هذه الحالات دون جدوى لأن مثل هذه الأمراض هي نفسية جسدية كما ذكرنا ، ويجب التعامل هنا مع الجذور النفسية لهذه الحالات وليس مع الطفح او البقع الجلدية السطحية فقط .
ومن وجهة نظر الطب النفسي ننصح دائماً بالابتعاد عن مصادر القلق والتوتر والتخلي عن الطموحات والتطلعات غير الواقعية حتي نتجنب الضغوط النفسية الزائدة ، كما اننا نؤكد ان الالتزام بمشاعر الرضا والتفاؤل وحب الحياة هو السبيل الي الوقاية ليس فقط في الأمراض الجلدية بل من كل أمراض العصر التي تثبت ان العوامل النفسية تكان تكون السبب الرئيسي وراء حدوثها في كل الحالات تقريباً ..
مع تمنياتي للجميع بصحة نفسية طيبة ودائمة