الفراشة أصبح فتيات Ftayat.com : يتم تحديث الموقع الآن ولذلك تم غلق النشر والمشاركات لحين الانتهاء من اتمام التحديث ترقبوا التحديث الجديد مزايا عديدة وخيارات تفاعلية سهلة وسريعه.
فتيات اكبر موقع وتطبيق نسائي في الخليج والوطن العربي يغطي كافة المجالات و المواضيع النسائية مثل الازياء وصفات الطبخ و الديكور و انظمة الحمية و الدايت و المكياج و العناية بالشعر والبشرة وكل ما يتعلق بصحة المرأة.
ر بـا نـj ل
09-11-2022 - 06:06 pm
  1. اخليكم مع الروايه

  2. ===================================

  3. (1)


اقدم لكم الروايه الاكثر شهره و الاكثر تعقيدا في تاريخ المملكه العربيه السعوديه
و اغلبكم اكيد يعرف هذه الروايه و الانتقاد التي تعرضت له هذه الروايه و كاتبتها
الكاتبه ( رجاء الصانع )
طعنت بنات بلدها في الظهر بما كتبته في هذه الروايه
و حبيت اقدم لكم الروايه كامله و انتوا احكمووا عليهاا

اخليكم مع الروايه

===================================

سأكتب عن صديقاتي إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم . سورة الرعد : 11 سيداتي آنساتي سادتي أنتم على موعد مع أكبر الفضائح المحلية ، وأصخب السهرات الشبابية . محدثكم ، موا ، تنقلكم إلى عالم هو أقرب لكل منكم مما يصوره له الخيال . هو واقع نعيشه ولا نعيش فيه ، نؤمن بما نستسيغ الإيمان به منه ونكفر بالباقي . لكل من هم فوق الثامنة عشرة ، وفي بعض البلدان الحادية والعشرين ، أما عندنا فبعد السادسة ( لا أعني السادسة عشرة ) للرجال وسن اليأس للفتيات . لكل من يجد في نفسه الجرأة الكافية لقراءة الحقيقة عارية على صفحات الإنترنت ، والمثابرة المطلوبة للحصول على تلك الحقيقة ، مع الصبر اللازم لمسايرتي في هذه التجربة المجنونة . إلى كل من مل قصص الحب الطرزاني ، ولم يعد يرى أن الخير لونه أبيض والشر يرتدي الأسوْد . إلى من يعتقد بأن 1+1 قد لا يُساوي اثنين ، وإلى من فقد إيمانه بأن الكابت ماجد سيسجل هدفي التعادل والفوز في آخر ثانية من الحلقة ! إلى كل الساخطين والناقمين ، الثائرين والغاضبين ، ولكل من يرى أن الناس خيبتها السبت والحد ، وإحنا خيبتنا ما وردتش على حد ، إليكم أكتب رسائلي ، علها تقدح الزناد ، فينطلق التغيير 00 هذه ليلتي ، وقصة الأمس بطلاتها ' منكم وفيكم ' ، فنحن من وإلى الصحراء نعود ، وكما تنبت نجدنا الصالح والطالح ، فمن بطلات قصتي من هي صالحة ومن هي طالحة – وهناك الاثنان في واحد – و 'استروا على ما واجهتهم ' ! ولأني قد بدأت في كتابة رسائلي تجرؤا دون مشاورة أي منهن ، ولأن كلاً منهن تعيش حالياً تحت ظل ' راجل ' أو ' حيطة ' أو ' راجل حيطة ' أو وراء الشمس ، فقد آثرت تحريف القليل من الأحداث مع تغيير الكثير من الأسماء ، حفاظاً على العيش والملح ، بما لا يتعارض مع صدق الرواية ولا يخفف من لذوعة الحقيقة . صحيح أنني مستبيعة ولا أنتظر شيئاً . لا أخشى شيئاً . لا آمل في شيء ، على رأي نيكسوس كازانتزكيس ، إلا أن حياة صمدت على الرغم من كل ما ستقرؤون ، لا أظن أن هدمها ببضع رسائل بريدية ' بالشيء المجرز ' !
سأكتب عن صديقاتي فقصة كل واحدة أرى فيها ، أرى ذاتي ومأساة كمأساتي سأكتب عن صديقاتي عن السجن الذي يمتص أعمار السجينات عن الزمن الذي أكلته أعمدة المجلات عن الأبواب التي لا تفتح عن الرغبات وهي بمهدها تذبح عن الزنزانة الكبرى وعن جدرانها السود وعن آلاف ، آلاف الشهيدات دفنّ بغير أسماء بمقبرة التقاليد صديقاتي دميّ ملفوفة بالقطن ، داخل متحفٍ مغلق نقود صكها التاريخ ، لا تهدي ولا تنفق مجاميع من الأسماك ، في أحواضها تخنق وأوعية من البلور ، مات فراشها الأزرق بلا خوفٍ سأكتب عن صديقاتي عن الأغلال دامية بأقدام الجميلات عن الهذيان ، والغثيان 000 عن ليل الضراعات عن الأشواق تدفن في المخدات عن الدوران في اللاشيء عن موت الهنيهات صديقاتي رهائن تشترى وتباع في سوق الخرافات سبايا في حريم الشوق موتى غير أموات يعشن ، يمتن ، مثل الفطر ! في جوف الزجاجات صديقاتي طيورٌ في مغائرها تموت ، بغير أصوات صح لسانك يا نزار يا قباني . رحمك الله ومي يو ريست إن بيس صدق من لقبك بشاعر المرأة ، ' ومن لا يعجبه ذلك فليشرب من البحر ' ففي الحب لا بعدك ولا قبلك كما تقول الأغنية المعروفة ، ولو أن الفضل في تعاطفك مع نون النسوة لم يكن سببه طفرة جينية في كروموسوماتك الرجالية ، وإنما انتحار أختك المسكينة بسبب الحب ، ويضرب الحب شو بيذل ! ف يا بخت المرحمومة بلقيس ، ويا 'قرد' حظنا من بعدك ، أي يا لتعاسة الحظ ، وأظن التعبير النجدي مشتق من حيوان القرد لكثرة تنطيطه ، الذي يشبه الحظ في عملية وقوفه وانبطاحه المستمرين ، أو هو من حشرة القرادة كما يقول البعض . للأسف ، يبدو أن المرأة منا لن تجد نزارها إلا بعدأن ' تخلص' على إحدى أخواته ، لتتحول بعدها قصة الحب الجميل من فيلم أبيض وأسود إلى حب الزنزانة ، ويا قلبي لا تحزن ! نكشت شعري ، ولطخت شفتي بالأحمر الصارخ ، وإلى جانبي صحن من رقائق البطاطس المرشوشة بالليمون والشطة . كل شيء جاهز للفضيحة الأولى .

(1)

  • * اتصلت مدام سوسن بسديم المختبئة مع قمرة خلف الستار ، لتخبرها أن شريط الزفة ما زال عالقاً ، والمحاولات جارية لإصلاحه : - ودخيلك قولي لقمورة تهدي حالها 00 ما صار شي ! لسّاتون الناس مأربزين هون ما حدا فل ، وبعدين كليات العرايس الكوول بيتأخروا شوي تيعملوا سسبنس ! قمرة على وشك الانهيار ، وصوت والدتها وأختها حصة اللتين تصرخان فيوجه منظمة الحفل يأتي من آخر القاعة منبئاً بفضيحة وليلة سوداء ، وسديم ما زالت إلى جانب صديقتها العروس ، تمسح عن جبينها قطرات العرق قبل أن تلتقي بالدموع التي تحبسها أطنان من الكحل داخل جفنيها . يملأ صوت محمد عبده المنبعث من جهاز التسجيل القاعة الضخمة ، وتصل إشارة البدء من مدام سوسن إلى سديم ، التي تلكز قمرة بكوعها : - سَرينا .. تنهي قمرة المسح بيديها على سائر جسدها بحركة سريعة بعد أن قرأ المعوذتين والإخلاص ثلاثاً مخافة الحسد ، وترفع طرف الفستان العلوي الذي ينحسر باستمرار على نهديها الصغيرين ، ثم تبدأ بهبوط الدرجات الرخامية بأبطأ مما تدربت عليه مع زميلاتها في البروفة ، مضيفة ثانية سادسة على الثواني الخمس التي تفصل كل خطوة عن التي تليها. تذكر الله قبل كل خطوة وتدعو أن لا تدوس سديم ذيل الفستان فيسقط عنها ، أو أن تدوس هي الطرف الأمامي الطويل فتقع على وجهها كما يحدث في الأفلام الكوميدية . يختلف الأمر كثيراً عن البروفة ، فحينها لم يكن هناك ألفا مدعوة تحدقن في خطواتها وتحصين لفتاتها وابتساماتها ، ولم تكن هناك مصورة تعمي عينيها بفلاشاتها . مع تلك الإضاءة المزعجة والأعين المثبتة عليها ، يصبح الزواج العائلي الضيق الذي طالما نفرت من فكرته ، أروع حلم ، في ليلة من كابوس طويل ! . تسير سديم محنية الظهر خلف صديقتها خوفاً من أن تظهر في الصور . تتابع العملية بتركيز شديد . تصلح وضع الطرحة المثبتة فوق رأس قمرة وتسحب لها ذيل الفستان بعد كل خطوة ، ورادارها يلتقط حوارات على الموائد القريبة : - من تكون ؟ - ما شاء الله . ملح وقبلة ! - أخت العروس ؟ - يقولون صديقتها من زمان . - يبدو لي أنها سنعة دبرة . من بداية العرس وهي تدور وتباشر . شايلة العرس على راسها . - أحلى من العروس بكثير ! تصدقين أنا سمعت إن الرسول r دعا للشينة ؟ - عليه الصلاة والسلام . إيه والله ، الشيون هم اللي سوقهم ماشي هالأيام . مهوب حنا ، مالت على حظنا ! - فيها عرق ؟ بياضها بياض شوام مهو بياضنا المشوهب ! - سديم الحريملي . خوالها ماخذين مننا . إذا ولدكم معزم ، جبت لكم الأخبار كلها. بلغها أن ثلاثة قد سألن عنها منذ بداية العرس ، وها هي ذي تسمع الرابعة والخامسة بأذنها . كلما جاءتها إحدى أخوات قمرة لتخبرها بأن فلانة سألت عنها كانت ترد بحياء : ' سألت عنها العافية ' 00 يبدو أن الفرج قد حان وأن زواج قمرة سيفرط السبحة كما قالت لهم الخالة أم نويّر ، إن هي نفذت الخطة بدقة كما تفعل حتى الآن . سياسة ال ' يالله ' بمد الياءين مد حركتين ، أن ال ' بالكاد ' هي أضمن الطرق في مجتمعنا المحافظ مثل ما تبين ! . في الأعراض والنزالات والزوارات وحفلات الاستقبال ، حيث تلتقي النساء والعجائز منهن تحديداً –رأس المال وأمهات العيال كما تحلو للفتيات تسميتهن – يجب إتباع هذه السياسة بحذافيرها : ' يلله يالله تمشين ، يا لله تتحركين ، يا لله يالله تبتسمين ، يا لله ترقصين . الله الله بالعقل والثقل ، لا تصيري خفيفة ! الكلمة بحساب واللفتة بحساب 000 ' ولا نهاية للتعليمات . تتخذ العروس مكانها على المنصة الفخمة ' الكوشة ' ، وتصعد إليها والدتها ووالدة عريسها لتباركا الزواج السعيد وتلتقطا بعض الصور التذكارية إلى جانبها قبل دخول الرجال . تبدو اللهجة الحجازية مميزة في مثل هذا العرس النجدي القح : - أجدادنا الفراعنة ! يطغى تأثير الجدة المصرية على لسان لميس وشخصيتها 000 تهمس في أذن صديقتها ميشيل وهما تتأملان المساحيق الكثيفة التي تغطي وجه صديقتهما قمرة ، وخاصة عينيها ، اللتين بدا بياضهما بلون الدم من كثرة الكحل الذي تسرب إلى داخلهما . ترد ميشيل بالإنجليزية : - وير ذا هيل دد شي قت ذس دريس فروم ؟! - مسكينة يا قمورة ، يا ريتها راحت للمشغل اللي خيطت عندو سدومة بدال هالعك اللي عاملتو بنفسها 000 شوفي فستان سديم ! اللي يشوفو يفكر إنو لإيلي صعب ! - اللي يسمعك يقول في واحدة من هالمعازيم عارفة عن فستاني لباجلي مشكا ! ما حدن دري عنك ما ي دير ! نو بودي كان تل ذا دفرنس إلا القليل ، وهذول بالذات ما تلاقينهم في عرس قروي زي هذا ، وبعدين انتي شايفة كيف الميك أب حقها مرة تو متش ؟ إذا هي سمرا ليش يحطون لها فاونديشن أبيض زي الطحين ! مخلينها طالعة زرقاء ! وفي فرق واضح بين وجهها ورقبتها ز يع 000 سو فالقر ! - الساعة حد عشر ! الساعة حد عشر!! - الساعة واحدة ونص يا هبلة . - لا يا تنحة ! قصدي التفتي يسارك زي عقارب الساعة لما تكون على الحد عشر 000 عمركو ما حتتعلموا أصول الحش !

المهم شوفي البنت هادي 000 أما عليها ' مواهب ' !! - أي واحدة فيهم ؟ الدفع الأمامي والاّ الخلفي ؟ - الخلفي يا حولة ! - تو متش 000 هاذي المفروض ياخذون منها ويعطون قمرة حقن من قدام ومن ورا زي حقن الكولاجين ! - أحلى مواهب فينا حقة سديم . أحس إنو جسمها مرة انثوي! يا ليت عندي مواهب زيها من ورا . - صح شيز سو كير في بس يبغي لها تنحف شوي وتلعب رياضة مثلك 000 أنا اللي الحمد لله مهما أكلت ما أسمن فمرتاحة . - والله يا بختك 000 أنا عايشة في مجاعة دائمة علشان جسمي يظل كدا . تلمح العروس صديقتيها على طاولة قريبة وهما تبتسمان وتلوحان لها وفي عيني كل مهما سؤال تحاول إخفاءه : ' لمَ لست مكانها ؟؟ فتنتشي في تلك اللحظات الثمينة في حياتها وهي ترى أنها – وهي أقلهن تميزاً كما كانت تعتقد دائماً – أول من تزوجت بينهن . بدأت المدعوات بالصعود إلى المنصة أفواجاً لتهنئة العروس بعد أن توقف التصوير فصعدت كل من سديم وميشيل ولميس ، وهمست كل منهن في أذن قمرة وهي تحتضنها وتقبلها : - قمر والله ! ما شاء الله . تبارك الله . طول الزفة وأنا أذكر الله عليك . - مبروك حياتي 000 مرة حلو شكلك . الفستان طالع عليك شي خيالي!!. - يا ألله ! تجنني يا بت ! أيش الحلاوة هادي ؟ أحلى عروسة شفتها في حياتي!. تتسع ابتسامة قمرة وهي تستمع لمديح صديقاتها وترى الغيرة المخبأة في أعينهن . تقف الثلاثة لالتقاط بعض الصور مع العروس السعيدة ، وتجتهد سديم وليميس في الرقص حولها بينما تتفحصهما وميشيل أعين الخاطبات بتمعن . تتباهى لميس بطولها الفارع وجسمها الرشيق وهي ترقص بعيداً عن سديم التي حذرتها مسبقاً من الرقص بجانبها حتى لا يلاحظ الجميع قصر قامتها وعودها الريان الذي تتمنى لو تستطيع شفط بعض الدهون من أماكن معينة منه حتى تصل إلى مستوى رشاقة لميس أو ميشيل . يندفع الرجال فجأة كالسهام يتوسطهم العريس راشد التنبل ، باتجاه منصة العروس فتتزاحم النساء مبتعدات وكل واحدة تبحث معها أو مع من حولها عما تغطي به شعرها ووجهها والمكشوف من جسدها عن أنظار الرجال القادمين . عندما أصبح العريس ومن معه على بعد خطوات بسيطة منهن ، رفعت لميس طرف المفرش الذي يغطي الطاولة لتغطي به العاري من صدرها ، وغطت توأمها تماضر ظهرها وشعرها بشالٍ من لون الفستان ، بينما ارتدت سديم عباءتها السوداء المزركشة الأطراف وطرحتها الحريرية التي أخفت بها النصف السفلي من وجهها أما ميشيل فقد ظلت على حالها وراحت تتفحص أوجه الرجال واحداً واحداً تلو الآخر غير عابئة بهمهمات النساء ونظراتهن الحارقة إليها . صعد راشد مع أبي العروس وخالها وإخوتها الأربعة إلى المنصة ، وكل منهم يحاول لمح أكبر قدر ممكن من أوجه النساء اللواتي تركزت أنظارهن على الخال الأربعيني ، الذي يشبه الأمير الشاعر خالد الفيصل إلى حد كبير . عندما وصل راشد إلى عروسه القمرة ، مد يديه ليرفع الطرحة عن وجهها كما أشارت له والدته ، ثم اتخذ مكانه إلى جانبها مفسحاً المجال لبقية الرجال حتى يباركوا لهما زفافهما الميمون . تعالت أصوات صديقات العروس : ألف الصلاة والسلام عليك يا حبيب الله محمد0 وتوالت الغطاريف . انصرف الرجال بعد دقائق قليلة ، توجه بعدها العروسان نحو قاعة الطعام لقطع قالب الحلوى ، تتبعهما المقربات من الحاضرات . هناك هتفت صديقات العروس بحماس : ' عاوزين بوسة ! عاوزين بوسة ! فابتسمت أم راشد واحمر وجه أم قمرة ، أما راشد فجحدهن بنظرة أسكتتهن في لحظة . لعنتهن قمرة في سرها لإحراجها أمامه بهذا الأسلوب ، ولعنته أكثر لإحراجه إياها أمام صديقاتها بعد تقبيلها ! دمعت عينا سديم وهي ترى قمرتها وصديقة طفولتها تغادر قصر الاحتفالات مع زوجها إلى الفندق الذي سيقضيان فيه ليلتهما ، لسافرا في الغد لقضاء شهر العسل في أماكن مختلفة من إيطاليا ، ينتقلان بعدها إلى الولايات المتحدة ليبدأ راشد في التحضير للدكتوراة . كانت قمرة القصمنجي أقرب إلى سديم من ابقي فتيات الشلة الرباعية ، بحكم دراستهما معاً في مدرسة واحدة وفصل واحد منذ الصف الثاني الابتدائي ، بينما لم تنضم إليهما مشاعل العبد الرحمن أو ميشيل كما يناديها الجميع إلا في السنة الثانية من المرحلة المتوسطة ، بعد أن عادت مع أبويها ومشعل الصغير – ميشو – من أمريكا . انتقلت بعدها بسنة إلى مدرسة تعتمد على اللغة الإنجليزية في مناهجها كلغة أولى ، لعدم إتقانها اللغة العربية التي تعد أساسية في مدرسة قمرة وسديم . في مدرستها الجديدة تعرفت على لميس جداوي ، الفتاة الحجازية التي تربت منذ طفولتها في الرياض ، وأصبحت صديقتها المقربة ، وصارت الفتيات الأربعة على اتصال دائم وعلاقة متينة ، استمرت حتى بعد انتقالهن للجامعة . درست سديم إدارة الأعمال ، واتجهت لميس نحو دراسة الطب ، بينما اختارت ميشيل علوم الحاسب ، أما قمرة التي كانت الوحيدة المتخرجة من القسم الأدبي بينهن ، فقد احتاجت لكثير من الوساطات حتى تم قبولها لدراسة التاريخ ، إلا أنها خطبت بعد بداية الدراسة بأسابيع قليلة ، فقررت الانسحاب من الجامعة لتتفرع لتجهيزات الزواج ، خاصة وأنها ستنتقل بعد الزواج إلى أمريكا حيث يكمل زوجها دراساته العليا .
  • * قمرة على طرف السرير ، في غرفتها بفندق جورجونيه في فينيسيا . تمسح فخذيها وقدميها بمزيج مبيض من الجليسرين والليمون أعدته لها والدتها ، وقاعدتها الذهبية تملأ ذهنها : ' لا تصيري سهلة 000' التمنع في السر لإثارة شهوة الرجل . لم تسلم أختها الكبرى نفلة نفسها لزوجها إلا في الليلة الرابعة ، ومثلها أختها حصة ، وها هي ذي قمرة تحطم الرقم القياسي ببلوغها الليلة السابعة بعد زواجها دون أن يمسها راشد حتى الآن ، مع أنها كانت على استعداد للتخلي عن نظريات والدتها بعد أول ليلة معه ، عندما نزعت ثوب زفافها وارتدت قميص نومها السكري الذي ارتدته مراراً قبل الزواج في أيام الملكة أمام المرآة في غرفتها ، مثيرة به إعجاب والدتها التي تذكر الله خشية الحسد وهي تغمز بطرفها لقمرة التي يملؤها مديح والدتها بالثقة والغرور ، حتى وإن علمت أنها تبالغ فيه . خرجت من الحمام في تلك الليلة لتجده نائماً ! ومع أنها تكاد تجزم بأنه تظاهر بالنوم بعد أن التقت عيناهما للحظة خاطفة ، إلا أنها صرفت عنها وساوس إبليس كما سمتها أمها في آخر محادثة هاتفية لهما ، وكرست طاقاتها لتجذبه إليها بعد أن أعلنت والدتها أن سياسية التمنع قد ' جابت العيد ' ! أصبحت والدتها أجرأ في الحديث معها عن شؤون المرأة والرجل منذ عقد قرانها على راشد ، بل إنها لم تكن تتكلم معها في أي من هذه المواضيع من قبل ، تلقت قمرة دروساً مكثفة في العلاقات الزوجية من نفس المرأة التي كانت تقطع صفحات الروايات العاطفية التي كانت تستعيرها ابنتها من زميلاتها أيام الدراسة ، وتمنعها من زيارة صديقاتها ، فيما عدا سديم التي تعرف خالتها بدرية معرفة وثيقة من خلال 'جائرات' نساء الحي قبل انتقال الخالة إلى المنطقة الشرقية . تؤمن أم قمرة بنظرية المرأة الزبدة والرجل الشمس ، ولكن كل ذلك قد تغير فجأة بمجرد خطبة البنت . أصبحت قمرة تستمع إلى أحاديث والدتها عن ' عملية الزواج ' بلذة شاب يقدم له أبوه سيجارة ليدخنها أمامه لأول مرة .

