وقفت أمام مرآتي

وقفت أمام مرآتي
تأملت وجهي
عينَيّ
سألتها
يامرآتي
من أجمل إنسانة في الوجود
لأول مرة تفكر قبل أن تجيبيني
نعم
كانت تجيب بلا تردد
تزجي المدائح
تصف وجهي وروعة ابتسامتي بشغف
تترجم روحي بلهفة
لكنها الآن سارحة الفكر
تتأمل
ليس لديها ماتقول
أصابتني الحيرة
ذُعرت
ماذا جرى
ولماذا لم أعد أجمل من في الوجود؟
هل في وجهي خدش؟
بثور؟؟
هل هو مكفهر؟؟؟
.
فيستمر صمتها
ويتزايد خوفي
هل علت وجهي التجاعيد؟؟؟؟
هل كسا الشيب شعري؟؟؟؟؟
استوقفتني قائلة:
مهلا مهلا
ماهذا الهلع صغيرتي؟؟!!
هل جاء دوري في الكلام ؟
أم ستظل أسئلتك تهطل علي كحبات المطر المتسارعة؟؟
رفعت رأسي وشددت انتباهي إليها
وقد علت وجهي علامات الاستفهام
عندها بدأت تترجم ماترى
صغيرتي لاتهلعي
وجهك الطفولي البريء الغالي لازال كما هو
لكن...
( ترددت كلمة لكن في نفسي آلاف المرات كأنني أنتظر بفضول كبير مابعدها )
أكملت مرآتي :
لكني أحدق في عينيك الصغيرتين
أعبر من خلالهما إلى جوهرة في صدرك
عهدتها دوما مبتسمة
أما اليوم أراها وقد علاها الغبار
عكر صفوها
أتجول بين أضلعك
ألمح الشحوب
أبصر ألماً قابعاً في كيانك
مستقراً
كأنه قد وجد مكانه الذي يريد
ولاينوي الحراك ...
أطرقت مرآتي متأملة ..
فنظرت إليها متألمة ..
ترقرقت عيناي كأنها تريد أن تغرقها
فتتراجع
وتترك الألم في مكانه الذي اعتاد عليه
فلا هو يريد الخروج
ولا أنا ..
لا أريد أن يعلمه أحد
عملت جاهدة على حبسه في صندوق معتم
حتى اعتاد على زنزانته
فأصبح أسيراً إليها
لايريد الحراك
نعم
هكذا اتفقنا
أحتضنه بقلبي
يعيش معي
لكنه للأسف أحيانا يخون
فيحاول الظهور
لكني دائماً أتغلب عليه
فأنا الأقوى
نعم أنا الأقوى
مرآتي اسمعيني
قد يعلو وجهي الشحوب
وقد تخنقني العبرات
وقد يصيب روحي الملل
قد تقتلها الوحدة
لكن (( كبريائي )) هو أنسي في وحدتي
هو صديقي إن عزّ الصديق
أنا أعدك
لن تبصري مني إلا ابتسامتي
وسيظل سجيني قابعاً في زنزاته
وسأظلُّ أبرع سجّانة
وسترفرف روحي في العلياء
وستبقى ابتسامتي مشرقة
إلى الأبد ..