- سلام الله أحبتي في الله
سلام الله أحبتي في الله
يذكرني بنفسي حين كنت في نفس عمره تقريبا ،لا ألومه لكني أشفق عليه ،رغم ذلك يرسم البسمة على شفتي بأفعاله ،بسمة صرت أخفيها بجهد في وجوده ،لأني أعلم أنه سوف يفسرها خطئا ،كما كنت أفعل ،ألم أقل أنه يذكرني بي ؟
كنت في السنة الثالثة مثله ،و كان أستاذا للرياضيات ،شاب طويل ،أبيض البشرة ،نحيف ،الأغلب أنه كان في بداية عقده الثالث ،لازلت أذكر ملامحه، و لو أني أملك موهبة الرسم لرسمت بورتريه دون عناءو دون حاجة الى صورته رغم مرور كل هاته السنوات ،للأسف لست موهوبة في الرسم رغم عشقي له ،
كانت حصته من أفضل الحصص ،بل وددت حينها لو كانت كل الحصص رياضيات ،تفوقت بسببه بل بفضله في هاته المادة التي كانت و ستظل الشبح المرعب لأغلب التلاميذ ،لم أكن أجد صعوبة في فهمها ،كل حرف ينطقه و كل خاصية و كل برهان
كان يدخل عقلي دون جهد و لا يبرحه أبدا،الغريب بعد كل هاته لازالت أغلب الخاصيات و المبرهنات عالقة بذهني ،فيتاغورس و طاليس و غيرها كثير...كان شعورا غريبا ،لأول مرة ينتابني في حياتي ،كل نظرة منه تجاهي كنت أفسرها تفسيرا خاصا ،كل اقتراب منه نحومقعدي كانت له دلالة خاصة في مخيلتي ،
كنت أمضي وقتا طويلا أمام المرآة ،ووقتا أطول و أنا أكوي ثوبي ،للمرة الأولى صرت لا أحب الظفيرة في شعري،لأنها تظهرني فتاة صغيرة ،كان لي شعر طويل أسود كسواد الليل ،ربما تعمدت أن يقع مقبطه في بعض الحصص حتى يراه أستاذي ،
كنت أطير من السعادة و هو يطلب مني الاجابة على اللوح أو تدوين جزء من الدرس ،طيلة السنة لم أحصل على أقل من عشرين ...طبيعي أن يكون توجهي علميا بعد نهاية السنة ،
و ان كانت ميولاتي أدبية محضة ،الا أن النقط التي حصلتها بسببه أو بفضله لا أدري ،كانت بداية لمشوار دراسي لم يكن أبدا في حساباتي و لا مما أحب ...أذكر أني كنت أحزن ان اقترب من احدى زميلاتي ليصحح لها تمرينا ،
و كانت عبراتي تخونني حينا ،لو مرت الحصة دون أن أكتب على اللوح ،رغم أني كنت أستأثر به أغلب الحصص ،عرفت مقر سكنه فقد تبعته يوما خلسة ،و صرت بين الحين و الآخر أطيل الطريق الى بيتنا ،و أنا أسير خلفه ،كانت أيما جميلة ...
بعد هاته السنوات ،أضحك كلما تذكرت الأمر و أغرق في الضحك ،فتصرفات أستاذي كانت عادية جدا،لكني من كنت أحملها ما لا تحمل من دلالات ،ربما نفس الأمر يحدث الآن مع تلميذي ،أشفق عليه حقا ،هو دوما أول من يحضر الحصة
،آخر من يغادر الفصل ،أينما اتجهت في الفصل أتبعني نظراته البريئة ،يطرح بدل السؤال العشرات خلال الدرس ،أسئلة لا حاجة لها ،يغير نبرة صوته ،أصبح يرتدي بدلة أغلب الوقت و يحمل محفظة شبيهة بمحافظ الأساتذة ،يحاول أن يبدو أكبر من عمره لا محالة ،
وجدت ذلك اليوم وردة حمراء على مكتبي ،تجاهلت الأمر، علمت أنها غالبا منه ،و لم أعلق ...ووجت مرات أخرى علبة الشوكولاطه،فتجاهلت الأمر و لم أعلق أيضا ،وأهديتها من أجاب أفضل اجابة ...صرت أتحاشى المزاح معه دون غيره ،رغم حبي لممازحة أحبابي و حبيباتي ،صرت أخاطبه و آخرين لأول مرة بولدي ،أريده أن يفهم ،و ان كانت كلمة ولدي تجعلهم يبتسمون ،فهم أطول و أضخم مني بكثير ...
أتساءل هل اكتشف أستاذي أمري أيضا ؟؟؟واخجلاه ...
بعض مما راودني اليوم
حبذا لو تشاركوني قصص حبكم الأول