نجمة الكتابة
02-12-2022 - 01:31 am
بسم الله الرحمن الرحيم
.. // السلام عليكم و رحمة الله و بركاته // ..
جئتُ لأنقل لكم .. أحدى رواياتي ..
..رواية بحرينية ..
تتحدث عن قصة حب .. إجتازت كل القضايا
الإجتماعية . . النفسية .. السياسية ..
حناني
( لو فكرت أنساك .. فكرت ان العمر نساني )
يومين مروا على المدرسة، كل شيء مثل ما كان، الدراسة .. الإختبارات .. الصرقعة .. الهبال .. الهوشات .. مخالفة القوانين و الإبداعات. الصبيان هم نفسهم، بأشكالهم المختلفة و شخصياتهم الغريبة و العجيبة .. و من بينهم كان قاعد على كرسيه في الصف يطالع جدول الحصص الأسبوعي. الأولاد رفضوا الدراسة في الأسبوع الأول لأنه بداية الدراسة و توهم جايين من عطلة .. لكنه فضل الدراسة لسببين أول سبب لأنه مل من العطلة و يبي شوية أكشن و دراسة، و ثاني سبب لأنها آخر سنة له في الثانوية و لازم شوي يشد. رغم أنه من المتفوقين في المدرسة، و تحديداً في القسم العلمي، أختار هذا المجال لأن يبي يدخل هندسة بالجامعة، و والدينه مصرين إنه يدخل علمي لشطارته.
ولد يطلع و ثاني يدخل الصف، الباب دايم الحركة لكنه في مكانه ما تحرك .. بس حط الورقة على الطاولة .. و تنفس الصعداء .. مستانس لوجوده بالمدرسة و متحمس بعد .. يفكر وش بيصير هالسنة. و فجأة أنفتح باب الصف، كانوا اصدقائه حسام و محمد جايين لجهته أخذوا لهم كراسي و قعدوا.. أبتسم:
_ هاه إلا أشوفكم جيتوا؟
تكلم محمد بحماس:
_ والله فناتك .. ما بتصدقني ما بدت الحصص و يوسف و جماعته شردوا
محمد بيظل محمد، بقى عليه سنة و يدخل الجامعة، لكنه مرح و مشاغب .. عقله صغير رغم أن حجمه كبير شوي و إلي يشوفه يعطيه أكبر من عمره. أما حسام إلي كان ناوي يدخل أدبي بس أهله رفضوا و طلبوا منه يدخل علمي نفس ما سووا أهل صاحبه، تكلم و هو يعدل نظارته الطبية متجهة أنظاره الى محمد:
_ و ليش ما شردت وياهم؟
رد عليه بطريقة ما تليق عليه:
_ لا كبرنا على هالسوالف
و أنتبه لسكون صديقهم الثالث .. فقال بصوت ثقيل:
_ جواد
ألتفت جواد إليه .. ألي كان يتابعهم من أول ما تكلموا بصمت .. رد بصوت غير عن صوت محمد الخشن المكار، و غير عن صوت حسام الي شوي ناعم و أحياناً الواحد يحسبه صوت بنت .. رد بصوته الفخم الواطي إلي نادراً ما يعليه إلا بالهوشات:
_ نعم؟
أبتسم محمد إبتسامته المرحة:
_ شفيك ساكت؟؟
بإختصار رد عشان يسكته .. و هو من النوع إلي يفشل الواحد و يسكته بسرعة:
_ ما عندي شيء أقوله
لف محمد على حسام .. قامت تشتغل عنده اللعانة و يبي يستهبل:
_ حسامووه شكل الأخ غرقان
"غرقان" كلمة أو تشفيرة أختاروها بعض من شباب هالمدرسة لما يقولون عن واحد يحب، و أغلب الصبيان يقولون انها كلمة تقليد على أغنية راشد الماجد "الغرقان". حسام ما يعرف يستهبل وايد عشان جذي رد:
_ لالالا جواد ما يغرق مخلي البحر حقك،
أبتسم جواد بوجه حسام بدون تعليق .. بس محمد ما سكت:
_ لالا شوفه قاعد يبتسم .. هذا مو بس غرقان .. إلا غرقان غرقان
قالها وهو يهز يده فضحك جواد، و ضحك وراه حسام و عم الصمت بينهم لين قال محمد بعد تفكير:
_ انا واحد مستحيل أحب
طالعوه الأثنين ما كأنه شيء جديد لأن يعرفون محمد زين، وسأل جواد بمرح:
_ للحين ما تحب البنات؟؟
محمد صحيح مرح و فكاهي بس متعقد من اشياء وايد و شيء منهم البنات .. لأن أخوانه كلهم كبار و صايعين عاشوا قصص حب فاشلة .. و أصدقائه بدل ما يقصون على البنات البنات يقصون عليهم .. فتعقد و قرر أن ما يحب. اكيد اوقات يشوف بنت في مجمع و لا بأي مكان يعجب بها بس يتذكر حزن أخوانه على علاقاتهم، و سب أصدقائه بالبنات الي خانوهم يتوخى الحذر و ما يتهور. أجاب بثقة:
