تمرد على خلفة الإناث

الحياة مسرح كبير.. وكنز زاخر بالاسرار والحكايات والعبر التي يجب على البشر تأملها والاعتبار بها بل واتخاذها نبراسا يضيء لهم الطريق خلال مشوار العمر، فهناك نماذج وانماط مختلفة من الناس.. فبعضهم يقنع بما قسمه الله له بينما يتمرد البعض الآخر على القسمة والنصيب والرزق ويظل يحارب طواحين الهواء وتكون المحصلة النهائية لا شيء بل يجني الحسرة والمرارة والالم.. نتناول خلال قصة اليوم حكاية مواطن تمرد على كل شيء ورفض الاعتراف بحركة الحياة بعد ان اوقع بنفسه في اسر (عقدة) تفضيل الولد على البنت فماذا كان مصيره؟ هذا ما عليه خلال السطور التالية...
هو مواطن يقف على اعتاب العقد الخامس من عمره.. اسمه (سعد) وان كانت احداث حكايته تشير الى عكس مدلول ومعنى الاسم تماما.. بدأت حكايته الغريبة عندما بلغ مرحلة الشباب وتزوج مثل بقية البشر بهدف الاستقرار وتكوين اسرة صغيرة تصبح على مر الايام والسنوات لبنة صالحة في بناء المجتمع.. وكان زواجه تقليديا من احدى الفتيات ،وبعد مرور 9 اشهر رزقهما الله بطفلة جميلة، ولكنه استقبل المولودة البريئة بموجة حزن عارمة لا لشيء سوى انه كان يريد انجاب (ولد) يحمل اسمه واسم عائلته.
وفي العام الثاني انجبت زوجته طفلة ثانية ثم الثالثة فالرابعة.. واستشاط غيظا وغضبا.. وهنا عقد العزم على الزواج من اخرى تحقق له رغبته الملحة في انجاب الولد.. ولم يضيع وقتا طويلا وتزوج من فتاة اخرى وبعد مرور 9 اشهر بالتمام والكمال وضعت الزوجة مولودتها الاولى والخامسة له فقام بتطليقها؟ ثم عاود الكرة وتزوج من الثالثة والرابعة والخامسة ثم السادسة وجميعهن انجبن بنات فكان مصيرهن الطلاق.. وفي غمار تلك الاحداث الساخنة والمتلاحقة لم يتوقف (سعد) مع نفسه لتدبر الامر متناسيا قدرة الله وان الرزق بيده وحده بل تمادى في تمرده ورفض الاعتراف ببناته التسع اللاتي يحملن اسمه لدرجة انه كان يردد دائما انهن لسن بناته وان (خلفة) البنات ليست ب(الخلفة) ولم يتوقف الامر عند هذا الحد فقد دأب على الدعاء عليهن بالموت والهلاك وذلك على مرأى ومسمع من الجميع بل وبناته انفسهن.
ولانه لم يستوعب الدرس جيدا فقد قرر ان يخوض المغامرة للنهاية بالزواج للمرة السابعة حيث تزوج من احدى الفتيات وفي هذه المرة تحقق الحلم وانجبت له الولد بعد طول انتظار ولم يصدق نفسه وكادت الفرحة تذهب عقله.. ولكن القدر كان له رأي آخر... فلم تدم فرحته طويلا حيث لم تمض شهور معدودة حتى اكتشف ان الابن معاق (ابكم واصم) وبدلا من الرضوخ لمشيئة الله والرضا بما قسمه الله له عاود تمرده مرة اخرى وانقلب على زوجته (ام الولد) واعتاد على اهانتها وتوجيه السباب والشتائم اليها والدعاء الى الله بأن يأخذ هذا الولد المعاق الذي طالما تمناه طوال السنوات الماضية.
وتوالت الاحداث حيث تلقى لطمة اخرى اطاحت بالبقية الباقية من حياته حيث اصيب بمرض لزم على اثره الفراش لعدة اشهر مما اضطره للتقدم بطلب الى ادارة عمله للتقاعد المبكر بعد ان اصبح عاجزا عن العمل.. واخيرا استوعب الدرس وعاد الى رشده وقنع بالنصيب والرزق واصبح يردد دائما: (الحمد لله على كل حال) واعترف بذنبه في حق نفسه واسرته واعرب عن ندمه في وقت ربما لا ينفع فيه الندم.