العمر مره
18-07-2022 - 04:25 pm
قصة الفتاه القتيلة (آيه)
لم تكن زوجة جميلة فحسب بل كانت آية من الجمال لو ظهرت لبهرت الأنظار وسلبت الألباب , كانت صغيرة السن فيها من الوصوف ما لا تسعه الحروف
إذا ألتفت وكأن ألواح بلور أبرقت , وإذا أدبرت وكان زهور الربيع في طريقها أينعت وأشرقت ,
كانت وحيدة أباها الكبير في السن والفقير ,
كانت تسمى ( آية ) وهي آية أبداع من الله العزيز الحكيم
تزوجت آية من شخص لا يمت لها بالجمال الذي تشتهيه الفتيات في الفتيان لكنها تمت لما يطمحه هو من جمال الفتيات , فأغرم بها أيما أغرام وسلبت منه كل لبه ,
كان الزوج رغم ما أتاه الله جشعاً غيوراً تلعب في عقله الشياطين ,
كان يرى أن لا مبرر من عمل ( آية ) ما دام لديها المنزل والمال الذي يوفره لها ,
ولا يرى خروجها من المنزل مادام كل طلباتها تساق لها صبحة وعشية ,
وحتى يمعن في السيطرة منعها من زيارة أبيها الوحيد في بيته المستأجر بمال الضمان الحكومي ,
لم تكن حياة ( آية ) كجمالها , زوج متسلط وحال يشرف على الانتكاس ,
كانت في زاوية فناء البيت , غرفة مظلمة دوماً مغلقة , تحوي مخزونات وكراكيب عفا عليها الزمان القريب , كان لهذه الغرفة باب ينكشف إذا فتح على الشارع وهو كذلك مغلق كحال الباب الرئيسي لتلك الغرفة الكئيبة .
مضت الأيام والليالي , وآية وزوجها يسلكون فيلم الدنيا وسيناريو القدر
كان زوجها في كل صباح يتصل من مكتبه على المنزل وكأنه نسى شيئاً أو غيره , وكانت ( آية ) تعلم خفايا نفسه المرتابة
مع الاتصالات وكثرتها , أصبحت ( آية ) لا ترد مع أول اتصال بل تؤخر الرد وكانت تتعذر بقدر الطبخ أو بتنظيف الأرض ,
لم تكن أعذاراً لدى الزوج بل كانت كما الترسبات التي سيأتي يومٌ وتغلق المجرى .
في يوم من الأيام قررت آية المجازفة , وفعلتها
وتغير وضع تلك الغرفة الخارجية تماماً ولم تعد كما كانت كئيبة لدى ( آية ) وإن كانت مخفية الأمر ومغلقة , لكنها لم تعد كئيبة
كانت تتسل إليها إذا نام زوجها , وسرعان ما تفتحها فتجد حبيبها الخفي فيها ينتظرها
كانت قد أعطت حبيبها مفتاح للباب المؤدي للشارع وهي تملكت مفتاح الباب الداخلي , كانت تخاطر كشاة سلمت رقبتها لسكين الذابح المتعطش للثأر
وفي الليل وأحياناً من نهار تزور تلك الغرفة الكئيبة التي تحولت لواحة سعيدة
وكانت عودتها الليلية من الغرفة تلك إلى غرفة زوجها طفقاً من الرعب , فما تكاد تنغمر وتنغمس في طيات فراش الزوج بهدوء حتى تزفر زفرة راحة فيها من الجمال والنشوة ما يطيح العقول ,
لم تكن يده – أي الزوج – تحس بمقدار البرد الذي كساها إثر عودتها للتو من الفناء , كان يتحسس وهو يغط في نوم عميق
أستمر المنوال على ما قدر له رب الجلال ,
واستمرت الغرفة ترزح بالموجودين
وأستمر الذهاب والإياب ,,,,,
دارت الليالي حتى أتى ذلك اليوم ومر زوج آية من أمام باب الغرفة المطل على الشارع ورأى أمر ما !!!!
