grood
03-10-2022 - 12:47 pm
معنا في هذه الليلة ومع صحيح البخاري حديث عجيب غريب، وهو ندوة حوار بين إحدى عشرة امرأة، اجتمعن يوماً من الدهر وتعاقدن وتعاهدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً، وتكلمت كل امرأة منهن بمعاملتها مع زوجها ومعاملة زوجها معها، وفي يوم من الأيام جلس رسول الهدى صلى الله عليه وسلم مع عائشة رضي الله عنها وأرضاها مداعباً ومؤانساً ومحدثاً، فقصت عليه خبر النسوة، عليه أفضل الصلاة والسلام.
فلنستمع إلى هذا الحديث الذي رواه البخاري في (باب حسن المعاشرة مع الأهل).
قال رحمه الله تعالى: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن وعلي بن حجر قالا: أخبرنا عيسى بن يونس قال: حدثنا هشام بن عروة عن عبد الله بن عروة عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: {جلس إحدى عشرة امرأة، فتعاهدن وتعاقدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً،
قالت الأولى: زوجي لحم جمل غث على رأس جبل وعر، لا سهل فيرتقى، ولا سمين فينتقل.
قالت الثانية : زوجي لا أبث خبره، إني أخاف ألا أذره، إن أذكره أذكر عجره وبجره.
قالت الثالثة: زوجي العَشَنَّق، إن أَنْطِق أُطَلَّق، وإن أسكت أُعلَّق.
قالت الرابعة: زوجي كلَيْلِ تهامة ، لا حَرَّ ولا قَرَّ ولا مخافة ولا سآمة.
قالت الخامسة: زوجي إن دخل فَهِدَ، وإن خرج أَسِدَ، ولا يسأل عما عهد.
قالت السادسة: زوجي إن أكل لف، وإن شرب اشتف، وإن اضطجع التف، ولا يولج الكف ليعلم البث.
وقالت السابعة : زوجي غياياء أو عياياء، طباقاء، كل داءٍ له داء، شجَّكِ أو فلَّكِ أو جمع كلاًّ لكِ.
قالت الثامنة: زوجي المس مس أرنب، والريح ريح زرنب.
قالت التاسعة: زوجي رفيع العماد، طويل النجاد، عظيم الرماد، قريب البيت من الناد.
قالت العاشرة: زوجي مالك وما مالك؟! مالك خير من ذلك، له إبل كثيرات المبارك، قليلات المسارح، إذا سمعن صوت المزهر، أيقن أنهن هوالك.
قالت الحادية عشرة: زوجي أبو زرع فما أبو زرع ؟ أناس من حلي أذني، وملأ من شحم عضدي، وبجحني فبجحت إلي نفسي.. وجدني في أهل غنيمة بشق، فجعلني في أهل صهيل وأطيط، ودائس ومنق، فعنده أقول فلا أقبح، وأرقد فأتصبّح، وأشرب فأتقنّح. أم أبي زرع فما أم أبي زرع ؟ عكومها رداح، وبيتها فساح. ابن أبي زرع فما ابن أبي زرع ؟ مضجعه كمسل شطبة، ويشبعه ذراع الجفرة. بنت أبي زرع فما بنت أبي زرع ؟ طوع أبيها، وطوع أمها، وملء كسائها، وغيظ جارتها. جارية أبي زرع ، فما جارية أبي زرع ؟ لا تبث حديثنا تبثيثاً، ولا تنقث ميرتنا تنقيثاً، ولا تملأ بيتنا تعشيشاً قالت: فخرج أبو زرع ذات يوم والأوطاب تمخض، فلقي امرأة معها ولدان لها كالفهدين، يلعبان من تحت خصرها برمانتين، فطلقني ونكحها، فنكحت بعده رجلاً سرياً، ركب شرياً، وأخذ خَطِياً، وأراح علي نعماً ثرياً، وأعطاني من كل رائحة زوجاً، وقال: كلي أم زرع وميري أهلك، فلو جمعت كل شيء أعطانيه، ما بلغ أصغر آنية أبي زرع .
قالت عائشة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنت لك كأبي زرع لأم زرع }.