(2)
البنات يحتلفن بقمرة على طريقتهن إما أن تكون الحياة تحدياً ومغامرة ، أو أن لا تكون شيئاً أبداً . هيلين كيلر في البداية ، رسالة صغيرة لكل من الإخوة حسن وأحمد وفهد ومحمد وياسر ، الذين أسعدوني بمداخلاتهم الجادة : لا 000 ما يمكن نتعرف . وبعد أن وضعت أحمري الصارخ ، أكمل من حيث توقفت .
  • * بعد زفاف قمرة ، وضعت صديقاتها الجرار الفخارية الصغيرة التي نقش عليها اسما العروسين كتذكار إلى جانب التذكارات التي وزعت عليهن في أعراس زميلاتهن ، وكل واحدة منهن تتمنى أن يضاف تذكار زفافها إلى جانب بقية التذكارات عاجلاً غير آجل كي لا تموت بحسرتها . أعدت الشلة ترتيباتها الخاصة قبل حفلة العرس لعمل ما يشبه الباتشلوريت بارتي التي يقمونها للعروس في الغرب قبل زفافها . لم يردن إقامة حفل دي جي كما جرت عليه العادة مؤخراً ، حيث تقوم صديقات العروس بعمل الحفل الراقص الضخم والذي قد يشتمل أحياناً على وجود مطربة (طقاقة) ، ودعوة جميع الصديقات القريبات والمعارف بدون علم العروس 'أو في الغالب بعلمها مع ادعاء العكس ' ، وتتكفل الشلة التي تقيم الحفلة بجميع التكاليف التي لا تقل عن بضعة آلاف من الريالات . أرادت الفتيات شيئاً جديداً هذه المرة ، صرعة من اختراعهن لتقلدهن الأخريات فيما بعد . وصلت قمرة محمرة الوجه والجسم بعد الحمام المغربي وفتلة الوجه والحلاوة . كان الاجتماع في منزل ميشيل التي ارتدت بنطالاً فضفاضاً به الكثير من الجيوب مع سترة ضخمة لتخفي معالم الأنوثة منها ، وطاقية 'بندانة' خبأت تحتها شعرها ، ونظارة شمسية ملونة لتبدو كمراهق أفلت من رقابة والديه ، وارتدت لميس ثوباً أبيضاً رجالياً مع شماغ وعقال فبدت لطولها وجسمها الرياضي شاباً وسيماً ناعماً بعض الشيء ، أما بقية الفتيات فارتدين العباءات المخصرة والمطرزة مع لثمات تغطي ما بين الأنف والنحر وتبرز جمال أعينهن المكحلة وعدساتهن الملونة ونظاراتهن الغريبة. تولت ميشيل التي تحمل رخصة قيادة دولية قيادة جيب الإكس فايف ذي النوافذ المعتمة كلياً والذي تدبرت استئجاره من أحد معارض تأجير السيارات باسم السائق الحبشي. اتخذت لميس مكانها إلى جانب ميشيل بينما تراصت بقية الفتيات وهن خمسة في المقاعد الخلفية ، وارتفع صوت المسجل مصحوباً بغناء الفتيات ورقصهن . كان محل القوة الشهير في شارع التحلية أول محطة توقفن عندها ، ومن الزجاج المظلل أدرك الشبان بفراستهم أن في الإكس فايف صيداً ثميناً ، فأحاطوا بها من كل جانب! بدأ الموكب يسير نحو المجمع التجاري الكبير في شارع العليا والذي كان محطتهن الثانية . دونت الفتيات ما تيسر لهن من أرقام الهواتف التي جاد بها الشباب ، إما بترديد المميز منها ، أو باللوحات المعدة مسبقاً لتعليقها خلف نوافذ السيارة بحيث تراها الفتيات في السيارات المجاورة بوضوح ، أو بالبطاقات الشخصية التي يمد الجريئون من الفتيان أيديهم بها عبر النوافذ لتلتقطها الجريئات من الفتيات أيضاً . عند مدخل السوق ، نزلت الفتيات تتبعن مجموعة لا يستهان بها من الشباب ، الذين وقفوا حائرين أمام رجل الأمن (السيكيورتي) الذي لا يسمح بدخول العزاب إلى السوق بعد صلاة العشاء . انصرف المستضعفون ولم يتبق سوى شاب واحد ، تجرأ وتقدم نحو ميشيل التي بدا واضحاً له ولغيره من المطاردين منذ البداية – لجمال وجهها ونعومة تقاطيعه التي عجزت عن إخفائها – أنها ولميس فتاتان جريئتان تبحثان عن المغامرة ، وطلب منها أن تسمح له بالدخول معهن كفرد من العائلة مقابل ألف ريال . ذهلت ميشيل لجرأته إلا أنها وافقت سريعاً ، وسارت وبقية صديقاتها إلى جانبه وكأنه فرد من المجموعة . داخل السوق ، تفرقت الفتيات إلى مجموعتين ، مجموعة البنات تترأسهن سديم ، ومجموعة الباب المكونة من لميس وميشيل وإلى جانبهما ذلك الشاب الوسيم . كان يدعى فيصل . ضحكت لميس وقالت له أنه ما من شاب اليوم يدعى عبيد أو دحيم ! الكل اسمه فيصل أو سعود أو سلمان ! ضحك الشاب الوسيم معهما ودعاهما إلى العشاء في مطعم فاخر خارج السوق إلا أن ميشيل رفضت الدعوة . أعطاها ورقتين من فئة الخمسمائة بعد أن خط رقم هاتفه الجوال على إحداهما واسمه الكامل على الأخرى : فيصل البطران . كانت أعين النساء في السوق تتابع قمرة وسديم وبقية البنات بصورة مزعجة . كانت الواحدة منهن تتفحصهن من وراء نقابها بجرأة وتحد وكأنها تقول لهن (عرفتكن وما عرفتوني) . هذه هي الحال لدينا في الأسواق ، يحملق الرجال في النساء لأسبابهم الخاصة، وتحملق النساء في بعضهن لإشباع غريزة (اللقافة) ! لا يمكن لفتاة أن تسير في أسواقنا بأمان الله دون أن يتفحص الجميع (وخاصة بنات جنسها) العباءة التي ترتديها والطرحة التي تغطي بها شعرها وطريقة سرها والأكياس التي تحملها وفي أي اتجاه تلتفت وعند أي بضاعة تقف ! هل هي الغيرة ؟ صدقت مقولة ساشا غيتري : النساء لا يتجملن للرجال ، بل نكاية في النساء ! . بعد السوق وكمية مناسبة من المغازلات البريئة وغير البريئة ، اتجهت الفتيات نحو أحد المطاعم الراقية لتناول العشاء ، ومن ثم توجهن إلى محل صغير لبيع الشيشة والجراك والمعسل واشترين شيشاً بعددهن واختارت كل منهن مذاق المعسل الذي تفضله . بقية السهرة تمت في بيت لميس ، بداخل خيمة صغيرة في ساحة المنزل يقضي فيها أبوها وأصدقاؤه أماسيهم مرتين أو ثلاث في الأسبوع . يدخنون الشيشة ويتناقشون في مختلف الأمور ، بدءاً من السياسة وانتهاءً بزوجاتهم ، أو العكس . كانت العائلة قد سافرت منذ بداية العطلة الصيفية إلى جدة وبقيت لميس وأختها تماضر لحضور زفاف قمرة . وُزعت الشيش الجديدة في الخيمة لأن شيش الأب تنتقل معه حيثما يسافر



التعليقات (6)
ر بـا نـj ل
ر بـا نـj ل
(6)
أنا لميس والأجر على الله ! على الدفاتر خلفت الصبا نتفاً وفي الفصولِ تركت القلب أجزاء على الطباشير شيء من دم 00 عجباً تبدو الطباشير رغم الجرح بيضاء غازي القصيبي اعترف بأن قدرات الناس على الربط والتحليل ما انفكت تفاجئني ! رسائل كثيرة وصلتني تسألني عن هويتي الحقيقية ، وهل أكون إحدى الفتيات الأربع اللواتي أكتب عنهن في هذه الإيميلات ؟ ولم لا ؟ ما رأيكم في أن أضع لكم رقماً لإرسال توقعاتكم حتى تظهر على إحدى محطات الأغاني ؟ خلونا نترزق الله ! نضع مذيعة لبنانية مهضومة تستقبل توقعاتكم على طريقة : ' بونسوار لإلكون ' ، مين ببتوأعوا تكون الشخسية المجهولي ؟ أمرة يما سديم يما ميشيل يما لميس ؟ احزوروا وبتربحوا تزكرتين مع إكامي ببيروت تتجوا تحضرونا بحفلة البرايم ! ويمكن يكون الحز من نسيبكون وتفوزوا بساعة بؤرب الحبيب ، يا للي هوي شخصيتنا المجهولي ! احزور وما تتأخر ! اتصل أو ابعتلنا إس إم إس ع هالأرآم المكتوبي ع الشيشي . حتى الآن تنحصر أغلب التوقعات ما بين قمرة وسديم ، واحد فقد يرجح كوني ميشيل ، لكنه يستدرك قائلاً أن انجليزية ميشيل أفضل من إنجليزيتي 000 هو أنا تكلمت انجليزي أصلاً !؟ صحيح تجيك التهايم وانت نايم ! يو قت أكيوزد وايل يور أسليب ! حتى لا تقولوا أنني لا أعرف انجليزي 000 ما أضحكني فعلاً هو إيميل من هيثم من المدينة المنورة ينتقدني فيه لتعصبي لبنات الرياض (البدو) وإهمالي لشخصية تميس ، أعني لميس ، حبيبة القلب ما زولا . هل يعرفها الأخ من ورائي ؟ ولا يهمك يا أخ هيثم . إيميلي اليوم سوف يكون عن لميس ولميس فقط 000 بس لا تزعل علينا يا أبو هيثم يا عسل (أبو هيثم) عسل بدون ميم قبل العين ، والحدق يفهم ! . وش نسوي يا أبو الهياثم ؟ بدو ! ما علينا شرهة ! على رأي إحدى دكتوراتي الحجازيات في الجامعة : بدوية رفتة !
** رغم التشابه الظاهري بين لميس وتوأمها تماضر إلا أن هناك اختلافات شاسعة بين الأختين في الطباع والأفكار ، ومع أنهما اشتركتا في الفصل في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة ، وحتى في دراستهما الجامعية حيث التحقت كلتاهما بكلية الطب البشري ، إلا أن تماضر كانت وحدها مثار إعجاب الأساتذة والأستاذات ، لجيتها الشديدة وشخصيتها المنضبطة ، بينما كانت لميس (الدافورة أو الشاطرة الكول) المفضلة بين الأختين لدى زميلاتهما ، لظرفها وقربها من الجميع ، مع محافظتها على مستواها الدراسي المرتفع . كانت لميس أكثر جرأة وشجاعة من تماضر التي تؤثر السير بجانب الحائط ، وتصف أختها دائماً بالمتهورة واللعوب . كان والدهما الدكتور عاصم حجازي عميداً سابقاً لكلية الصيدلة ، ووالدتهما الدكتورة فاتن خليل وكيلة سابقة في نفس الكلية ، كان العاملان الأساسيان في نجاح الفتاتين وتفوقهما الدراسي الملوحظ . منذ ولادتهما والأبوان يحرصان كل الحرص على توزيع الأدوار فيما بينهما حتى يوليا كلاً من الطفلتين ما تحتاجه من اهتمام ورعاية ، ومع دخولهما الحضانة ، في الروضة ، في المدرسة ، كان اهتمام الأبوين يزداد وحرصهما على تميز ابنتيهما يتكثف. لم ينجب الزوجان سوى هذا التوأم ، والذي لم ينجباه إلا بعد عناء وعلاج طويل دام على مدى أربعة عشر عاماً ، رزقا بعده برحمة من الله هاتين الطفلتين الجميلتين . لم يحاولا الإنجاب بعد ذلك ، حيث أن سن الأم أصبح متأخراً ، ومحاولات الإنجاب بعد ذلك قد تؤثر سلباًَ على صحتها وصحة الجنين . من أطرف الحوادث التي مرت بلميس أيام دراستها الثانوية ، عندما كانت في الصف الأول الثانوي ، كان أن اتفقت هي وميشيل وزميلتان لهما في الفصل على تبادل بعض أفلام الفيديو . في اليوم المقرر جلبت كل منهن أربعة أفلام . اتفقن على توزيع الأفلام الستة عشر فيما بينهن في آخر الدوام ، إلا أن الحظ التعيس (أو القرادة) الرجاء الرجوع الإيميل الأول للشرح ، كان لهن بالمرصاد . سمعت الفتيات عن نية الإدارة بتفتيش الفصول وحقائب الطالبات بحثاً عن الممنوعات وعلى رأسها أشرطة الفيديو والكاسيت . لم تدرِ لميس هل وشت إحدى الفتيات بهن أم أنه مجرد سوء الحظ الذي يلازمها . ارتبكت الفتيات الأربع وأسقط في يديهن حينما تسرب خبر التفتيش ، والمصيبة أن المخالفة لم تكن عبارة عن شريط أو اثنين ، إنها ستة عشر شريط فيديو مع أربعة من أوائل الطالبات يا للفضيحة التي لم تكن على البال على رأي ماري منيب : (ده اللي حصل واللي جرى لا ينكتب ولا ينقرا). جمعت لميس الأشرطة من الفتيات ، ووضعتهن في كيس ورقي كبير ، وطلبت منهن أن يتصرفن على طبيعتهن (وهنا تتضح قدرات لميس الإرهابية) . أخرتهن بأن كل شيء سوف يكون على ما يرام وأنها ستتولى الموضوع .
ذهبت بالكيس خلال الفسحة إلى دورة المياه ، وراحت تبحث عن مخبأ مناسب . لم يكن المكان مناسباً ، فالكيس كبير وهي تخشى أن تجده أي من العاملات فتقوم بالاستيلاء عليه أو إيصاله للإدارة ، وحينما لن تكون مشكلتها مع الفضيحة المدرسية بل مع زميلاتها اللواتي لن ترضى أي منهن أن تفرط بأشرطتها حاولت إخفاء الكيس في خزانة الفصل إلا أنها شعرت بأن المكان مكشوف ومتوقع . كان الأمر أشبه بلعبة (غميمة) في وقت ومكان غير مناسبين . جاءتها الفكرة العبقرية طرقت باب غرفة المعلمات وطلبت رؤية معلمتها المفضلة أبلة هناء معلمة الكيمياء . جاءت أبلة هناء مرحبة بهذه الزيارة المفاجئة ، وبجرأة شرحت لميس موقفها الصعب ، فراحت أبلة هناء تولول : - وشو بدك يانا نساوي يا لميس ؟ - ولي عا قامتي مستحيل ما بقدر خبيهون عندي - لو عرفت الإدارة ، والله ليفنشوني - معقولة يا بنتي سطعش فيلم مرة واحدة يا عيب الشوم عليكي . أخذت المعلمة الكيس الضخم تحت ضغط لميس بعد تردد طويل ، ووعدتها أن تفعل ما بوسعها لإنقاذ سمعتها . انقضت بعض المسؤولات في الإدارة على فصل لميس في الحصة الخامسة وقمن بتفتيش حقائب الطالبات وأدراج الطاولات والخزانة عن أية ممنوعات ، خبأت بعض الطالبات ما يحملنه من أشرطة كاسيت (واحد أو اثنين) أو قنينة عطر أو ألبوم صور صغير أو جهاز بيجر في جيوب المريول المدرسي ، ووقفن وظهورهن ملتصقة بجدران الفصل . كانت أعيث صديقات لميس تدور مع المفتشات بهلع وهن بانتظار أن تعثرن على أفلامهن في حقيبة لميس ! أثناء الحصة الأخيرة ، جاءت إحدى الساعيات إلى فصل لميس مخبرة إياها بأن مديرة القسم الثانوي بالمدرسة قد طلبت رؤيتها . أطرقت لميس مفكرة : هادي آخرتها يا أبلة هناء ؟ تفتني عليا ؟ أيش هادا الخوف ؟ هادا وانتي أبلة طلعت خوافة أكتر مني ! صحيح الأبلات ما لهن أمان . دخلت لميس مكتب المديرة بلا خوف . (ذل دامج إز دون) ولن ينفعها الخوف والارتباك ، لكنها كانت تشعر بحرج شديد ، فهذه ليست المرة الأولى التي تقع فيها في مشكلة من هذا النوع ليتم استدعاؤها إلى مكتب المديرة . - وبعدين معك يا لميس ؟ مو كفاية اللي سويتيه الأسبوع الماضي لما رفضتي تعلمينا مين البنتاللي حطت الحبر الأحمر على كرسي الأبلة في الفصل ؟ تطأطئ لميس رأسها وتبتسم رغماً عنها عندما تتذكر كيف وضعت زميلتهن أوراد بضع نقاط من أنبوبة قلمها الأحمر على كرسي المعلمة بين الحصص . دخلت الأستاذة لتفاجأ بالقطرات الحمراء على جلد المقعد ! وقفت مشدوهة للحظات والطالبات يغالبن ضحكاتهن ثم سألت : - من كان عليكن الحصة اللي قبل هاي يا بنات ؟ - (بصوت جماعي ) أبلة نعمت يا أبلة ! خرجت الأستاذة مسرعة من الفصل لتبحث عن أبلة نعمت التي تكرهها الطالبات جميعاً ، وبطون الطالبات تؤلمهن من شدة الضحك ! ردت عليها لميس يومها بغض : - أبلة أنا قلت لك إني ما أقدر أفتن على صاحباتي . - هاذي اسمها سلبية يا لميس ! أنتي لازم تكونين في صفنا إذا كنتي حريصة على مستواكِ وعلاماتك . ليش ما نتي مثل أختك تماضر ؟ بعد هذا التهديد الصريح ، والسؤال المستفز المعهود (ليش ما نتي مثل أختك تماضر) قدمت أم لميس الدكتورة سميحة للقاء المديرة ، وحذرتها من استخدام هذا الأسلوب مع ابنتها مرة ثانية . ما دامت لميس لم تكن هي من قامت بترتيب المقلب، فليس من حقهن أن يطالبنها بإفشاء سر صديقاتها ، والأفضل لهن كمعلمات أن يبحثن عن الفاعلة الحقيقية بأنفسهن عوضاً عن محاولة تسخير لميس للتجسس لحسابهن لتخسر بذلك احترامها لنفسها ومحبة رفيقاتها الكبيرة لها . صحيح أن المعلمات يسألنها دائماً لم ليست كأختها تماضر ، لكن صديقاتها بالمقابل يسألنها لم ليست تماضر مثلها ! كانت لميس أكيدة أن المديرة ستكون أكثر تساهلاً معها هذه المرة ، خاصة وأنه لم يمض على زيارة والدتها للمدرسة سوى أيام ، وقد كانت لوالدتها مكانة خاصة في تلك المدرسة ، فهي رئيسة جمعية أمهات الطالبات منذ خمس سنوات ولها الكثير من المشاركات الفعالة في نشاطات المدرسة الخيرية ، علاوة على أن ابنتيها من أبرز الطالبات في تلك المدرسة وغالباً ما يتم اختيارهن لتمثيل المدرسة في المسابقات الثقافية على مستوى المنطقة .
