- سقوط الأقنعة
- كان لقاءهما بعد سنين طويلة من الفراق يشبه الحلم...
- سقوط الحب
- وهل سيتعرف عليها وتتعرف عليه؟.
- كانت خلالها لشخص أخر وعائلة أخرى لا تربطه بها أي صلة تذكر؟.
- فلقد أحبها بشروط حبها البريء له.
- وأحبته ببراءة من يبحث عن طوق نجاة من ضيق وأسر تعيشه.
- * *
- أحلام فتاة شرقية
سقوط الأقنعة
كان لقاءهما بعد سنين طويلة من الفراق يشبه الحلم...
وبالرغم من ترددها في السعي إليه بعد هاتفه المفاجئ، إلا أنها لم تتأخر من التقاط اللحظة الأليمة التي تفرقا فيها -متوجها كل منهما إلى مصيره وحياته- معتبرة بان الزمن قد توقف عند الساعة السادسة مساء يوم الخميس السادس من شهر أيلول منذ ستة وعشرين عاما!.
وبأن اليوم السابع من الأسبوع هو اليوم الضائع من حياتها والذي كان عليها أن تسترده لتتربع به على عرش السكون وترتاح!.
وكانت وهي ترتمي بين ذراعيه تستغرب من هذه المفارقة العجيبة أن تأخذ عقارب الساعة مسيرها المعتاد بعد كل هذه السنوات ومن نفس اللحظة التي توقفت عندها!.
ولهذا فهي لم تتوان لحظة واحدة من إخراج عقدها البسيط المكون من حصاة كبيرة حفرت عليها أولى الحروف من اسميهما... بعد أن لبست الصدرية المطرزة التي يحبها وأسقطت شعرها على كتفيها العاريين حتى يتسنى له رؤية وتقبيل (الشامة) علامتها الفارقة المحببة لديه!؟.
وبالرغم من الجهد الواضح الذي بذلته لكي تبدو أصغر سنا كما تركها، إلا إنها لم تستطع أن تخفي خطوط الزمن الواضحة على وجنتيها، والكثير من البقع البنية التي بدأت بالانتشار في كل مكان حول رقبتها، بالرغم مما أضافته عليها من مساحيق.
والشعور بالفرح العارم الذي لمسته في عينيه وهو يضمها إليه، لم يمنحها الجرأة الكافية للابتعاد عن صدره، بعد إن أسندت رأسها الصغير عليه وقد طوقته بكلا ساعديها... خوفا من أن تقرأ في وجهه شيئا آخر غير ما تتمناه!.
فلقد بدا لها وسيما جدا بهامته الرزينة وأكثر جاذبية من قبل، وقد أضفت الخطوط البيضاء اللامعة على شعره الكث الأسود الكثير من الوقار... فأطبقت عليه بشدة تنشد بعضا من المؤازرة وهي تستنشق عبير جسده الممزوج بعطره المعتاد، لتأخذ بها تلك الرائحة الذكية التي تعشقها إلى لحظات خلوتهما القليلة، وتزيد من خفقان قلبها وترعش مفاصلها كعصفور صغير وقع لتوه في الأسر!.
فتراءت لها صورة أول لقائها به -أمام مدرسته الثانوية- يستند إلى دراجته الهوائية وهو يرمقها بنظراته الحنونة وابتسامته البريئة كالأطفال؟.
ولم تكن تعلم بأن ابتسامتها الساخرة منه، سيكون لها ذلك التأثير السحري عليه، ليبدأ في مطاردتها ويكرس بكل جدية قصة حب من طرف واحد!؟.
فلقد كانت بحكم تقارب السن فيما بينهما تعتبره مراهقا حالما في حين تتمتع هي بكل عوامل التعقل والرشد، ولم تجاره في لعبته إلا مواساة وشفقة عليه، لأنها تدرك تماما بأنه يحتاج لأكثر من عشر سنوات حتى يبني نفسه فيها، في حين تكون هي قد تزوجت وأنجبت واستقرت.
