صمتي حكمتي
06-12-2022 - 04:29 am
قصتي مع صديقي الخفي.
بقلم/ نبيل الصبحي
1432/2/28
في المرحلة الثانوية والجامعية كنت منهمكا بالأدب العربي الغث منه والسمين ، أكتب الشعر وأسطره حتى كتبت ديواني الأول، وقد باركه عدد من الأصحاب ، فاحتفظت به سنوات ، ثم أحرقته لسبب سيأتي في سياق القصة.
أمسك القلم لأبث همومي لصديقي الخفي .
أبادله الأحاسيس والمشاعر والعبارات .
كان يزورني في كل ليلة ، بل في كل ساعة.
ما أروع صحبته وخفته ورشاقته .
نفسي لا تهوى سواه ، وعقلي طاير في هواه.
يا له من صديق رائع ، لو كان صادقا .
أتدرون من هو ؟؟؟؟؟؟؟؟
إنه الوهم
الذي خدعني في مظاهر كذابة وحياة منمقة جذابة
نعم إنه الوهم الذي سيطر على مشاعري وعلى أشعاري وعلى كتابتي
لازمته سنين طويلة
أتحدث إليه ويتحدث إليّ
احلم معه بأشياء عجيبة وأمور غريبة
حتى أصبح صديقي الذي لا يفارقني طرفة عين
ففي البيت فهو معي
وفي الجامعة فهو معي
وعند أصحابي فهو معي
أتكلم عنه كثيرا حتى أعجب المعجبون بكلماتي ومشاعري، ولكن للأسف كان في داخلهم شعور بالحسرة والألم على حياتي التي أصبحت وهم في وهم.
ثم بعد سنين بحثت عن الحلم الذي شيدته مع صديقي الخفي فلم أجده.
بحثت عنه هنا وهناك فلم أجد شيئا
إنه حلم حياتي
حلم أفنيت فيه شبابي
أين ذهب؟؟؟ أين أختفى؟؟
وما هي إلا لحظات وإذا بي أسمع الحقيقة المدوية !!
الحقيقة المرة التي لا تستساغ أبدا!!
لقد قالها صديقي الوهم بكل جرأة ووقاحة
ما أنت إلا في غرور
وما هذه الأحلام إلا وهم في وهم
حزنت على نفسي كثيرا
اعتزلت الناس قليلا
وبكيت حرقة وعويلا
ثم أخذت أردد كلمات كالمجنون
أحقا ما قاله صديقي
أحقا أحلامي زائلة
وأهدافي زائفة
نعم إنها الحقيقة كالشمس في ريعان النهار
قاتلك الله أيها الوهم
كم من شاب أفسدته
وكم من فتاة حطمتها
وكم من أسر دمرتها
ذبلت زهرة شبابي بسببك
دمعت عيوني من أجلك
اخرج أيها الوهم من حياتي
ابتعد عني حيث أكون
لا أريد مقابلتك
ولا معرفتك
فأنت محيت البسمة التي كانت على محياي لولا لطف الله
قتلت المواهب والإبداع لولا لطف الله
عششت في رأسي الأوهام والخيالات
ولكن يكفيني أيها الوهم إني تعلمت منك درسا لن أنساه في حياتي
نثرته هنا في خاطرة لئلا يغتر بك إخواني وأخواتي
يا أيها الوهم:
أبدلت نومك بالعمل
وتباطئك بالاجتهاد
وتقاعسك بالنشاط
فالعمل ... العمل... والجد الجد أصبحا عنوانا حياتي واشراقات فكري الجديد.
الكثيرون منا يهربون من الواقع إلى الوهم ، ولا يتسطيعون الاعتراف .
فلنزيل عن حياتنا غشاوة الوهم ,, ولنعيشها حقيقة كما تكون.
يقول الدكتور علي الحمادي :
إن صناع التأثير ومهندسي الحياة يعيشون الحقائق ويتطلعون لمستقبل أفضل , فلا يحبسون أنفسهم في أوهام مثبطة , و لا يكبلون تفكيرهم بخرافات لا أصل لها , ولا يستسلمون لقناعات مزيفة , أنهم عمالقة أبطال.
أيها الغالي وأيتها الغالية :
هذه قصتي مع الوهم نثرتها بين يديك
لتكون نبراسا أمام عينيك
كنت للوهم مخاويا وللحقيقة مجانبا
فمن الله علي فحطمت قيوده وخرجت من حدوده، حتى سمت روحي وارتاح قلبي واطمئنت نفسي
فأصبحت بفضل الله للأهداف محققا ، وللصواب ملهما ومسددا .
فمن وجد الله ماذا فقد ؟؟ ومن فقد الله ماذا وجد؟ ؟؟
يا رب عفوك ورضاك، واجعل ما نكتبه خالصا لك، ولا تجعل لأحد من خلقك فيه نصيب .
يا رب ارزقني حسن الخاتمة ، اللهم آمين
منقول