قالت لها المديرة : - أنا وصلني الكيس مثل ما انتي شايفة لكن أنا وعدت أبلة هناء أني ما أعاقبك وأنا عند وعدي . كل اللي حاسويه هو أني راح آخذ الأفلام معي اليوم وأرجعها لك بعدما أتفرج عليها . - تتفرجي عليها ؟ ليه ؟! - علشان أتأكد من إن ما فيها أفلام كذه وإلا كذه (وهي تغمز). يا له من طلب مكشوف ! لم لا تطلب منها بصراحة أن تستعير الأفلام لمشاهدتها ؟ على أية حال ، لن تتمتع هذه المديرة الكريهة بأفلامها بعد هذه المشاكل التي تزجها فيها كل يوم - آسفة يا أبلة . الأفلام ما هي حقتي ، وصاحباتي لو عرفوا إنو الأفلام اتخدت راح يبهدلوني . - ومن هم صديقاتك هذول ؟ يا لهذه المديرة التي لا تكف عن السؤال المحرج . - ما قدر أقول لك يا أبلة . حيعرفوا إني قلتلك وأنا وعدتهم إني أحل المشكلة لوحدي. - مشكلتك يا لميس إنك مسوية فيها زعيمة عصابة وكل التهزيء يجي على راسك انتي في النهاية ! - (وهي تحاول اكتشاف صدق المديرة من كذبها) يعني يا أبلة ، لو قلتلك أساميهم دحينا ما حيوصل لهم خبر ؟ ولا حيعرفوا إني فتنت عليهم ؟ ولا حتعملي لهم حاجة أكيد ؟ - أوعدك . أخبرتها لميس بأسماء شريكاتها في الجريمة وأخذت الأفلام بعد ذلك ووزعتها بينها وبين صديقاتها الثلاث قبل انصرافهن إلى بيوتهن وهن يسألنها أين كان المخبأ وكيف استطاعت أن تتخلص من هذا الكيس الكير ! اكتفت لميس بابتسامة واثقة وقولها المعتاد : ده أنا لميس والأجر على الله . هكذا كانت شخصية لميس ، وكانت تماضر على العكس منها ، هادئة ومطيعة ، ورافضة لكل ما تقوم به أختها العنيدة . رافضة ، كانت تلك الكلمة بداية لأكبر خلافات لميس مع أختها تماضر ، ومع بقية الشلة أيضاً .
(7)
: أساطير شارع خمسة هل هذه الكلمات شغل يدي ؟ إني أشك بكل ما حولي ... بدفاتري ... بنزيف ألواني ... هل هذه اللوحات من عملي ؟ أم أنها لمصور ثاني ؟ نزار قباني اتهمني الكثيرون بأنني أقلد طريقة بعد الأدباء في الكتابة ، ولي الشرف صراحة أن أقلد كتاباً كالذين ذكروا ، مع أنني والله أصغر من أن أقلدهم . للأمانة ، أنا أكتب بهذا الأسلوب (المصرقع) حبتين ، حبة فوق وحبة تحت منذ صغري ، ولدي ما يثبت أن صرقعتي قديمة و (منذ مبطي) ، دفاتر مادة التعبير المليئة بخنبقاتي عبر السنين . كان أكثر ما يغيظني المدرسات اللواتي لا تستهويهن تقليعاتي وكتاباتي المرجوجة . كنت أعاقب هؤلاء شر عقاب فأنقل لهن مواضيعاً من دفاتر قريباتي أو صديقاتي من المدارس الأخرى. لست أنسى المرة التي طلبت فيها إحدى المعلمات الرزينات مني أن أقرأ موضوعي عن الشجرة أمام زميلاتي في الفصل . وقفت بثقة في مواجهة ثلاثين طالبة لأقرأ ما نقلته من كراسة إحدى قريباتي الأكبر مني بثلاث سنوات : ( من منا لا يعرف الشجرة ؟ الشجرة هي المصنع الأول للأكسجين ...! ). بعد بضعة سطور إضافية تعذيبية من هذا النوع ، طلبت مني المعلمة أن أعود إلى مقعدي ، ورجتني أن لا أنقل مواضيعاً من آخرين في القادمة ! واعترفت لي على مضض أنها تفضل مواضيعي المرجوجة على هذه التفاهات . ما أسوأ أن لا يجد الإنسان تقديراً من أقرب الناس إليه . في تلك السن المبكرة ، عرفت أحد أهم الأسباب المؤدية إلى الزواج الثاني .
** كانت فاطمة زميلة للميس في كلية الطب . كان كل ما تعرفه لميس في البداية أن فاطمة من القطيف . لم تتعرف لميس من قبل على أي فتاة قطيفية كما لم تتعرف على أي فتاة من الأحساء أو الجبيل أو غيرها من مناطق الساحل الشرقي . لم تكن تعرف من المنطقة الشرقية سوى الخبر والدمام . تعرفت عند دخولها للجامعة على زميلات لها في كلية الطب قدمن من مناطق بعيدة لم تسمع بكثير عنها . منهن من جاءت من حفر الباطن ، ومنهن من قدمت من الجوف ومن عرعر ومن القريات ومن خميس مشيط ، ومنهن من تسكن على أطراف مدينة الرياض أو في أحياء لم تسمع بها من قبل كالسويدي وخنشليلة. كانت كمية الطالبات القادمات من خارج الرياض كمية كبيرة قد تصل إلى أكثر من نصف الدفعة المكونة من ستين طالبة . كانت لميس تشعر بالإعجاب كلما تقربت من هؤلاء الفتيات لما تتميز به شخصياتهن من نشاط واستقلالية وقدرة على التحمل . كن قد تخرجن من مدارس حكومية ولم تتوفر لهن ربع المساعدات التي توفرت لا ولصديقاتها الثلاث في مدارسهن الأهلية المعروفة ، ومع ذ لك فقد تفوقن ونلن أعلى الدرجات ، ولولا ضعف غالبيتهن في اللغة الإنجليزية لما استطاع أحد تمييزهن عن صديقاتها ، إلا ربما ببساطة ما يرتدينه . لم تكن إحداهن قد سمعت من قبل بالماركات الشهيرة التي لا تشتري فردات الشلة الرباعية من سواها ، ولم تتخيل أخرى يوماً وهي تتذوق ما مع لميس من شيكولاتة فاخرة أنها بهذا السعر الباهظ : - خير إن شاء الله ؟ وش ذي ؟ شوكاطه والا ذهب ؟ - أنا سمعت عن شي عندكم اسمه باتشي يقولون مرة كشخة ! - في شي أغلى من باتشي بعد ؟ يا ويلي ! ذهلت ميشيل مرة عند سماعها إحدى الطالبات وراءهما تستغفر بحنق عندما سمعت بالصدفة لميس للفستان الذي سترتديه الليلة في عرس ابنة عمتها ! وقالت لها سديم أن إحدى الطالبات معهن في القسم تكرر في كل حين أنها تبحث بين زميلاتها عن عروس لزوجها الذي تزوجت منه قبل سنة واحدة لتخطبها له بنفسها ! والسبب أنها تريد أن تجد وقتاً لتنظيف المنزل ودهن شعرها وتحنية كفيها والتزين له والعناية بطفليهما وما سيتبعه من أطفال ، في الوقت الذي يقضيه زوجها مع زوجته الأخرى ! لم تكن ميشيل من بين صديقاتها تستسغ هذه النوعية من الفتيات ولا تحبذ الدخول مع أي منهن في نقاش وجدل عقيم ، ولم تكن سعيدة بحماس لميس الواضح لتكوين علاقات معهن . كانت تشعر وكأن لميس تمثل دور شير في فيلم مراهقتهما المفضل (كلوليس) . تتعرف على أقل الفتيات حظاً لتبدأ معها رحلة التجميل والتثقيف والتطوير . تعطيها (كومبليت ميك أوفر) ربما لتشعرها بتفوقها وسيطرتها عليها . لم تكن ميشيل تفهم ، وزادها حنقاً أن سديم كانت تشارك لميس حماسها وانسجامها مع هؤلاء الفتيات الجدد . كانت هؤلاء الفتيات على بساطتهن في غاية الأدب ورقة الطباع وكانت طيبتهن تجذب الجميع لهن ، علاوة على خفة الدم التي تكاد تكون معدومة في الأوساط الراقية ! هل هناك علاقة عكسية ما بين المركز المادي والاجتماعي وبين خفة الدم والشخصية المرحة ؟ مثلما يؤمن البعض بوجود علاقة طردية بين البدانة وخفة الدم ؟ أنا شخصياً أؤمن بذلك . (المصالة) أو (ثقالة الطينة) أو السماجة داء متفش في الأوساط الراقية ، وباعتبار أن نسبة المصالة بين الإناث تفوق بكثير نسبتها لدى الذكور ، ولأن التماسيح للأسف أخف دماً من السحالي ، (خصوصاً السحالي الجميلة مثلنا) ، فإنني أنعي بكل أسى نفسي وصديقاتي ، ولكن الحمد لله على أية حال ، فكما يقول المثل الشعبي : العَوَض ولا القطيعة ! بدأت لميس تلاحظ غيرة ميشيل من كل فتاة تتقرب منها في الجامعة . مع أن لميس اجتماعية منذ معرفة ميشيل بها ، لكن البيئة في الجامعة تختلف تمام الاختلاف عن بيئة مدرستهن ، والطبقة الأرستقراطية أو المجتمع المخملي الذي تنحدر منه معظم زميلاتهن في المدرسة ، ليس إلا جزءاً بسيطاً من الطبقات المتباينة الموجودة في الجامعة . إن مجتمعنا السعودي أشبه بكوكتيل الطبقات الذي لا تختلط فيه أي طبقة بالأخرى إلا للضرورة وعند الخفق القوي. في الفصل الدراسي الأول من أولى سنواتهن الجامعية ، كانت سديم ولميس تجتمعان ويمياً على رصيف شارع خمسة أو الشانز (الشانزليزييه) كما يسمونه في جامعة البنات بعليشة . كانت الفتاتات تحلمان برؤية شانز عليشة من كثرة ما سمعتا عنه ، فإذا به مجرد بضعة مقاعد خشبية قديمة موزعة أمام بوابة الخروج رقم خمسة ، وإذا بجامعة عليشة مجرد مبانٍ آيلة للسقوط وشوارع مغطاة ببقايا تمر جاف سقط من نخلات متراصة على امتداد طرقها ، بعد أن يئس من قدوم من يجنيه ، وحتى بعد وقوعه ، لم يجد له من يرفعه عن الأرض . ميشيل التي قدمت من كليتها بالملز خصيصاً للتحقق من ما هية شانز عليشة أصيبت بخيبة أمل كبيرة ، وندبت حظها الذي أجبرها على دخول الجامعة في السعودية بدلاً من أمريكا . لمجرد أن عماتها اجتهدن في حشو رأس والدها المتفتح بأفكار بالية . حذرنه من مغبة السماح لها بالدراسة وحدها في الخارج ، لأن الفتيات اللواتي يقمن بذلك يكثر حولهن الكلام فلا يجدن من يتزوج منهن بعد عودتهن إلى البلاد . الطامة الكبرى كانت في اقتناع أبيها المتحضر فجأة بهذه السخافات ! كان لرصيف نمرة خمسة كما في أغنية عمرو دياب في فيلم آيس كريم في جليم – هل كان يعني عليشة ما غيرها ؟ - أسرار أشبه بالأساطير ، وكانت تروى عنه الكثير من القصص الحقيقية أحياناً والمبالغ بها أحياناً أخرى . إحدى قصص رصيف خمسة المشهورة والتي تناقلتها الأجيال في جامعة عليشة قصة أروى . هل توجد بين طالبات عليشة من لم تسمع بأروى؟! كانت أروى طالبة مليحة التقاطيع ، يميزها شعرها القصير جداً ومشيتها المسترجلة . كان الكل يخاف من أروى والكل يطلب ود أروى . إحدى البنات تقسم أنها رأت أروى في أحد الأيام جالسة على رصيف شارع خمسة وقد ظهر طرف السروال الرجالي الأبيض من تحت تنورتها السوداء الطويلة ! وأخرى تؤكد أن صديقة لها كانت قد رأتها وهي تلف يدها حول خصر إحدى الفتيات بطريقة مشبوهة ! تذكر سديم أنها ماتت رعباً عندما مرتب بجانبها أروى وهي (تحش) فيها . لم تكن سديم قد التقت أروى قبل ذلك ولذلك فإنها لم تنتبه للمأزق الذي وضعت نفسها فيه حتى أخبرتها إحدى الزميلات التي انضمت متأخرة إلى الحديث أن المستندة إلى ذلك الجدار القريب وعيناها معلقتان بسديم وابتسامتها المخيفة لا تغادر شفتيها ليست سوى أروى ! - تهقونها سمعتني يا بنات ؟ إذا كانت سمعت ، وش بستوي فيني !؟ سألت سديم صديقاتها والعرق يتصبب من كل مسام جلدها . حذرتها صديقاتها من أن تسير بمفردها في تلك الجامعة بعد ذلك اليوم ، فمن الواضح أنها قد انضمت – عن جدارة – إلى اللائحة السوداء لأروى!. - الله يخلف عليك يا سدّوم ! ابتعدي عن مبنى رقم (............) فهو أقدم المباني وأبعدها ويقولون إن أروى تصطاد البنات اللي يروحون هناك بلحالهم لأن المكان بعيد وخرابة والبنت إذا صرخت وإلا كسرت الدنيا هناك محد داري عنها ! - أروى الشوشو ، الله الحافظ ! إلا صحيح هل تخرجت أروى من عليشة ؟ لم أسمع عنها منذ زمن . أصبحت أروى الآن أسطورة كغيرها من أساطير هذه الجامعة الأثرية . بعد انتهاء النصف الدراسي الأول من سنتهما الأولى ، انتقلت لميس مع تماضر للدراسة في جامعة الأقسام العلمية للبنات بالملز حيث تدرس ميشيل أيضاً في كلية الحاسب الآلي ، وذلك لمدة فصل دراسي واحد تنتقلان بعده إلى كلية الطب البشري للبنات – في الملز أيضاً – لمدة سنتين ، تنتقلان بعدها – أخيراً – للدراسة في مستشفى الملك خالد الجامعي . وهذه المحطة الأخيرة في دراستهن هي ما تحسدهن عليه بقية الفتيات ، ففي نفس المستشفى يدرس طلاب الطب البشري وطب الأسنان والصيدلة والعلوم الطبية – وذلك قبل افتتاح كلية العلوم الطبية في عليشة . كان حلم الاختلاط بالشباب حلماً كبيراً بالنسبة لكثير من الطالبات والطلاب ، ودافعاً للبعض ممن ليست لهم أي ميول طبية للالتحاق بتلك الكليات التي قد توفر لهم مساحة أكبر من الحرية ، حتى وإن كان الاختلاط المنتظر مقيداً ولا يتجاوز الصدف العابرة أثناء الفراغات ما بين المحاضرات أو وقت الصلاة حيث لا يحلو للطلاب إلا أن يصلوا في المصلى القريب من الطالبات ، واللمحات السريعة أثناء التجول في المستشفى أو أثناء ركوب المصاعب .
(8)
الذي لا يعجبه العجب عندما تصاب المرأة بحالة يأس فإن قلبها يصبح كأكرة الباب ، أي إنسان يديرها يميناً وشمالاً . أنيس منصور أولاً أقدم لكم اعتذاري عن تأخري غير المقصود عن إرسال هذا الأيميل ، فقد تعرضت لظروف صحية منعتني من الكتابة بالأمس يوم الجمعة ، ولذلك يأتيكم إيميلي اليوم السبت ، فسامحني يا عزيزي إياد لأني أعدت لك عصر الجمعة الكئيب بعد أن تعودتعلى إيميلاتي التي صارت تخفف عنك تعاسة هذا اليوم ، واعذريني يا غادة و (أشكرك) بالمناسبة لأنك أول فتاة تعبّرني بإيميل منذ بداية هذه السلسلة الفضائحية ، لأنني لم أوفر لك مادة للتعليق أنت وزميلاتك في البنك هذا السبت ، وسامحني يا رائد أبو دم خفيف لأنني لخبطت عليك جدولك الأسبوعي وشككتك باليوم والتاريخ حتى ظننت أن البارحة هو يوم الخميس وكدت تتغيب عن العمل اليوم السبت وتأكل بهدلة بسبب إيميلي المتأخر ! وضعت أحمري الصارخ ، وصحن (طرشي) كبير إلى جانبي . أنا بحاجة لطعم لاذع هذه المرة ليذكرني بطعم ما سأكتب في هذا الإيميل .
** عودت قمرة نفسها على حياتها الجديدة ، بعد أن اتضح لنا أن ما يقوم به راشد ليس مجرد حياء من الزوجة التي اقتحمت حياته فجأة ، وإنما أكثر من ذلك . لم تكن قمرة قادرة على تسمية تصرفاته باسمها الذي يرد في ذهنها وإن ظلت الكلمات تتسرب من عقلها إلى قلبها الوجل : ( زوجي اللي أحبه يكرهني . يبغي يطفشني ...) . تعودت بعد أسابيع قليلة من وصولهما إلى شيكاغو وبعد أن زاد تذمر راشد من كسلها وعدم مغادرتها الشقة أن تذهب للتبضع وشراء مستلزمات المنزل في نهاية كل أسبوع . لم يكن راشد على استعداد لتعليمها قيادة السيارة بنفسه ، ولم يكن يثق بقدرتها على التفاهم مع معلم أو معلمة أجنبية بإنجليزيتها الركيكة ، فاستعان بزوجة أحد أصدقائه العرب التي عرضت تلعيمها القيادة لقاء مبلغ مالي . رسبت قمرة في الامتحان العملي ثلاث مرات متتالية فقطع راشد عل

