- فقال: هذه قصتي التي كنت عليها، دخل، فدخل الفقير.
أعطى درهما فوهب الله له مائة وعشرين ألفا
عن الفضيل بن عياض، قال: حدثني رجل أن رجلا خرج بغزل، فباعه بدرهم ليشتري به دقيقا فمر على رجلين كل واحد منهم آخذ برأس صاحبه.
فقال: ما هذا؟
فقيل: يقتتلان في درهم، فأعطاهما ذلك الدرهم، وليس له شيء غيره، فأتى إلى امرأته فأخبرها بما جرى له فجمعت له أشياء من البيت فذهب لبيعها، فكسدت عليه، فمر على رجل ومعه سمكة قد أروحت – أي تغيرت رائحتها.
فقال له: إن معك شيئا قد كسد، ومعي شيء قد كسد، فهل لك أن تبيعني هذا بهذا؟ فباعه، وجاء الرجل بالسمكة إلى البيت وقال لزوجته: قومي فأصلحي أمر هذه السمكة، فقد هلكنا من الجوع.
فقامت المرأة تصلحها فشقت جوف السمكة، فإذا هي بلؤلؤة قد خرجت من جوفها، فقالت المرأة: يا سيدي قد خرج من جوف السمكة شيء أصغر من بيض الدجاج، وهو يقارب بيض الحمام.
فقال: أريني، فنظر إلى شيء ما رأى في عمره مثله فطار عقله، وحار إليه، فقال لزوجته: هذه أظنها لؤلؤة.
فقالت: أتعرف قدر اللؤلؤة؟!
قال: لا، ولكني أعرف من يعرف ذلك.
ثم أخذها وانطلق بها إلى أصحاب اللؤلؤ، إلى صديق له جوهري، فسلم عليه، فرد عليه السلام وجلس إلى جانبه يتحدث، وأخرج تلك اللؤلؤة، وقال: انظر كم قيمة هذه؟
قال: فنظر زمانا طويلا، ثم قال: لك بها عليَّ أربعون ألفا، فإن شئت أقبضتك المال بسرعة، وإن طلبت الزيادة، فاذهب بها إلى فلان فإنه أثمن بها لك مني.
فذهب بها إليه، فنظر إليها واستحسنها، وقال: لك بها علي ثمانون ألفا، وإن شئت الزيادة فاذهب بها إلى فلان فإني أراه أثمن بها مني.
فذهب بها إليه، فقال: لك بها عليَّ مائة وعشرون ألفا، ولا أرى أحدا يزيدك فوق ذلك شيئا.
فقال: نعم، فوزن له المال، فحمل الرجل في ذلك اليوم اثنتي عشرة بدرة في كل بدرة عشرة آلاف درهم، فذهب بها إلى منزله ليضعها فيه فإذا فقير واقف بالباب يسأل.
فقال: هذه قصتي التي كنت عليها، دخل، فدخل الفقير.
فقال: خذ نصف هذا المال، فأخذ الرجل الفقير ست بدر فحملها ثم تباعد غير بعيد ورجع إليه، وقال: ما أنا بمسكين ولا فقير، وإنما أرسلني إليك ربك عز وجل الذي أعطاك بالدرهم عشرين قيراطا، فهذا الذي أعطاك قيراطا منه وذخر لك تسعة عشر قيراطا(1).
إن جزاء العمل الصالح والعطف على الفقراء والمساكين وحب الخير للغير جزاء عظيما وفوزا كبيرا فلا يستهين أحدنا بعمل الخير، ولو كان بسيطا، ولا يستهين بالصدقة ولو كانت قليلة، والمسلم الحق هو الذي يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه.
يعطيك العافيه يارب