أو مشاركة لي في قسمكن
غصن الزيتون
صوت الريح يشير إلى غموض قد عم أرجاء القرية فمنذ وفاة العمدة حاتم
وأهالي القرية في شجار مستمر عن من سيكون خليفة لحاتم ,,
دخل صبري لمنزله وهو منهك بعد عناء يوم شاق فاستقبلته ابنته نسرين بقبلة حانية على جبينه الطاهر فجلسا وبدءا بتجاذب أطراف الحديث
قال صبري : أحس بإعياء شديد يا ابنتي
كثيرآ ما أفكر بأحوال قريتنا فكما تعلمين منذ وفاة العمدة حاتم
والقرية في حالة من الهرج والمرج
أيعقل أن تكون قرية غضن الزيتون
هكذا! لقد ولدت وترعرعت هنا ولم أرى بحياتي ما أراه اليوم يا نسرين –
ربتت نسرين على كتف والدها
وقالت : هذا يا أبي إذا دخل الحسد في قلوب البشر يحصل مثل هذا
وربما أكثر لا تعجب يا والدي فمنذ أن زاد التاجر مروان من أسعار الضرائب
والقرية بوضع متردي وأتت وفاة العمدة فزادت من حدة المشكلة
فقاطعها صبري قائلآ : كلامك سليم نسرين ....
آآه !! نسيت أن أخبرك عن قيام المحافظة بانتخابات محلية على مستوى القرية لإيجاد عمدة ليحل أزمة الضرائب هذه
- ابتسمت نسرين وقال : جيد خبر جميل
,,, أتمنى أن تكون الانتخابات نزيهة وأن لا يكون مروان هو من يديرها ...
وبدأت الانتخابات التي شارك فيها كل سكان غصن الزيتون
وكلهم أمل أن تنتهي هذه المشاكل التي أقضت مضاجعهم –
وفي المبنى العام للانتخابات
جلس مروان بكل غطرسة وسط تأييد كبير من سكرتيره وأصدقائه
فقال صديقه أمجد بتهكم : كثيرا ما يؤسفني حال هذه القرية البائسة تحاول جمع شتاتها مرة أخرى دون جدوى ألم يعلموا بأن السيد مروان هو العمدة القادم ,,
سادت لحظة صمت في أرجاء المكتب وسط غضب من قبل مروان لوجود شخص غير مرغوب فيه بينهم انه أنور أخ أمجد الذي بدا التضايق واضحآ على محياه"
كيف لا وكل القرية يعلمون موقفه وموقف خطيبته نسرين واللذان عرفا منذ طفولتهما بشجاعتهم ودفاعهما المستمر عن القرية وموقف نسرين الرائع من مروان حينما زاد من أسعار الضرائب "
في هذه الأثناء حاول أمجد أن يدخل بموضوع آخر فنهض أنور وقال لا تكمل يا أخي أنا سأريحكم وسأترك المكتب الآن لكي تتحدثوا بحرية أكثر ,,
وكل ما أود قوله قبل مغادرتي :"أعلموا بأن الدائرة ستدور وسيحدث الله أمرا عظيما أن الله لن يضيع غضن الزيتون مادامت تحافظ على أوامر الله عز وجل وتبتعد عن كل ما يحرمه سبحانه
اشتاط مروان غضبا وقال : هل لك يا أنور أن تصمت قليلا وتريحنا من نصائحك الدائمة ,,
نظر إليه أنور بتعجب وسلم على بقية أصحاب أخيه وخرج من المكتب ,,
بدأ أنور يسير في طرقات القرية لا يعلم لأين يذهب
وفجأة
واجهه في أحدى الشوارع العم صبري ومعه أبنته نسرين كانا يتبضعان للمنزل ,,
فحياه العم صبري فرد السلام وهو محرج جدا من نسرين فقال: يا عم أريدك بأمر مهم ,,,
هل لي أن أمر عليك بعد صلاة العشاء فقال صبري ما بك يا أبني يبدو أن الخطب جلل !!
