خطاب عاجل

1. لقد حان الوقت لكى تدرك أشواقى وهيامى بها

لقد حان الوقت لكى تدرك أشواقى وهيامى بها

هكذا حدث "محمد" نفسه وقد اتخذ القرار بأنه لابد وأن يخطو خطوة نحوها.. فلا تكفى أبداً نظراته الأسيرة الملأى بالحب... ولاتكفى دموعه المنهمرة وهو يسكبها على وسادته ليلاً ترفعا أن يراها أحد وكأن الحب معصية...وكأن الحب خطيئة
ولكنه يخشى أن يصارحها ... ليس خوفا من رد فعلها ولا خوفا من إنتهاء الحلم سريعا
بل يخشى من نفسه
نعم من نفسه..فقد كان قبل عدة سنين يظن أنه يحب ويشتاق لفتاة أخرى وبعد أن أخبر تلك الفتاة بأشواقه ووجد منها القبول والاطمئنان إذ به يكتشف زيف حبه
" آه "
كم كانت تعذبه نظراتها وهى تسأله لماذا فعل بها هذا؟ لماذا أوهمها بالحب؟؟...وساعتها لم يدر بماذا يجب
ولكنه الآن بالفعل يحس إحساسا متغايرا عن سابق أحاسيسه المزيفة للفتاة الأخرى
فحبه ل" نسمة " له مذاق آخر
يشتاق لنظرة عينيها
تأسره بسمة ساحرة من شفتيها
حين يراها يحس بأنه عاد إلى العصور اليونانية السالفة وأنه ساعتها.. ساعة أن يراها.. يرى فينوس نفسها
أنا بالفعل أحبها
أهواها
أعشقها
إن لم يكن هذا هو الحب فماذا يكون إذن؟
واتخذ القرار بأنه لابد أن يخطو إليها..
ولكن كيف سيخطو خطوته الاولى ؟
هل أكلمها؟
ولكن هل ستطاوعنى الحروف أمام سحر عينيها
ومن يصمد أمام سحر العيون
إذن أبعث إليها بخطاب ... خطاب عاجل.. وفيه أكتب وأنا خبير بالكلام كل مشاعرى ولهيب أشواقى وأُسمعها دقات قلبي
وبالفعل أحضر محمد القلم والورق وبدأ الكتابة
" ياحبيبتى "
ولكن هل تكفيها مثل تلك الكلمة وهل فعلا هى فقط حبيبة؟...لا... لا....
وقطع الورقة وأتى بأخرى
" ياأغلى الناس "
وكيف يقول عليها أغلى الناس وهي عنده كل الناس..وكأن الدنيا هي ..وكأنها هي الدنيا
وظل هكذا يكتب ولا يعجبه ماكتبه ويقطعه إلى أن تراكمت عشرات الأوراق على مكتبه
وفى آخر الأمر أنهى خطابه ثم أسرع إلى مكتب البريد لكى يبعث بخطابه إليها ووضع عليه جملة
" خطاب عاجل "
يانسمة هناك خطاب لك -
هكذا نادتها شقيقتها
وأخذت "نسمة" الخطاب إلى غرفتها لتقرأه... ولحقتها أختها لتجدها مشدوهة أمام الخطاب
من مرسل الخطاب؟ -
سألتها فى لهفة لتعرف سر دهشتها
فناولتها الخطاب قائلة: شخص مجنون
فأخذت أختها منها الخطاب لتجده عبارة عن صفحة بيضاء فارغة من أي كلام
لكنها مبللة بالدموع..
فأكملت أختها: أو شخص عاشق
وفى نفس التوقيت كان محمد يجلس مستريحاً على كرسيه مغمضاً عينيه.. ساهراً.. سارحاً.. وهو يسمع مطربته المفضلة أم كلثوم وهي تشدو
:
عندي خطاب عاجل إليك
لكنني لا أجد الكلام
فالصبر لاصبر له
والنوم لاينام

• محمد عرفة -