وبأن قوانين المجتمع الذي تعيش فيه لن تترك لها عذرا واحدا لكي تأخذ مبادرته بحبها واهتمامه بها على محمل الجد!؟.
ولم تشعر بوقوعها في فخ لعبتها تلك، وبصدق مشاعرها نحوه إلا بعد أن افترق عنها تاركا خلفه تلك الآثار البسيطة المكونة من بضع رسائل ومنديل وهذا العقد البسيط المصنوع من خيط القنب والمعلق عليه حصاة لامعة كان قد تفنن في نقش حروف اسميهما عليها وبعض من الورود الجافة التي احتفظت بها في صندوق صغير كانت قد أودعته بيت والديها ولم تفرج عنه إلا منذ أيام!؟.
ولهذا فلقد كانت تعتبر ظهوره ثانية في حياتها، هو الملاذ الأخير الآمن من الوحدة القاتلة التي تعيشها بعد أن ترملت واخذ كل من أولادها طريقه في الحياة.
وبأن عليها وقد وجدت نفسها في حضنه الدافئ، يوزع قبلاته العطشى عليها، هامسا في أذنيها كلماته العذبة الحنونة أن تستسلم له بكل جوارحها.
فلقد آن الأوان لها أن تكشف عن صدق مشاعرها، وعظمة ذلك الحب الذي تحفظه له، وأن تتخلص وللأبد من أقنعتها المزيفة الواهية التي كانت تظهر بها أمامه!؟.
ولكي لا يفهم صمتها على أنه استسلام من له دين عليها، بادرت في عناقه بحرارة وشوق وهي تلتصق به متكورة كجنين لم يغادر رحم أمه بعد. منقول
سقوط الحب
أن تقبل دعوته وتأتي إليه بقدميها لترتمي بين ذراعيه دون مقدمات!؟... كان أكثر ما يمكن أن يتوقعه ويتمناه من امرأة كانت أول من أيقظت في نفسه ذلك الإحساس العظيم بتحوله إلى رجل.... فلقد كان لها الفضل الكبير بان تأخذ بيده لتعبر به من مرحلة الطفولة إلى الشباب.؟
وذلك الإحساس الكبير بالرجولة والنشوة العظيمة التي تجتاحه، كلما حضرت إلى ذاكرته، كانت تصطحبها صورة بخلها الشديد بحبها وحنانها عليه؟.
وكان يشعر بأنها يمكن أن تهب كل رجال الأرض ما يتمنونه منها إلا له ودون أن يعرف السبب؟.
ووجودها ها هنا تضمه بعنف وهي تسند رأسها الصغير على صدره بفرح -يشبه فرح عصفور تائه بالعثور على عشه بعد أن أضاعه في رحلة طويلة وبعيدة في الغابة الكبيرة الواسعة حيث تتشابه الأشجار والأعشاش والطيور- قد لا يكون كافيا للإجابة على أسئلته الكثيرة والمحيرة التي عششت في خياله سنين طويلة وبقيت دون جواب!؟.
حتى رسائله وكلماته ووروده وهداياه الرمزية البسيطة بقيت دون أدنى رد أو اعتبار أو خبر!؟.
وكان يتساءل باستمرار عن سر تعلقه بها وتتبعه لها إلى حد الهوس، فلا يغلق له جفن قبل أن يودعها فراشها ويعهد بها إلى أحلامها... بحيث أضحت أنوار غرفتها ودرفات نوافذها هي دليله ومرشده يضبط عليهما أوقاته، فيعرف متى عليه أن يستيقظ... ومتى عليه أن يدرس أو يصلي ومتى عليه أن يتناول طعامه أو يشرب قهوته أو ينام!؟.
حتى نزولها السوق وزيارة الأهل والأصدقاء وذهابها إلى مدرستها وعودتها منها وخروجها إلى النادي وعودتها منه وأسفارها وكل تحركاتها المعروفة منه أو المجهولة عليه كان لها نصيب كبير من اهتمامه وصحبته ولو عن بعد!؟.
