- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك كثير من المشكلات التي تمر علينا في حياتنا اليومية، ننظر إليها بعواطفنا فنشعر أننا دائماً مظلومين وطيبين أكثر مما يجب، وأن الأطراف الأخرى مخطئة ظالمة وشريرة، تأتي إليك رفيقتك شاكية: حدث بيني وبين زوجي خلاف وأنت تعرفين طبيعتي؛ لا أحب أن أظلم أحداً، ولقد كان هو المخطئ و... تسترسل صاحبتنا لتحكي لك قصة خلافها مع زوجها القاسي!.
لنفترض أنكِ إنسان عاقل ولستِ ممن يحبون (التحريش) وتخريب البيوت، فتنساب الكلمات الناصحة من فمك تلقائياً وبحسن نية: الحق معك، ولكن اصبري عليه فهو زوجك ورفيق دربك وجنتك ونارك، وليس للمرأة العاقلة إلا أن تصبر وتتحمل، و .. تسترسلين أنت أيضاً لتحكي لها قصص البطولات النسائية في مضمار الصبر على الأزواج.
وبعد أن تهدأ أعصاب رفيقتك، تتعشم لك شاكرة: فعلاً أنت الصديقة الصدوق، لا بد أن أصبر عليه: جزاك الله خيراً، وتقوم داعية لك بكل خير.
ولنتخيل حالها مع زوجها بعد ذلك، إن المبدأ الذي سوف تمارسه معه هو مبدأ (الصبر) ولكن, وإن كان الصبر على الأذى محموداً لننال الرضى، فإن هناك كنزاً آخر يمكنك أن تهديه رفيقتك ليظل معها في كل موقف تواجهه في حياتها، وعندما تعرفين ما هو هذا الكنز، فسوف تعرفين قيمته في حياة كل إنسان يريد أن يحقق معنى الأخوة الحقة في الله.
لنسر مع الموقف خطوة خطوة.
المشكلة – أي مشكلة – تتكون من أكثر من طرف، جاءك أحد هذه الأطراف ليحكي القصة كما يراها هو والطرف الآخر قد لا يأتي ليقدم أقواله أمامك لكي تري من هو المخطئ فعلاً.
كل من يحكي مشاكله، لا يحكيها بعواطف محايدة، إنما يحكيها كما يراها هو، وبما لديه من مشاعر سلبية تجاه الطرف الآخر، فلا يرى أخطاء ذاته، أو يتجاهلها فلا يذكرها لك.
قد لا يكون الطرف الآخر مخطئاً على الإطلاق، وهذا لا يعني أن صاحبتنا الشاكية كاذبة، ولكن لسوء تعاملها مع الموقف رأته خطأً فادحاً فنقلت لك الموقف بهذه الصورة.
بعد هذه الملاحظات على (وثيقة الشكوى) التي قدمتها رفيقتك لننظر إلى الكنز الذي نريد منك تقديمه لها كهدية تبقى معها إلى الأبد. ولنبدأ بجملتك (الحق معك) أظن أنك ستقومين بتغييرها بعد أن افترضت أن الحق مع الطرف الآخر. و(اصبري) ليس هذا وقتها، بل إن كنزنا أولى بالتقديم منها، (لعل) ، ف(لعل زوجك رأى منك تصرفاً أغضبه)،( لعله جاء مرهقاً من العمل وقمت بسلوك جعله يثور رغماً عنه)، ( لعله لم يدرك أن تصرفه أغضبك)...، آلاف الأعذار يمكن أن يخلقها (حسن الظن) في عقلك إن أنت فعلاً حاولت استخدامه.
إن هذا الكنز يجعلها تعود إلى زوجها بحب أكثر لهذا الإنسان الطيب الحنون الذي لم يخطئ؛ بل.. بل.. سنبحث بعين الإنصاف عن الخطأ وقد تفاجئين بها معتذرة إليه عما بدر منها من خطأ!.
ما أجمل أن تقدمي لكل إنسان هذا الكنز الرائع، لتكوني سبباً في رتق خلاف حصل بين أخوين أو زوجين أو رفيقين.
وعند تقديم هذا الكنز في كل مرة تأتي إليك شاكية، تعطينها دورة تدريبية رائعة في مجال حسن الظن، فلا تحتاج بعد ذلك إلى بسط شكواها أمام أحد؛ وإنما تحسن الظن تلقائياً، فلا تغضب أو تسئ الفهم، ثم بعد ذلك صبريها إذا كانت فعلاً بحاجة إلى التصبير.
خاتمة: قال عبدالله بن زيد الجرمي: إذا بلغك عن أخيك شيء تكرهه، فالتمس له العذر جهدك، فإن لم تجد له عذراً فقل في نفسك: لعل لأخي عذراً لا أعلمه.
المصدر :الإسلام اليوم