- بسم الله الرحمن الرحيم
- بقية الحديث
بسم الله الرحمن الرحيم
بقية الحديث
بعيدا ... على هامش حيويته، حيث تتراكم معالم اليأس والانهيار، وفي تلك الدوامة هناك، حيث يجثم إحساسه الغريب بالزمن على صدره، عاشت المآسي تنخر حياته اليومية، وظلت عيناه في قبضة سراب متلاحق .. منعهما بخيوطه الوهمية من أن يذرفا الدمع الغزير ...
حاول جاهدا معرفة وفهم الفضاء المحدود الذي يتحرك فيه صباح مساء، وشق عليه أن يحيط معرفة بنفسه وبالآخرين، فكان يفاجأ عند كل محاولة بأسئلة يستعصي عليه حل استفهاماتها .. لم تجد نفسه بعد راحتها وانتظامها ..
يتحدث كثيرا عن وهن قوته بعد مقاومة طال أمدها في حياته .. ظل يترقب يوما يأتي بالشمس مشرقة، تنجلي لضيائها الغشاوة عن العين والقلب، لكن انتظاره الطويل طال وامتد .. ذهب بصبره وعبث بتوازنه النفسي وراحته ...
ظل يعد الأيام عدا، كما لو كان يعد أنفاسه، وكم تمنى أن تجد البسمة الخالصة طريقها إلى ثغره .. كم تمنى .. أن يذوق طعم الشعور بما هو فيه من حال على الرغم من قساوته، لكن تمنياته أضحت مع مرور الزمن ضربا من ضروب الخيال، ولونا من ألوان منتهى المستحيلات ...
في أكثر الأوقات بدت له أحاسيسه وأفكاره وكأنها موكب جنائزي يسير به حيا يرزق إلى عالم الفناء والنسيان .. قضى حياته بين نداءين لا يفارقانه لحظة واحدة .. أحدهما يشير عليه بتحويل معاناته إلى قوة وصبر، والثاني يلقي به في دوامة محبطة لكل عزيمة ومجهضة لكل إرادة ..
تارة يتمثل أمامه فضاء جميل تفوح أرجاؤه بالسعادة، فتلوح له من خلاله فسحة الأمل، ويرى فيه أحلامه قد تحققت، ويشعر داخله بذهنه قد تخلص من قيد الشرود والتحق بسعة اليقظة، وتارة تنبعث أمامه خيوط سوداء ترخي سدولها على كل آماله وتطلعاته، أو يندفع سيل فيجرفها ولا يترك له في مخيلته منها وشما أو أثرا بعد عين، فيعود بذلك إلى ما وراء قضبان الشرود الثقيل، وخلف أسوار العزلة الأليمة، إلا أن الرجاء في الله، الذي خلقه فسواه، هو كل ما تبقى له الآن من حديث ...
منقول