ثلاث ذئاب هزمتني

1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


2. ثلاثة ذئاب هزمتني

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ثلاثة ذئاب هزمتني

انا شخصياً لم تهزمني الذئاب الثلاثة ولا اذكر اني التقيت ذئباً واحداً في حياتي لكنه (هوايت) الذي يروي لنا تفاصيل الحادثة الغريبة التي وقعت له من خلال صحيفة هندية واسمحوا لي ان اعرفكم بهذا المزارع الهندي وتعالوا لننصت للتفاصيل المثيرة منه شخصياً.
طوال الشهور الثلاثة الأخيرة كان يؤرقني شيء واحد، وهو قطيع الماعز الذي املكه في مزرعتي، هذا القطيع الذي اعتاش منه واسرتي.. بدأ يتناقص شيئاً فشيئاً، لا اذكر اني نمت مرتاح البال يوماً واحداً في هذه المدة، دوماً علي ان استيقظ على اخبار واحدة منها مفقودة، والصغير الذي يرعاها ليس بالقدر الكافي من الجرأة والخبرة ليواجه ذئباً، استعنت بكلب شرس غير ان شيئاً هاماً لم يتغير، صحيح ان عدد الضحايا قد قل، لكن مازالت المشكلة قائمة.
ضقت ذرعاً، ويبدو ان علي شخصياً ان اخذ اجازة من عملي كسائق واتابع المسألة شخصياً، ففقدان عنزة بالنسبة إلى مواطن فقير مثلي تعني الكثير.
كانت الشمس تستعد لارسال خيوطها الأولى عندما كنت متربصاً خلف التلة، بندقيتي جاهزة والحصان الذي استعرته من مزارع آخر يتوق للانطلاق، حتى الكلب الغاضب بدا أحسن حالاً وانا في جانبه.
هيا ايها الذئب الغدار اظهر، كنت احدث نفسي فيما الدماء تتدفق هادرة في شراييني، مرت الدقائق بطيئة قبل ان اشاهد طيفه يسترق النظر يميناً وشمالاً وكأنه يتوجس شراً في كل خطوة، صوبت البندقية جيداً، وقبل ان ارسل هديتي النارية له حصل وان لاح خلفه ذئب ثان هكذا اذاً ايها الجبانان تتعاونان على قوت اطفالي، عدت فسددت ثانية وانا اضع في حسباني ان ألحق الأول بالثاني وقبل ان اضغط على الزناد انطلقت صرخة مدوية بدا واضحاً انها لصغير الماعز الذي وقع في مخالب ذئب ثالث انطلق بها يشق صفوف الحيوانات المذعورة، اطلقت عياراً في الهواء لئلا اصيب واحدة من ماعزي ولكي يتخلى هذا الماكر عن فريسته غير انه انطلق بها متجاهلاً انذاري.
لا ادري كيف امتطيت الحصان وكل ما اذكره اني وجدت نفسي انطلق خلفه فيما يجر الفريسة المستسلمة للانياب الحادة، حسناً ايها اللعين اين ستفر بها، انا اسرع منك واكثر جبروتاً ولدي الحصان والبندقية والكلب فاستسلم ايها الغادر لقدرك.
بدأت المسافة تتناقص بيني وبينه وما هي إلا دقائق حتى يصبح هدفاً سهلاً لناري، لكن الذي حصل هو ان الذئب الثاني قد بدأ يستفز كلبي بطريقة ركضه حتى اصبح اكثر هيجاناً واقل تركيزاً، انا اسدد البندقية على حامل الفريسة لكن الحصان هو الآخر يرفض ان يهدأ وكيف يفعل والذئب الثالث يقفز امامه كالبهلوان وتذهب العيارات هباء.
تعب الذئب الأول فرمى الفريسة ارضاً فتلقفها الثاني وراح يعدو فيما تفرغ الأول لمضايقة حصاني بدلاً عنه.
ساعة كاملة من المناورات الفاشلة، لقد بدا الحصان اكثر اعياء واصبح الكلب اقل رشاقة حتى انا وجدت اني افقد هدوئي شيئاً فشيئاً اضف لذلك عرقاً يتصبب ونفساً يتسارع فيما الاشقياء الثلاثة لا يملون أبداً من القيام بادوارهم في منتهى البراعة والحكمة، يرمي المرهق الحيوان الجريح للآخر حتى يلتقط انفاس الراحة، وبدا الامر اكثر سوءاً عندما جرتنا الذئاب اعمق في الغابة حيث بدأت الاغصان تتشابك وجرحت قدم الجواد وتثاقلت حركته واصبح من المؤكد ان المعركة تتجه إلى نهايتها السيئة بالنسبة لي وفعلاً ما هي إلا دقائق حتى قررت ان اعترف نهائياً بالهزيمة ولجمت الحصان الذي توقف شاكراً واكتفى الكلب بالنباح واللهاث فيما رحت بنظري اتابع الثلاثة وهم يختفون في تفاصيل الغابة، توقعت ان يوجهوا لي نظرة انتصار غير ان من الواضح ان هذا لا يعني لهم شيئاً فما ارادوه قد نالوه، سيكون غذاء مثيراً يستحق هذا العناء.
هل اعجبتكم القصة، نعم انا التي اتكلم، دعوا هوايت يفكر كيف سيستعد للجولة القادمة، ودعونا نتساءل كيف لم تتخل هذه الذئاب عن بعضها وهي في احلك الظروف تواجه الموت في كل لحظة وثانية، كيف فازت على العقل (هوايت) والتكنولوجيا (البندقية) بتخطيط رائع وحاذق والاهم بتلاحم واخلاص حتى اللحظة الأخيرة، لم يترددوا لحظة واحدة بتنفيذ ما خططوا له، انهم يريدون طعاماً بمعنى انه صراع بقاء ضد هذا الإنسان الذي يريد ان يستأثر بكل شيء، ونالوا مبتغاهم وسيفعلون طالما لديهم هذه الروح الجماعية الواحدة.
قصة الذئاب الثلاثة اهديها إلى خرفان العالم الذين يهيمون على وجوههم، كل واحد ينظر إلى اخيه الذي يؤكل فيما يعتقد أو يوهم نفسه انه سينجو.
على هامش الحكاية: في كل مرة يتم تلقين الأطفال حكايات كثيرة كهذه، وتأتي دوماً النهايات سعيدة حيث يقع الذئب في شر اعماله بقدرية خالصة وبدون ادنى جهد من الخروف وهذا مناف للواقع تماماً اذ يجب على هذا الطفل ان يتعلم ان سبيل النجاة يتطلب جهداً وعرقاً وتنظيماً وعقلانية.
ومن ناحية ثانية تأتي عناوين القصص دوماً.. الذئب الشرير والخروف الطيب، ألا يجدر القول مثلاً الذئب الذكي والخروف الساذج حتى يأتي ذلك الوقت الذي يتكلم فيه البشر عن خرفان في العالم حكيمة ومتلاحمة وقوية بقرون !
أتراه سيأتي ؟