- الحيا المنوية.... الدقائق الأولى تحدد مدى قدرتها على اختراق البويضة
- رحلة الحيوان المنوي الى البويضة:
الحيا المنوية.... الدقائق الأولى تحدد مدى قدرتها على اختراق البويضة
إن رحلة البويضة داخل الأنبوب وبعدها إلى الرحم عند التلقيح هي رحلة تحفها المخاطر بشكل غير عادي ولا يمكن اعتبار قناة فالوب مجرى تنتقل فيه النطاف بشكل سلبي فقط بل هناك العديد من الخطوات لابد ان تعمل بتزامن دقيق من اجل حدوث حمل بإرادة الله سبحانه وتعالى. وحينما تفشل واحدة من هذه الخطوات في عملها وتزامنها فعندها يجب التفكير في إجراء طرق التلقيح الحديثة لتخطي العقبات لحدوث الحمل. يجب أولا أن تلتقط البويضة في اللحظة التي تخرج فيها من سطح المبيض عند الاباضة ثم تنقلها عن طريق خمل الأنبوب الى داخل الانتفاخ الذي تبدأ به قناة فالوب والتي تسمى (امبولا) في هذا الموقع يتم تلقيح البويضة من النطاف الذي يكون قد نجح في الوصول الى هذا المكان، تمنع البويضة الملقحة من ترك هذا المكان لمدة عدة أيام وذلك بإغلاق الجزء القريب من الرحم والذي يسمى (البربخ )isthmus حينما يتم التلقيح لا بد للبويضة أن تبقى عدة أيام في امبولا قناة فالوب تتغذى قبل ان يسمح لها بالمرور إلى الرحم.
لا يسمح للبويضة الملقحة أو المضغة أن تمر إلى الرحم إلا بعد أن يبلغ عمرها 2- 3أيام. ولو مرت قبل هذه الفترة لن يكون بإمكانها أن تنغرس في جدار الرحم وستموت وإذا بقيت أكثر من ذلك عندها ستنغرس المضغة داخل الأنبوب نفسه وهذا ما نسميه حملاً خارج الرحم أو الحمل المنتبذ ( ectopic pregnancy). إذا حدث الحمل في قناة فالوب فسيخربها غالباً وسيحتاج الأمر الى عمل جراحي. ولأن تفاصيل هذه الرحلة منذ أول خروج البويضة إلى تزامن التقاطها الى الوقت الدقيق الذي تستلزمه الرحلة في داخل القناة حتى تصل الى الرحم في الوقت المناسب، كل ذلك التعقيد وتلك الدقة لا يحتمل أي خلل في أي خطوة فيها وخاصة النقل عبر الأنبوب وأي خطأ يحدث قد يكون مسؤولاً عن تأخر الحمل عند المرأة.
يوجد على سطح خمل البوق (وهي الزوائد في نهاية قناة فالوب) شعيرات دقيقة جداً تسمى الأهداب cilia تتموج بسرعة في اتجاه الرحم مكونة تياراً يدفع البويضة على طول الأنبوب نحو الرحم، فما ان يلتقط خمل الأنبوب البويضة حتى تندفع مختفية داخل الأنبوب وكأنما بمفعول حقل مغنطيسي يشدها إلى الداخل في مدى دقائق قليلة. تحدث هذه الأهداب مفعولها السحري بأن تلتصق بالطبقة الهلامية المغلفة للبويضة والتي تسمى الركمة البويضية cumulus oophrous و هذه الركمة البويضية نفسها غير مرئية بالعين المجردة ولكن مع غلافها الخلوي الهلامي يمكن رؤيتها بسهولة، ولو جردت البويضة من هذا الغلاف وتركت على الأهداب فلن تتمكن من دفعها في مسيرتها عبر الأنبوب بمعنى آخر لا تعمل هذه الأهداب إلا من خلال هذه الطبقة الغرائية التي تلتصق بها. ولان المبيض معلق بشكل حر في التجويف البطني فان التقاط البويضة ودخولها إلى الأنبوب يعتبر شيئاً يدعو الى التفكر في قدرة الله سبحانه وتعالى. فللوهلة الأولى يبدو أن البويضة عند خروجها من المبيض ستسقط ضائعة في فراغ تجويف البطن، ومن المحتمل أن يكون أي خلل في عملية الالتقاط هذه هو المسؤول عن كثير من حالات فشل الحمل التي لا نكتشفها ولا نجد تعليلاً لها. تستغرق عملية التقاط البويضة ونقلها داخل الانبوب حوالي 51- 52ثانية. وحينما تدخل بامان فانها تحتاج الى 5دقائق لنقلها في الثلث الخارجي وتبقى هناك في انتظار الحيوانات المنوية التي نجحت في شق الطريق اليها وهذه الحيوانات المنوية تناضل في اختراق الغشاء القاسي للبويضة والذي يسمى (المنطقة الشفيفة) (zona pellucida) و إذا نجح واحد منها في اختراق الهدف عندها يتحقق الحمل في هذا الجزء الضيق من أنبوب فالوب تكون البويضة ممسوكة بشكل متين حتى تتيح فرصة للنطاف الواردة من الجهة المعاكسة والتي تجاهد في ان تتغلب على مقاومة هذا الأنبوب الضيق. بعد التلقيح يجب ان تبقى البويضة الملقحة فترة من الوقت حتى تتم المراحل الأولى من عملية التطور وبعد مرور يومين أو ثلاثة ينفتح الممر الضيق فجأة (البربخ) وتمر منه المضغة الى الرحم.