وكتاباته هي من علمته إياها وأشعاره والصور!... فإذا ما أمسك الريشة ليخط بها ألوان الطبيعة والفراشات والزهور، أطلت بابتسامتها الوديعة من خلف خطوطها!.
وأقلامه إن كتبت أو نشدت أو غنت تأبى أن تكتب وتغني إلا لها!... فلقد كانت بالنسبة له كل شيء.
وكان وهو يشعر بها تشمم بخار جسده النحيل المضطرب مقبلة إياه في صدره وتحت إبطه كما تفعل الأم مع رضيعها!.
يسترجع لحظات الشوق والحب الجارف الذي سكن قلبه!؟.
وحلمه بها يداعبها ويلامس شعرها... وغيرته عليها من أبويها وإخوتها وأصدقائها بل حتى من الكرسي الذي تجلس عليه وطاولتها التي تدرس عليها... وحتى ملابسها وأشيائها الخاصة جدا مهما صغرت!.
وكم من مرة تمنى أن يكون فراشها الذي ترتاح عليه أو وسادتها التي تنام عليها أو لحافها الذي تتدثر به أو بكل بساطة مطاطتها التي تضم شعرها بها!؟.
هاهي تتسلل بيديها الباردتين تحت قميصه لتطوقه بهما... ولتضمه إليها وتلتصق به أكثر فأكثر!؟.
وبالرغم من النشوة العارمة التي تجتاحه وهو يشعر بها تتلمسه بجراءة ولأول مرة في حياته... متحاشية حتى النظر إليه... وهي تهمس بكلمات متقطعة غامضة وغير مفهومة، إلا انه لم يستطع التخلص من ذاك الشعور بالغبن طيلة سنين طويلة فشل خلالها من أن يبني حياة ناجحة ومستمرة مع أي امرأة أخرى!؟.
فلقد كانت بالنسبة له ملهمته ومعلمته وحبه الأول والأخير.
وتلك اللهفة التي بادرته بها جعلته أسير وفائه القديم الجديد لحبه لها، فلم يشأ أن يجرح مشاعرها بإبعادها عنه، فلقد كانت -ومن حيث لا تدري- تحرق كل المراحل التي أعدها.
وكان ينتظر منها تفسيراً واحداً ولو بسيطاً وبعضاً من دفء الحديث الحميم الذي تمناه!.
ولم يكن يتصور -وهي تتلوى في حضنه كالأفعى وتعضعضه بأسنانها المدببة على ساعديه وفي رقبته- بأن حبها له كان رخيصاً جداً، وبأنها بتسرعها عليه تدفع بذاك الحب إلى الهاوية... إلى السقوط!؟.
وبأنها لم تعط بالاً للحب الطاهر... ولا إلى كل تلك الصور الجميلة التي حفظها لها... وكانت من خلالهم هي أمه وأخته وخليلته وملاكه!؟.
ولم تكن تدري -وهو يستسلم إلى نزوتها- بأنها قد تحولت -ربما بفعل الزمن- إلى امرأة وضيعة ككل النساء.
سقوط الشيطان
كانت الدقائق الأخيرة التي تفصله عن اللقاء بها تشبه الدهر!.
فهي المرة الأولى التي يشعر بأن الزمن يمكن أن يتوقف!... وبأن عقارب كل الساعات التي ألفها يمكن أن تخذله!.
وتساءل وهو ينظر من خلال نافذته إلى الحديقة، كيف يمكن أن تكون بعد هذه السنين الطويلة؟.
وهل سيتعرف عليها وتتعرف عليه؟.
وهل عليه أن يخاطبها كما فعل على الهاتف باللغة الفصحى -بعد أن أحرجته باستخدامها- وكأنه غريب قادم من وطن آخر وحضارة أخرى وثقافة أخرى؟.
هل نسيت يا ترى بأنه قادم من الأحياء القديمة من مدينته وبأنه مشبع بثقافتها وعاداتها وتقاليدها حتى العظم؟... وكيف عليه أن يقابلها ويستقبلها؟... هل يجري باتجاهها كالعاشق المتيم المشتاق؟...أم يحافظ على هدوءه وكياسته ويحترم عمره ومركزه الاجتماعي الذي يتبوأه وينتظرها في الداخل حيث هو؟.
