- الغرفة رقم 8
- للمؤلف :يحيى أحمد خان "ما الذي أصابني؟"
- * *
- 3- المواجهه الأولى
- قطب (يوسف) حاجبيه وهتف مندهشآ :
- "يا الهي ! .. الى هذا الحد؟ .. ما الذي فعلاه؟"
- ارتفع حاجبا (يوسف) الى أقصى حد مع اتساع عينيه من الدهشه:
- "مستحيل!"
- "هنا أين؟"
- "هنا في الغرفه يا رجل!"
- أولاه (بسام) ظهره متحركآ نحو الجدار المواجه له بسرعه:
- "يجب أن أرحل الآن"
الحلقة السادسة
من
الغرفة رقم 8
للمؤلف :يحيى أحمد خان "ما الذي أصابني؟"
تساءل (يوسف) في قرارة نفسه أثناء توجهه الى مبنى الجامعه لحضور أولى محاضراته .. يوم أمس كان مخصصآ لتسجيل الطلاب، توزيع الجداول والكتب، التوجيه والارشاد، وما الى ذلك من احتياجات المستجدين على هذه المرحله من مراحل الحياة العلميه .. كل شيء بدأ في منزلهم السابق ..
وفي الطابق السفلي تحديدآ .. عندما قرر قضاء بضع ساعات يوميآ بمفرده هناك والحصول على ما يحتاجه من الهدوء والتركيز في الاستذكار .. لكن الاحاسيس التي بدأت تجتاحه وقتها .. والحلم الذي مر به .. لم يسمحا له بتحقيق ذلك .. ترى هل كان حلمآ فعلآ؟.. أم أنه قد عاش تفاصيله على أرض الواقع؟ .. ليته يستطيع الجزم .. بعد احتراق المنزل، انتقلوا الى شقه متوسطة الحجم بايجار سنوي معقول .. ولم يتبق معه من معاناته سوى الألم الخفيف في الصدر من حين لآخر .. مع بعض الأحلام المتفرقه التي كان يرى فيها تلك الانثى الشيطانيه ولكن دون تفاعل مباشر .. وهاهو الآن يسكن الغرفه رقم 8 .. منذ اليوم الأول سقط ابريق الشاي من فوق الثلاجه .. ترى هل هي اشارة ما؟.. أم أنه يتسرع في تقييمه للأمور؟ .. أجل .. هذا هو الوضع بالتأكيد، لقد أصبح متوترآ وسريع الحكم على الأحداث ..
داخله بعض الارتياح عندما وصل الى هذه النتيجه، فتناسى الأمر وهو يدلف الى قاعة المحاضرة ..
* *
3- المواجهه الأولى
الساعه الثامنه مساء يوم الخميس .. (ياسر) ذهب الى مطعم قريب لاحضار العشاء .. (يوسف) يمشي الهوينى في الممر عائدآ الى غرفته .. ألقى التحيه على الشاب الذي مر بمحاذاته في الاتجاه المعاكس.. لم يحاول التوقف أو الابطاء خصوصآ مع الألم الخفيف في صدره .. دفع باب الغرفه فور بلوغها وهو شارد الذهن .. ثم أطلق صرخة فزع قصيره وقفز خطوة الى الوراء عندما رآه .. كان شابآ أبيض البشره، طويل الشعر، معتدل القوام، يقف مستندآ بجسده الى الطاوله الخشبيه القابعه عند الجدار الأيمن وهو يعقد ساعديه أمام صدره ويرسم ابتسامة خفيفه على شفتيه ..
ابتسامة لم يرتح لها (يوسف) أبدآ .. فبدأ قلبه يخفق بسرعه متوجسآ ..
"آسف اذا كنت قد أفزعتك .. لكنني طرقت الباب عدة مرات دون جواب .. ولما وجدته غير مقفل سمحت لنفسي بالدخول"
قال الشاب ذلك دون أن يحرك ساكنآ .. فسأله (يوسف) هامسآ:
"من أنت؟"
"أنا (بسام) .. جاركم في الغرفة المجاوره .. هل ذكرني (أشرف) لكم؟"
بحث (يوسف) في ذاكرته عن الاسم.. لقد حدثهم (أشرف) عن صديقه الذي يقضي نهاية الاسبوع مع أهله، هل كان اسمه (بسام)؟.. أجل.. لقد تذكر!
"بالتأكيد .. أهلآ بك يا أخي (بسام) .. مسرور بالتعرف اليك"
لم يحاول أي منهما مد يده للمصافحه .. وتم الاكتفاء بهزة من الرأس كعلامة ترحيب .. ثم تذكر (يوسف) أمرآ فتساءل:
"ولكن (أشرف) أخبرنا أنك تقضي نهاية الأسبوع مع عائلتك .. فما الذي أعادك اليوم الى هنا؟"
هز (بسام) كتفيه بلا مبالاة:
"لقد نسيت أحد كتبي هنا فقررت المجيء لآخذه .. ولما رأيت غرفتكم مضاءه - لأول مره منذ عامين تقريبآ - أحببت أن أتعرف اليكما"
شعر (يوسف) بقليل من الارتياح في هذه اللحظه .. فأغلق الباب خلفه وجلس على حافة سريره متسائلآ:
"هل بقيت هذه الغرفه مغلقه لعامين كاملين؟"
"أجل .. أنت تعلم أن تحديد الغرف للطلاب يتم عشوائيآ عن طريق الحاسب الالي .. واحتمال أن تبقى غرفة بعينها دون أن يختارها الحاسب فترة من الزمن وارد جدآ"
قبض (يوسف) ذقنه بأصابع كفه الأيمن ليفكر .. كلام (بسام) منطقي تمامآ .. فجأة شعر ببرودة خفيفه تسري في جسده فتمتم:
"لقد انخفضت حرارة الغرفه بشكل سريع .. يبدوا أن مكيف الهواء هذا يؤدي عملآ ممتازآ على الرغم من اهتراء اجزائه!"