هل حدث مكروه لأحد ؟؟
فابتسم أنور وقال : لا يا عم ولكن أردت أن أحدثك بأمر يخصنا جميعا يخص كل سكان غصن الزيتون ,,
سادت لحظة صمت قد تكون في نظر نسرين كالساعات لأنها كان ت تريد أن تعلق على الموضوع لكن خجلها من أنور هو من أوقفها عن التحدث
" كيف لا وهي الفتاة المميزة في القرية وكل نساء القرية يفخرن بها وبشجاعتها التي تفوق شجاعة بعض الرجال "
فتنهد العم صبري قائلا :حسنا يا أنور موعدنا بإذن الله بعد الصلاة
فرد أنور فرحاً : بإذن الله ,,
توجه صبري وابنته نحو المنزل دون أن يعلق أي أحدا منهما على ما حدث ,,
وقامت نسرين بتجهيز القهوة والشاي استعداداً لمجيء ضيفهم العزيز ,,,
بعد الصلاة اجتمع الاثنان في المنزل
وكانت نسرين تطل عليهم من أحدى الغرف لتسمع ما يدور بينهم وكان
أنور يرفع من صوته لعلمه أن أحداً ما يستمع لنقاشهم
فقال بكل جرأة : عندي فكرة يا عم ,,
فقال : تفضل قال أنور : لمٌ يا عم لا تدخل وتشارك بالانتخاب ات
فقال صبري باستغراب !! : أنا يا بني رجل مسن
وبالكاد أجمع قوت يومي ,,
وقبل أن يكمل قاطعه أنور قائلآ ولكنك يا عم صاحب رأي في القرية
وجميع سكانها يستشيرونك بأمورهم الشخصية ,,
صدقني يا عم إنك الرجل المناسب ,,
فحرك صبري عصاه
وهو يتأمل الأرض
وقال : ولكن يا أنور أنها مسئولية عظيمة أنها أمانة يا أنور ولا يوجد من يساعدني ونسرين لا تزال تدرس ولا أريد أن أكون عائقا لدراستها
فقال أنور: وماذا عني يا عم !!
ألست بالرجل الكفء ,, فقال صبري : ولكن !!
فرد أنور : أعلم ما ستقول ولكنني أحببت أن أخبرك
بأن أبي سيأتيكم غدا لنحدد موعد عقد القرآن ,,
الأسبوع القادم كما اتفقنا ولله الحمد يا عمي لقد انتهيت من ترتيب كل الأمور
وها أنا تناقشت مع عملي لأخذ إجازة مؤقتة لإكمال البيت فجال في خاطر نسرين أشياء جميلة ,,
أحلام وردية كما يقولون كيف لا ,,
وسيتم قريباً مراسم زواجها ممن تحب ذلك الشاب الذي منذ كان طفلا وهو يشاركها بكل صغيرة وكبيرة
فنمت أحلامهما معاً وسيكملان بعد زواجهما مسيرة أحلامهم الرائعة ,,,
وفي صباح يوم مشرق ,, يوم ليس ككل الأيام الأيام في حياة نسرين وأنور ,,
انه يوم زفافهما توجه كل نساء القرية لمنزل صبري لتجهيز العروس وكلهم بهجة بهذا اليوم السعيد الذي طالما انتظروه ليغير قليلا من روتين حياتهم المليئة بالمشاكل ,,
وفي الجانب المقابل أصدقاء أنور وأخوته يكملون استعدادات تنظيم الحفل وذهب أمج مسرعاً لمأذون الأنكحة قائلاً : أسرع يا شيخ ,, فالقرية كلها بانتظارك ,,
فنظر إليه الشيخ وقال بألم : أمجد .. انك إنسان طيب ومخلص كيف لك أن ترضى مرافقة رجل كمروان ,,
فتبسم أمجد بسخرية قائلاً : أضمن لي قوت يومي وسأتركه من هذه اللحظة ,, هيا يا شيخ بقد تأخرنا ,, توجه الشيخ وأمجد لمنزلهم حيث القرية مجتمعة في فناء المنزل وأصوات الدفوف تتعالى ابتهاجاً بهذا اليوم ,,
قدمت نسرين مع بقية النساء إلى منزل أنور وتم عقد القرآن وسط زغاريد النساء ودموع صبري على فراق ابنته التي تؤانسه ,, وتذكره لزوجته التي توفيت قبل عامين .
وتوجه العريسان لمنزل الزوجية وفي كل منهما أحلام جميلة يتمنيان تحقيقها
وفي أحد الأيام
توجه أنور لأمجد وسأله : متى ستنتهي موعد الانتخابات لقد استغرقت وقتا طويلاً
فقال أمجد : ولمَ السؤال يا أخي ,, هل لا تزال تحلم بأن عمك صبري هو من سيفوز كفاك أحلام يا أخي وكن واقعياً
رغم الأعداد الكبيرة للناخبين إلا أنه لن يفوز إلا مروان !!
نظر إليه أنور بازدراء وقال : كيف لك يا أخي أن تهنئ بلقمة عيش من قوت رجل ظالم !!