الشجيرات الشوكية التي كانت بجانب الباب تقلصت وتقصمت في مسار الباب , مما يوحي للبصير الحاذق أن الباب يفتح للشارع
نزلت فكرة فتح الباب على ذهن الزوج كصاعقة قصمت جذع الشجرة المطمئنة
لم يكن يعلم ماذا يجري في تلك الغرفة , ولا من فيه حياضه يسرح ويمرح
أستل مسدسه , ودخل بهدوء لمنزله ومازح زوجته في حال هي استغربتها وشكت فيها ,
لم يكن زوجها الشهواني والمقطب التي أعتادته , كان مبتسماً مزوحاً
وكأن فيه قال المتنبي : إذا رأيت أنياب الليث بارزة ** فلا تظنن أن الليث يبتسمُ
أدلهم الليل ونام الزوجان , وهو كالذئب خامد الجسد متحرك الفكر والذهن , يجوب بفكره كل أركان البيت كزئبق في أرض زلزال
( آية ) لم تنسل تلك الليلة , لريب أرابها ,
كان هو ينتظر تلك الإنسلالة والكره لكنها لم تأتي , ونامت آية مل جفنيها
وأصبح الصباح , فخرج الزوج للعمل ولا يزال مسدسه معه مذخور لكل ما يظنه مدحور
خرج ولكنه مر ذاك الباب وأسند صخرة صغيرة على الباب , ستقع حتماً لو فتح الباب وذهب للعمل ,
لكن الشيطان حال دون عمله وأمله وزاد شكه ووجله فحلق فيه في سياحة جهنمية على أبواب الشبهات والشكوك فعاد من حينه وتوه ,,
فرأى صخرته وقد تدحرجت بعيد عن الباب وتأكدت ظنونه وتأججت , فالباب المطل على الشارع فتح , وهذه الغرفة الكئيبة حتما دخلت !
قفز يهرول فتح باب المنزل الرئيسي بسرعة فإذا ( آية ) كانت تهم بفتح باب الغرفة الكئيبة للتو , زمجر وركض في الفناء يقطع الفناء كأسد يهم بغزال جريح
هي تجمدت من الرعب وما برحت مكانها فدفعها وأخذ المفتاح وفتح الباب
وماذا رأى ,,
رأى فراش بالأرض في وسط الغرفة ومن حوليه أوراق مناديل مكورة ومستعملة , وكأنها طفق بها مسحاً بالسوق والأعناق
صرخ وزمجر وتصورت له ( آية ) فوق ذاك الفراش في حال مطارحة غرام مع حبيبها , ومن ثم تصور كيف كانت تلملم نفسها بما حول الفراش الآن
دارت الأرض به لم يرى ولم يسمع ,, إلا كلمة واحدة
” الموت للخائنة ”
رفع المسدس في وجه ( آية ) المرتعبة
ومن ثم ألقم المسدس فسمعت ( آية ) صوت التلقيم فزادها رعباً
لم تسمع (آية) صوت الطلقة فقد اخترقت الرصاصة جبهتها وتناثر دماغها في الجدار المقابل لباب الغرفة الكئيبة ,
انهارت في الأرض التي تحولت لخليط أبيض دماغي ودم أحمر غليظ
الزوج بعد هدوء صوت الطلقة وصداه , فاق من سكرة الغضب وبدأت سكرة الندم وأزه الشيطان ليقتل نفسه كما أزه ليقتل ( آية ) , وفعلها
ولم يسمع الزوج كذلك طلقته التي قتلته ,
سقط بجانب ( آية )
حضرت الشرطة بفعل شكوى الجيران من صوت الرصاص , وقام الضباط يتنقلون في الغرفة الكئيبة ومن خلال الجثث لعل وعسى يجدون شيئاً
حتى سمعوا صوتاً فوقفت أقلامهم وشخصت أبصارهم
كان الصوت صوت مفتاح يجلجل في الباب الخارجي المطل للشارع , ذاك الباب الذي حرس بصخرة الزوج
نعم
لقد عاد معشوق ( آية ) وهو لا يعلم
فتح القليل من الباب , والضباط الجنائيون ينظرون !
دوت كحة وحشرجة في صدر الدخيل , يبدو أنه مريض
دخل وكان بيده اليسرى يغطي فمه بمناديل تتلقف ما يخرجه صدره التنور , فقد كان مريضاً جداً
دخل وهو ينظر للأرض رأى الضباط فشخص في محله وجال ببصره
فرأى الزوج في دمائه ,
تقدم قليلاً ,,,
صرخ صرخة , رمى عقبها بالمناديل التي كانت في يده إلى جوار المناديل التي كانت بجانب الفراش
تناسقت المناديل ومكانها
شهق ومن ثم صرخ أخرى
وصاح
حين رأى ( آية )
( آية ……. ابنتي )
وخر ميتاً
ذاك الشيخ بجانب أبنته التي أحبته وآوته بعد أن أخلي من منزله المؤجر
ماتت آية وهي آية في الوفاء والطهر
وخسر الجميع وأنتصر الشيطان
تلفت الضباط لبعضهم وتواردت خواطرهم وتوحدت بقوله عز وجل : (( إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ))
ملطوش