ر بـا نـj ل
ر بـا نـj ل
(11)
تصنيف أم نوير للفصائل البشرية لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم . لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم . يا حيّ يا قيوم لا إله إلا أنت برحمتك نستغيث . دعاء لكشف الهم والكرب والحزن قرأت كلاماً عني خلال الأسبوعين المنصرمين في أشهر المنتديات الإنترنتية ، الإقلاع والساحات وغيرها . بعض الكلام كان بنعومة حبيبات غسولي اليومي للوجه ، وبعضها بخشونة حجري الأسود الذي أعالج به مشكلة ركبي السود . شعرت وأنا أتابع النقاشات الدائرة حولي بأنني أشاهد مصارعة للثيران ! هل تصدقون أن أحدهم طالب بإباحة دمي؟ وكله كوم ومن تقول أنها أختي كوم آخر ! تقول أنها قد لاحظت انزواء أختها كل يوم جمعة منذ الصباح الباكر في غرفتها أمام شاشة الكمبيوتر وعندما حاولت أثناء غيابها أن تبحث ضمن ملفات جهازها عن أدلة تؤكد شكوكها عثرت على جميع الرسائل وعددها ثلاثون ، وهي على استعداد لبيعها لمن يدفع أكثر ! رزق الهبل ع المجانين .
** بعد أن قرأت له (مدخل إلى التحليل النفسي) و ( مختصر التحليل النفسي) و (ثلاثة مباحث في نظرية الجنس) و(الحياة الجنسية) و ( الطوطم والحرام ) ، اكتشفت سديم أن فرويد ولبيدواته وطواطمه وخياره وفقوسه لن يساعدوها في حل مشكلتها ولن يشرحوا لها سبب تخلي وليد عنها . كانت قد عثرت على مؤلفين من المؤلفات المترجمة لفرويد في مكتبة جرير في الرياض ، أما البقية فكانت قد أوصت إحدى زميلاتها في الجامعة بأن تأتيها بها من لبنان قبل أن تسافر سديم إلى لندن . لم تقنعها فلسفة سيجموند فرويد – في تفسير تصرفات وليد – كما أقنعها تصنيف أم نوير للفصائل البشرية . صنفت أم نوير لسديم – في ساعة صفاء الرجال والنساء في الخليج بناءً على عوامل عدة كقوة الشخصية والثقة بالنفس والجمال وغيرها إلى أنواع وفئات ، وهذه الأنواع تنطبق عادة على الرجل والمرأة سواء ، فمثلاً بالنسبة لوقة الشخصية فإن لكل منهما نوعين : النوع الأول قوي ومستقل والنوع الآخر ضعيف وتابع للآخرين ، وتندرج تحت النوع الأول فئتان : أولاهما المنطقي الذي يحترم آراء جميع من حوله رغم اختلافه معهم طالما كانوا يحترمون وجهة نظره هو الآخر ، والفئة الثانية ممثلة بمن لا يمكن لأحد السيطرة عليها أو عليه ومن لا بد من أن (يمشي) كلامه ولا يهمه رأي أحد . أما بالنسبة لقسم الضعفاء والتابعين ، أو من يقال عنه أن كلمة تجيبه وكلمة توديه ، فهم نوعان : هناك النوع الذي يتم التأثير عليه من قبل الأهل وأفراد العائلة المقربين وهذا النوع لا يمكنه الاستقلال عن أهله لأنه (بدون أهله ما يسوي قرش) ، وهناك النوع الذي يتم التأثير عليه من قبل الأصدقاء وهو النوع الأسوأ ، ذلك لأنه يعتبر أن أهله ضده ولا يثق سوى بأصدقائه الذين يكونون في كثي من الأحيان أسوأ حالاً منه ، ومن ناحية العصامية فإن النوع القوي والمستقل عادة ما يعمل على تطوير نفسه بنفسه وتحسين ظروفه قدر المستطاع ، متأثراً ومستفيداً من جميع الأمثلة التي يلاحظ نجاحها من حلوه ، أما النوع السلبي أو المنقاد فإنه تنقصه المبادرة ولا يرتقي شأنه إلا بارتقاء عائلته أو محيطه ككل . ولأم نوير تصنيف آخر يعتمد على مستوى الثقة بالنفس ، فهناك الفئة المطمئنة أو السيكيور وهذه لها نوعان : نوع معقول ويكون المنتمي لهذا النوع متصالحاً مع نفسه ، وعلى قدر واضح من الثقة بالنفس تجعل كل من حوله يحترمونه ويرهبونه ، لكنه يظل محبوباً لتواضعه وقربه من الآخرين من ناحية ، ولأنه (يستاهل يشوف نفسه شوي) من ناحية أخرى . النوع الثاني هو (الواثق بزيادة) أو (الأوفر كونفدنت) وهو نوع يشتمل على أشخاص (ما عندهم ما عند جدتي) أي ( ما عندهم سالفة) يحملون ثقة مفرطة بالنفس على الرغم من افتقارهم لجميع مؤهلاتهم ، فلا إنجازات ضخمة ولا شخصيات مميزة ولا حتى شكل يفتح النفس ، وهذا النوع مكروه وأكثر انتشاراً للأسف من النوع الأول ، والنوعين أقل انتشاراً من الفئة الثانية وهي فئة (الإنسيكيور) أو الفئة غير المطمئنة . هذه بدورها لها قسمان : أولهما أولئك الذين يدعون ويتصنعون الثقة بالنفس أمام الآخرين دون إيمان داخلي بذلك ، والمنتمين لهذا القسم يأخذون كل كلمة تقال لهم بحساسية مفرطة ويردون عليها بعشر ويعملون من الحبة قبة كما يُقال . مستفزون ، تعلو أصواتهم أثناء أي نقاس حتى يداروا خيباتهم . القسم الثاني لا يمثل ولا يدعي ويتضح منذ الوهلة الأولى أنهم مساكين ويقطعون القلب . يعاني أفراد هذا الصنف عادة من مشكلة ما تضعف من ثقتهم بأنفسهم أو من (السلف استيم) وتكون هذه المشكلة إما ظاهرة كعيب في الشكل الخارجي من سمنة أو قصر أو حتى أنف كير بعض الشيء ، أو معاناة معنوية ظاهرة مثل الفقر أو حتى الغباء، أو عيب خفي لا يدركه سواهم ، مثل جرح حبيب لم يندمل . التصنيف الديني قبل وبعد الزواج كان المفضل لدى سديم ، وهو التصنيف الوحيد الذي منع فيه الاختلاط بين الجنسين فجاء على شقين ، شق بصف الرجل المتدين وأخر يصف المرأة المتدينة ، ولكل منهما تفرعات أساسية مشتركة هي : النوع الملتزم أو (المطوع) والنوع المعتدل أو (النص ونص) والنوع (الصايع أو المفتلت) ! لكن الاختلافات تأتي في التفاصيل الموضحة لكل نوع . بالنسبة للرجل ، تتلخص فئة المطاوعة في نوعين : الأول (صايع وتطوع) ، والثاني (خاف أن يصيع فتطوع) ، وكلا النوعين يخشى أن يصيع بعد الزواج ، ولذلك فإنهم عادة ما يتزوجون أكثر من زوجة واحدة ويفضلون أن تكون زوجاتهم على الدرجة نفسها من الالتزام الديني أو أكثر . أما فئة المعتدلين فلها نوعان : نوع ملتزم دينياً لكنه يختلف عن النوع الأول في لينه مع المرأة وعدم تدخله في شؤونها ، وفقد يتزوج هذا النوع من امرأة متحررة نسبياً ولا يجد غضاضة في ذلك إذا كان واثقاً من حبها ومتأكداً من أخلاقها ، أو أن يكون من النوع الثاني ، العلماني كما يسمونه . الرجل من هذا النوع يؤمن بأن الإسلام بني على خمس ، ولا أكثر من ذلك فيما يتعلق بالعبادات ، ولذلك فهو مواظب فقد على الصلاة المفروضة والصيام في شهر الصوم وبعد أن يحج يتملكه الشعور بأنه قد كفى ووفى . هذا النوع لا يرتبط سوى بفتاة تشبهه من ناحية التحرر الديني أو تفوقه تحرراً ، لا يرضى هذا النوع مثلاً بالاقتران بفتاة محجبة ويشترط في شريكة حياته أن تكون جميلة و (أوبن ما يندد) و(ستايل) حتى يفاخر بها أمام الآخرين ممن لهم نفس أفكاره . الرجل الصايع أو المفتلت يأتي على نوعين : إما أن يكون قد نشأ في بيئة متشددة دينياً وأخذبال(فلتان) دينياً وأخلاقياً ( أفضل هذا التعبير على تعبير الانحلال الذي أراه تعبيراً فظاً ) تدريجياً مع كل فرصة سانحة بعيداً عن سلطة هذه البيئة ، وهذا النوع قد يتصنع الانتماء للنوع الأول في حياته الظاهرة منعاً للإحراج الاجتماعي . رجل النوع الآخر يكون قد تربى منذ صغره في بيئة انفلات ديني لدرجة الإلحاد ، أو أخلاقي لدرجة تغييب شتى الروادع ، ومن شب على شيء شاب عليه . مشكلة هذا النوع من الرجال هي الشك المرضي ، فللأسف ونظراً لتجاربهم السابقة مع فئة البنات الصايعات – التي سيتم التطرق لها لاحقاً – فإنهم يؤمنون بأن كل فتاة صايعة حتى تثبت براءتها ، وهذا النوع بفتئتيه يحرص على الزواج من فتاة ليست لها أية تجارب سابقة لأنه يقيس الأمور على ضوء تجاربه السابقة ، أو يتزوج من فتاة لعوب تعرف كيف تلعب اللعبة بدهاء ، و (تلبسه السلطانية) . زوجات الرجال من هذا النوع مظلومات لأنهن يعرفن جيداً طبيعة أزواجهن الشكاكة ، وعليهن مراعاة ذلك والتصنع في كثير من الأحيان حتى لا تفسر تصرفاتهم على غير ما يعنين بها ، وهذا ما حدث مع سديم التي لم تكتشف حقيقة وليد إلا متأخرة وبعد أن ظن بها ظن السوء وأعرض عن الارتباط بها. تأتي الآن للتصنيف المقابل لما سبق لدى النساء ، فالمرأة (المطوعة) نوعان : نوع تربي بتلك الطريقة منذ الصغر ولم تتعرض لأي مؤثرات خارجية مضادة ، والمرأة من هذا النوع قد تكون محظوظة بالزواج ممن هو مثلها تماماً فيعيشان حياة هادئة ومستقرة طالما ظل كل منهما راضياً يما قسمه الله له ، أو أن تكون تعيسة الحظ فتتزوج من شخص أكثر تحرراً منها (مدردح) فتعجز عن إرضائه لفشلها في فهم احتياجاته التي لا تتماشى مع ما تربت عليه .النوع الثاني من المطوعات من عشن في بيئة من ذلك النوع لكن حلم الانطلاق والتحرر كان يراودهن دوماً . هذا النوع قريب من النوع الأول فالنساء من الصنف الأول هنّ المحصنات الغافلات أي اللاتي يستعففن لغفلتهن عن ما يدور(آوت ذير) ! أما النوع الثاني فهن يستعففن بإرادتهم أو بالأحرى تحت إرادة أهاليهن ورقابتهم . الفئة الثانية هي فئة النص ونص ، وهذه نوعان : نوع يأتي بحسب العرض والطلب مثل صديقتها قمرة على سبيل المثال والتي تغير حجابها مع تغير فصول السنة ، فإذا كانت الموضة في تلك الفترة حضور الحلقات الدينية مع ارتداء الحجاب خارج حدود المملكة فهن فهنّ مع الموضة أو (مع الخيل يا شقرا) ، وإذا كانت الموضة في تلك الفترة تحرراً من الحجاب في الخارج وانتشاراً في الأسواق في الداخل بالعباءات المخصرة التي تحدد معالم الجسم فهن مع ذلك أيضاً . ينبغي التنويه هنا أن الموضة تخضع لطلبات الأزواج أو الباحثين عن زوجات أو لطلبات الأمهات اللواتي ينقبن عن عرائس لأبنائهن في تلك الفترة. النوع الثاني من فئة المعتدلات تمثله المرأة المتدينة دون الحد الذي يسمح لها بالانضمام لفئة المطوعات وأعلى من الحد المسموح به في فئة المتحررات. النساء من تلك النوعية تردعن الأخلاق عن ارتكاب الأخطاء أكثر مما يفعله تدينهن تتميز المرأة من هذا النوع بشخصية قوية وصلبة وقد يتم إدراجها خطأً ضمن الفئة الثالثة لأنها لا تلتزم بجميع قوانين الفئة الأولى . المتحررة أو (المجربة) تمثل الفئة الثالثة من النساء ، وهي إما صايعة قبل الزواج أو بعده أو الاثنان معاً ، فالصايعة قبل الزواج عادة ما تصلح من حالها بعده وقد تتحول إلى امرأة ملتزمة جداً أو معتدلة الالتزام ، لكن ذلك متوقف على زوجها ، فهي إن تزوجت من شخص لا يناسبها فإنا تبقى ضمن فئة الصايعات حتى بعد زواجها ...أما الصايعة بعد الزواج فهي عادة ما تكون من إحدى الفئتين الأولى أو الثانية لكنها تصيع بعد زواجها بسبب عدم تأقلمها مع متطلبات زوجها المتحرر أو بسبب خيانة زوجها لها . تصنيفات معقدة كتبتها سديم نقلاً عن أم نوير وما زالت بعد كتابتها بأشهر تحاول استيعابها ، تتضح صحتها أكثر فأكثر مع مرور كل يوم تعيشه سديم في مدرسة الحياة التي استقت منها أم نوير معلوماتها . أم نوير التي مرت بعدد بسيط من التجارب (البريئة) في الكويت قبل زواجها ، وتجربة واحدة(غير بريئة) في السعودية بعد طلاقها ، لكن ذلك ليس موضوعاً الآن . ذكرتها سواليف أم نوير الخاثرة بسهراتها مع صديقاتها الثلاث في بيتها . ذكرتها بحلاوة الزلابية ونعومة الدرابيل التي كانت تقدمها لهن مع الشاي . طارت بها الذكريات إلى منزلها في الرياض . إلى الباب الحديدي وقضبانه المذهبة الأطراف الذي طالما وقفت خلفه بعد صلاة العشاء بانتظار قدوم وليد ، الأرجوحة القريبة من حمام السباحة والتي طالما سهرت عليها بين أحضانه ، غرفة الضيوف التي رأته فيها لأول مرة ، التلفاز الذي يتوسط الصالة التي تابعت معه فيها عدداً من الأفلام ، والغرفة التي شهدت ميلاد الحب ووفاته . هل مات فعلاً حبها لوليد ؟ قامت لتشغل المسجل . التقطت شريطاً من بين الأشرطة المتناثرة فوق أرضية الغرفة . وضعته في جهاز التسجيل قبل أن تعود إلى فراشها وتتكور فيه كجنين في بطن أمه ، وتستمع بحزن لعبد الحليم وهو يغني : من دمعة من حرقة ألم من صرخة جرح من قلب انظلم باعتب على اللي خان واعتب عليك يا زمان قربتني للجنة وخدتني للحب ولما جيت أتهنى ، جرحتني في القلب دمعت عيناها وهي تغمغم بكلمات الأغنية بصوت تخنقه العبرة . جاءت الأغنية التي تليها مؤلمة في كلماتها ولحنها وغناء العندليب الرقيق ، استمعت إليها بانكسار وهي تدغدغ الزغب الخفيف حول شفتيها بلحافها الناعم : عرفته قد ما عرفته ولا عرتوش وشفته قد ما شفته ولا فهمتوش كان بيقول لي باحبك أيوه كان بيقول وأنا من لهفة قلبي صدقته على طول وما كنتش أعرف قبل النهارده إن العيون دي تعرف تخون بالشكل ده ولا كنت أصدق قبل النهارده إن الحنان يقدر يكون بالشكل ده لم تشعر سديم بانتهاء ذلك الوجه من الشريط إلا بعد إصدار المسجل لذلك الصوت المزعج الذي يدل على تغيير وجه الشريط . راحت تمسح دموعها التي أغرقت الوسادة ، وتسغي إلى صوت ميادة وهي تناجي حبيبها الظالم ، وليد القاسي . قول لي يا للي كنت أغلى الناس عليّا جبت قلب منين يطاوعك ع القسيّة ريحني قول لي حكايتك إيه جرحت قلب حبيبك ليه قسيت علينا ليه ليه غدرت بيا ليه ليه قسيت علينا .. غدرت بيا قول لي يا للي كنت أغلى الناس عليا جبت قلب منين ! مني منين جبت قلب منين يطاوعك ع القسية يا باكي ع اللي خان إبكي النهارده كمان وخلص الأحزان بدال ما تبكي سنين يا باكي ع اللي خان إبكي النهارده كمان بس إوعي دمعة تبان تفرّح الخاينين بكت سديم ، وبكت ، وبكت ، وحيدة في شقتها اللندية ، علها تخلص الأحزان ، بدال ما تبكي سنين ، وتفرّ الخاينين
(12)
حياة (لا بأس بها) حدثنا آدم قال : حدثنا شعبة قال : حدثنا الحكم ، عن إبراهيم ، عن الأسود قال : سألت عائشة : ' ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته ؟ ) قالت : ' كان يكون في مهنة أهله – تعني خدمة أهله – فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة ' . صحيح البخاري : 676 لم أتوقع صراحةً كل هذا التفاعل مع إيميلاتي المتواضعة ! لق بدأ المشروع في ذهني منذ حوالي خمس سنوات ، أي منذ بداية قصة صديقاتي كما أكتبها لكم الآن ، لكنني لم أعمل على تحقيق الفكرة سوى مؤخراً ، بعد أن لاحظت أن طاقة ذهني الاستيعابية قد استُنفذ جُلّها ، وجاء الوقت الذي يجب أن أعصر فيه إسفنجة عقلي وقلبي بقوة حتى أتمكن من استيعاب المزيد في حياتي لاحقاً . لم تكن العلاقة الزوجية بين راشد وقمرة بالعلاقة السينمائية المثالية إلا أنها لم تكن تعيسة في نفس الوقت . كان راشد منصرفاً عنها إلى دراسة وتاركاً لها مسؤولية الاعتناء بالمنزل بعد أن لاحظ عدم حماسها للالتحاق بالجامعة ، وغرم صعوبة ذلك فلي البداية ، إلا أنها تعلمت تدريجياً كيفية الاعتماد على النفس وأصبحت تمتلك من الجرأة في سؤال المارة عن العناوين أو سؤال البائعين عن الأسعار ما لم تكن تمتلكه من قبل . كانت لقاءاتها وراشد معدودة ، إلا أنها كانت تحصل في المقابل على كل ما تحتاجه من نقود متى طلبت ، ودون أن تطلب في أغلب الأحيان . حتى احتياجاتها (الأخرى) ، كان يعطيها منها ما يكفيها بين الحين والآخر . لم تكن قمرة قادرة على المقارنة بين ما يعطيه إياها وبين ما يمنحه الرجال الآخرين لنسائهم ، لكن ما كانت تحصل عليه كان مرضياً بالنسبة لها . وحدها احتياجاتها النفسية لم يكن يلتفت إليها ، ومع ذلك فقد كانت تعتبر نفسها أوفر حظاً من كثير من قريناتها . اكتشفت طيبة راشد بعد معاشرتها له ، مع أن هذه الطيبة لم تكن تظهر بوضوح في تعامله معها ، لكنها لمستها في تعامله مع الآخرين ، أمه ، أخواته ، العامة في الشارع ، الأطفال ! كان راشد يتحول إلى طفل صغير أمام أي طفل يلتقيه ، يلاعبه ويداعبه برقة وحنان لا مثيل لهما . اقتنعت بأن راشد سيحبها مع الوقت ، فهو في بداية زواجهما كان جافاً معها ، لكنه مع مرور الأيام صار أكثر تقبلاً لها وأقل حدة معها ، رغم أنه ظل يثور عليها أحياناً لأسباب تراها تافهة ، لكن أليس جميع رجال نجد كذلك ؟ لا تظنه مختلفاً عن أبيها وإخوتها وعمومتها وخالها وأبنائهم . كان هذا هو طبعه ، وهذا ما كان يصبرها . إنما للصبر حدود وحد صبرها كان (كاري)! كان أكثر ما يغيظها في راشد عدم استشارته لها في أي من الأمور المتعلقة بالمنزل فحينما أراد تركيب جهاز استقبال للقنوات التلفزيونية ، اختار الباقة التي تضم قنواته المفضلة ، مع أنها لا تضم قناة إتش بي أو التي تعرض مسلسلها المفضل(سكس آند ذا سيتي) المسلسل الذي يتحدث عن العلاقة بين الرجال والنساء ، تتابعه قمرة بشغف وإن كانت لا تفهم من حوارات أبطاله إلا القليل . أغاظها تصرفه كثيراً خاصة عندما أظهر عدم اكتراثه بثورتها . كان كمن يقول أن لا شأن لها في تحديد أساسيات هذه الشقة ، وكأنها شقته وحده!. ظل يثيرها في أمور من هذا القبيل كل يوم ، ومع ذلك فالويل لها إن نسيت تجهيز ثيابه كل مساء ، وكيها قبل أن يستيقظ من نومه كل صباح ، ولا يحق لها أن تطالبه بمساعدة في ترتيب المنزل أو إعداد الطعام أو غسل الصحون ، مع أنه معتاد على معيشة العزوبية طوال سنوات دراسته بأمريكا ، أما هي فقد كان يحيط بها الخدم في منزلهم بالرياض ، يأتمرون بما تقوله لهم ويوفرون لها ما تطلب هي وإخوتها في لحظات . كان راشد يقضي وقتاً طويلاً في الجامعة ، وعندما كانت تسأله عن سبب تأخره اليومي كان يخبرها أن يجري بحوثاً على الإنترنت باستخدام أجهزة الكمبيوتر المتوفرة في مكتبة الجامعة . في الأشهر الأولى كانت قمرة تمضي وقتها أمام التلفاز أو في قراءة روايات عبير التي جلبتها معها من الرياض ، أو تعيد قراءة روايات بيار روفايل التي عرفتها سديم عليها وهما في المرحلة المتوسطة . كان لدى راشد في الشقة جهاز كمبيوتر لا يستخدمه ، سمح لها باستخدامه إن هي أرادت ذلك ، لكنه لم يكن متصلاً بشبكة الإنترنت . قضت قمرة أشهراً في التعليم على استخدام الكمبيوتر . كان راشد يساعدها أحياناً لكنها كانت تحاول الاعتماد على نفسها إلى حد كبير . كانت تلاحظ إقبال راشد وحرصه على تقديم المساعدة كلما لاحظ إصرارها على التعلم وحدها وعدم لجوئها إليه في كل صغيرة وكبيرة كما كانت تفعل في بداية زواجهما . هل يشعر الرجل بتهديد لسلطته عندما يرى بوادر تفوق المرأة ؟ هل يخاف الرجال من استقلالية نسائهم ؟ وهل يظنون أن استقلال المرأة وتحقيقها لذاتها هو اغتصاب غير مشروع لصفة القوامة التي أثبتها الله لهم ؟ اكتشفت قمرة قاعدة مهمة في التعامل مع الرجل ، وهي أن الرجل يجب أن يشعر بقوة المرأة واعتمادها على نفسها ، ويجب أن تفهم المرأة أن علاقتها بالرجل ينبغي ألا تقتصر على الحاجة ، حاجتها لنقوده ، ولقيامه بمسؤوليات المنزل ، وحاجتها لعنايته بها وبأطفالها ، وحاجتها قبل كل شيء للشعور بأهميتها في هذا الكون التي هي بحاجة – مع الأسف الشديد – لرجل حتى يُشعرها بها . بينما كانت قمرة تتصفح بعض الملفات التي تحتوي على صور لخلفيات الجهاز وقعت عيناها على ملف يحوي عدداً كبيراً من الصور لامرأة من شرق آسيا ، عرفت بعدها أنها من اليابان ، واسمها كاري . بدت كاري رغم ضآلة جسمها كغيرها من الشرق آسيويين ، في سن قريبة من سن راشد أو أكبر منه بقليل ، وكانت تظهر في بعض الصور إلى جانبه وهما مستلقيان باسترخاء فوق الكنبة في نفس الشقة التي تسكنها قمرة الآن معه ! لم تكن المسألة حينها بحاجة إلى تفسير . شكلت تلك الصور الحلقة المفقودة في سلسلة الفتور غير المبرر في علاقة راشد بها ! كان راشد على علاقة بهذه الفتاة قبل زواجه بقمرة وليس ببعيد أن يكون على علاقة بها حتى الآن! توالت الدلائل بعد ذلك تباعاً ، فعلاوة على سهراته اليومية مع كاري على الإنترنت أو الهاتف (وما أدراها ؟!) ، اعتاد راشد أن يقضي يومين من كل شهر خارج المنزل مع (أصدقائه) في رحلة برية . كانت ترحب بتلك الرحلات التي تفعل براشد فعل السحر فيعود لها منشكحاً وسعيداً ومبالغاً في إظهار مودته ، حتى أنها كانت تشعر بالامتنان نحو (أصدقائه) وتنتظر رحلة الشهر التالي بفارغ الصبر كشف تمكن من إخفاء علاقته بهذه المرأة لمدة تسعة شهور ؟ وكيف لم تتمكن قمرة من اكتشاف علاقة زوجها بامرأة أخرى ؟ لقد كانت الأشهر الأولى بعد زواجها به صعبة بحق ، إلا أنه تغير بعدها تدريجياً وصار زوجاً نجدياً تقليدياً أشبه بزوج أختها حصة ، فكيف استطاع أن يمثل عليها طوال هذه المدة ؟ هل كان يلتقي تلك المرأة باستمرار ؟ وهل تسكن معهم في نفس الولاية أم أنه كان يسافر إليها كل شهر ؟ هل يحبها ؟ هل ينام معها ويجبرها على تناول حبوب منع الحمل كما يفعل بزوجته ؟ لو أن أحداً أخبرني أن قمرة المستكينة سوف تفعل ما فعلته لما صدقته قبل أن أراها بعيني ، فالزوجة الصغيرة حملت السلاح وقررت أن تقاتل دفاعاً عن زواجها وتصارع من أجل بقائه . لم تخبر أحداً باكتشافها المؤلم سوى صديقتها سديم ، التي أخبرتها بأمر انفصالها عن خطيبها وليد بعد عقد القران . شعرت أن صديقتها الهاربة إلى المنفى اللندني هي الأقدر على تفهم مشاعرها في تلك الفترة ، رغم أنها لم تعرف سبب انفصال سديم عن وليد إلا بعد ذلك بسنة . حذرتها سديم خلال مكالماتهما اليومية من أن تخبر راشداً عن اكتشافها ، ونصحتها باتباع خطة الدفاع عوضاً عن الهجوم الذي لا تمتلك أسلحة كافية من أجله : - ما قدامك إلا أنك تقابلينها وتتفاهمين معها . - وش أقول لها ؟ ابعدي عن جوزي يا خطافة الرجالة !؟ - لا يا بنتي . تجلسين معها وتحاولين تعرفين منها طبيعة علاقتها بزوجك ومن متى هالعلاقة . ما تدرين ! يمكن حتى يكون مخبي عنها أنه متزوج ! . - أنا باموت واعرف وش لقى فيها ذي القردة أم عيون ممغطة؟! . - أهم من إنك تعرفين وش لقى في شكلها ، إنك تعرفين وش لقى في شخصيتها. ما يقولون اعرف خصمك ؟! هل أصابت قمرة عندما قررت أن تحارب من أجل الحفاظ على استقلال مملكتها ؟ أم أن الزواج الناجح في الأساس هو ما لا يحتاج إلى حروب لاستمراره ، وعلى ذلك فإن كل زواج يستدعي الحرب هو زواج محكوم عليه بالفشل مسبقاً ؟ عثرت على رقم هاتف كاري وعنوانها في مفكرة راشد . كان لها قزماً في اليابان (منه عرفت أنها يابانية) ورقماً في ولاية إنديانا القريبة التي درس فيها راشد الماجستير . اتصلت قمرة بكاري على الرقم الثاني وطلبت منها لقاءها بعد أن عرفتها بنفسها . ردت كاري بهدوء معلنة موافقتها وأخبرتها أنها مستعدة لزيارة شيكاغو لرؤيتها في أقرب فرصة! كان ذلك بعد اكتشاف قمرة للعلاقة المحرمة بين زوجها وتلك المرأة اليابانية بحوالي شهرين ، بذلت فيهما الكثير من المجهود حتى تسيطر على انفعالاتها المتضاربة وكي لا يشعر راشد بأي تغير من ناحيتها قبل موعد لقائها بعشيقته . انقطعت قمرة خلال هذه الشهرين عن تن