هذا الحديث من أعقد وأغرب الأحاديث في كتب السنة، وقد شرحه ما يقارب عشرة من العلماء، كل شرح في مجلد، وأعظم من شرحه القاضي عياض ، قاضي المغرب وعالمها، وابن حجر شرحه فيما يقارب ثلاثين صفحة وهو حديث عجيب، فيه أكثر من خمس وعشرين فائدة، سوف تمر بنا بإذنه سُبحَانَهُ وَتَعَالى.
تابعونا ؟؟؟؟؟؟؟؟
يقول البخاري : (باب حسن المعاشرة مع الأهل).. يقول: كيف يكون المسلم مع أهله في حسن المعاشرة، وفي وطء الكنف ولين الجانب وفي السهولة.. كيف يكون؟ ثم يأتي بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم مع عائشة ، ويظهر لنا أن الرسول عليه الصلاة والسلام مع كثرة أشغاله وأعماله وارتباطاته وما يأتيه من نوائب، بل أمور الأمة تدار على كفه عليه أفضل الصلاة والسلام، وأحداث الأمة وجهادها وإدارتها وقيادتها؛ ومع ذلك وجد وقتاً يستمع إلى مثل هذا الكلام، وهذا من لين جانبه وحلمه ومن بره عليه أفضل الصلاة والسلام، كما قال تبارك وتعالى: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ
فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ
.
ثم أتى البخاري يتكلم بهذه القصة العجيبة.. الرسول عليه الصلاة والسلام كان يحب عائشة أكثر من سائر نسائه، وكانت عائشة مع ذلك بنت أبيها، فأبو بكر أحفظ الناس وأفصحهم وأصفحهم.. يحفظ السير والأنساب والأخبار والأشعار، وإذا تكلم أبو بكر في مجلسٍ من مجالس العرب سكتوا جميعاً، فأتت ابنته عائشة تشبهه، ومن يشابه أبه فما ظلم.
تلك العصا من هذه العُصية *** لا تلد الحية إلا حية
فكان عليه الصلاة والسلام يأنس لحديث عائشة ، ويسألها عن أخبار الناس؛ لأنها -كما قال الزهري : كانت تحفظ ثمانية عشر ألف بيت شعر، وكانت تحفظ أخبار العرب، وما وقع أيام العرب وقصص العرب، وفي غدوة من الغدوات جلس عليه الصلاة والسلام مستريحاً هادئ البال مطمئن النفس، فأخذ يداعب ويمازح زوجته المبرأة الطاهرة الصديقة بنت الصديق ، فأخذت تقول: يا رسول الله! جلس نسوة تلف بهم الدهر.. وهؤلاء النساء قال أبو محمد بن حزم الظاهري : هن من خثعم ، وهي من قبائل الجنوب الشهيرة في التاريخ، ومن هذه القبيلة الخثعمي الذي يقول:
ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد *** لقد زادني مسراك وجداً على وجدي
ومنها الشنفرى الأزدي صاحب لامية العرب، وكثير من الأخيار والشعراء.
فقال أبو محمد بن حزم ، قال: هن من خثعم وقال بعضهم: هن من اليمن . ولا يهمنا أن يَكُنَّ من اليمن أو من غطفان أو من خثعم أو مدغشقر ، إنما الفائدة أنهن جلسن فاسمع الكلام.
فتقول عائشة والرسول ينصت، معلم الخير ومربي الإنسانية ينصت إلى الكلام، وفي الأخير سوف يعلق عليه الصلاة والسلام بكلام.
قالت تخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم: {جلس إحدى عشرة امرأة فتعاقدن وتعاهدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً } إحدى عشرة امرأة خلا لهن الجو..
خلا لك الجو فبيضي واصفري *** ونقري ما شئت أن تنقري
خرجن من البيوت واجتمعن، قال أهل العلم كما قال ابن حجر : إذا اجتمع النساء فأكثر حديثهن في الرجال، وإذا اجتمع الرجال فأكثر حديثهم في المعاش. أي: في الدخل والكسب والراتب والتقاعد والزيادات والعلاوات، وربما يخلطون كلاماً من كلام النساء، أي: يتحدثوا في النساء، لكن هذا في النادر، أما إذا اجتمعت اثنتان من النساء المتزوجات، فأكثر كلامهن في الرجال، ماذا فعل زوجها وماذا صنع؟ أخلاقه.. معاملته.. زياراته.. صلته.
تابعونا .....
وارجو ان أجد مشاركاتكم حتى نستمتع معا بهذا الحديث الرائع ....