وعندما أطلت هابطة من سيارة الأجرة لتعبر البوابة الرئيسية متجهة نحوه -وهي تقفز في مشيتها كما عرفها منذ ستة وعشرين عاما- انتابه شعور عارم بالخجل والتردد أعاده فجأة إلى الخلف وكما كان -بنفس اللحظة التي افترق عنها- مراهقا وخجولا!؟.
واندفاعها نحوه محيية مقبلة على الوجنتين وهي تضمه فرحة، أسقط عنه بعضاً من الحرج وقلة الحيلة التي وجد نفسه فيها... وشجعه على مقابلتها بالمثل مرحباً وهو يضمها إليه بشجاعة لم يكن يتصور بأنه يتمتع بها!.
خاصة مع الفتاة (المرأة) التي استولت على عقله وقلبه وجعلته رهينتها حتى اللحظة!؟.
وتساءل وهي تدفن رأسها الصغير في صدره عن السبب الذي دفعها لأن تتحاشى حتى النظر في عينيه؟.
هل قرأت بهما حيرته وتساؤله وعتابه؟.
هل شعرت بفداحة خطأها باختيار طريق آخر ورفيق آخر وحياة أخرى بعيدا عنه؟.
أم أنها وبالتصاقها به تحاول أن تختفي كالهلام عن ناظريه... ولتبدو وكأنها ذابت في محيطها وأصبحت جزءاً منه ومن أثاثه!؟.
فلا يلحظ جهدها الواضح في الوصول إليه رغم احتذائها كعبها العالي... ولا النمش المنتشر على كتفيها حتى اختفاء شامته المحببة... ولا الشحوم التي استولت على خاصرتها النحيلة... ولا شعرها المصبوغ وقد تكشف عن مساحات فارغة بين جذوره بعد إن كان كثا ومثيرا... ولا خطوط الزمن الغائرة في رقبتها وجبهتها ووجنتيها والتي تشهد لها رحلتها في أتون العمر المغبر بكل أنواع المغامرة الفرحة منها أو الحزينة؟.
كانت خلالها لشخص أخر وعائلة أخرى لا تربطه بها أي صلة تذكر؟.
وكانت تبدو وهي تخرج محرمتها لتمسح بعضاً من حمرة الشفاه التي تركتها على وجنتيه وكأنها تحاول أن تذكره بها وبالآثار التي تحملها من رائحته وعرقه وبأنها ولمجرد الاحتفاظ بها إلى الآن إن هو إلا عربون محبة ووفاء له ولحبه وللحظات القليلة الحالمة التي شاركته بها!.
وتساءل وقد شعر بها ترتجف بين ذراعيه... بأن عليه أن يتصرف بشهامة الرجل الذي يحب بصدق مشاعر الطفل الذي عرفته فيه... وبأنه ليس من حقه أن يعتب أو أن يحاسب من كان مثلها ضحية العادات والتقاليد البالية!.
وبأن كل النجاحات التي حققها في الحياة لم تكن لأن يحصل عليها لو أن القدر قد جمعهم منذ البداية تحت سقف واحد!.
ففي التحدي انتصار على المجهول... وفي الصبر والوفاء للحب العذري الطاهر الذي جمعهما سلاحا فتاكا قادرا على إسقاط أعتا الشياطين!.
وبأنه إذا ما أراد حقا أن يكون وفيا للمرأة التي صنعت -ببعدها عنه- كل تفوقه أن يغفر لها ويكافئها على صبرها وحبها!؟.
وبأنها في قسوتها عليه وإبعاده عنها بالطريقة التي فعلتها... لم تقم بأكثر من ترجمة لخوفها وقلقها عليه وعلى مستقبله!.
وكما تفعل الطيور عندما تقهر صغارها على الطيران برميها من الأعلى لتكتشف قوتها وأجنحتها ومهارتها في التحليق عاليا واستقبال الحياة هي كذلك فعلت؟.