ر بـا نـj ل
ر بـا نـj ل
(21)
(فاطمة الشيعية) لا بأس من أن تفعلي شيئاً يستهجنه الجميع ، فما يبدو صحيحاً بالنسبة لك قد لا يبدو كذلك في نظر الآخرين . إلين كادي اخترت لكم اليوم أظرف رسالة وصلتني خلال الأسبوع المنصرم ، لصاحبها (المهاتما علوش) : ودعت أيام الكيرم والبلوت ، وامتلأ وقتي ، إنترنت وبسكوت شابك أون لاين أستني الحبيب ، يتكرّم ، هذا يقرأ ، وهذاويتعطف ، أو يجيب قمت أغير لا مني لقيت ، رسايله في كل جيب .وهذا يسمع ، وذاك يقول بس بس ! عرفته ! وأنا كني فار ، منخش في ركنٍ قريب . ودي أصرخ ! هاذي حبي! معجب فيها وأحلم بالنصيب! محد عطاني وجه لكن ، من كثر ما قلبي يرقع اسمعوه وقالوا رايح ، فيها هذا ومتولّع قاموا وطقوا لي موتر ، ومهر وألماس يتلمّع واحلفوا إني أجي لك ، خاطبٍ وأنا متقطع قلت غالي ، والطلب أرخص ! ولكن !! مهنا أشين ، مني والله ، ومهنا أبشع ! قالوا ما لك شغل ! اخطب ، واحنا بالباقي نتبرّع واحدة خبلة وجاها واحد خبل ! والله عيلة ، ما في أروع !!
** بعد انتقال لميس إلى مبنى كلية الطب بالملز ، تعرضت علاقتها بميشيل للكثير من الصعوبات ، التي جاهدت كلتاهما لتجاوزها ، إلا أن شيئاً ما كان قد بدأ بالتسلل للعلاقة التي دامت قوية لخمس سنوات : كانت فاطمة أخطر تلك الصعوبات . (فاطمة الشيعية) ، هكذا كانت تلقبها الشلة . كانت لميس متأكدة أن أياً من صديقاتها لا تهتم بكون فاطمة شيعية أو سنية أو صوفية أو مسيحية أو حتى يهودية بقدر ما تهتم بكونها غريبة عن وسطهن . كل ما هنالك أن مسألة(المماشاة) في هذا المجتمع تتعدى كونها مجرد علاقة صداقة والسلام . إنها عملية حساسة وخطوة اجتماعية مهمة أشبه بالخطبة والزواج . تتذكر لميس صديقة طفولتها فدوى الحسودي ، التي استمرت علاقتها بها حتى تعرفها على ميشيل . لم تكن فدوى من الشخصيات التي تعجب لميس ، كانت تفضل البنات المرحات والأوجه البشوشة بعكس ما عليه فدوى ، إلا أن هذه الأخيرة فاجأتها صبيحة أحد الأيام بسؤال مباغت : - لميس تصيرين البيست فريند حقتي ؟ هكذا وبلا مقدمات كزواج من زواجات لاس فيغاس السريعة جاءها العرض ، ووافقت لميس التي لم تتخيل أن تصبح فدوى يوماً أكثر الفتيات غيرة منها وحسداً لها . (ماشت) لميس فدوى لعدة سنوات بتءا على طلبها ، ثم تعرفت على ميشيل ، التي أصبحت فيما بعد صديقتها المقربة . كانت علاقتها بميشيل في بداية الأمر لا تتعدى كونها رفقاً بالطالبة الجديدة التي لا تعرف أياً من الطالبات . فدوى التي لم تعجبها فكرة مشاركة صديقتها مع فتاة أخرى بدأ تشن حملات التشهير بلميس بين جميع الطالبات في المدرسة ، وكان الأخبار تصل للميس بسرعة من مصدر جديد في كل مرة : فدوى تقول إنك تكلمين شباب ، فدوى تقول إن أختك تماضر أذكى منك وإنك تغشين منها عشان تجيبين درجات . كان أكثر منا يغيظ لميس أن فدوى بوجهين ، فهي ظلت تدعي البراءة أمامها حتى تخرجهما من الثانوية العامة . لم تستطع لميس سوى أن تتصنع البرود معها حتى تخرجتا واتجهت كل واحدة منهن لدراسة تخصص مختلف . كانت علاقة لميس بفاطمة من نوع آخر . لأول مرة تجد لميس نفسها مشدودة لفتاة إلى هذا الحد . أعجبت بقوة فاطمة ومرحا ، وأحبت فاطمة جرأة لميس وذكاءها ، ووجدت كل منهما نفسها مع مرور الوقت أقرب صديقات الأخرى دون تخطيط مسبق كما كان مع فدوى . استطاعت لميس بعد عناء أن تتجرأ وتسأل فاطمة عن بعض المسائل التي تحيرها بخصوص الشيعة . كانت البداية في أحد أيام رمضان عندما أخذت لميس طعام الفطور إلى فاطمة في شقتها لتفطر معها ، وهي تتذكر الأيام التي كانت تخاف أن تأكل فيها أي طعام تقدمه لها طالبة شيعية من زميلاتها في الجامعة . كانت قمرة وسديم تحذرانها من طعام الشيعة ، فهم ينجسون طعامهم خفيةإن عرفوا بأن سنياً سيأكل منه ، ولا يتورعون عن دس السم فيه لينالوا ثواب قتل سني ! كانت لميس تقبل ما تعرض عليها زميلاتها الشيعيات من فطائر أو معجنات شاكرة ، ثم لا تلبي أن ترمي بها في سلة المهملات بعد أن تبتعد عنهن قليلاً . حتى الحلوى وقطع العلك الملفوفة ، كان تخالف أن يكن قد فعلن بها شيئاً قبل تقديمها لها ! لم تتشجع لميس وتتناول شيئاً من أيدي زميلاتها الشيعيات إلا بعد تقربها من فاطمة . لاحظت لميس أن فاطمة تمتنع عن تناول التمرة التي وضعتها أمامها بعد سماعهما أذان المغرب . راحت فاطمة تشغل نفسها بإعداد الفيمتو والسلطة ولم تفطر إلا بعد الأذان بحوالي ثلث ساعة . أخبرتها فاطمة بعد أن رأت استغرابها أنهم لا يفطرون حال سماع الأذان بل ينتظرون قليلاً تحرياً للدقة ، ولا تعرف فاطمة السبب الحقيقي وراء ذلك . لميس التي أثار الموضوع فضولها اندفعت تسأل صديقتها عن الزينة المعلقة على الجدران في شقتها والتي تشير كتاباتها إلى مناسبة دينية . أوضحت لها فاطمة أن الزينة تخص مناسبة (حج ومدينة) التي حييها الشيعة في منتصف شهر شعبان من كل عام . سألتها عن بعض الصور الغريبة التي شاهدتها ضمن ألبوم زفاف أخت فاطمة الكبرى ، وكبحت نفسها عن الاستفسار عنها في حينها . كانت بعض الصور تظهر جدتي العروسين وهما تريقان بعض الماء على قدمي كل من العروسين الموضوعتين في إناء فضي كبير وقد تناثرت قطع معدنية من النقود في قاع الإناء . أخبرتها فاطمة أن هذا من تقاليدهم في الأعراس ، مثل الحنة والجلوة . تفرك قدما العريس والعروس تحت ماء قد قرئت عليه آيات قرآنية وأدعية معينة وترمى النقود تحت قدميهما صدقة حتى يتبارك زواجهما . كانت فاطمة تجيب عن أسئلة صديقتها الفضولية ببساطة وهي تضحك من معالم الإثارة البادية على وجه لميس ! عندما وصل النقاس إلى الأئمة الاثني عشر وسرداب سامراء شعت كلتاهما بتوتر الأجواء واستعداد كل منهما للتجريح في مذهب الأخرى فتوقفتا عن الجدال وانتقلتا بهدوء إلى غرفة المعيشة لتتابعا أحداث المسلسل الرمضاني الشهر (طاش ما طاش) على القناة السعودية الأولى والذي لا يختلف السنة والشيعة على متابعته ! كانت تماضر أول الرافضين لعلاقة أختها بهذه الرافضية . حاولت مراراً أن توضح للميس أن جميع زميلاتهن في الكلية يتندرن حول هذه العلاقة الغريبة : - يا لميس والله سمعت البنات بيقولوا عنها كلام مش كويس بالمرة ! بيقولوا ساكنة لوحدها وعايشة على كيفها إمتى ما تطلع تطلع وإمتى ما ترجع ترجع . تزور اللي تبغاه ويزوها اللي تبغاه كما ! - أيش قصدك ؟ أنا رحت لها وشفت بعيني السيكويرتي اللي ما يضى يدخل أي أحد إلا بالعافية وهي نفسها ما تقدر تطلع من السكن لوحدها إلا لو جاء أوها بنفسه يطلعها. - يا لميس إحنا ما لنا دعوة بهادا الحكي كلو . ما دام الكل دحينا بيتكلم عنها ، بكرة يقولوا عليكي مشيك بطال زيها ! إش بك إنتي؟ من فدوى السايكو للأميرة سارة لفاطمة الشيعية ؟ لا وأحسن واحدة تعرفيها جاية من أميركا فيوزاتها ضاربة ! تتذكر لميس صديقتها سارة ، الأميرة التي التحقت بمدرستهن في السنة الأخيرة من الثانوية . أحبت لميس سارة بصدق ، سحرتها بتواضعها وأخلاقها ، هي التي لم تكن تتوقع من الأميرات إلا التفاخر والعجرفة . لم يكن يعنيها ما تردده البنات عن سر علاقتها بسارة ، فقد كانت توقظها كل صباح لسبب بسيط هو خوفها من أن تنسى الخادمات إيقاظها في ذلك القصر الواسع المليء بالحاشية ، وكانت تحل لها بعض فروضها المدرسية وليس كلها كما كان يزعم البعض ، وذلك عندما تلاحظ انشغال سارة بما هو أهم ، من مناسبات رسمية وعائلية وواجبات اجتماعية تحدثها عنها سارة مسبقاً ، وكانت تدعوها للاستذكار في منزلها المتواضع في أيام الامتحانات الشهرية حتى تتمكن من التركيز بشكل أكبر . أما ما واجهتها به تماضر أيامها مما انتشر بين البنات في المدرسة من إشاعات جارحة فلم يؤثر بها بل زادها تقرباً من صديقتها الجديدة حرصاً على إثبات اقتناعها التام بما تفعل . مع فاطمة ، وجدت لميس نفسها لأول مرة مع فتاة تشبهها إلى درجة فظيعة ! كانت تشعر كلما ازدادت قرباً من فاطمة بأنها تتفحص ملامح وجهها وانحناءات جسمها أمام مرآة كبيرة . كعادتها ، لم تتأثر لميس بما يقوله عنها الآخرون ، إلا أنها خافت هذه المرة على مشاعر ميشيل . غفرت لها ميشيل علاقتها بسارة عندما رأت بنفسها تخلي سارة عنها بمجرد تخرجهن من المدرسة . سافرت سارة للدراسة في أميركا ولم تتصل بلميس بعدها . شعرت ميشيل حينها بالقوة وهي ترى ندم لميس وطلبها الصفح ورغبتها الصادقة في أن تعدودا لصادقتهما المعهودة . هل ستسامهحا ميشيل هذه المرة إن هي تخلت عن صداقتهما للمرة الثانية ؟ كان الحل الأنسب في نظر لميس هو إخفاء العلاقة عن ميشيل وعن بقية الشلة ، لكن قرارها لم ينجح . تماضر التي اغتاظت كثيراً من عناد أختها تولت أمر إخبار الشلة عن كل شيء ، وبالأخص ميشيل . توترت علاقتها بميشيل بعد ذلك . عرفت ميشيل السبب وراء اختفاء لميس طوال تلك الأسابيع . كانت لميس تتذرع بدراسة الطب الصعبة ، وإذا بالحقيقة أنها تفضل الاجتماع بصديقتها الجديدة على الاجتماع بشلتها القديمة . حاولت لميس تبرير موقفها أمام سديم ، أكثر الصديقات مرونة : - افهميني يا سدومة ! أنا أحب ميشيل . طول عمرنا صاحبات ، وراح نفضل صاحبات ، لكن هي مش من حقها تمنعني من إني أصاحب بنات تانيات ! فاطمة فيه حاجات مش موجودة في ميشيل . إنتي كمان بتحبي قمرة لكن فيها حاجات ناقصة ، لو لقيتيها عند بنت تانية راح تتعلقي فيها . - لكن يا لموسة غلط إنك بعد كل هذه السنين تتركين صديقة عمرك عشان ناقصها شي توّك تكتشفينه بعد ما لقيتيه عند واحدة ثانية . إنت ما كان فارق معاك هذا الشيء بدليل إنك عشت سنين من غيره بدون ما تعترضين . بعدين المفروض إنكم تكونون مع بعض على الحلوة والمرة . افرضي إنك تزوجتي وطلع زوجك ناقصه شي ، بتدورين على اللي ناقصه عند غيره ؟! - يمكن ! ولو ما عاجبو خليه يكمل الناقص ويريح نفسه ويريحني معاه ! - يا شديد إنتا ! طيب بالله أنا عندي سؤال يقرقع في صدري من يومي عن الشيعة وماني عارفه جوابه . - إيش هو !؟ - الحين رجال الشيعة ، يلبسون سراويل السنة تحت الأثواب وإلا لا؟؟؟ - الله يرجك يا شيخة !
(22)
(ميشيل تلتقي ماتي) ليس من السهل أن نجد السعادة في داخلنا ، لكنه من المستحيل أن نجدها في أي مكان آخر . آجنيس ريبلير تمددت فوق (ولدي الكسول) وهي الترجمة العربية ل(ليزي بوي) الذي أجلس إليه عادة عند الكتابة ، والذي يمكن استخدامه ككرسي هزاز للقراءة أو كسرير مريح إذا ما قمت بمد سنادة القدمين وإرجاع ظهره للوراء كمقاعد الدرجة الأولى في الطيارة (ألا يمكننا إضافة ترجمة أقصر وأفضل وأكثر حشمة من هرطي هذا اإلى مورد منير البعلبكي ؟؟). مه على (الليزي بوي) ، كتبت لكم هذه السطور : هبطت الطائرة في مطار سان فرانسيسكو الدولي عند حوالي الساعة العاشرة صباحاً . لم تكن تلك المرة الأولى التي تزو فيها ميشيل سان فرانسيسكو ولكنها كانت المرة الأولى التي تزورها فيها وحيدة بدون أبويها وأخيها ميشو . هواء المكان مشبع بالرطوبة والحرية . ألوان بشرية وأعراق متنوعة تسير في جميع الاتجاهات من حولها . لا أحد يكترث بكونها سعودية ، أو بكون جارها سنغالياً . كل مشغول بحاله . أبرزت التأشيرة الخاصة بها والتي تثبت كونها طالبة من السعودية أتت للدراسة في أميركا . أخبرتها موظفة الجمارك أنها أجمل فتاة عربية رأتها منذ بداية عملها في هذا المطار حتى ذلك اليوم . بعدما أنهت ميشيل جميع الإجراءات اللازمة ، بدأت تبحث بين أوجه المستقبلين عن وجه مألوف . لمحت ابن خالها ماثيو يلوح لها من بعيد فاتجهت نحو بسعادة . - هاي مات ! - هاي سويتي . لونغ تايم نو سي غيرك ! احتضنها ماتي بشوق وهو يسألها عن حال أمها وأبيها وأخيها . لاحظت ميشيل أن ماتي هو الفرد الوحيد من أفراد عائلة خالها الصغيرة الموجود في المطار . - أين البقية ؟ والداك وجيمي وما غي ؟ - والداي في العمل ، وجيمي وماغي في المدرسة . - وأنت ؟ ما الذي أتى بك لاستقبالي ؟ أليست لديك محاضرات ؟ - محاضراتي هذا الصباح ملغاة لاستقبال ابنة عمتي العزيزة . سوف نمضي النهار معاً حتى يصل بقية أفراد العائلة ، ثم سأذهب لإلقاء محاضرة في المساء . بإمكانك الحضور معي إن أردت لأريك الجامعة التي ستدرسين فيها ولتلقي نظرة على غرفتك في السكن أما زلت تصرين على السكن في مسكن الجامعة بدلاً من بيتنا ؟ - هكذا أفضل . أتوق لتجربة العيش باستقلالية . - كما تريدين ، ولكنني أشفق عليك . عموماً ، لقد أعددت لك كل شيء . اخترت لك غرفة مع إحدى طالباتي أعتقد أنك ستستمتعين بصحبتها كثيراً . هي في مثل سنك وشقاوتك ولكنك أجمل منها بكثير . - ماتي ! ألن تكف عن تدليلي ؟ لقد كبرت وأستطيع أن أتدبر أموري بنفسي . - سوف نرى ، لكني أكره أن أغامر . أخذها في جولة نهارية ممتعة في فيشر مانز وورف . أمضيا الوقت في السير وتأمل المحلات المختلفة . ورغم رائحة السمك التي تعبق في الأجواء إلا أن ذلك لم يمنعها من الاستمتاع بكل ما حولها من مؤدي استعراضات ورسامين ومغنين هنا وهناك . وعندما شعرا بالجوع تناولا حساء كلامب شاودر مقدماً في وعاء كبير مصنوع من رغيف خبز . ساعدها ماتي على تدبير شؤون سكنها في الجامعة واختيار المقررات التي ستدرسها خلال ذلك الفصل . قررت مبدئياً أن تدرس مهارات التواصل مثل ابن خالتها بعدما أثنى لها على ذلك التخصص ، وأدرجت المادة التي يدرسها في الجامعة والتي هي وسائل الاتصال غير المنطوقة ضمن موادها . بدأت ميشيل تنهمك في الدراسة والأنشطة الجامعية علها تنسى ما كان ، وقد كان لها ما أرادت . استطاعت أخيراً أن تنسى فيصل ، كل يوم .
(23)
مغامرة لا تنسى وحدهم الذين يقومون بالمجازفة ، يمكن أن يكتشفوا إلى أي مدى يمكنهم البلوغ. تي أس إليوت إن الآيات والأحاديث والات الدينية التي أوردها في إيميلاتي تلهمني ، والمقولات المشهورة والأغاني التي تحتويها رسائلي تلهمني أيضاً ، فهل هذا تناقض كما يزعم البعض ؟ هل أكذب وأدعي أنني أحادية الهوى وبدائية التركيب ؟! أنا كأي فتاة في سني ، بل كأي إنسان في أي مكان ! فرقي الوحيد عنهم أنني لا أتوارى ولا أحب السكوت ولا أستحي مما أنا عليه .
** تعرفت لميس إلى شقيق صديقتها فاطمة عندما أوصلتها بسيارتها إلى محطة القطار في أحد الأيام . كان علي يكبرهما بأربعة أعوام . كان يدرس الطب أيضاً إلا أنها لم تلتق به إلا ذلك اليوم أمام القطار المتجه إلى القطيف ، والذي قرر أن يستقله هذا الأسبوع مع أخته لأن سيارته التي عادة ما يُسافر بها معطلة . كانت علاقة فاطمة بأخيها غريبة بالنسبة إلى لميس ، فعلىي يسكن مع أصدقائه في إحدى الشقق التي تؤجر للطلاب القادمين من خارج الرياض ، بينما تسكن أخته مع صديقتها في شقة أخرى في سكن آخر .لم يكن يأتي لزيارتها كثيراً لأن كلاً منهما كان يفضل قضاء وقته مع أصحابه . كان هو يسافر في نهاية كل أسبوع بسيارته أو سيارة أي من زملائه المتجهين للقطيف بينما تسافر هي مع صديقاتها بواسطة القطار . أعجبت لميس بعلي لطوله قبل كل شيء ! كان معظم الشباب الذين تلتقيهم أقصر منا أو في مثل طولها الذي يبلغ مئة وستة وسبعين سنتيمتراً . كان طول علي لا يقل عن مائة وتسعين سنتيمتراً ، وكانت سمرته الجذابة المشربة بحمرة وحاجباه الكثان تضفي عليه سحراً ورجولة طاغية . التقت لميس بعلي بعد تعارفهما بأسبوع في المستشفى الذي توجهت إليه في ذلك اليوم مع فاطمة لشراء بعض المراجع ، قبل أن تنتظمن فيه في السنوات القادمة . كثرت بعد ذلك لقاءاتهما في المستشفى ليشرح لها ما تستصعبه من دروس كبقية زميلاتها في الكلية اللواتي تستعين كل منهم بالطالب الذي تراه (مناسباً) ليساعدها على الفهم والاستيعاب ثم صارت تلتقي به خارج المستشفى ، في أحد المقاهي (الكافيهات) المنتشرة في كل مكان. استمرت علاقة لميس بعلي لمدة شهور ، لم تطلع فيها أياً من صديقاتها عليها . وحدها فاطمة كانت تعلم عن طريق أخيها ، إلا أنها كانت تنصرف أمام صديقتها وكأنها لا تعلم شيئاً عما يدور بينهما ، مع أنها كانت هي التي دبرت للقائهما في محطة القطار ذلك اليوم نزولاً عند رغبة أخيها الذي أعجب بصورة لميس التي رآها في غرفة أخته في منزلهم بالقطيف . كانت الصورة ملتقطة للميس وفاطمة وبعض الزميلات وهن بالمعاطف الطبية البيضاء إلى جانب إحدى الجثث التي قمن بتشريحها في مشرحة كلية الطب للبنات بالملز ، تلك المشرحة الكئيبة التي تختلط فيها رائحة الفورمالين والجثث المتحللة برائحة بخور رخيص . كان علي في السنة الأخيرة من سنوات دراسة الطب البشري وكان عليه أن يبدأ التطبيق (الامتياز) بعد تخرجه مباشرة في أحد مستشفيات المنطقة الشرقية ، أما لميس وفاطمة فكانتا ما تزالان في سنتهما الجامعية الثانية . خلال أحد لقاءات لميس بعلي في أحد المقاهي في شارع الثلاثين ، انقضت عليهما جوقة من رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محاطين بأفراد من الشرطة واقتادوهما بسرعة إلى سيارتين منفصلتين من نوع الجمس (الجي أم سي) توجهتا بهما نحو أقرب مركز للهيئة . هناك تم أخذ كل من لميس وعلي في غرفة على حده ، وبدأ التحقيق معهما . لم تستطع لميس تحمل الأسئلة الجارحة التي وُجهت إليها ، راحوا يسألونها عن تفاصيل علاقتها بعلي بفظاظة ، ويسمعونها كلمات تخجل من التلفظ بها أمام أقرب صديقاتها ، فانهارت باكية بعد أن جاهدت ساعات لتبدو واثقة من نفسها ومقتنعة بفعلها الذي لا تعتقد أن فيه ما يشين ، وفي الغرفة المجاورة كان المحقق يضغط على علي الذي فقد أعصابه أمام ادعاءات الرجل بأن لميس قد اعترفت بكل شيء وأن لا مجال أمامه للإنكار. اتصل مسؤولو الهيئة بوالد لميس وأخبروه أنه قد تم ضبط ابنته مع شاب في أحد المقاهي وتم ترحيلها للسجن وعليه أن يأتي لاستلامها بعد أن يوقع تعهداً بعدم تكرارها لهذا الفعل المخل بالآداب مرة أخرى . جاء والدها مصفر الوجه . وقع التعهدات المطلوبة عن ابنته قبل أن يُسمح له باصطحابها للمنزل . في طريق عودتهما حاول الأب كتم غيظه وتهدئة ابنته المنتحبة قدر المستطاع . وعدها ألا يخبر والدتها وأختها عما حصل ، على ألا تعود للقاء زميلها هذا خارج مبنى الجامعة مرة ثانية . صحيح أنه يسمح لها بالخروج وحيدة مع أبناء عمومتها وأبناء أصدقائه وصديقات والدتها في جدة ولكن ، جدة غير ! شعرت لميس بالشفقة على علي بعد أن سمعت الشرطي يهمس في أذن والدها في مبنى الهيئة أنهم اكتشفوا أن الفتى الذي كان معها من الرافضة ، وأن عقابه سوف يكون أقسى بكثير من عقابها هي . لأول مرة تجد في الرياض اضطهاداً لفئة من المواطنين أكثر من اضطهادهم لأهل الحجاز . انقطعت علاقة لميس بعلي منذ ذلك اليوم ، كما انقطعت علاقتها بأخته فاطمة ، التي استمرت تجحدها بنظرات حارقة كلما التقت عيناهما وكأنها تحملها مسؤولية ما حدث . مسكين علي . لقد كان شاباً لطيفاً ، وبصراحة ، لو لم يكن شيعياً ، لكانت أحبته !
(24)
فراس : الرجل شبه الكامل! للنساء غرائز تحبب إليهن القسوة ، وقد فعلنا نحن الرجال كثيراً لتحريرهن ، فأبين إلا أن يكن لنا عبيداً ، وإلا أن نكون لهن أسياداً . أوسكار وايلد لقد مللت من الردود تتنبأ بشخصيتي بعد كل إيميل ! هل هذا حقاً ما يهمكم بعد كل ما كتبت ؟ أن أكون قمرة أو ميشيل أو سديم أو ليمس ؟ أولكْ كبروا عقولاتكون شوي !
** قالت سديم لقمرة بحماسة : - ما كنت عارفة إن الشوبنج للبيبي ممتع كذا ! يا لبّي سلّم (يا ربي سلم)! حاجاتهم مرة كيوت ! بس لو الله يهديك ورتضين تشوفين بالسونار البيبي ولد ولا بنت كان عرفنا وش نشتري له من ملابس ! مع انشغال أختي قمرة الأكبر منها – نفلة وحصة - بزوجيهما وأبنائهما ، وانشغال أختها شهلاء طالبة الثانوية العامة بدراستها وامتحاناتها اقترحت سديم على قمرة أن تذهب معها لشراء مستلزمات الوليد المنتظر ، وفي بعض الأيام عندما تشتد على والدة أم قمرة آلام الروماتيزم ، كانت سديم تصطحب صديقتها بدلاً منها لمراجعة طبيبة النساء والولادة لمتابعة تطورات الحمل . - لاحقين ، بعدين ما تفرق . خلينا نشتري الأشياء الأساسية والباقي بعد الولادة . - يا برودك ياختي ! أنا لو منك كان ما قدرت أصبر إلى أن يقولون لي ! وانتِ تجيك الدكتورة إلى حد عندك وتولين لها ما أبغي أشوف ! - يا سديم انتِ مانتِ فاهمة . أنا ماني متحمسة لهذا البيبي ! هذا البيبي بيجيني ويغير كل حياتي . بعده مين بيرضى يتزوجني ؟ خلاص يعني ؟ با عيش باقي حياتي مرتبطة بهالولد اللي أبوه ما يبه ولا يبي أمه ؟! يروح راشد يعيش حياته حر ومن غير قيود ويحب ويتزوج ويسوي كل اللي يبغاه وأنا أعيش في هم ونكد باقي عمري!! ما أبغي هالبيبي يا سديم ! ما أبغاه ! تنخرط قمرة في بكاء يائس داخل السيارة وهما في طريقهما لمنزل قمرة ، وتعجز سديم عن إيجاد الكلمات المقنعة لمواساتها . لو أن قمرة عادت للدراسة معها في الجامعة ! لكنها أصرت على كسلها . جسمها الذي كان يُضرب به المثل في النحول حتى كان الجميع يسميها (أم العصاقيل) أصبح مكتنزاً بالشحوم من كثرة الخمول وقلة الحركة ! لابد وأنها تعاني من الملل وهي حبيسة المنزل ، حتى أختها شهلاء التي تصغرها كانت أكثر حرية منها بحكم أنها (ليست مطلقة) وموضي ابنة عمتها الآتية من القصيم للسكن معهم بعد أن التحقت بكلية في الرياض لا تكف عن مضايقتها بانتقاداتها لنمص الحواجب وعباءة الكتف التي ترتديها قمرة عوضاً عن عباءات الرأس الساترة ، أما أكبر إخوتها الذكور ، محمد وأحمد فكل منهما مشغول بأصدقائه ومغامراته مع الفتيات اللواتي (يرقمهن) كل يوم ، لم يتبق لها من يؤنسها سوى نايف ونواف اللذين لم يتعديا سن العاشرة والثانية عشرة . ماذا تقول سديم لقمرة وكيف تسري عنها ؟ ليس هناك أسوأ ممن يدعي مواساة حزين وجداول السعادة تترقرق في عينيه ! لو أنها تستطيع تصنع التعاسة على الأقل ! ولكن كيف تستطيع ذلك ومعها فراس ؟! لقد استجاب الله دعاءها وأهداها فراس من عنده . كم تضرعت لله بعد انفصالها عن وليد حتى يعيده إليها ! بعد أن تعرفت على فراس صارت حرارة دعائها تخفت تدريجياً ، حتى تحول الدعاء من رغبة في عودة وليد إلى دعاء لتقرب فراس . لم يكن فراس رجلاً عادياً ! كان مخلوقاً رائعاً يستحق منها أن تشكر الله عليه ليلاً ونهاراً . ما الذي ينقصه ؟ لابد وأن شيئاً من ينقصه ، أو أن ثمة أمر يعيبه ! لا يمكن لبشر أن يكتمل إلى هذا الحد ! فالكامل وجه الله !! لكنها عاجزة عن إدراك هذا النقص ، واكتشاف هذا العيب . الدكتور فراس الشرقاوي ، صاحب المركز المرموق ومستش

