- زيوت عطرية.. مياه دافئة..أنامل دقيقة
زيوت عطرية.. مياه دافئة..أنامل دقيقة
تجربة رائعة لم أصدق أثرها الذي أحدثته في الا بعد الخروج من غرفة التدليك التي دخلتها قبل نحو ساعة ونصف الساعة. كانت عضلات وفقرات جسدي تتحرك معي بيسر، وكأنها قد تحررت من قيود عاشت فيها لسنوات أعاقت حركتها ومنحتها تيبسا لا أعلم سببه. كنت أعتبر التدليك سابقا نوعا من الرفاهية التي يحصل عليها من يمتلكون أوقات الفراغ، ولا يعرفون فيما يضيعون وقتهم، الا ان التجربة أثبتت لي أنه ضرورة لمن يملك الوقت، الا يضيع فرصة الحصول عليها كلما سمحت الظروف بذلك.
التدليك ليس بدعة جديدة، فقد عرف منذ عصر اليونانيين، الذين استخدموا فيه المياه الساخنة والباردة لمنح الجسد الراحة والانتعاش. كما كانوا اول من عرف طاولات التدليك، المنتشرة حاليا، والتي نقلها عنهم الرومان قبل الميلاد بنحو 300 عام. واذا كان اليونانيون هم أول من عرف التدليك، فإن التميز في هذا النوع من العلاجات البديلة عرفته شعوب جنوب شرقي آسيا، بمن فيهم الشعب التايلاندي، الذي باتت له أسراره في هذا المجال، سواء باستعمال الزيوت العطرية أو التقنيات المختلفة. وتدل المنحوتات الحجرية، التي ترجع إلى عصر سوخوتاي، على استخدامهم للمساج كطريقة للحفاظ على الصحة، ومازال يمثل جزءاً حيوياً في حياتهم حتى يومنا هذا، الى الحد الذي جعلهم يقومون بافتتاح معاهد متخصصة للحصول على أسراره وقواعده، وفتح العديد من المراكز الصحية التي يقبل على زيارتها السائحون المتوافدون على تايلاند. ولا شك ان هذا الإقبال هو ما شجع بعض الفنادق والمنتجعات العالمية الاستعانة بخبراء من تايلاند للعمل في مراكزها الخاصة. «جياب» أو «بونسوان» واحدة من هؤلاء، حضرت للعمل في منتجع سبا جراند روتانا في مدينة شرم الشيخ. تقول: «الماساج يعني ببساطة «التدليك». وهو فن له قواعده وفنونه وأسراره، ويهدف الي تنشيط ومساعدة الجسم على استعادة لياقته، التي يفتقدها بسبب المجهود والضغوط اليومية للحياة، وبخاصة من يعملون لساعات طويلة، أو النساء اللواتي يفقدن حيويتهن في رحلة متابعة الابناء وتربيتهن. وهناك العديد من الطرق المختلفة، من أهمها: العميق الذي نطلق عليه التدليك الروماني. وهو نوع يعتمد على منح الجسد الاسترخاء في كافة المراحل التي يمر بها. وتبدأ المرحلة الاولى منه باستلقاء الشخص على وجهه وتدليك الجسم بخليط من زيوت الورد بحركات دائرية على المفاصل والأكتاف والمرافق والسيقان، إلى جانب تدليك الأذنين وفروة الرأس في هذه المرحلة يتم التدليك بواسطة مقدمة أصابع اليد بخفة، مع مراعاة عدم الضغط على الفقرات والعضلات. ويبدأ التدليك من فروة الرأس وحتى أصابع القدمين. بعدها يقوم الفرد بالاستلقاء على ظهره ويقوم باستنشاق بعض من زيت النعناع بعمق لفتح مسام الانف وتوسعة الرئة. ثم تبدأ المرحلة الثانية، التي يمزج فيها زيت اللافندر مع زيت الورد، ويبدأ التركيز على الفقرات الصغيرة التي تعاني من الاجهاد والتوتر بدءا من أسفل الرأس وحتي نهاية الرقبة. فمن المعروف أن استرخاء هذه الأجزاء، يمنح الانسان حالة من الهدوء والسكينة واليقظة، كما تخلصه من الاحساس بالالم الناتج عن فترات العمل الطويلة. ويراعي في هذه المرحلة التنفس بعمق وانتظام .
الوجه أيضا له نصيب في هذه العملية، كما تؤكد جياب، حيث يمنحه التدليك النضارة والاشراق، لأنه يساعد على تجديد الدورة الدموية. وتؤكد: «يمنح التدليك عضلات الوجه الهدوء، ويمنحها إطلاله نضرة. وتتم العملية في هذه المنطقة من خلال خليط من زيوت الورد والسمسم، بحركات دائرية صغيرة حول العين، مروراً بمنطقة الخدين والجبهة والذقن، مع التركيز على منطقة الخدين لمدة دقيقة، حيث يساعد هذا الاسلوب على تهدئة خلايا هذه المنطقة من الوجه». وتتابع: «بعد امتصاص البشرة كمية الزيت التي وضعناها عليه، نقوم بتدفئة الوجه بفوطة مبلله بالماء الساخن مع الضغط بها على الوجه، وتكرار العملية مرة أخرى، قبل البدء في تدليك باقي أجزاء الجسم مع الاهتمام بفقرات اصابع اليد والقدمين وشدها الى الامام».
الى جانب الطريقة التايلاندية، تقول جياب أن هناك الطريقة الهندية، وتعرف باسم «الشامبيساج»، الذي عرف في الهند منذ أكثر من أربعة آلاف سنة. ويعتمد في منهجه على فكرة رئيسية مفادها أن الجسم البشري يحتوي على سبعة مراكز هي مبعث الطاقة به. وكلما كانت هذه المراكز مفتوحة، كلما تمنح الانسان الشعور بالحيوية والصحة الجسدية، والعكس صحيح. وهناك عوامل كثيرة قد تعرقل عمل هذه المراكز منها التوتر والقلق والطعام غير المتوازن والتلوث البيئي. ويبدأ الشامبيساج بتدليك الأكتاف، التي تكون أول منطقة في الجسد تشعر بالتوتر والقلق. نبدأ بعدها بتدليك فروة الرأس في حركات دائرية تمنح الانسان الاحساس بالتخلص من آلام الرأس وتيبس الكتف والرقبة. الطريف كما تؤكد جياب ان هذه الطريقة تساعد على نمو شعر الرأس، حيث تساعد على تنشيط الدورة الدموية. كما تساعد على إرخاء عضلات العين المشدودة نتيجة ساعات العمل المكتبي المجهد، والجلوس أمام الكومبيوتر لساعات متواصلة. وقد توصل العلماء في اليابان الى أن الشامبيساج يساعد أيضا على تحفيز الدورة الدموية والجهاز الليمفاوي وهو ما يساعد على طرد السموم المتراكمة في الجسم. حتى أن الحكومة اليابانية اعتمدت هذا النوع من التدليك في مؤسساتها بعد أن لاحظ القياديون الأثر الإيجابي العاملين معهم بعد خضوعهم له.
منورتنا