مدخل ]
سا محيني يا أمي
إنما كلما شعرت بالضعف . . الخوف . .الحيف
العجز. . الحزن . .الإنكسار . .الشتات . .
والرغبة في البكاء . . أول حضن يهجس لي أن
آوي إليه وأدفنني فيه هو حضنك الرؤوم .
إغْدَوْدف الليل . . وهذا الوجع يستبد بي . .
والجرح يزاحم الجرح في صدري . .
حتى لأظنها النهاية ..
! !
كم جميل يا أمُّ لو ينطفئ عمري بين يديك ِ .
أمي
مَشِّطي لي شعري..
مشِّطيه برفق فلديَّ صُداعٌ رهيبٌ
لا تُسدليهِ خلف ظهري
لا... ولا ترفعيه لأعلى
بلِ اجعليهِ ضفيرتينْ
أمي
أُنظُري إلى الشَّيْب ِ
غزا رأسي
أُنْظري إلى التجاعيدِ
تسكن وجهي..
وتسكن نفسي
كبُرتُ قبل أواني
وعبرتُ نِصف زماني
بصفعة غدرٍ..
لا.. بلْ صفعتينْ
أمي
رأيْتِ كيف كنتُ وفاءً
وكانت حياتي تُشعُّ نقاءً
وحين مددتُ يدي
لأقطف الفرح ..
واحسرتاهُ !
إنهارت كل أحلامي
بثانيتينِ اثنتينْ
أمي
دعيني أغفو على رُكبتيكِ
داعبيني كطفلةٍ صغيرة
أنقذيني من ضياعي
حرريني من جسد الأسيرة
ودعيني أدُسُّ وجهي
بين ذراعيكِ الكريمتينْ
أمي
لملميني من الشتات
جَمِّعي أجزائي
علميني الثبات
أعيدي تشكيل أعماقي
لِِديني من جديدٍ
فتكوني أمي مرتينْ
أمي
ظلليني بعطفكِ
إغرسيني بذرة في رحم الخلود
واسقني من حبكِ الفياض
دعيني أغفو في حُضنكِ
قليلا يا أُمِّي ..
قليلاً بعدُ
واحرسي نومي
بعينيْكِ الملائكيتينْ
أمي
أَعيريني صورتي القديمة
المخزونة في ذاكرة عينيكِ..
أعيديني للزمن الجميل
حيث لم يكن يطيبُ لي أن أغفو
إلا على ساعديكِ
إفتحي لي قلبك على مصراعيْه
دعيني أشكو جوْر الحياة إليكِ
ورمِّمِي قلبي الصغير..
فقد شطروهُ قطعتينْ
أمي
شَكِّلي شعري جدائل
ألبسيني ثياب البراءة
كوني الحورية الرقيقة
وأعيديني لزمن الطفولة
والأحلام الصغيرة والصفاء
أعيديني للضحكة الرنانة
تصدحُ في الفضاء
أعيديني لزمن السكينة والهناء
أعيديني .. للحظةٍ فقط
أو لحظينْ
أمي
أحبكِ..هل تعلمينْ
فسامحي غيابي قبلاً عنكِ
وسامحي رحيلي الآن..
وسامحي قلبي الحزينْ
أُمِّي.. كفكفي دمعكِ
دعيني أهُشُّ الحزن عن وجهكِ
لا.. لا تبْتئِسي . .
سوف أُهديك مُجمل ذكرياتي
وحُلُمي المُؤجلَ
وفوق هذا قُبلتينْ
أمي
قُصِّي ضفيرتيَّ إِنْ شِئتِ
واحفظيهما كيْما تذكريني
إغسليهما عند الصباح
ومسِّديهما لَدُنَ المساء
داعبيهما كما لو تداعبيني
وازرعيهما في سماء الشوق
نجمتينْ
أمي
لا تحزني لفراقي
لا تأْلَمي لرحيلي
لا تُعَذِّبي قلبكِ بعدي
لا تستسلمي للبكا والعويلِ
أستحلفُكِ يا أُمُّ..
يا اُمُّ
إنْ حقاً تحبيني
لا تذرفي لوداعي
سوى دمعتينْ
أمي
أَزِفَ الموعدُ
فامسحي عنِّي أَلَمي
وبرِّجِيني كعروسٍ جميله
ضعي بعض كُحْلكِ في عُيوني
ضعي من أحمر الشفاه القليلاَ
وأحمرُ الخدود ..
لا تَنسَيْهِ
أُريدُ ذاتَ خُدودِ الطفوله
أريد وجنتيَّ كوردتينْ
أمي
توِّجيني ملكةً في بلاط الطهر
وزيِّني بالأزاهيرِ عرشي
إغسليني بماء الورد والريحان
زاوجي بين أكاليلِ القُرُنفل
والياسمينِ...في نعشي
رتِّبي وداعي على نحوٍ مُريحٍ
فلم يبقَ بيني وبين الرحيلِ
سوى خُطوتينْ
أمي
عانقيني بدِفئٍ كما كُنتِ تفعلينَ
و أنا صغيرة
أخبريني أنك تُحبينني
أكثر من عينيكِ
دلليني كأنيِ أميرة
ضُمِّيني إليك بدفءٍ..
ضُمِّيني
للمرة الأخيرة
فلم يتبق لقلبي سوى هنيهاتٍ
هُنيهاتٍ يا أُمُّ
ونبضتينْ
. .
كل الإنكسارات تؤدي إلى موت
. .
وها متُّ على نحوٍ ما
فليرحمني الله .
منقول