ر بـا نـj ل
ر بـا نـj ل
(26)
عالم التشات ، عالم آخر ! ولله غيب السماوات والأرض وإليه يُرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافلٍ عما تعملون سورة هود:123 تملئني النشوة وأنا أستمع للحديث الدائر عني في كل مجلس أكون فيه ! أحب دائماً أن أشارك الحضور في حديثهم وأعطي توقعاتي مثلهم ، وفي منزلنا أطبع الإيميل الذي أرسله كل جمعة لكم وأقرأه على أهل البيت مثلما تفعل جميع البنات ! أشعر في تلك اللحظات بلذة توازي لذة التمدد تحت غطاء سرير ناعم بعد عناء يوم شتوي شاق ، أو لذة من يدير المذياع في لحظة ملل ليفاجأ بأن أغنيته المفضلة تذاع من بدايتها !
** بدأت علاقة لميس بالإنترنيت منذ كانت في الخامسة عشر من عمرها ، عندما بدأ والدها باستخدام الإنترنت عن طريق البحرين ، ثم مع دخول الإنترنت السعودية وهي في السابعة عشر بدأت تتعرف على ذلك العالم المثير عن قرب . كانت في الصف الثالث الثانوي عندما قام والدها بالاشتراك بخدمة الإنترنت ، فظلت علاقتها بالإنترنت محدودة بحكم خوفها على معدلها في تلك السنة المصيرية ، أما بعد التخرج فصارت تقضي ما لا يقل عن أربع ساعات يومياً على الإنترنت ، 99% منها على برامج المحادثة المختلفة (التشات) من ياهو ، ومايكروسوفت ، وآي سي كيو ، وإم آي آرسي ، وأي أو إل . كانت لميس تشتهر بسرعة بين أعضاء التشات بخفة دمها وشقاوتها ، وحتى مع حرصها على تغيير لقبها في التشات باستمرار إلا أن الكثيرين كانوا يكتشفون أن (السوسة) هي نفسها (عفريت) و (معسل) هي دلوعة بابا و(فرخة الجمعية) هي ( بلاك بيرل)! كانت تضحك من شكوك جميع الشباب الذين تحادثهم والذين لا يصدقون كونها بنتاً! - يا بوشنب اخلص علينا والله مانت بنية . - ليه طيب ؟ - يا خي البنات ما صلات ودمهم ثقيل وانت بصراحة محشش ! - يعني لازم أسوي نفسي تقيلة دم عشان تصدق إني ماني ولد ؟ - لا أنا عندي لك حل ! إن كنت فعلاً بنت ، سمعنا صوتك . - ههه لا يا شيخ ؟ كان غيرك أشطر ! العب غيرها . - تكفين بس عطيني ألو ، وإذا ما ودك بالتليفون خليها في المايك ، بس عشان تثبتين لي إنك بنت مانت بولد . - عنك ما صدقت يا حبيبي ! - أخ . عورني قلبي على هالكلمة ! لا خلاص صدقت إنك بنت ! كلمة حبيبي طالعة من بُقك زي العسل ! - ههه .... لا خلاص خليني أبو شنب أحسن من العسل وبلاويه ! - لا لا لا . أنا أشهد إنك أحلى شنبة ( واحد ما هو عارف وش يختار ولد ولا بنت ! محتار ). - أحسن ! - طيب باسألك سؤال بيخليني أعرف إن كنت بنت ولا ولد . - أسأل يا عملي الأسود في حياتي . - رُكبك سود والا بيض ؟؟؟ - ههه حلوة ! طيب أنا كما بأسألك سؤال أعرف منو إزا كنت بنت ولا ولد. - إسألي يا بعد عمري ! - أظافر رجولك سودا والا بيضا ؟؟؟ - ههه قوية ! وش دراك ؟ عاد هاذي ماركتنا المسجلة ! - شفت كيف؟! قال ركب سودة قال ! روحوا يا حبايبي شوفوا البلاوي اللي فيكو بعدين تعالوا تكلموا ! حصلت لميس من خلال التشات على عدد هائل من أرقام هواتف الشباب الذين عجزوا عن أن يحصلوا منها على أكثر من كلمات على شاشة . صرح لها المئات بإعجابهم بشخصيتها ، والعشرات بحبهم لها ، لكنها ظلت على قناعتها ، التشات مجرد وسيلة للضحك والتسلية و(الاستهبال ) على الشباب في مجتمع لا يسمح بذلك في أي مكان آخر . تعرفت قمرة على التشات من خلال لميس . كانت لميس في بداية الأمر تدعوها للدخول معها أثناء الساعات التي تقضيها على النت لتعرفها بأصدقائها أو لاين ، وشيئاً فشيئاً أدمنت قمرة التشات وصارت تصل الليل بالنهار وهي تحادث هذا الشاب أو ذاك أو ذاك أو ذاك ! منذ البداية ، أوضحت لميس لقمرة حقائق التشات وخفاياه . أخبرتها عن حيل الشباب المعروفة وألاعيبهم المكشوفة والتي قد تنطلي على حديثة عهد بالإنترنت مثل قمرة، حتى أنها قرأت لها بعضاً من الأحاديث القديمة لها مع أصدقائها على الإنترنت والتي تختزن أوتوماتيكياً على جهاز الكمبيوتر في بعض برامج المحادثة . - شوفي يا قمرة ، كل الشباب ستايلهم واحد لكن بينهم اختلافات بسيطة . مثلاُ اللي يجي من الرياض غير عن اللي يجي من الشرقية غير عن اللي يجي من الغربية وكدا . خليني أكلمك عن ستايل شباب الرياض بما إنهم يور مين إنترست : أول حاجة حيقول لك : ممكن أعرف إسمك ؟ انتي طبعاً ما تديلوا اسمك الحقيقي ، إما تديه اسم يعجبك أو تقولي لو سوري ما أبغي أقول اسمي . أنا عن نفسي أشتري دماغي وأقول أية اسم ، بس انتبهي كل واحد أديتيه أي اسم ! أنصحك تعملي زيي ، تسجليهم في دفتر علشان ما تتلخبطي ، أو تختاري اسم واحد ثابت ، بس كده أنا أحسو زهق ! بعد الاسم بكم يوم حيقول لك أنا معجب بشخصيتك وما عمري شفت زيك ، ممكن نتكلم بالتليفون ؟ حيطفشك وزن عليك وما حتوافقي طبعاً بس برضو حيديكي رقمو ! بعد كم يوم حيطلب صورتك علشان يبعث لك صورتو ، بس في الأخير حيمل ويبعتها من غير ما تبعتي لو حاجة . ساعتها ستي حتشوفي واحد من اتنين ! إما واحد جالس ورا مكتب وماسك قلم ووراه علم السعودية ، أو واحد عامل فيها بدوي وجالس جلسة عربية على الأرض ومتلتم وواحدة من ركبتيه مرفوعة ومسند دراعو عليها ، وما ناقصو غير صقر على كتفوا ويطلع في برنامج مضارب البادية ! بعدين حيقول لك إنو حب واحدة قبل سنتين وتزوجت . كانت تموت في دباديبو بس جالها عريس كويس وما قدرت تقول لأهلها لاه ، وهو ياحبة عين أمو كان لسه صغير وما يقدر يفتح بيت فاضطر يضحي سعادتو علشان سعادتها وقال لها يا بنت الحلال لا تربطي نفسك بيا وشوفي مستقبلك ونصيبك والله يوفقك ! بعد الاعترافات راح يبدأ يترك لك مسجات أوف لاين ، أغنية رومانسية والا قصيدة والا عنوان موقع شاعري حلو على الإنترنت ، وكما كم يوم حيتعترفك بحبه . راح يقول لك أنا كنت أدور على بنت متلك من زمان وأبغي أخطبك بس إحنا لازم نعرف بعض أكتر ونتكلم على التليفون (وفي بالو إنو راح يطلع معاك بس ما راح يصرح لك بكده وكفاية التليفونات في البداية عشان ما يخوفك)! بعدين شويه شويه حتبدأ مرحلة تقالة الدم ، واستلمي : ليش مطنشتيني ؟ ليش ما بتردي على مسجاتي بسرعة ؟ لا تكوني تكلمي واحد ثاني ؟ ما أبغاكي تكلمي واحد غيري. با غير عليكي . إزا جيتي مرة ثانية وما لقيتيني لا تظلي أو لاين ، ومن هادا الكلام اللي يسم البدن ويخليكي تديلوا بلوك والا اقنور على وشو زي الحلاوة علشان يبطل يعمل نفسو طرزان علكي مرة تانية ، وتروحي تشوفي غيرو !! أهم حاجة يا قمورة إنك ما تثقي بأحد ولا تصدقي أي واحد . حطي في بالك إنو مجرد لعب وإنو كل هدول الشباب نصابين ويبغو يضحكو على البنات الهُبُل ...). لم يكن أسلوب قمرة في التشات بجمال أسلوب لميس ولذلك فإن من تحمسوا لها بعد معرفتهم أنها صديقة لميس سرعان ما انفضوا من حولها بعد أن اكتشفوا أنها ليست بخفة دم صديقتها وسرعة بديهتها . بدأت قمرة تكوين صداقات جديدة بنفسها ، تعرفت على أناس من بلدان مختلفة ، وأعمار متفاوتة ، ومثل لميس ، لم تتعرف على أي من الفتيات . كان كل من على لوائحها للأصدقاء من الجنس الآخر . في إحدى الأمسيات المملة تعرفت على سلطان ، شاب بسيط ولبق في الخامسة والعشرين من عمره ، يعمل بائعاً في أحد محلات الملبوسات الرجالية . كان حديثه ممتعاً وكان يقرأ ما تكتبه له باهتمام ، ويضحك لنكاتها بمرح ويكتب لها الكثير من أبيات الشعر النبطي التي ينظمها بنفسه . مع مرور الأيام ، صارت تكتفي هي من الأصدقاء بسلطان وصار هو يكتفي من الصديقات بها ، كان يدعوها بلقبها على الإنترنت شموخ . حدثها كثيراً عن نفسه ، وبدا لها صريحاً وصادقاً وخلوقاً ، إلا أنها لم تستطع أن تعترف له بشيء عنها فاكتفت باسم شموخ ، وكذبة صغيرة مفادها أنها طالبة في أحد الأقسام العلمية بالجامعة . في تلك الأثناء ، كانت لميس قد تعرفت عر الإنترنت أيضاً على أحمد ، طالب الطب في جامعتها وكان كلاهما في السنة الثالثة . صار أحمد يضع لها نسخاً من الملخصات المهمة في إحدى المطابع لتستلمها من هناك فيما بعد ، وكانت هي ترسل له رسائل إلكترونية تحمل أهم النقاط التي قام الدكتور بالتركيز عليها قبل الامتحان ، فقد كان الدكاترة يتساهلون مع الطالبات أكثر من تساهلهم مع الطلاب والعكس صحيح ، ولذلك فقد كان الشاطر من تصله أخبار الدكاترة من البنات والشاطرة من تصلها أخبار الدكتورات من الأولاد ! لأسباب مهنية بحتة مثل اقتراب موعد الامتحانات وتقلص ساعات الجلوس أمام شاشات الكمبيوتر وازدياد الحاجة لردود سريعة تتعلق بسؤال في أحد الامتحانات أو ملاحظة خاصة بأسلوب أحد الأساتذة في الاختبارات الشفوية ، انتقلت العلاقة بين أحمد ولميس من شاشة الكمبيوتر إلى سماعة الهاتف الجوال .
(27)
سلطان الإنترنتي إذا ما كنتش قد الحب ما تحبش ! محمود الميليجي لم يعد يمر أسبوع من دون أن أقرأ موضوعاً يتناولني في جريدة أو مجلة أو منتدى على الإنترنت . فوجئت عند وقوفي في صف المحاسبة في السيفواي بمجلة شهيرة معروضة وقد كتب على غلافها : آراء المشاهير في القضية الأكثر سخونة حالياً في الشارع السعودي . لم أشك طبعاً بكوني تلك القضية الساخنة . ابتعت المجلة بهدوء وتصفحتها في السيارة وأنا أكاد أطير من الفرح ! أربع صفحات مليئة بصور كتاب وصحفيين وسياسيين وممثلين ومطربين ورياضيين يدلون بدلوهم في قضية الإيميلات ذات المصدر المجهول والتي تشغل الشارع السعودي منذ أشهر ! قرأت بضعة أسطر من حديث الأدباء فلم أفهم شيئاً . قالوا أنني أنتمي للمدرسة الانطباعية بين التناقض بين الانطباعية التأثيرية والتعبيرية إلا أن صاحب الرأي يصر على أنني أول من جمع بين الاثنتين ! لو يدري أنني لا أعرف معنى أي منهما حتى أجمع بينهما ! انتقلت لأسطر اللاعبين والممثلين وقرأت مديحاً يثلج الصدر ، إيه ! هذا الكلام ! ما لنا والسريالية الميتافيزيقية التأثيرية الحنطفيسية !!
** - سديم تتوقعين إن في أمل راشد يحن على ولده ويجي يشوفه في يوم من الأيام ؟ - ما عليك منه . هماه يرسل فلوس مع أمه والا أبوه ؟ خلاص هو بقريح ! وش تبين به بعد كل اللي سواه ؟ من عافنا عفناه يا قمور لو كان غالي ! تتأمل قمرة بعد انتهاء مكالمتها لسديم ألبوم صور زواجها من راشد . تلاحظ عبوسه في جميع الصور بينما تبدو السعادة الانشراح على محياها . استوقفتها صورة لها وسط أخوات راشد ، ليلى المتزوجة أم لطفلين ، وغادة في مثل سنها ، وإيمان في الخامسة عشرة . توقفت لدقائق أمام هذه الصورة وهي تفكر ، وبعد أن توصلت إلى قرارها انطلقت بسرعة نحو جهاز الكمبيوتر ، وقامت بإدخال الصورة إلى الماسحة الضوئية (السكانر) وفي خلال ثوان ظهرت الصورة على شاشة الكمبيوتر أمامها، وببعض الخطوات البسيطة ، أخفت صورتها هي وليلى وإيمان ، وأبقت على صورة غادة فقط . في المساء ، عندما التقت بسلطان على الماسنجر ككل ليلة ، أقنعته بأنها وافقت أخيراً على إرسال صورتها له ، مقابل صوره الكثيرة التي أرسلها إليها . أرسلت له صورة غادة وهي ترتجف . أخبرته مقدماً أن الصورة قد التقطت لها وصديقاتها في عرس إحدى الصديقات ، وقد أخفت صورهن جميعاً أمانة منها . بعد أن انتهى من تحميل الصورة على جهازه ، وبعدما عبر لها عن مدى دهشته وإعجابه بجمالها الذي لم يكن يتصوره ، ألقت إليه بتتمة الكذبة ، أخبرته أن اسمها الحقيقي هو غادة صالح التنبل !
** تتصل حصة بأختها الكبرى نفلة لاستشارتها في مشاكلها الدائمة مع زوجها خالد : - تخيلي ياختي إنه صار يعيرني بقمرة ! ما غير يقول لي وش سوت الداشرةووش ما سوت !! كله عشان سمع من أخواني إنهم ركبوا لها نت في البيت ! - ما يستحي على وجهه يقول ذا الكلام ! بس وراه ما علمتي أمي من أول ؟ - علمتها بس تدرين وش قالت لي ؟ قالت زوجك ما عليه من قمرة ! البنت ما عندها شي تفرح بوه وكفاية حبستها بهالبيت ليل ونهار . على الأقل مقابل هالكمبيوتر أهون من الدوران في الشوارع بأنصاف الليالي ! - أمي مكسور خاطرها على قمرة ليش إنها تطلقت . - ويعني ما دام قمرة تطلقت تبيني أنا بعد ألحقها وأتطلق ؟؟ رجلي يبيها من الله! إن سمع عنها شي تسذا ولا تسذا ليرمينن أنا وعيالي في الشارع ! - ما يخسى إلا هو ! وشو ما عندتس بيت أهل تقعدين بوه ؟ - من زين قعدة بيت الأهل الحين ! أنا والله كل ما شفت حالة قمرة وهالعيشية اللي عايشتها حمدت ربي على هالبلا اللي عندي ، على قولة المثل : اقضب قريدك لا يجيك اللي أقرد منه ! يالله ، الحمد لله والشكر على كل حال . منذ أن أرسلت له صورة غادة أخت راشد (أو صورتها) وسلطان يكاد لا يفارق النت ! ألح عليها كثيراً حتى تقبل بمحادثته هاتفياً إلا أنها أصرت على الرفض لأنها ليست من (ذلك النوع) من الفتيات . كانت كلما ازدادت رفضاً ، ازداد سلطان تعلقاً بها وتمجيداً لأخلاقها . في الحقيقة ، كانت قمرة قد فكرت ملياً في مسألة المكالمات هذه وقررت أنها لا تستطيع القيام بها لسببين ، أولهما أن هاتفها الجوال باسم والدها ، وهكذا فإن بإمكان سلطان اكتشفا كذبتها ومعرفة أنها ليست صاحبة الاسم الذي تدعيه ، وثانيهما أنها لم تتحمس يوماً لفكرة محادثة شاب غريب هاتفياً ، وإن كانت تشعر بقرب سلطان منها وتحس بصدقه والتزامه ، إلا أن شيئاً ما بداخلها ظل رافضاً للفكرة ومستهجناً إياها . بعد ليالٍ طويلة من السُهاد ، ودموع كثيرة ذرفتها ندماً على فعلتها غير المبررة باستغلال صورة غادة للانتقام من راشد ، وبعدما حدثتها والدتها عن مشاكل حصة مع زوجها بسبب إدمانها هي على الإنترنت ، اتخذت قمرة قرارها الصعب بالانسحاب من عالم التشات السحري والبعد عن طريق سلطان الطيب الذي لا يستحق هذا العبث منها ، خاصة بعد أن بدأ يحدثها عن رغبته بالاقتران بها . اختفت قمرة بلا مقدمات وانقطعت أخبارها ورسائلها عن سلطان الذي ظل يكتب لها إيميلات الشوق والحب والاستعطاف لشهور طويلة دون أن ترد عليه يوماً .
(28)
هل أحبها ماتي وهل أحبته عندما تبرد المحبة في قلب المرأة ، لا تعود كل أجواخ العالم تُدفئها . نيلسون نصحني القارئ إبراهيم بأن أصنع لنفسي – أو أن يصنع هو لي – موقعاً على الإنترنت أنشر فيه رسائلي منذ الرسالة الأولى وحتى الأخيرة ، حماية لها من السرقة والضياع ، وحتى أضمن المزيد من القراء لرسائلي حيث سيتم وضع إعلانات وروابط وأشياء أخرى في الموقع كتب لي عنها بإسهاب . أشكرك يا أخي على حرصك وتعاونك ولكنني لا أفهم في تصميم المواقع أكثر مما أفهم طبخ البامية ، ولا يمكنني أن أحملك يا إبراهيم عبئاً كهذا قد تحقد علي بعده ، ولذلك فإني سأظل على أسلوبي العتيق في إرسال الإيميلات الأسبوعية بانتظار عرض أفضل ، كعمود أسبوعي في صحيفة أو برنامج إذاعي أو تلفزيوني أو أي اقتراح تجود به قرائحكم! شحاذة وتتشرط !
** استطاع ماتي أن يجعل من حياة ميشيل مغامرة ممتعة لا تنقطع ، وساعدها معنوياً وعملياً على التأقلم مع نمط معيشتها الجديد . كان يشرح لها ما تستصعبه من دروس سواء في المادة التي يدرسها إياها أو في غيرها من المواد ، وكان يهتم بمتابعة شؤونها في السكن الجامعي ويحاول مساعدتها في حل أية مشكلة تواجهها ، ورغم استمتاعها بسكنها المستقل وتلذذها بطعم الحرية التي تجربها لأول مرة في حياتها إلا أنها كانت تقضي في منزل خالها يومياً أكثر مما تقضيه في غرفتها الصغيرة في سكن الجامعة والتي تشاركها إياها فتاة أخرى . بعد تجاوز صعوبة الأشهر الأولى ، واعتيادها على الروتين الجامعي اليومي ، بدأ تندمج في نشاطات الجامعة وتشرك معها ابن خالها ماثيو (ماتي) الذي كان يُشركها بدوره في نشاطاته الأسبوعية هو ورفاقه . نظمت الجامعة لها ولزملائها رحلة برية للتخييم في حدائق يوسمتي أثناء عطلة نهاية الأسبوع ، وانضم ماتي إلى مجموعة المشاركين بصفته رئيس جمعية أصدقاء الطبيعة في الجامعة . هناك ، بين أحضان الطبيعة الساحرة التي لم تر ميشيل شيئاً بجمالها من قبل ، كان ماتي المرافق المناسب في المكان المناسب . كان يوقظها باكراً حتى تجلس معه فوق الصخور الصغيرة في مكان بعيد ليرقبا شروق الشمس التي تتكسر أشعتها على مياه الشلال المتدفقة أمامهما . كانا يتسابقان لالتقاط أجمل الصور لتلك المناظر الخلابة . تثير غيرته بصورة التقطتها لقبلة بين سنجابين حبيبين ، فيرد عليها بعد قليل بصورة لغزال يسد برأسه قرص الشمس فتبدو أشعتها وكأنها قرون عظيمة تمتد على مرمى النظر . اصطحبها معه في إحدى اللونق ويك إندز إلى نابا فالي التي دعاه إليها ويليام موندافي ، حفيد عائلة موندافي أصحاب أشهر مصانع الخمور في العالم ، وأحد أصدقائه المقربين . في مزرعة ويليام أو بيلي كما يناديه الجميع ، تذوقت أفضل أنواع المربى الطازجة واللحوم المشوية والمكرونة المحضرة من قمح المزرعة إلى جانب أفخر أنواع النبيذ من الشاردونيه والكابرنيه سوفنيو. كانت هذه أمثلة من عطل نهاية كل أسبوع ، أما في العطل الطويلة إلى حد ما والتي لا تسافر فيها للسعودية كعطلة عيد الفصح فقد كان يصطحبها بسيارته إلى لاس فيغاس أو لوس آنجليس . كان خالها يُعد من أبناء الطبقة الراقية أو ما فوق المتوسطة في سان فرانسيسكو ولذلك فقد كان ماتي براتبه الشهري من الجامعة ومساعدة والده ، إلى جانب ما يرسله لها والدها من مصروف شهري كبير ، يرسم لهما معاً خططاً ممتعة لقضاء أية إجازة بشكل غير اعتيادي . أخذها في لاس فيغاس إلى عرض راقص لفرقة لورد أوف ذا دانس الشهيرة ، كما فاجأها بتذكرتين لحضور العرض المائي الباهر (ذي أو شو) للسيرك دو سوليه ، أما في لوس آنجليس فقد كانت هي قائدة الرحلة بحكم زيارتها لها من قبل . أخذته إلى الروديو داريف في النسيت بوليفارد لتمارس أولاً وقبل كل شيء هوايتها في التسوق رغم تذمره ، ثم أمضيا السهرة في تدخين الشيشة في جبسي كافيه ، أما في اليوم التالي فاستمتعا بالسير في البالم بيتش قبل أن يسهرا في مطعم بيبلوس الذي لاحظت تواجد السعوديين فيه بكثرة بصحبة صديقات هنديات وإيرانيات . كان السعوديون يشكون بكونها سعودية بسبب ملامحها ويستغربون وجودها مع شاب أمريكي ، لكن لكنتها الأمريكية المتقنة أثناء حديثها مع ماتي بددت شكوكهم وأبعدتهم عن ملاحقتها بنظراتهم التي تتصيد الفتيات الخليجيات. خلال أيام الأسبوع ، كان يأخذها إلى الحي الصيني حيث الدكاكين الصغيرة والمطاعم الصينية التقليدية . كانا في كل مرة يزوران فيها الحي الصيني يتناولان عصير الكوكتيل الممزوج بالتابيوكا التي تجعل الشراب لزجاً بعض الشيء وأشبه بالصمغ . في فصل الربيع كان يحب اصطحابها لتأمل منظر الغروب من على شاطئ سوساليتو القريب من القولدن قيت . كان يعزف لها أنغاماً ساحرة على غيتاره حتى تنغمس كعكة المس في كوب البحر ، أما في أيام الشتاء فكان كثيراً ما يصطحبها لشرب الكاكاو الساخن في جيراديللي الذي يطل على سجن الكاتراز الشهير العائم وسط البحر ، فيحتسيان شرابهما الساخن وهما يتأملان منارته المضيئة من بعيد والتي تقف دليلاً للسواح والمقيمين على ماضٍ أمريكي مثير للاشمئزاز في قسوته وسواده . كان أكثر ما يعجبها في ماتي احترامه لوجهة نظرها مهما كان الاختلاف بينهما . هي نفسها كانت تلاحظ تسلطها في إقناعه بوجهة نظرها في كثير من الأحيان ، إلا أنه كان دوماً يشرح لها أن اختلافاتهما لا تعني أكثر من كونها اختلافات في وجهات النظر ، وعلى ذلك فليس من المجدي أن يزعجا نفسيهما بمحاولة تغيير أحدهما الآخر من أجل أن يشبها بعضهما في كل شيء ! اعتادت ميشيل في بلادها أن تنسحب من النقاشات بعد أن يتحول الحوار إلى مشادات كلامية ساخنة وتسفيه للآراء ، وكان تتحاشى التعبير عن آرائها صراحة إلا أمام من (تمون) عليهم كصديقاتها المقربات . كانت تلاحظ أن الرأي العام في بلادها لا يعبر بالضرورة عن الرأي العام الفعلي ، لأن الناس كانوا يترددون كثيراً قبل أن يدلوا برأيهم في قضية ما حتى يتحدث أحد الشخصيات القوية أو أصحاب الكلمة المسموعة بين الناس فيقوم الباقون بتأييده . كان الرأي العام علاقة متعدية تترتب على رأي واحد ، رأي الأقوى . هل أحبها ماتي وهل أحبته ؟ لا يمكن إنكار أن كل هذا القرب على مدى عامين متواصلين والاهتمامات المشتركة ساهمت في التقريب بينهما إلى حد كبير ، وأنه مرت عليها لحظات تخيلت فيها أنها تحبه بصدق ، خاصة بعد أمسية شاعرية على رمال المحيط أو بعد نجاحها بتفوق في مادة من أصعب المواد بعد استماتة ماتي في تدريسها إياها قبل الامتحان ، لكن فيصل ظل مخبئاً في أحافير قلبها ، سراً دفيناً لا تستطيع البوح به لماتي الذي يعرف عن السعودية أقل مما أعرف عن أنا عن تصميم المواقع وطبخ البامية مجتمعتين ، ولا يمكنه بأي حال من الأحوال تخيل القيود التي أحكمت بقسوة على حبها لفيصل ومنعته من الارتباط بها . يظن ماتي الذي ينحدر من بلاد الحرية أن الحب كائن خارق يصنع المعجزات . هي نفسها كانت تعتقد ذلك في بداية صباها ، قبل أن تعود من أميركا للعيش في بلادها التي ثٌعامل الحب فيها كنكتة خارجة يمكن التندر بها لفترة قبل أن يمنع تداولها من قبل جهات عليا .
(29)
فراس غير متى أحبت المرأة ، كان الحب عندها ديناً ن وكان حبيبها موضع التقديس والعبادة. طاغور خالد(الشريه) بعث لي دعوة للكتابة في مجلة (الديمن) لصاحبها (ابن السبيت) ، والتي ترأس تحريرها الدكتورة شريفة (الهاص) . بما أنني اكتشفت الآن أن الشحاذ قد يحصل على ما يريد عندما يتشرط ، فسأنتظر حتى أحصل على عرض بتقديم برنامج تلفزيوني أو إذاعي مثل برنامج إضاءات لتركي الدخيل . ما فيش حد أحسن من حد ! استمروا في تدليلي ، فأنا بحاجة إلى دفعة أسبوعية من الدلع والتدليل حتى أستمر ، لتستمعوا بما أرسله لكم كل جمعة . تذكروا أنكم أنتم الرابحون أولاً وأخيراً . تضع أم نوير صحن الحلاوة الطحينية (الرهش) وإبريق الشاي أمام سديم وتصب هذه الأخيرة بيالة لكل منهما ، لترشفاها مع قطع الحلاوة الدسمة . - تصدقين يا خالتي ، ما عرفت أن وليد ما يسوي إلا بعد ما تعرفت على فراس . - عسى بس ما ي(يجي) اليوم اللي تعرفين فيه إن فراس هم ما يسوى ، بعد ما تتعرفين على اللي وراه ! - فال الله ولا فالك !الله لا يقوله !! أنا ما أبغي من هالدنيا إلا فرسا . فراس وبس. - كنتِ تقولين نفس هالكلام عن وليد ، وبي (يجي) يوم واذكرج ! - بس فراس وين ووليد وين يا خالتي أم نوري ! - ويه ما لت عليهم اثنينهم ! على قولة المصارية : إيش جاب لجاب ؟ بين الشبشب والقبقاب . - مدري وش فيك ما تحبين فراس ، مع إنه وش ملحه ! - أنا ما أحب كل الرياييل . سليمة صكتهم واحد واحد ! نسيت