واستغرب وهو يغشاها بقبلاته وهمساته ويشاركها ذوبانها في محيطها... عن تلك القدرة التي يمتلكها المحب والعاشق الصادق بحبه لكي يغفر لمن يحب كل عثراته وأخطائه!؟.
وبأنه لم يستطع أن يرى بها -رغم كل شيء- إلا صورة عفيفة نقية لمن أحب... فهي بعد كل هذا لم تكن أكثر من انعكاس لصورته على صفحات الحياة الرقراقة النقية كالألماس... قاسية مثله وشفافة مثله وباهظة الثمن مثله تماما. حب غامض
عادت إليه تذرف الدموع متبرئة من كل أفعالها مصرة على إدانته وتجريمه لكل ما حصل لها من ظلم لأنه لم يمنعها عن نزوتها كما يفعل كل الرجال مع زوجاتهم؟.
فلقد كان جدا كريما ... جدا حنونا... جدا فخورا بالحرية التي وهبها إياها وبالأمان الذي منحه لها ....
ولم تكن بكل بساطة أهلا لكل هذا العطاء!.
فلقد أحبها بشروط حبها البريء له.
وأحبته ببراءة من يبحث عن طوق نجاة من ضيق وأسر تعيشه.
فلما أعطاها كل ما تريد ولم يبخل، فهمت عطاءه وحبه دينا لها عنده ثابتا لا ينقضي بتاريخ أو بأجل ( شيك مفتوح على بياض ) خاصة وقد اكتشفت لديه عرفانا ساميا لوهبها إياه طفلا هو كل ما رغبه منها ليقين حب أبانته ووفاء لعهد قطعته.
ولأنها شعرت بكونها كل شيء وأجمل شيء يحصل له في حياته بعد تردد وخوف لقصص حب عديدة ووعود بالزواج باءت كلها بالفشل.!... لم تتردد في استنزاف كل ما وهبها إياه من حب ولتقع فريسة الطمع والأنانية لتصل بها الحال حد الغرور بفتنتها التي لم تشعر بها وبقوة تأثيرها إلا من خلال كلمات وهمسات رجل آخر دخل حياتها صدفة ليستقر بها ويدفعها بأمانيه ووعوده الكاذبة إلى هجر زوجها وتأليب كل من عرفه وأحبه من أهله ومقربيه عليه بخلق القصص واختراع شتى أنواع الأكاذيب عنه وعن معاملته السيئة وسوء تدبيره وبخله والطعن بأخلاقه ووفائه ومحبته لها ولطفله؟!... علها تحصل على بعض المال من متأخر ومتقدم ونفقة تبني بهم حلمها الجديد الموعود؟!.
* *
وعندما نالت ما طلبته منه بإصرار من له حق ضائع لديه وبمساندة الأهل والقضاء والشرطة وأهل الفتوى والشيوخ الذين لم يتوانوا من ذرف الدموع معها ولأجلها لتخليصها من هذا الشر الذي وقع عليها ومن ذاك الزواج الذي خطف منها شبابها وفتنتها ومستقبلها وحرمها من اقل حقوقها؟!.
عادت إليه باكية شاكية تستدر عطفه وحنانه وإنسانيته لإعادتها إليه بعد أن تفقدت الحب الآخر والرجل الآخر ولم تجده ؟.
فلقد تنكر لها ولوعوده وحبه الكاذب ؟.
كيف لا وقد اكتشف بأنها قادرة على هجرانه بمهارة وخبث!... وتسائل ( ما الذي يمنع من أن تفعل به ما فعلته مع زوجها فلقد اخذ منها ما أراد وكفى؟!.)
أحلام فتاة شرقية
فرحت ندى -الفتاة التي لم تتم السادسة عشر بعد- بالرجل الذي تقدم لخطبتها، لم تشاهده بعد ولكنهم قالوا لها بأنه من عائلة كبيرة ومحترمة.
