- هلوسة
هلوسة
استيقظت من نومها فزعة ، العرق يصبب منها وجسمها منهك متعب كأنها ركضت أميالا، قلبها يخفق بشدة , حلم غريب كئيب مخيف ، لا . يجب أن تفسره تفسيرا حسنا لكن ما في الحلم لم يكن حسنا بأي حال من الأحوال ، العتمة تحيط بها ، ودقات قلبها تتوالى ، تتسارع ، أطرافها ترتعش ورأسها يتمايل والغرفة تدور وتدور ، هتفت بصوت لم تسمعه ياربي ما بي ، كل هذا تأثير ذلك الحلم السخيف ، ستنهض لتصلي ، ولكنها لا تستطيع التحرك وأصاب قدميها الشلل فلم تعد تشعر بها ، والعرق مازال ينزل بغزارة والدوار يتلاعب برأسها ، ( ياربي ماذا أصابني هل سأموت ، هل هذا هو الموت ؟ إنها لا تعرف ، لم تسمع أن أحدا أخبر بماذا يشعر الميت قبل وفاته ، فهو لا يرجع ليروي مشاعره ، ولكنها تشعر بخدر أطرافها وثقل نفسها وصعوبة تنفسها إنها تكاد لا تتنفس .
معقولة ... ستموت هكذا بكل بساطة وأولادها وبيتها وأهلها ....ابنتها الصغيرة من يعتني بها من سينهض منتصف الليل ليطعمها ، ولدها الموهوب من سيرعى موهبته من سيشجعه ، أبوه لايمكن، إنه حتى لايعرف أنه موهوب ، ابنتها المراهقة من سيتفهم اختلاجات نفسها ورقة مشاعرها ،( ياربي أنا مؤمنة أنك أرأف بأولادي مني ، ولكن ياربي أحفظني لهم ) ، ستنتهي حياتها بعد لحظات ، ولم تكتب وصيتها هل لديها وقت ، إن عليها ديون بسيطة كثيرة يجب أن تدونها ، إحدى زميلاتها أخذت منها عطر ولم تسدده والثانية دفعت عنها سهم هدية والأخرى لم تدفع لها الجمعية ...وأغضبت هذه وسخرت من تلك...
المشكلة أنها لا تستطيع الحركة ولا تستطيع الكلام أو الصراخ ، ليت زوجها يستيقظ ويعينها على تفهم حالتها أو يسرع بها إلى الطبيب ، إنه طيب ولين الجانب ليته يسامحها ، ليته يستيقظ ، التفتت لم تره ، أين ذهب هل استغل نومها وخرج إنه دائم العبث بمشاعرها لايحنو عليها ولا يهتم بشؤونها ! حتى الآن وهي في هذا الوضع ليس معها ( استغفر الله ، اللهم سامحني لقد سامحته دنيا وآخرة لكن ليته يحضر بسرعة لتوصيه على أولادها حتى لو تزوج عليها المهم أن يهتم بهم ، هل بقي لها وقت .. إن قلبها تتوالى ضرباته يكاد يخرج من مكانه أنها تشعر به في رأسها .. بوم .. بوم ..لا إنها ليست دقات قلبها بل طرقات عنيفة تضج داخلها طخ ... طخ .. وأصوات تناديها لقد بدأت تهذي حانت اللحظة يجب أن تفر .. تهرب .. وجدت نفسها تقف أمام باب الشقة تفتحه .. لم تستوعب الأمر دخل زوجها البيت كالإعصار يصيح بها( ما هذا أقف بالباب ساعة لا يفتح أحد لي الباب ؟ ) لم تجب نظرت إلى المرآة أمامها شعرها أشعث .. فاغرة فاها .. وكتفاها متهدلان .. أنها لم تمت .. معقولة كان حلما الحمد لله انه حلم ، تنبهت إلى أن زوجها أمامها غاضبا ينتظر الجواب ، خرج صوتها همسا ( أين كنت ؟ ثم أين مفتاحك ) رد عليها ساخرا( كنت في صلاة الفجر ونسيت أخذ المفتاح ) صلاة الفجر نظرت إلى الخلف ووجدت ضوء الشمس يتسلل من النافذة ( يا الهي المدرسة ، أولادها ، لم توقظهم بعد ، لم تصلي لم تعد الإفطار أخذت تركض في كل مكان .. ثم بعد قليل وهي في المطبخ تعد إفطار أولادها ابتسمت الحمد لله ما زلت حية ، اللهم أحفظني لأولادي ، واعني على تحمل هذا الزوج من قال أنه طيب القلب ولين الجانب ، تذكرت مال الجمعية وقيمة العطر لابأس ستسددها في نهاية الشهر المهم أنها حية ابتسمت ثم اتسعت ابتسامتها ثم أخذت تضحك بهستيرية وهتفت من خلال ضحكاتها وقد أحاط بها أولادها متعجبين وزوجها عابسا ينظر إليها مندهشا .. هتفت ( الحمد لله ما زلت حية )
بقلم / الشرف المروم