ر بـا نـj ل
ر بـا نـj ل
(31)
(حش) في الرجال يكفي المرأة رجل واحد لتفهم جميع الرجال ، ولكن لا يكفي الرجل مئات النساء حتى يفهم امرأة واحدة جورج برنارد شو لقد أصبحت هذه القصة حياتي . أصبح يوم الجمعة أكثر قداسة من ذي قبل وأصبح لجهاز الكمبيوتر موقع أساسي في غرفتي بعد أن كان ينتقل من غرفة إلى أخرى دون أن أكترث ، وصرت أضحك كلما أغاظتني زميلة أو أستاذة من أساتذة الجامعة اللواتي يحرقن الدم ! كل هذا لا يساوي شيئاً أمام ما أفعله . كل هؤلاء المتعجرفات يلتصقن بشاشة الكمبيوتر كل جمعة ليقرأن ما أكتب ، فلأدعهن لتفاهاتهن ، ويكفيني ما أحس به في داخلي من فرح واعتزاز !
** اجتمعت الصديقات الأربع في مننزل قمرة في آخر أيام العطلة الصيفية ، وكل واحدة منهن تحمل بين يديها لعبة أو قطعة حلوى لصالح تحثه بها على المشي نحوها بخطواته المتعثرة وساقيه السمينتين كساقي البطة . اندفعت قمرة توبخ لميس على ما اكتسبته في شاليهات جدة من سمرة برونزية : - قسماً بالله إنك مجنونة ! الحين الناس تدوّر البياض وانتِ تتسدحين بالشموس! - أيش أسوي اشتهيت أعمل برونزاج ! والله إنو أتراكتف ! - بالله يا بنات ردوا عليها ، ذا المهبولة ! تتدخل ميشيل التي يعجبها اللون البرونزي على لميس : - آكتشولي ... آي لايك آت . تثور قمرة وتحاول إقناع سديم بتأييدها : - سديم ! شوفي هالمجانين وش يقولون ! بالله أحد يعوف البياض ويروح للسواد برجلينه! عمرتس سمعتي بحرمة تدور على عروسة سودا لولدها ؟ - يا شيخة خلي كل واحدة تسوي اللي على مزاجها . إلى متى وحنا نسوي اللي على مزاج الحريم واللي على مزاج عيالهم ؟؟ أنا أقول سوي تان يا لميس زي ما تبين وإذا ودك تولعين بشعرك بقاز بعد لا يردّك إلا يدينك ! - جبتس عون صرتي لي فرعون ! ترد قمرة بغيظ . - لا عون ولا فرعون . بس من جد زهقت من هالتبعية اللي فينا ! كلٍ يمشينا على مزاجه ! ما صارت عيشة ! الواحد ما له راي حتى على نفسه ! تسألها صديقاتها : - سدومة أيش فيك ؟ من اللي مضايقك ؟ - أكيد متضاربة مع فراس . هوا أكيد ما في غيرو ! - وش سوى لك ذا القرد ؟ - إنتِ شفتيه في باريس ؟ حاولت سديم تهدئة انفعالها الذي فاجأ صديقاتها وراحت تسرد عليهن ما يربكها من أفكار : - شفته مرة واحدة . أصلاً هو جا هناك يوم واحد بس عشان يشوفني ، وأنا طبعاً ما قدرت أقول له لأ . ما أكذب عليكم ، بصراحة أنا بعد ما كنت ميتة أبغي أشوفه ! طول السنة اللي فاتت ما شفته بسبب دراستي وشغله ، ولأننا اثنينا متفقين على إن المقابلات بيننا في الرياض بتكون صعبة ومحرجة وغير مريحة مثل برا . برا الواحد ياخذ راحته وأقدر أقابله بأي مكان لكن هنا لأ . قابلته في مطعم رايق وجلسنا نسولف مع بعض . كانت جلسة حلوة . ترد ميشيل : أكيد بعدها قال لك كيف رضيتي تطلعين معي ؟ وإلا شك فيكِ عقبها وصار يعاملك ببرود ! أنا عارفة هالحركات حقة شبابنا المعقدين!! ذي آر مينتالي تويستد ! هو أنا هجيت من بلدكم من شوي!. بالعكس هو عمره ما عاملني بهالطريقة ، مع إنه كان يتكلم عن بعض البنات قدامي كنت ألاحظ أحياناً إنه فيه شوي من خصلة هالشك ، لكن مو معي أنا . فراس عارفني زين . - أبو طبيع ما يغير طبعه ( تقولها قمرة بثقة). - لا صدقوني ، ما كانت هنا المشكلة ! إني من مدة وأنا ملاحظة إنه يلمح لي تلميحات غريبة بخصوص ارتباط ، يوم يقول لي إن أهله لقوا له عروس ويوم يقول لي إذا جاكِ عريس مناسب لا تردينه ! مدري كيف يطاوعه قلبه يقول لي هالكلام وهو عارف أنا وش كثر أحبه ! في الأول كنت أحسبه يمزح وبس قصده يرفع ضغطي ، بس في باريس قلت له إن صديق بابا وده يخطبني لولده ، وهالشيء فعلاً صاير . تخيلت إنه بيعصب وبينقهر ويدق على أبوي في نفس اليوم يخطبني منه ! قال لي خلي أبوكِ يسأل عنه وإن طلع الرجال زين توكلي على الله ! - باللهِ قال كذا ! تتساءل قمرة غير مصدقة. - وانتِ إيش قولتي لو لما قال كده ؟ قالت لميس . - ولا شي . - ولا شي !! - تنحت ، وقعدت أناظره بغباء لين دمعت عيوني ، بعدين قلت له آسفة لازم أمشي ! - وأيش قال هو ؟ - قال لا تصيري زعولة وحلف علي إني ما أقوم ! قال لي ترى إن قمتِ مانيب مكلمك عقبها مرة ثانية ! - وجلست ؟؟ - جلست ! لين ما خلص أكله وقام معي وطلعنا من المطعم سوا ، وجاب لي تاكسي يوصلني للفندق ! - والحين لسّاتكم مع بعض ؟ - مع بعض بس على نفس الحال ! يلعب بأعصابي وأنا ماني عارفة وش أسوي علشان أرضيه وأرجعه مثل أول ! ليه دائماً يصير معي كذا ؟ ليه الرجال بعد فترة يقلبون علي ؟ أكيد فيني شي ! الظاهر إني أول ما أبدأ آخذ راحتي معهم يبدون يكشون مني ! تؤمن لميس أن تسلط الرجل لا يأتي من فراغ ، وإنما بعد عثوره على امرأة تحب هذا التسلط منه وتساعده على الاستمرار فيه : - أنا أعتقد إنو الرجال ما بيكزبوا لكن همّا لؤما شوية . الواحد يبدأ يتهرب من البنت بعد ما تصير سهلة معاه وبعد ما يحس إنو خلاص ما صارت تمسّل تحدي بالنسبة لو ، لكن ما يقول لها هادا الكلام في وشهّا ، ولا يخليها تحس إنو هوا الغلطان ، لأ! يقنعها إنها هيا اللي عندها مشاكل مش هوا ! بعضهم يدّو البنت إشارات علشان تنهي العلاقة بنفسها ، لكن إحنا البنات الأغبياء عمرنا ما نلقط هادي التلميحات ! نظل نشتغل على العلاقة لطلوع الروح ، حتى لو باين عليها من أولها إنها رايحة في ستين داهية ! عشان كده في النهاية ناكل على روسنا ونتهزأ . احنا اللي ما احترمنا نفسنا من البداية وانسحبنا بكرامتنا . تعطيها مشيل تحليلها المنطقي للموقف : - يا حبيبتي هاذي سياسة تطفيش معروفة عند العيال . تلاقينه فكر وقال وش يخليني آخذ واحدة مطلقة وأنا ما قد تزوجت ؟ إذا الرجال المطلق نفسه يدوّر على بنت ما تكون تزوجت قبله ، تبغين هذا يقتنع بمطلقة ؟ تلاقينه حسبها في مخه وقال بكرة أنا إذا بغيت أصير وزير والا وكيل وزارة يبغى لي واحدة تشرفني اسم وشكل ونسب ومركز اجتماعي وفلوس !ما آخذ واحدة معيوبة (مطلقة) علشان الناس تاكلني بألسنتها ! هذا تفكير شبابنا مع الأسف ! تلاقين الواحد مهما تطور والا ارتقى بفكره ومهما حب وعشق يظل يعتبر الحب مجرد كلام روايات وأفلام وما يثق في كونه دعامة تصلح لبناء أسرة ! تلاقينه مثقف ومتعلم وشايف وعارف ومتأكد بداخله إن الحب غريزة إنسانية طبيعية وما هو عيب إن الواحد يختار شريكة حياته بنفسه ما دام مقتنع فيها ، لكن يظل خايف إنه يسلك طريق غير اللي سلكه أبوه وعمه وجده قبله ، دامهم عايشين مع حريمهم إلى الآن أجل تجربتهم هي الناجحة والمضمونة ، يتبعهم زي الح......... ولا يخالفهم علشان ما حد يجي في يوم ويشمت فيه إذا فشل ! لا تدري أيهن من أين تأتي ميشيل بكل هذه التحليلات لعقلية الشباب ، لكن ما كن أكيدات منه أن كلامها يجد عندهن دوماً آذاناً صاغية ويقابله اقتناع شبه تام بما توصلت إليه من استنتاجات لم تسبقها إلهيا أي منهن .
(32)
الطائر المهاجر سيدتي ! سيدتي ! أنا الأول نعم لقد أدركت ذلك عُد مطمئناً إلى مكانك ولا تتحدث قبل أن يأتيك الدور في هذا المساء ، عبر درس التاريخ لك أن تسرد كل ما تعرف عما حدث من قبل . شعر هولندي إلى من أزعجوني بحكاية أنني لا أمثل فتيات السعودية : كم مرة ينبغي لي أن أعيد عليكم كلامي ؟! أنا لا أكتب شيئاً عجيباً أو مستنكراً ! كل ما أقوله تعرفه البنات جيداً في مجتمعي أو في محيطي ، والدليل أن كل واحدة منهن الآن تقرأ إيميلي كل أسبوع وتقول هذه أنا ! وبما أني أكتب لأعبر عن هؤلاء البنات ، فأرجو ممن لا ناقة لهم ولا جمل عدم حشر أنوفهم فيما لا يعنيهم ، وأن يتفضلوا هم بالكتابة عن البنات إن أرادوا من أي زاوية أخرى غير التي أراهن منها !
** اكتشفت ميشيل أن وباء التناقض في بلدها قد استفحل حتى طال أبويها ، فوالدها الذي كانت تجده رمزاً نادراً للحرية المغتصبة في هذه البلاد قد حطم بنفسه هذا الإطار الفخم الذي وضعته بداخله ليثبت أن (من عاشر القوم صار منهم ). ثار أبوها بشكل لم تكن تتوقعه بعد سماعه تلميحها عن إعجابها بماتي ابن خالها ، حتى أمها التي ليس لها سوى أخ وحيد هو والد ماتي ، والذي تحبه حباً جماً وتعتبر أبناءه امتداداً لها ، حتى هذه أثارها تصريح ابنتها بطريقة مفاجئة ! لم تعتقد ميشيل أن السبب ديني وراء هذه الثورة ، فأبوها لم يكن يوماً من المتشددين وأمها التي اعتنقت الإسلام بعد ولادة ابنتها لم تهتم يوماً بتطبيق الأحكام الدينية ، فما بالهما الآن يعاملانها هذه الحدة ويحاولان إقناعها بأن ماتي لا يصلح لها ؟ يبدو أن والدها قد نالا نصيبهما هما الآخرين من هذه البيئة المتناقضة التي انغرسا في تربتها كل هذه السنين . ماذا لو أن ماتي كان يحبها فعلاً ؟ هل كانت لتتخلى عنه من أجل أسرتها كما تخلى عنها فيصل من أجل أسرته ؟ المشكلة مع ماتي أعقد بكثير ، فهي لا يمكنها الزواج شرعاً منه لكونه مسيحياً ، هل تستطيع أن تتزوجه مدنياً في أمريكا ؟ تعرف أن أباها يستحيل أن يوافق على مثل هذه الفكرة مهما بلغ به التحرر . عموماً ، الحمد لله أن ماتي لم يفاتحها يوماً في موضوع الحب هذا ، ربما كان لا يشعر نحوها بأكثر من عاطفة الصداقة أو الأخوة ، لكن السنوات التي قضتها في السعودية جعلتها تفسر أي اهتمام من أي رجل بها على أنه حب . قرر والدها اتخاذ الخطوة التي كانا يؤجلانها حتى عودة ميشيل النهائية بعد حصولها على البكالوريوس من سان فرانسيسكو . تذرعاً بخوفهما عليها من تداعيات الموقف في أميركا بعد الحادي عشر من سبتمر ، إلا أن إحساس ميشيل كان يؤكد لها أن تلميحاتها عن علاقتها بماتي كانت أكبر دافع لهما إلى تعجيل السفر . الهجرة إلى دبي ، قرار اتخذه الأبوان بعد عجزهما عن الانسجام مع المجتمع السعودي المتزمت ، وتدخل الجميع في شؤون الجميع . لم يكن بيدها الخيار هذه المرة ، لو رفضت الانتقال مع أبويها وأخيها لزاد الشك في نفس والدها من ناحية علاقتها بابن خالها الذي تشعر في قرارة نفسها باعتباره إياها أختاً صغيرة مدللة يعمل على إسعادها ، بطبيعته المالية لإمتاع الآخرين خاصة القريبين منهم إليه . جاء القرار مربكاً لها بعد أن أتمت عامين من دراستها الجامعية في سان فرانسيكو ، لكن كان من الواضح أن والديها قد أعدا العدة مسبقاً لكل شيء ، سوف تكمل دراستها في قسم الاتصالات المرئية في الجامعة الأمريكية بدبي حتى لا تضيع عليها أي من السنوات الدراسية كما ضاعت سنتها الجامعية الأولى عند انتقالها من الرياض إلى سان فرانسيسكو ، وسوف يلتحق مشعل الصغير بمدرسة خاصة ، ووالدها ينوي الاستثمار في دبي مثل كثير من أصدقائه ، أما والدتها فستنال قسطاً أكبر من الحرية والتقدير اللذين حُرمتهما أثناء معيشتها داخل السعودية . هذه المرة كان الانتقال أصعب من سابقه . هذه المرة ستودع صديقاتها دون أن تعدهن برؤيتهن في عطلة رأس السنة . قد يظل منزلهم في الرياض على حاله إلا أنها متأكدة أنها لن تعود إليه إلا بقرار جماعي ، ولن يعود لها ما يربطها بالرياض سوى أقرباء لا يحبذ والدها أو والدتها زيارتهم . أقامت لميس حفلة كبيرة في منزلها لوداع ميشيل ، وقدمت الصديقات ساعة ماسية ثمينة لصديقتهن التي ستهاجر للعيش في عاصمة الحرية الخليجية . بكين وهن يعانقن أيام مراهقتهن وبداية الشباب التي ستنتزع منهن بسفر ميشيل وانفصالها عن الشلة انفصالاً أبدياً كانت أم نوير تذكر فتياتها بوجود الإنترنت وإمكانية المحادثة يومياً بالصوت والصورة فتهدأن قليلاً ، لكنهن كن أكيدات أن علاقتهن بميشيل سوف تتغير بعد سفرها إلى دبي كما تغيرت بعد سفرها إلى أميركا وأكثر ، فهي لا تنوي الرجوع هذه المرة ، ولذلك فإن جذوة العلاقة التي ظلت مشتعلة لسنوات سوف تخبو رغماً عنهن مهما حاولن وحاولت هي المحافظة عليها ، لأنه لن يعود هناك ما يذكيها بعد أن تنتقل ميشيل للعيش في مكان آخر بعيد عنهن . كانت لميس أكثر الصديقات حزناً . جاء سفر ميشيل في وقت تعاني فيه من مشاكل متراكمة ، مشاكل في الجامعة مع بعض الأساتذة المتسلطين ، ومشاكلها المعتادة مع تماضر التي لا تمل انتقادها ولا تخفي غيرتها من أي نجاح تحصده ، ومشكلتها مع أحمد الذي اكتشفت أنه ينقل لأصدقائه في الجامعة جميع ما يدور بينهما من حوارات هاتفية ، بكل ما يدور خلالها من نقاشات لا تتعلق بالدراسة ! كان يخبرهم كل ما تقصه عليه من باب التسلية من قصص صديقاتها في الدفعة ، حتى بلغت الأنباء صديقاتها اللواتي ثرن عليها ثورة قاسية وامتنعن عن الاختلاط بها . في السنوات الأخيرة كانت لميس قد ابتعدت كثيراً عن ميشيل ، وقد عانت من الحيرة طويلاً وهي تقارن بين ميشيل وصديقاتها في كلية الطب ، لكنها في ذلك اليوم شعرت بأن ميشيل وحدها القادرة على فهمها جيداً ، وأنها وحدها التي اقتربت من حقيقة شخصيتها بشكل لم يقترب منه الآخرون . كانت ميشيل تشبهها في كثير من الأمور ، وكانت بئر أسرارها الوحيد . تحملتها كثيراً وكان معها كل الحق في أن تشعر بالغضب لإهمالها إياها بعد دخولهما الجامعة ، لكن ما لفائدة الآن ؟ سوف تسافر ميشيل وقد لا تعود ، وستخسر لميس إلى الأبد صديقتها الأقرب إلى قلبها ، والتي لم تعرف قيمتها إلا بعد فوات الأوان .
(33)
أبو مساعد والشرط حدثنا قتيبة بن سعيد : حدثنا سفيان عن زياد بن سعد ، عن عبد الله بن الفضل ، سمع نافع بن جبير يخبر عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الثيب أحق بنفسها من وليها ، والبكر تستأمر ( أي تستأذن) ، وإذنها سكوتها . صحيح مسلم :3477 عرض علي أحد القراء أن أجمع رسائلي بعد الرسالة الأخيرة وأصنع منها فصولاً لرواية مطبوعة حتى يتمكن من قراءتها الجميع . يا سلام ! أتصبح لي رواية من تأليفي ؟ تعرض في المكتبات وتدفن في غرف النوم؟ يوصي بعضكم بعضاً بجلب نسخ منها من لبنان ؟ على افتراض مسبق بأنها ستكون رواية ممنوعة ! وهل سأرى صورتي الفاتنة تزين غلافها الخلفي كما تزيّن (أو تشين)! صورة الكتاب رواياتهم ؟ أعجبني الاقتراح لكنه أدهشني وأخافني في نفس الوقت ، فأما الدهشة فهي لأنني كنت أعتقد أنه لم يتبق أحد – في السعودية على الأقل – لم تصله إيميلاتي ، بحكم حرصي على أن أبعث بها منذ البداية إلى جميع مستخدمي الإنترنت في المملكة ، عن طريق الإيميلات الرسمية على عناوين شركات الإنترنت ، وإلى جميع مستخدي الياهو والهوتميل وغيرها من كبريات الشركات العالمية التي توفر خدمات البريد الإلكتروني ، بعثت بها لكل الذين أدرجوا أسم السعودية ضمن بياناتهم الشخصية ، ومع هذا فقد فوجئت بمن يقول أنه لم يقرأ الإيميلات إلا ابتداء من الإيميل العاشر الذي وصله عبر ال(فوروورد) من أصدقائه! أما الخوف فهو من حكاية النشر والتوزيع التي تستلزم الكشف عن اسمي بعد أن أخفيته عنكم طوال هذه الشهور ! هنا يأتي الجد : هل تستحق صديقاتي مثل هذه التضحية ؟ هل يستحققن كل ما سيكال لي من تهم علاوة على ما قد كيل مسبقاً – إذا عُرف اسمي الحقيقي ؟ بانتظار آرائكم ونصائحكم ، راسلوني .
** كانت أم قمرة تدفع ابنتها دفعاً لمقابلة أبو مساعد ، العقيد في الجيش وصديق خالها منذ سنين . كان أبو مساعد في السادسة والأربعين ، سبق له الزواج لكنه على السنين الثماني التي قضاها مع زوجته لم يرزق منها بأطفال (ورغم ذلك فالجميع يكنونه أبو مساعد) . قرر الزواج بعد أن بلغته أنباء حمل زوجته السابقة من زوجها الثاني . عرض الموضوع على أصدقائه فما كان صديقه أبو فهد – خال قمرة - إلا أن رشح له ابنة أخته وهو يظن نفسه باراً بها بفعلته تلك . جلست قمرة غير بعيدة وراحت تتفحصه بدقة لم تتفحص بها راشد عندما أتى لخطبتها قبل ثلاث سنوات . ما عاد يعتريها ذلك الخجل القديم ولم تعد تتعثر في مشيتها . لم يكن الرجل عجوزاً كما تخيلته ، يبدو في نهاية الثلاثينات . لا شيب في شاربه لكن بعض الشعيرات الفضية فرت من تحت غترته البيضاء لتبدو واضحة عند جانبي وجهه. كان خالها يعرف أبو مساعد جيداً ولذلك بدا دور والدها ثانوياً . أراد الأب أن ينهض من مكانه لدقائق كما أوصته الأم حتى يتيح لابنته فرصة التحدث إلى خطيبها والتي لم يتحها لها قبل زواجها السابق لكنه كان بانتظار نهوض الخال الذي لم يتحرك من مكانه، ضارباً بتوسلات أخته التي تشير له من خلف درفة الباب عرض الحائط . ظل خال قمرة متوجساً ومتيقظاً بانتظار أي لفتة أو نظرة أو همسة منها ، كي يصب جام غضبه عليها وعلى أمها بعد انصراف أبو مساعد . أهمل هذا الأخير وجود قمرة وانصرف للحديث مع خالها عن آخر أسعار الأسهم . اغتاظت قمرة كثيراً من أسلوبه وأوشكت أن تغادر الغرفة مع أنها لم تدخل عليهم إلا قبل دقيقتين ، لكن قنبلة فجرها أبو مساعد حملتها على البقاء حتى ترى شظاياها : - أنا مثل ما انتم عارفين عسكري بدوي وما أعرف لكلام الحضر المزبرق وسوالف اللف والدوران . أنا سمعت منك يا بو فهد إن بنتكم عندها ولد من رجلها الأول . وأنا شرطي في هالزواج إن الولد يظل في بيت جده وما يسكن في بيتي . أنا بصراحة مانيب مستعد أربي ولد مهوب من صلبي . يرد والدها : - بس يا بومساعد الولد توه صغير ! - صغير والا كبير . هذا شرطي يا بو محمد ، والحق ما ينزعل منه . يحاول خاله تهدئة الوضع قائلاً : - طوّل بالك يا بو مساعد وما يصير إلا الخير إن شاء الله . كانت قمرة تقلب ناظريها بين أبيها وخالها وأبو مساعد . لم يفكر أحدهم أن يشاور صاحبة الشأن الجالسة إلى جانبهم كلوح من الخشب ! قامت وانصرفت من الغرفة بعد أن جحدت خالها بنظرة حارقة ! في غرفتها كانت أمها بانتظارها بعد أن سمعت كل شيء . شكت لها قمرة برود خالها وسلبية أبيها وغرور هذا الرجل الملقب بأبو مساعد . هونت عليها والدتهاوطيبت خاطرها بالقدر الذي تستطيع ، ثم آثرت أن تصمت بعد أن رددت على ابنتها ما ملت هي من كثرة ترديده وملت ابنتها من كثرة سماعه . ظلت قمرة ثائرة على هذا الذي يطلب منها بكل صفاقة أن تتخلى عن ابنها من أجله ، مع أنه غير قادر على الإنجاب كما هو جلي وواضح ! كيف يريد أن يحرمها من ابنها الوحيد الذي لن تشعر بأمومتها مع غيره ؟ كيف يسمح لنفسه بأن يأمرها أن تضحي بابنها فوق تضحيتها بالإنجاب إن هي قبلته زوجاً !؟ ثم من يظن نفسه هذا العسكري البدوي حتى يكلم أباها بتلك الطريقة المتعجرفة ؟ لقد سمعت عن رجال البدو وعن العساكر وطباعهم الصعبة لكنها لم تصادف في حياتها أحداً بهذه الصفاقة ! جاء خالها مع أبيها بعد انصراف الرجل غاضباً من طريقة انصرافها بلا استئذان ، وكما أهمل وجودها أمام الرجل ، أهمل وجودها هذه المرة أمام أمها : - بنتس(بنتك) ما تستحي يا أم محمد . الله يهداتس مدلعتها واجد . أنا أقول نتوكل على الله ونزوجها إياه . الرجال ما يعيبه شي ، والحمد لله البنت عندها ولد يعني ما نقصها أولاد ، وحنا كلنا عارفين إن قعدتها في ذا بدون رجال يضفها ويستر عليها ما تنبغي . كلام الناس كثير وحنا عندنا بنات نبي نزوجهن . انتي فيتس الخير والبركة يا أم محمد والله يطول لنا بعمرتس وتربين عيالتس وعيال عيالتس . ولد قمرة نخيله يتربى عندتس وأمه تجي تشوفه كل ما بغت وما ظن رجلها بيمانع . وش رايك يا خوي يا بو محمد ؟ - والله انت تعرف الرجال يا بو فهد وانت أبخص به . إذا انت مانت شايف عليه خلاف ، توكل على الله . انصرف خالها بعد أن أعطى رأيه كاملاً ومفصلاً في أمر ليس من شأنه ، وانصرف والدها هو الآخر ليبدأ سهرته مع أصدقائه في المزرعة (الاستراحة) ، وبقيت قمرة تهدر في وجه أمها بعصبية : - وش اللي رجال يضفني ويستر علي ؟ أخوتس شايفني مفضوحة والا فيني عيب يبي يخبيه ؟ هذا وأنا يقال لي حرمة الحين وعندي ولد والمفروض يوخذ بكلمتي وينسمع رأيي ! شكل الدنيا عندكم ماشيتن عكس الناس ! بزواجي الأول ما سويتوا فيني تسذا! بعدين وش هالرجال اللي انت ما خذته ؟ ما له أي كلمة على بنته قدام أخوتس ؟؟ وأخوتس هذا أنا وش دخلني ببناته اللي يبي يزوجهن ؟؟ إن شاء الله لا عمرهن تزوجن ! يبي يذبني على ذا العلة المستعلة عشان يخلص من همي ويزوج بناته ؟ جعله ينهد هو وبناته ! - استحي على وجهتس ! مهما كان هذا خالتس ، بس ما عليتس منه . استخيري واللي ربتس كاتبه بيصير . سلمي أمرتس لربتس وتوكلي على الله . لم تنصحها أمها بأن تستخير قبل زواجها الأول . هل كانت مواصفات راشد بالروعة التي تغني عن الاستخارة فيها ؟ صلت قمرة ركعتين مساء تلك الليلة بعد أن علمتها موضي صفة صلاة الاستخارة ، ثم افترشت سجادتها وراحت تدعو : - اللهم إني أستخيرك بعلمك ، وأستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم ، فإن تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب . اللهم إن كنت تعلم أن في زواجي من أبو مساعد خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ، وإن كنت تعلم أن فيه شر لي ، في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه . واقدر لي الخير حيث كان ، ثم رضني به . أخبرتها موشي أنه ليس بالضروري أن ترى حلماً يدلها إلى الاختيار السليم كما كانت تظن ، لكنها وبتكرار الاستخارة سوف يشرح الله صدرها للأمر الذي استخارته فيه فتتمه ، أو يقبض صدرها من ناحيته فتعرف أنه ليس من صالحها وتنصرف عنه ، ظلت قمرة تكرر صلاة الاستخارة مرات ومرات في الأيام دون أن تهتدي إلى قرار . بعد عشرة أيام أو ما شابه ، بعد أن توضأت وصلت ثم خلدت إلى النوم ، حلمت بأنها نائمة في سرير غير سريرها ومتلحفة بغطاء سميك لا يكشف سوى عن رأسها وقدميها . كانت تطل في وجه نفسها وكأنها تطل في وجه صديقتها سديم ، مع أنها متأكدة أنها هي المستلقية في الفراش رغم ملامحها التي كانت تتسدمن في الحلم بشكل غريب ! كان شعر النائمة مبيضاً وكان عندها لحية بيضاء طويلة (لكن العجيب أنها لم تستهجن وجود اللحية أثناء الحلم ) ، ثم رأت كأنها توقظ نفسها النائمة وتصيح فيها: قومي قومي فاتت الصلاة! ظلت تتقلب في فراشها حتى أفاقت من نومها في الحلم وفي الحقيقة . عندما قصت حلمها على موضي اتصلت تلك بأحد المشائخ المختصين بتفسير الرؤى والأحلام لتقص عليه قمرة حلمها . أخبرتقمرة الشيخ أن الحلم قد جاء بعد استخارة بشأن خاطب متقدم لها . سألها الشيخ إن كانت متزوجة فا<ابته (كنت يا شيخ ولكنني طلقت منه) سألها إن كان لها أطفال منه فردت (عندي منه ولد) . قال لها الشيخ : - إن هذه الفتاة النائمة هي أنت وليست صديقتك كما خُيل لك في الحلم . أنصحك يا ابنتي قبل كل شيء بالرجوع إلى الدين ، الذي فيه العصمة من كل بلاء والنجاة من كل شر ، لأن انحسار غطاء السرير عن رأسك إنما هو دليل على ضعف دينك . أما اللحاف فهو دليل على أمنك واستقرارك في زواجك الأول ، وكشف شعرك أيضاً دليل على عدم رجوع زوجك إليك وهذا خيرٌ لك لأن الشيب إنما ي