بهي الطلعة، مكتمل المواصفات وفي الثلاثين من العمر، ولأنها الأخيرة من تسع بنات، لم تشأ أن تبقى بمفردها بعد أن سبقها الثمانية الأخريات إلى عش الزوجية، بنفس الطريقة... خطبة قصيرة برتيبات عائلية... تفاهم على النفقات... لقاءات عدة بين الخطيبين خلال أشهر تحت اسم الخطبة... ثم الدخلة.
وكان أخر من يستشار في الأمر هي صاحبة العلاقة.... حيث كانت تجري الأمور بطريقة روتينية .؟؟؟
فندى تنتمي إلى عائلة محافظة كثرت البنات فيها وكانت كلمة الفصل للأم ولو انه لا يبدو كذلك... حيث كانت ترتب جميع صفقاتها بعد أن تدل الطالبين ليد ابنتها على مواضع الضعف لدى زوجها حتى يتم الوفاق والاتفاق بأسرع ما يمكن.؟
وهذه ليست خيانة كما يمكن للبعض أن يسميها.!... لا... لأن الأم لم تكن سهلة بتاتا... ولا تسهل الأمر بالعادة إلا للخاطبين الذين يحملون صفة الزوج الذي يستحق ابنتها ويكون قادرا على الانضمام إلى عائلتها كفرد منها يملك كل المواصفات المطلوبة.
ولأنها كانت صغيرة جداً ولا تستطيع أن تميز بين رجل بالأربعين أو الثلاثين.!... ولا تعرف عن الرجال شيئا، ظنت بأنها محظوظة به، فتركت أحلامها الوردية بلقاء فارس أحلامها جانبا وبدأت تعد عدتها للتأقلم معه كزوجة وست بيت لا أكثر.؟! فشؤون القلب لم يحن أوانها بعد؟!
لم يخبروها شيئا عن ليلة دخلتها إلا في ليلة زفافها.؟!... فلم تأخذ كلمات النصح والتوجيه من اهتمامها الكثير، فلقد كانت ملهية مسحورة ببذلتها البيضاء ومجوهراتها وزينتها وبالضيوف الذين كانوا يحيطونها بالأهازيج والتهاني والهدايا وهم مبتهجون وفرحون بها.!.... ولم تفطن بعد هذه الليلة الصاخبة إلى أنها ستغادر بيت ذويها إلى بيت آخر، وبأنها ستشارك زوجها -هذا الرجل الجديدة العهد به- منزله وطعامه وشرابه وحتى فراشه.؟!
هي لم تدرك بان المرحلة التالية لحياة أي فتاة تريد أن تنتقل من مرحلة حضانتها من قبل عائلتها إلى مرحلة تأسيس عائلتها الخاصة وتكون هي الحاضنة لها، تشبه إلى حد بعيد الولادة الجديدة؟!.
إنها انعتاق من ثوب لتحل في ثوب آخر... وانتقال من عالم إلى عالم آخر... تتعرف فيه ولأول مرة على عالم لا تعرفه إلا من خلال أحلامها... وقد لا تجد من كل ما كانت تحلم إلا اليسير.
وقد تجد أكثر من حلمها... لان هذا العالم هو عالم يعتمد عليها كليا في رسم ملامحه من كل جوانبها... ويعتمد على مدى تقبلها أو رفضها أو انسجامها مع محيطها.
عالم ينجلي الحلم فيه عن الواقع وينقلها من موقع المشاهد للحدث إلى موقع الفاعل فيه، تشعر فيه ولأول مرة بأنها تملك مصيرها بيديها... بان لها شريك في كل شيء.
في الصالون، في المطبخ، في الحمام، وفي غرفة النوم والفراش.!؟
وبأنه سيشاركها حتى الهواء وفنجان القهوة والوجبة الساخنة... أمالها...أحلامها... طموحاتها... وبأنه أكثر من هذا سيكون الشريك الوحيد الذي سيمنح وجوده وحبه وعطائه ثمرة تحملها في أحشائها وتنبض بالحياة،.
نتظر المزيد