فرد أمجد : أن لم تصمت يا أنور سأغادر المكان وها أنا الآن أحذرك أن تخوض معي مثل هذا الكلام مرة أخرى ,, يكفي لقد سئمت من نصائحك ,, أنا رجل وأنا أعلم بمصلحتي
فقال أنور ولكني أخشى عليك فرد أمجد: قلت أصمت ولن أكرر ما قلت والله ستندم يا أنور أن تكلمت مرة أرى ستندم أنت وعمك ,, نظر إلي أنور وقال : وما ذنب عمي أيضاً ؟؟
فقال : هاه لا أعلم ,,, لا أعلم
وغادر المكان وفي يوم النتائج توجه كل الناخبون لمشاهدة النتيجة التي طالما ترقبوها
فقال أحد الموظفين : الآن سيتم الإعلان نرجو منكم الإنصات
فعم الصمت أرجاء المكان والقلوب تكاد تصل إلى الحناجر خوفاً من النتيجة
قال الموظف بصوت مرتفع سيتم الآن إعلان الناخبين الثلاث الذين حصلوا على أعلى أصوات في القرية وسأبدؤها تنازلياً :
الناخب الثالث : المعلم: مهند سالم
الناخب الثاني : التاجر مروان راضي
الناخب الأول والعمدة الجديد : صبري ناصر
تعالت أصوات سكان القرية فرحاً بالنتيجة
وبدأ الرجال بالتكبير والنساء بالزغاريد
فتلفت مروان بغضب
وقال : لا مستحيل كيف يحدث ذلك ؟؟ أين تذهب نقودي ,, لقد سلمت موظف الفرز 10 الآلاف درهم لا مستحيل أن يكون شييخ هرم بذا المكان وأنا الشاب الذكي لا أسلم له وتعالا صراخ مروان فسكت سكان القرية
وقال حسناً والله سأريكم يوماً أسوداً وغادر المكان هو ومناصريه وسط دهشة سكان القرية وخوفهم مما ستحمله الأيام من مآسي
صعد المنصة أنور هاتفاً للجموع يحاول تهدئة الوضع دون جدوى فالكل يعرف مروان والكل يخشى غطرسته ,,
وفي مكتب مروان وبينما سكرتيره يحاول أن تهدئته صرخ مروان قائلاً :لا تلوموني وسأفعل ما يدوور بعقلي
فقال أمجد : يا سيدي هون عليك الكل سيشعر بالأمر دع الأيام تمضي قليلاً وتعود الحياة كما كانت ,,, دعهم يفرحوا بصبريهم !!!
فألتفت أليه مروان وقال : أنت بالذات أصمت ولا تتكلم ,,, أنت من أشرت لي برشوة الموظف ,,
وأنظر ماذا فعل أخوك أنور لو لم يقنع عمه صبري لما حدث ذلك فكل القرية لا يثقون بالناخبين الآخرين ,,
وحينما دخل صبري للانتخابات توجهوا كلهم له ورشحوه ,, ذبت أموالي سدا بسببك أيها الفاشل !!! هيا أغرب ن وجهي ,, لا أريد أن أراك هنا مرة أخرى ..
فحاول أمجد ملاطفته دون جدوى وقال له سترى ماذا سيفعل مروان بشيبتكم صبري
خرج أمجد حزيناً من مكتبه يجر أذيال الهزيمة ,,,
ويفكر بحاله ملياً وبعد عدة أيام وحينما كان أمجد بمجلس العمدة صبري والهم يعلوه سأله العمدة: ما بك يا بني لم الحزن ؟؟ ماذا حدث ,,,
لم أعد أراك تجلس مع مروان ماذا حدث لكما ؟؟؟ فقال أمجد: لا شيء يا عم ,, ولكنني متعب وسأرجع للعمل غداً,,,,
وحينما أراد الخروج رأى رجل غريب يدخل لمجلس العمدة
سار أمجد في أحدى الأزقة المؤدية لمنزله وفجأة ألتفت وصرخ!!
وقال : لا لا بد أن مروان قد فعلها !!!!
وبدأ بالركض في طرقات القرية تجاه مجلس العمدة
ويقول بصوت مرتفع : يا رب سلًم ,, يا رب سلم
ووجد العسكر قد تجمهروا حول المجلس فذهل لما نظر
وقال والله مروان هو الفاعل بالله عليكم ماذا حدث للعمدة؟؟؟؟
أجيبووني ؟؟
فخرج من بين الجموع أخيه أنور وهو حزين فمسكه وقال : أخبرني يا أنور ما الذي حدث
فقال : دخل رجل لعمي العمدة وطعنه
ومن حسن الحظ أن زوجتي نسرين كانت بالقرب من المكان وسمعت صرخة والدها فنادت العسكر وتم القبض على الرجل ,,,
ولكني خائف الطعنة غائرة ,,,
في هذه الأثناء خرج الطبيب مبتسما وقال : الحمد لله حالته مستقرة ,,
ففرحا الأخوان وتعانقا وتوجها للاطمئنان على صحة العمدة
وفي قسم الشرطة
كان أحد رجال الشرطة يستجوب الرجل الذي أقر بأن مروان
هو من دفعه للقيام بالجريمة وأغراه بمبلغ كبير من المال ,,,
دخل أمجد للقسم واستأذن العسكر وأخبرهم بما كان ينوي فعله مروان فتطابقت الشهادتين وتوجه جمع من العسكر نحو مروان واقتاده ذليلاً إلى السجن ,,,
وغدت
غصن الزيتون
قرية آمنه تخلو من مظاهر الحسد والضغينة
آرائكن تهمني
وينكم بنات