ر بـا نـj ل
ر بـا نـj ل
(36)
ميشيل تتحرر من القيود لا أدعي أني قلت هنا الحقيقة كاملة ، ولكني أرجو أن كل ما قلته هنا حقيقة . غازي القصيبي (حياة في الإدارة) كل عام وأنتم بخير . تقبل الله صيامكم وقيامكم وصالح أعمالكم . اشتقت إليكم جميعاً ، حلفاء وأعداء ، وتأثرت بسؤال الجميع الذي لم ينقطع عني طوال الشهر الفضيل . ها قد عدتُ إليكم عودة الصائم إلى الفطر في شوال . ظن البعض أنني سأقف عند هذا الحد ولن أكمل القصة بعد رمضان . أحب أن أطمئن المحبين وأغيظ الحاسدين بأن هذه ما زالت البداية ، وما زال فتيل الاعترافات طويلاً بداخلي ، وكلما طال احتراقه ، ازدادت كتاباتي توهجاً . تأقلمت ميشيل مع حياتها الجديدة بأسرع مما كانت تنتظر ، وحاولت أن تضع وراء ظهراها تجارها السابقة التي لم توفق في أي منها لتبدأ من جديد . صحيح أن الغضب والسخط على العالم بأسره ظلا قابعين بداخلها لكنها استطاعت أن تتعايش معهما حتى بدت طبيعية بالنسبة لمن هم حولها . ساعدها أن دبي كانت أجمل مما توقعت ، وأن تعامل الجميع معها ومع أسرتها كان أرقى مما كانت تنتظر. تعرفت في جامعتها الجديدة على جمانة ، طالبة إماراتية في مثل سنها تدرس تقنية المعلومات . كانتا تشتركان في دراسة بعض المواد ، وكانت جمانة تلفت انتباهها دائماً لجمالها وأناقتها ولكنتها الأمريكية المتقنة وسرعان ما توطدت العلاقة بينهما . فرح والد ميشيل بعلاقة ابنته بابنة أحد أكبر رجال الأعمال في الإمارات وفي الخليج وصاحب واحد من أنجح القنوات الفضائية العربية . كان ميشو(مشعل) أخو ميشيل يخبر جمانة في كل مرة تأتي فيها لزيارتهم أنها تكاد تكون نسخة من أخته ، نفس الطول والجسم وتسريحة الشعر ونفس الذوق في اختيار الملابس والأحذية والحقائب والإكسسوارات ، وكان ميشو محقاً ! كانت الفتاتان تشتركان في كثير من الأمور ، وقد ساعدهما ذلك على التقارب إلى حد كبير وحررهما من عقدة الغيرة بين الصديقات اللواتي لا يمتلكن نفس الإمكانات الجمالية والعقلية والمادية . اقترحت جمانة على ميشيل أن تعمل معها في بداية العطلة الصيفية في محطة والدها الفضائية ، فوافقت ميشيل التي تحمست للفكرة كثيراً . شاركت الفتاتان في إعداد أحد البرامج الخاصة بالشباب والتي تبث أسبوعياً على الشاشة الصغيرة . كانت كل منهما تبحث عن أحدث الأخبار الفنية على مواقع الإنترنت الأجنبية والعربية ، وتعدان تقاريرهما يومياً لتقديمها لمعد البرنامج الذي لاحظ حماسهما البالغ ونشاطهما المميز ، فأوكل لهما إعداد الفقرة الفنية بأكملها . حدث ذلك في الشهر الأخير من العطلة الصيفية ولذلك فقد ألقيت المهمة على عاتق ميشيل وحدها بعد أن سافرت جمانة مع أسرتها لقضاء الشهر المتبقي من العطلة في أسبانيا . انهمكت ميشيل في إعداد الفقرة الفنية كل أسبوع واستمرت في تلك الوظيفة حتى بعد انقضاء العطلة الصيفية وبدء الدراسة . كانت الفقرة تختص بأخبار الفنانين والفنانات العرب والأجانب . حصلت من مُعد البرنامج على أرقام وعناوين عدد كبير من مديري أعمال الفنانين والفنانات في العالم العربي ، فصارت تتصل بهم للتأكد من صحة هذه الإشاعة أو تلك أو لترتيب لقاء هاتفي أو مباشر مع أولئك الفنانين . ساعدتها هذه المهمة وأسلوبها اللبق في الحوار على تكوين علاقات كثيرة مع عدد من المشاهير الذين صاروا يعرفونها شخصياً ويجتمعون بها أثناء زياراتهم لدبي ، وصارت تُدعى إلى حفلاتهم بشكل دائم . تطور بها الأمر حتى عُينت رسمياً معدة للبرامج في تلك القناة وصار لها برنامجها الخاص الذي تقوم بتقديمه مذيعة لبنانية شابة ، بعد أن رفض والدها السماح لها بتقديم برنامج على شاشة قناة فضائية يصل بثها إلى منازل أقاربه في السعودية . فتح لها العمل في المجال الإعلامي الذي يعد اختصاصها آفاقاً جديدة . شعرت لأول مرة بتحررها الفعلي من جميع القيود التي كانت مفروضة عليها من قبل . تعرفت على أنواع مختلفة من البشر وشعرت بأنها أكثر ثقة بنفسها وبأنها تستطيع تحقيق كل ما تريد بصداقتها الواسعة وعلاقاتها الكثيرة . كان الجميع يحبونها وكانت تقابل محبتهم بالمزيد من التميز والنجاح . ظلت جمانة صديقتها المقربة لكنها لم تكن تهوى العمل الإعلامي بشكل كبير فاستلمت وظيفة إدارية في المحطة بعد تخرجها الذي سبق تخرج ميشيل بحوالي عامين .
(37)
رجل كالآخرين ؟! أدري طريقي صعب وأدري فراقك صعب حتى رجوعي صعب ما به حلول لكن با قول تعذبي يوم ، يمكن شهر انسي السهر وانسي القهر ، وانسيني عيشي حياتك كلها ، بحلوها وبمرها يمكن تلاقي لك حبيب يصير لجروحك طبيب وترجع فرحتك ثاني وتنسي الحب وتنساني وتترك ديرة احزاني بدر بن عبد المحسن الأخ عادل الفايق – الذي يبدو لي أنه متخصص في مادة الإحصاء – أرسل لي منتقداً رسائلي لأنها تأتي بأطوال متباينة وغير متناسقة كأطراف الفساتين حسب موضة هذه السنة . يقول الأخ أنه كي تكون أطوال إيميلاتي متناسقة فإنه يجب أن يتم توزيعها توزيعاً طبيعياً ، وحسب الأخ عادل فإن التوزيع الطبيعي هو ما تتمحور 95% من البيانات فيه حول المعدل الطبيعي ، مع مراعاة عامل التنوع أو (الستاندرد ديفيشن) ، وأن تكون نسبة البيانات الخارجة عن منطقة التمحور هذه – سواء المنخفضة عنها أو المرتفعة – لا تتعدى ال 5ر2% في كلتي الناحيتين ، لما مجموعه 5% . أحد معاه ريال ؟
** أتت النهاية التي ظلت سديم تغمض عنها عينيها لمدة ثلاثة سنوات ونصف السنة . بعد أن أهداها فراس جهاز الكمبيوتر المحمول (اللاب توب) الذي وعدها به في عطلة نصف العام الدراسي بعد تخرجها بأيام ، أخبرها بصوت خافت وكلمات تقطر ببطء كقطرات الماء من صنبور مقفل ، بأنه قد خطب فتاة تقرب لأحد أزواج أخواته الخمس. ألقت سديم بسماعة الهاتف غير عابئة بتوسلات فراس . شعرت بدوامة عنيفة تشدها لأسفل ، تشدها لما تحت الأرض ! حيث يسكن الموتى الذين تمنت أن تكون إحداهم في تلك اللحظة . ايعقل أن يتزوج فراس من غيرها ؟ كيف يمكن لمثل هذا أن يحدث !!؟ بعد كل هذا الحب والسنوات التي عاشاها معاً ؟ أيعقل أن يعجز رجل بقوة فراس عن إقناع أهله بزواجه من فتاة قد سبق لها الارتباط برجل قبله ، أم أنه عجز عن إقناع نفسه بذلك قبل كل شيء ؟ أتكون فشلت بعد كل هذه المحاولات في أن تصل إلى درجة الكمال الذي يليق برجل مثل فراس ؟؟ لا يمكن أن يكون فراس نسخة أخرى من فيصل حبيب ميشيل ! كانت تراه أكبر وأقوى وأكثر شهامة من ذلك المتخاذل الذي تخلى عن صديقتها بلا رجولة ، فإذا به من نفس الفصيلة . لا فرق بين أفراد تلك الفصيلة سوى بالشكل . يبدو أن الرجال جميعهم من صنف واحد وقد جعل الله لهم وجوهاً مختلفة حتى يتسنى لنا التفريق بينهم فقط ! كان فراس قد اتصل بها على هاتفها الجوال ثلاثة وعشرين اتصالاً خلال سبع دقائق لكن الغصة التي في حلق سديم كانت أكبر من أن تسمح لها بالحديث معه ! لأول مرة لا ترد سديم على اتصال لفراس بعدما كانت تهرع إلى الجوال لحظة أن تسمع نغمة اتصاله المميزة ، (لقيت روحي بعدما أنا لقيتك ... وبعد اللقا أرجوك لالا تغيبي ...) راح يكتب لها رسائل نصية رغماً عنها ، يحاول أن يوضح فيها ما حدث ، فتقرأ ويزداد غضبها بدلاً من أن تهدأ . كيف استطاع أن يخفي عنها نبأ خطوبته لمدة أسبوعين هي مدة امتحاناتها النهائية؟! كان يحادثها عشرات المرات كل يوم ليطمئن على سير مذاكرتها وكأن شيئاً لم يكن !ألهذا السبب كان قد كف عن الاتصال بها باستخدام هواتفه الخاصة وصار يتصل بها بواسطة البطاقات المسبقة الدفع حتى لا يكتشف أهل خطيبته ما بينه وبينها من علاقة إذا ما حاولوا مراجعة فواتير هواتفه الخاص ؟؟ إذن فقد كان يعد لهذا الأمر من شهور !! كتب لها أنه أصر على ألا يعلمها بالأمر قبل أن يطمئن إلى تخرجها من الجامعة بتفوق ، وكان هذا ما حدث ، فقد حصلت في ذلك الفصل على أعلى الدرجات ، مثل عادتها منذ أن تعرفت على فراس . كان فراس ينصب نفسه مسؤولاً عن دراستها وتفوقها وكانت هي تسلم له زمام الأمور وتكتفي بطاعة أوامره بسعادة ، فهي تصب دائماً في مصلحتها . لقد تفوقت في هذا الفصل على الرغم من وفاة والدها قبل موعد امتحاناتها النهائية بعشرة أسابيع . ودت حينها لو أنها لم تتفوق ولم تنجح ولم تتخرج . لو أنها رسبت ، لما شعرت بهذا الذنب الثقيل بسبب تفوقها رغم وفاة والدها القريبة ، ولما استطاع فراس أن يتركها ليتزوج إلا بعد فصل دراسي آخر !! هل سيرحل فراس عنها إلى الأبد كما رحل والدها قبل أسابيع ؟ من سيرعاها بعدهما في هذه الحياة ؟؟ خطرت ببال سديم وفاة أبي طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم ووفاة السيدة خديجة رضي الله عنها في عام واحد ، وتسميته بعام الحزن . استغفرت الله وهي تفكر بأن أحزانها هذا العام تعادل أحزان كل البشر على وجه الأرض . انقطعت عن تناول الطعام لثلاثة أيام متواصلة ، ولم تقوى على مغادرة غرفتها إلا بعد أسبوع كامل من سماعها للنبأ الذي شل مشاعرها وأفكارها وجوارحها وتركها لأول مرة منذ سنين بحاجة لاتخاذ قرارات دون استشارة المستشار فراس . ألمح لها في رسائله النصية المتواترة بأنه مستعد لأن يبقى حبيبها طوال العمر . هذا هو ما يريده بالفعل ، لكنه سيضطر لإخفاء ذلك عن زوجته وأهله ! أقسم لها أن الموضوع ليس بيده ، وأن الظروف كانت أقوى منه ومنها ، وأنه يتألم لهذه النتيجة التي وصلا إليها أكثر منها ولكن ما باليد حيلة ! ليس أمامهما إلا الصبر . حاول إقناعها بأنها ستظل حبيبته مدى الحياة ، وأنه لن تتمكن امرأة أياً كانت من احتلال مكانها في قلبه . أخبرها أنه يرثي لحال خطيبته منذ الآن لأنها ارتبطت برجل قد تذوق طعم الكما في امرأة قبلها ، وسيظل الطعم باقياً على لسانه ، يستحيل على امرأة عادية أن تمحوه ! بعد سنين من سعيها وراء الكمال الذي لا يليق برجل مثل فراس سواه ، ركل فراس كمالها بقدمه والتفت إلى العادية ، بل التفت إلى الابتذال حتى يخلص نفسه من عناء المقارنة بين أية فتاة قريبة من الكمال وبينها . اعترف فراس لنفسه ولها أنها وحدها التي تشبع كل عاطفة وغريزة بداخله . حاول إقناعها وإقناع نفسه قبلها بأنه قد أعلن استسلامه أمام مشيئة الله التي أبت اجتماعهما ، ولذلك فقد تساوت في نظره جميع النساء ولا فائدة من التنقيب عمن توازيها ، فهي الوحيدة التي اختزلتهن جميعاً في روحها ، ومن الصعب عليه التفكير باحتمالية وجود من تشبهها على وجه الأرض . كان قرار الابتعاد أول قرار اتخذته بعد الصدمة ودون أن تفكر بعواقبه . حال سماعها لخبر خطبته لم تستطع أن تستمر في التمثيل . أنهت تلك المكالمة دون توديعة لأول مرة في حياتها ، ورفضت الرد على مكالماته ورسائله المستعطفة بعد ذلك رغم كل الألم الذي كان يعتصرها بعنف شيطاني . كانت تلوذ بدموعها الساخنة التي لم تجف دقيقة واحدة على مدى أسبوعين . كانت تداري حزنها على فراس بحزنها على والدها الذي اشتد قسوة بالفعل بعد انقطاعها عن حبيبها . حاولت بصدق أن تتجاوز محنتها دون مساعدة فراس . كانت تجلس إلى مائدة الطعام مع خالتها بدرية فلا تمر دقيقة حتى تنهار باكية ، أمام طبق من السمك الذي تحبه أو صحن من المهلبية التي تعشقها .كانت تكتم غصتها وهي تشارك خالتها مشاهدة التلفاز فتنفلت الدموع رغماً عنها ، يتبعها أنين لا تقوى على كتمانه . لو كان الأمر بيدها ، لو لم يكن بها بقية من عقل وأشلاء كرامة ، لكانت ذهبت برجليها إليه وارتمت بين أحضانه لتفرغ ما في قلبها من حقائب البكاء على صدره الذي ليس لها سواه في هذا العالم ، لراحت تشكوه إليه وتستنجد به منه . خالتها بدرية التي كانت قد انتقلت للسكن معها في المنزل بعد وفاة أبيها حتى تنتهي سديم من تقديم امتحاناتها النهائية تصر الآن على أخذها للعيش معهم في مدينة الخبر بالمنطقة الشرقية ، لكن سديم ترفض . لن تنتقل للسكن في مدينة فراس مهما كلف الأمر ! لم تعد تطيق العيش معه تحت سماء واحدة بعدما فعله بها وبعد الجرح الذي سببه لها ، فكيف تعيش في نفس مدينته ؟ تقسم خالتها بأنها لن تدعها وحدها في الرياض مهما فعلت ومهما قالت ومهما تذرعت بمنزل أبيها والذكريات التي يعز عليها فراقها . لم يمض على انقطاعها عنه سوى أيام وهاهي تشعر منذ الآن بحاجة ماسة إليه . لم يكن مجرد شوق وحنين ، وإنما كان شعور المخنوق بعد انقطاع الهواء عنه . كان فراس الهواء الذي تتنفسه على مدى سنوات ، وكان الشخص الوحيد الذي تسرد له تفاصيلها اليومية بإسهاب مذنب يجلس على كرسي الاعتراف أمام كاهنه . كانت تحكي له عن كل شيء حتى يسخر منها بسبب أحاديثها التي لا تنتهي ، ويضحكان معاً وهو يذكرها بالأيام الخوالي في بداية علاقتهما ، عندما كان يجرجر فيها الكلمات من فمها بطلوع الروح !
(38)
الصبر مفتاح ال ... زواج الرجل له مصباح هو الضمير ، والمرأة لها نجم هو الأمل ، فالمصباح يهدي ، والأمل ينجي . فيكتور هوجو حزن البعض على فراق سديم وفراس ، وفرح البعض لأن فراس اختار زوجة صالحة بدلاً من سديم التي لا تصلح لأن تكون أماً لأبنائه . قرأت ضمن الرسائل التي وصلتني عبارة تقول أن الحب الذي يأتي بعد الزواج هو الحب الذي يدوم ، وأن ما قبل الزواج من مشاعر ليس إلا عبث وضحك على الذقون ، فهل هذا صحيح برأيكم ؟
** لم تعتقد لميس أن خطتها أو (رسمها ) على نزار سوف يتطلب منها كل هذا الصبر وبرودة الأعصاب ! كانت في البداية تظن أن مهلة الأشهر الثلاث كافية لإيقاعه في شباكها ولكنها مع الوقت اكتشفت أن الأمر يتطلب منها الكثير من الحنكة والصبر ، وهذان في تناقض مستمر مع ازدياد إعجابها بنزار ! لم تتصل به أبداً وكانت تحاول جاهدة أن لا ترد على بعض اتصالاته الشحيحة . كانت تشعر بقواها الخارقة تضعف مع كل رنة من هاتفها الجوال ، تظل عيناها معلقتين برقمه الظاهر على شاشة الجوال حتى يكف الجهاز عن الرنين ويكف قلبها عن الخفقان على وزن رنة الجوال ! كانت النتيجة مُرضية في البداية ، فقد أرضى اهتمامه بها غرورها . حذرته بحزم منذ البداية من أن يتدخل في حياتها ، وأفهمته أن صداقتهما لا تعني أن من حقه أن يتطفل عليها ويسألها عن جدولها اليومي . كان يعتذر لها باستمرار مبرراً اهتمامه بحرصه على معرفة أوقات فراغها حتى لا يزعجها أثناء انشغالها ، ثم أنها لا ترد على الرسائل النصية التي يبعثها إليها ! أخبرته أنها لا تحب كتابة الرسائل النصية فهي تتطلب منها وقتاً ليست في غنى عنه (لو وقع هاتفها بين يديه لوجده مليئاً بالرسائل المرسلة والمستقبلة من صديقاتها وقريباته ) !. بدأ اهتمامه بها يخفت تدريجياً باعثاً في نفسها القلق والخوف ، فاتصالاته قلت بشكل ملحوظ وحديثه أصبح أكثر جدية ورسمية وكأنه بدأ يضع لعلاقتهما حدوداً لم يكن يضعها من قبل . اعتقدت لميس أن الوقت قد حان للاستغناء عن خطتها المتشددة لكنها خافت أن تندم بعد ذلك على استعجالها وفي التي تنتقد سذاجة صديقاتها وقلة صبرهن على الرجال . ظلت تواسي نفسها بكون نزار ليس من نوعية الشباب السهل ، وأن هذا على الأرجح أكثر ما يشدها إليه ، وما سيملؤها فخراً فيما بعد إن هي نجحت في الحصول عليه ! حاولت أن تحتفظ بإيجابيتها طوال الشهور الثلاثة التي حددتها للعلاقة . كانت تذكر نفسها بمدى إعجاب نزار بها وهي تنبش في ذاكرتها عن كل صغيرة تشير إلى ذلك . بدا الأمر سهلاً خلال الشهر الأول من عودتها إلى الرياض ، فالأحداث التي مرت بهما في جدة ما زالت طازجة بعد في عقلها . كان يحسن الاستماع إلى حديثها ، وكان يستمتع بما تقول وما تفعل حتى وإن كان ما تقوله أو تفعله غاية في الغباء أو التفاهة ، كنكتة سخيفة أو صنع فنجان من النسكافيه كل صباح حتى أحاديثهما الهاتفية خلال الشهر الأول من بداية الدراسة كانت تدل على إعجاب مبطن ، فرغم أنها كانت جافة معه في كثير من الأحيان وكانت تختلف معه في كثير من الأمور إلا أنه كان دوماً من يبادر بالاتصال والاعتذار إن استدعى الأمر . في الشهر الثاني كانت قد استهلكت جميع الذكريات الواضحة وتحولت إلى تلك الدقائق التي لم تلاحظها إلا بعد أن أجهدت ذهنها في التفكير ، مثل ذكرى آخر يوم لها في المستشفى بجدة ، عندما ذهبا لتناول الغداء في البوفيه ، فسحب لها الكرسي قبل أن تجلس على إحدى الطاولات وما كان قد فعل ذلك لها من قبل ، ثم جلس هو في الكرسي المجاور وليس المقابل كعادته ، وكأن الكرسي المقابل أبعد من اللازم في يوم الوداع ، ثم استدراجه إياها مرات عديدة لأن تنطق ببعض الكلمات التي يحب سماعها منها بسبب طريقة لفظها المميزة لها ، مثل كلمة Water اللي تنطق حرف ال T فيها كحرف D مثلما يفعل الأمريكان ، وكلمة Exactly التي يصر على تقليدها فيها بشكل مبالغ فيه ليبدو مضحكاً جداً Eg-zak-ly! ، وكلمة أربعين التي لم تكتشف أنها من ضمن ألاعيبه حتى سألها في ذلك اليوم : - أقول لك ، كم كان عمر المريضة اللي شفناها من شويّة ؟ - سبعة وأربعين سنة على ما أذكر . - بكم البيتزا الكبيرة ؟ - بخمسة وأربعين ، ليش تبغانا نطلب بيتزا بعد ما شربنا كل دا الأكل يا فجعان؟ - (وهو يغالب ضحكته) : لا لا طنشي . طيب عشرة زائد تلاتين يساوي كم ؟ - أربعين ! يوه ! إش بك يا نزار ؟! ترى إزا ما قلتاللي أيش الحكاية راح أزعل منك! ينفجر نزار ضاحكاً وهو يخبرها أنه يحب كثيراً طريقة لفظها لتلك الكلمة بالذات : أريعين ! في بداية الشهر الثالث كان قد مر على آخر اتصالاته أسبوعان كاملان ، تعبت خلالهما لميس من إيجابيتها وخططها التي لا تلتزم بها إلا من لا قلب لها ، لكنها ظلت خائفة من التراجع ، وقد قطعت في تنفيذ سياستها شوطاً لا بأس به ! أقنعت نفسها بأن نزار سيعود في يوم ما ولكن فقد في حال كونه مكتوباً في صفحة قدرها . لم يخيب القدر ظنها ، والخطة التي كانت تنوي إيقاف العمل بها إن لم يصرح نزار بحبه لها في غضون ثلاثة أشهر ، نجحت في دفعه إلى التقدم لخطبتها رسمياً من أهلها قبل نهاية المهلة المحددة بثلاثة أسابيع !
(39)
صفحات من الدفتر السماوي لا توقظوا المرأة التي تحب . دعوها في أحلامها حتى لا تبكي عندما تعود إلى الواقع المرّ . مارك توين صديقي بندر من الرياض حانق علي لأنني أحاول – وفق رأيه – أن أصور رجال المنطقة الغربية كملائكة منزهين عن الخطأ وكرجال غاية في الرقة والأدب وخفة الدم ، بينما أصور البدو ورجال المنطقتين الوسطى والشرقية كرجال متوحشين وهمجيين في تعاملهم مع المرأة ، وأرسم بنات الرياض على أنهن معقدات ومحرومات بينما بنات جدة غارقات في السعادة التي يحصلن عليها بمنتهى السهولة ! ليس الأمر متعلقاً بالجغرافيا يا بندر . إنها قصة أرويها كما حدثت ، وأنا متأكدة من أنه لا يجوز التعميم في مثل هذه الأمور ، ففي كل منطقة نرى أصنافاً متنوعة من الناس ، وهذه طبيعة بشرية لا يمكننا إنكارها ، وأتمنى أن تكون أنت يا عزيزي قاعدة جيدة لهؤلاء الذين تدافع عنهم تعادل حموضة أبطال هذه القصة .
** في صفحة من صفحات دفعترها الأزرق بلون السماء ، حيث اعتادت أن تلصق ثور فراس التي تجمعها بعناية من صفحات الجرائد والمجلات ، كتبت سديم : آه ... يا عوار القلب ، يا حبي الوحيد يا ن وهبته العمر ، الماضي والجاي حبك بصدري ينوح ، والعين تبكيك مالي سوى ذكراك ، هي زادي بدنياي أطلمتي يا دنياي ، والتعت يا قلب ومليتي يا روح من ثرة معاناي وش يصلب الجسم ، والقلب مذبوح ؟ ما عاد لي بعدك ، حس ولا راي يا روح روح الروح ! يا أغلى من لي يا بعد قلبي ، ويا غاية نواياي لا من تعبت ، ووسادتي ملتّ من دمع عيني ، ومن حر شكواي قمت وتوضيت ، وابليس هجّدته وربي حمدته ، حتى على بلواي يالله يا رحمان . ما بيك تردّه ! بس ما بيك تهنيه ! ولا يحبها شرواي جعله يذوق الظيم والغيرة مثلي ! ويظل يحبين ! ويتحلم برؤياي للحين أحبه ... ما هقيته نساني الله كريم .. يعوضني ، عن البايع بشرّاي لم تعتد سديم كتابة خواطرها قبل أن تبدأ علاقتها بفراس . حبه كان يدفعها لدباجة رسائل حب تقرأها عليه بين الحين والآخر حتى يتطوس ويمشي مختالاً بريشه الذي تلونه له سديم بنفسها ريشة ريشة ، لكن شيئاً ما حدث بعد خطوبة فراس ، جعلها تنزف أبياتاً كل يوم في سكون الليل الذي اعتادت لثلاث سنوات ونصف أن يشاركها ساعاته صوت فراس، كتبت : إلى صديقي العزيز ، وأغلى ما لدينا إلى القلب الحنون ، وتوأم الروح أيا نجمة سقطت ، يوماً بين كفيّا لم أكتب الشعر يوماً ، ولم أكن أبداً سعاد أو بدراً ، ولا إيليّا لكنك اليوم أنت تلهمني زواجك حرّك كل ما فيّا سنين طويلة قضيناها معاً ثلاثاً سعيدة ، والرابعة ها هيّا تفجرت فيهن كل المشاعر وعشت فيهن أحلى لياليّا حب ، وشوق ، وحرمان طويلٌ قربٌ وبعدٌ ، قهرٌ وحنّيّة تفرقنا الأقدرا ، لنعود ونلتقي الحب يبقى ، مهما استكبروا غيّا قالوا وقلنا ، وانتصروا همُ أه لو عرفوا ، ما قاسيته ُ ليّا آه لو يدرون .. لو عانوا ، من الحب الذي يحطم كل الجسور يفتت كل الصخور يبسّط كل الأمور ليجمعنا علانية ! صديقي العزيز ، ماذا نقول لهم ؟ الله يسامحهم ؟ أو لا يسامحهم ؟ ما عدتُ أفرح ، ولا عدت أحقد شيءٌ بداخل صدري ... تكسّر الشيّا ! إذا الله لم يكتب لنا أن نكون معاً فالله أكبر . لا اعتراض لديّا دعني أبارك لك ، وبارك لها عني يحقق لك الله كل الأمانيّا يا إلى ما لدي ، ويا زوجة الغالي يا رب اجعل كل أيامهما هنية صديقي ستبقى معي دائماً لن تصبح الذكرى يوم منسية ضحكاتنا ، دمعاتنا تبقى ما دام الذهن صافيّا والقلب يبقى محباً ، عاشقاً أبداً حبنا الأول لا يمحوه تاليّا ! صديقي سنصبح أبطال الحكايات نقصها على أطفالنا بأسماء وهمية صديقي تظل صديقي .. صديقي أيا نجمة سقطت ، يوماً ، بين كفيّا الصراع الداخلي الذي عاشته سديم وتذبذب مشاعرها في تلك الفترة ما بين الصفح والغفران جعلا من حياتها كابوساً مريراً . كانت عاجزة عن تحديد مشاعرها الحقيقية ، فهي تسب فراس وتبصق على صوره لتعود بعدها لتقبيل الصور بحنان وهي تطلب الصفح منها !كانت تتذكر مواقفه معها طوال تلك السنين فتبكي ثم تتذكر تلميحه العابر قبل سنتين عن مفاتحته لوالديه في موضوع الارتباط بمطلقة وردهما الذي جرحها يومها فتعمدت تناسيه ، هذا ما كانت ميشيل ولميس تحذرانها منه ، فتبكي المزيد وهي تتحسر على سنوات عمرها الضائعة وتدعو على وليد سبب كل شيء ! لاحظت قمرة ولميس وأم نوير أن سديم أصبحت أكثر تهاوناً في أداء صلاتها مؤخراً وأنها صارت تكشف عن شعرها عند ارتدائها للطرحة أكثر من ذي قبل . كان اهتمام سديم بالدين مرت

يوسف وجراح قصه اتضحك لا تفوتكم سمسم
قصه محرقه للقلب