لم يبد على (بسام) أنه سمع هذا التعليق من (يوسف) ..
"هل أخبرك أحد بقصة الطالبين اللذين كانا يسكنان هذه الغرفة قبلكما؟"
هز (يوسف) رأسه بالنفي .. فتابع (بسام) وهو يجول في أرجاء الغرفه:
"كانا مثالآ على أسوأ ما يكون عليه الشاب .. يمارسان كل أنواع المعاصي والفسق .. كل ما يمكن أن يطرأ على مخيلتك ستجد أن لهم خبرة سابقه فيه"
قطب (يوسف) حاجبيه وهتف مندهشآ :
"يا الهي ! .. الى هذا الحد؟ .. ما الذي فعلاه؟"
"كل شيء .. مسجل الكاسيت لم يكن يتوقف عن اصدار أصوات الغناء حتى أثناء نومهما .. الأفلام الجنسيه لم تنقطع عن الغرفه .. المسكر تم تهريبه من دولة مجاوره وشرب هنا .. المخدرات كانت التسليه المحببه لهما.. وذات مره قاما بأخطر ما يمكن أن يفعلاه داخل الجامعه"
صمت قليلآ .. فاشتعل فضول (يوسف) الى أقصى حد .. وأخذ يفرك ساعديه بكفيه محاولآ بعث بعض الدفء فيهما:
"ما هو؟ .. تكلم بالله عليك"
انتفض (بسام) دون سبب واضح .. ثم عاد اليه هدوؤه وهو يتابع:
"قاما بادخال فتاة ماجنه الى حيث تجلس أنت الآن ومارسا معها الرذيله طوال الليل!"
ارتفع حاجبا (يوسف) الى أقصى حد مع اتساع عينيه من الدهشه:
"مستحيل!"
"هذا ما يعتقده الجميع .. ولكنهما فعلاها في تلك الليله قبل عامين .. الفتاة ارتدت ثوبآ شتويآ أسود اللون وغطت رأسها ووجهها بالشماغ الأحمر .. وأثناء اجتيازهم البوابه الرئيسيه انحشرت هي خلف مقعد السائق .. فلم ينتبه رجل الأمن وقتها الى الأمر .. كانت مخاطرة كبيره الا أن ذلك لم يمنعهما من الاقدام عليها"
تطلع (يوسف) الى سريره .. واجتاحه اضطراب مزعج وهو يتخيل منظر ما حصل في تلك الليله .. هل يعقل ذلك؟.. ثم انتبه الى نقطة مهمة في الموضوع .. فطرحها مباشرة على (بسام):
"ولكن .. كيف تعرف كل هذه التفاصيل الدقيقه عنهما؟"
"لم يكن ذلك بالأمر الصعب .. هل ترغب في معرفة النهاية التي سارت اليها الأمور؟"
كانت محاولة واضحه للهروب من الاجابه .. الا أن (يوسف) لم يضغط عليه وهو يوميء برأسه ايجابآ ..
"أحدهما لقي مصرعه في حادث سير أليم .. أما الآخر فقد أفقدته المخدرات عقله فصار يهذي باستمرار، وهو الآن يواجه حبسآ انفراديآ في أحد المراكز الخاصه بالمدمنين!"
شعر (يوسف) بقبضة تعتصر قلبه .. صحيح أنه لا يعرف الشابين، ولكنهما من أبناء هذا البلد وفي مثل عمره تقريبآ .. وما أصابهما ليس بالأمر الهين أبدآ!
"لماذا أخبرتني بكل هذه التفاصيل يا (بسام)؟"
"لدي يقين داخلي بأن تفاصيل تاريخ هذه الغرفه تهمك .. بالمناسبه .. هل تسير الأمور على ما يرام هنا؟"
"هنا أين؟"
"هنا في الغرفه يا رجل!"
انعقد حاجبا (يوسف) بشده!.. لماذا يسأله عن هذا الأمر بالتحديد؟.. هل هو على علم بسقوط ابريق الشاي دون تفسير واضح؟.. هل تمكن هذا الواقف أمامه من سبر أغواره والوقوف على حقيقة ما واجهه في السابق وما هو مستمر في مواجهته؟.. مستحيل .. أخذ يفكر بالجواب المناسب .. الا أن صوت (ياسر) منعه من ذلك وهو ينادي عليه من بداية الممر كي يساعده في حمل الأغراض .. فنهض بسرعه قائلآ:
"أرجو المعذره .. صديقي يحتاج مساعدتي .. هل يمكن أن تنتظرنا هنا؟"
أولاه (بسام) ظهره متحركآ نحو الجدار المواجه له بسرعه:
"يجب أن أرحل الآن"
انتفض جسد (يوسف) بعنف شديد .. وسرت القشعريره في أعضائه بقوه أوقفت شعر ذراعيه .. ضربات قلبه تسارعت الى أقصى حد .. فذلك المدعو (بسام) لم يخرج من الغرفه بالطريقه المألوفه .. بل اخترق الجدار الى الخارج .. اخترقه كما لو كان مجرد صورة ثلاثية الأبعاد .. أو شبح!.. انتظرو ا الحلقة القادمة
وللمعلومية
سوف يتم طرح هذه الرواية في سبتمبر في المكتبات السعودية
كما أرجو من كل قلبي أن تنشروا القصة قدر الأمكان