رحلة الحيوان المنوي الى البويضة:
إذا لم تخترق البويضة بالحيوان المنوي بعد فترة قصيرة من الاباضة تصبح البويضة عرضة للتنكس والموت. بعد خروج البويضة من المبيض يمكن تلقيحها في فترة 21ساعة وعلى الأكثر 42ساعة. احتمال الجماع في هذه الفترة القصيرة من أي شهر قد تكون ضئيلة وبالتالي كان لابد من توفر آليات تؤمن وصول نطاف قوية وسليمة بشكل مستمر الى مكان التلقيح. يحدث ذلك إذا تم الجماع في يوم أو يومين من فترة الأثنتي عشرة ساعة حيث يمكن لبعض النطاف أن يبقى حياً ويصل الى مكان التلقيح في الوقت المناسب. لقد أوضحت عمليات التلقيح الناجحة عن طريق تقنية أطفال الأنابيب أنه إذا أمكن الحصول على البويضات في الوقت المناسب تماماً فانه يمكن تلقيحها في المعمل بعدد قليل من النطاف. معظم كمية النطاف في المني المقذوف يكون موجوداً في الجزء الأول من السائل الذي يندفع في المهبل وأما باقي هذا السائل فلا يحتوي إلا على كمية قليلة جدا من النطاف. في اول دقيقة يقذف المني يصبح عنق الرحم مغموراً بكمية كبيرة من النطاف وخلال دقائق قليلة يبدأ هذا النطاف بغزو سائل غليظ يطلق عليه مخاط عنق الرحم والذي يفرز من فتحة عنق الرحم. يتم غزو هذا المخاط بقدرة النطاف الكبيرة على السباحة وليس هناك شيء خاص في عملية الجماع يساعد الحيوانات المنوية على شق طريقها في هذا المخاط الغليظ عبر القناة الموجودة في عنق الرحم. ينم ذلك بالقدرة الذاتية للنطاف على السباحة بشكل متناغم ومتضافر. تعتبر لحظة القذف لحظة حرجة جداً بالنسبة للنطاف لان الوسط ألحامضي الموجود بشكل طبيعي يؤدي بسرعة إلى شل حركة النطاف، وما يمنع ذلك هو ان السائل المنوي يكون قلوياً وكذلك المخاط المفرز من عنق الرحم مما يعادل الحموضة ويجعل النطاف قادرة على تحمل هذا الوسط العدائي. ان أي حموضة غير معدلة داخل المهبل تقتل الحيوانات المنوية. ولكن حتى السائل المنوي نفسه يعتبر ليس الوسط المناسب للحيوانات المنوية فأي منها تبقى فيه أكثر من ساعتين يمكن ان تفقد قدرتها، من اجل ان تحيا النطاف فترة كافية تتيح لها الفرصة لإتمام رحلتها حيث توجد البويضة لابد لها ان تغزو مخاط عنق الرحم سريعاً وأي حيوانات منوية لم تستطع ان تخترق مخاط عنق الرحم في مدى نصف ساعة من القذف في المهبل ربما لن تتمكن بعد ذلك لأنها ستكون قد فقدت مقدرتها على السباحة في الوسط الأكثر ملاءمة لها في داخل عنق الرحم. باختصار يجب ان يتم الغزو في الدقائق الأولى من القذف وإلا فأي نطاف تبقى في المهبل بعد ذلك سيفوتها القطار.
أ. د. محمد بن حسن عدار
الذريه الصالحه عاجلا غير اجلا يا رب