شجرة الياسمين قصة قصيرة

كانت محطمة الأغصان، تسيل من جذعها عصارة الضجر، ويغشى أوراقها غبار الحزن الطويل، فهي تعيش في بيت المشاغبين، وتدرك أنهم يعشقون صوت تكسر أغصانها اليابسة، وأنهم أن أرادوا لهواً وتخريباً ماوجدوا غير طريقهم إليها..
كانت شجرة ياسمين..ولو كان اسم الشجرة المنسية ملائما لها أكثر.. لأنه غالبا ماينسى سكان البيت القاطنة فيه سقايتها، ولم تكن السقاية تتطلب عناءً كبيرا.. ولكنه الكسل! كانت هناك حنفية ماء تبعد حوالي مترين عنها، ولكنها لم تنسَ أنها شجرة.. فأبعدت فكرة أن يكون لها ساقين تمشي بهما إلى الماء المتجمع تحت الحنفية.. واكتفت بمواساة النسمات لأوراقها صيفا.. وشفقة الغيوم عليها شتاءً، إنها صابرة.. رغم الاقامة الجبرية على الأرض الجافة، والصبر يعني وجود أمل، كما يعني النخيل وجود الماء في الصحاري، ولكنها أحيانا تتمنى التخلص من الرمال القاسية والأحجار المدببة التي تحتضن جذورها بكل وحشية، تمنت كثيرا، وللأشجار أمنيات!
إن شجرةً أخرى بمثل معاناتها، وبمثل قسوة الحياة التي تعيشها، وبمثل الجروج التي تجنيها يوميا، لن تقدر على الرسوخ ليوم آخر على الأرض، ولكن شجرتنا أعلنت تحديها لك ماهو صعب في هذه الحياة المريرة، وأبدت انتصارها في الثوب الأخضر الذي وعدت بأن لاتنزعه مهما كانت الظروف، وكم كان انتصارها أعظم حين بدأت براعم الياسمين البيضاء تنتشر على وجهها المتعب..
(( ليتنا نكون كشجرة الياسمين، ولكن قوة التحمل لدى البعض منا تضعف بسرعة، ليتنا نحمل أملاً يساوي غصنا من أغصانها، ولكن أغلبنا يستسلم عند أول محطة يفشل فيها في مشوار الحياة، ولكن ماعساني أن أقول سوى أن لنا عقلاً نتأمل به، ونتفكر في كل رمز للصبر والأمل حولنا مما خلق الله عز وجل))