_ مو كلهم .. ما ابي أحب .. ابي بس اذا تخرجت من الجامعة أمي تخطب لي و أخلص .. لا أبي حب و لا خرابيط
كان المفروض أن حسام يتكلم عن حالته في الحب أو البنات، بس سكت لأن الشيء الي المفروض يقوله اكيد ما بيعجب محمد الفري و جواد الصعب. و هو أن أمه تبيه يتزوج بنت عمه، فهو من عائلة تعتمد دائماً على التقليد .. و أمه دائماً تمشي وراء أبوه و ما تعترض بأي شيء .. عشان جذي طلع حسام نفسها من النوع الي يطيع مو يصيع. و هو بينه و بين نفسه معجب ببنت عمه لشكلها قبل أخلاقها، و ناوي يتزوجها عن قريب .. لأنه ناوي يسافر للدراسة و يبيها معاه. أما جواد فهو من النوع الي ما يحب التقليد و يبي الشيء يمشي مثل ماهو عاجبه، مأجل الحب الى وقت الجامعة لأنه يحس ان هذا مو وقت الحب .. و مخطط ان يحب بنت بالجامعة و يتزوجها اذا تخرج، بس الله الوحيد العالم الي يعرف وش ممكن يصير. لما طال الصمت قرر حسام يغير الموضوع قبل لا ينقلب ضده و يحاول محمد يعرف شيء عنه، و هنا تذكر شيء مهم كان المفروض يقوله أول ما عرفه بس نسى. نطق بصوت يحمس:
_ أيه شباب نسيت أقولكم شيء
محمد و جواد في نفس الوقت:
_ شنو؟؟
حسام بتمهل:
_ تعرفون صالح عبدالاله؟
جواد يعرف هالاسم زين، لأن صالح عبدالاله إنسان عزيز عليه بعض الشيء، يعرفه لأنه كان بالعلمي و بصفه و شارك معاه بفريق المدرسة للكورة، لكن هذه السنة ما صار معاه و طلعت إشاعة أنه برى المدرسة .. لهالسبب قال محمد:
_ هذا الي طلع من المدرسة؟؟
جاوبه حسام متحمس لردة فعلهم:
_ إيه .. هذا طلع مو بس شارد من المدرسة إلا شارد من بيتهم!!
أنصدم جواد، و محمد ما فهم:
_ مافهمت يعني شنو؟؟
جواد سأل بإهتمام:
_ من صجك تتكلم؟؟
حسام حاول يقول إجابة ترد على كل أسئلتهم:
_ أي .. انا في واحد اعرفه يقرب لي من بعيد أسمه علي، يصير ولد خالة صالح .. شفته في عزيمة و سألته عن صالح قالي صارله أسبوع مختفي عن البيت و محد يدري عنه، يقول انه من هذلين الي يحرقون و يروحون في مظاهرات و الشرطة تدور عليه و على جماعته عشان جذي ما يقدرون يخبرون الشرطة و لا يقدرون يحصلونه، أبوه و عمه مشتغلين في التدوير و شاكين أنه برى البحرين.
في هالوقت كانت جارية "الأحداث" في البحرين .. الشعب البحريني يحتج لمواضيع متعددة تقوم المظاهرات و الحرايق و الشغب .. و واحد من الشباب الغاضب هو صالح. محمد ما كان عاجبه الموضوع لأنه ما يحب صالح .. لسببين أول سبب لشخصيته العصبية و الحادة و ثاني سبب لإهماله في المدرسة و مظاهراته و تهوره. أما جواد فأهتم و أندهش من الي سمعه:
_ و حصلوه و لا للحين؟؟
حسام بضيقة مصطنعة:
_ لا ما حصلوه تخيل صار له أسبوعين مختفي
قاطعه محمد بنرفزة:
_ هذا واحد مخترب ماعليكم منه يروح بألف داهية
جواد يكره تعقد محمد بس ما حب يناقشه في الموضوع لأن سالفة صالح أهم .. فكر بهاللحظة أن من واجبه يسأل عنه و يشوف وش صار عليه:
_ في أخبار ثانية عنه؟؟
هز حسام رأسه ب"لا"، فقال جواد بينما محمد طلع تلفونه و بدأ يحوس:
_ أوك عندك رقم الي يصير له؟؟
رفع محمد عيونه بسخرية على إهتمام جواد .. أما حسام قال:
_ تقصد علي؟ أي عندي رقمه .. ليش تبيه؟؟
جواد أنتبه لنظرات محمد و فهم أن محمد يستنكر حركته .. لكن ما اهتم و قال بإصرار و قوة أكبر:
_ أبي أتواصل معاه و أشوف سالفة صالح يمكن يطلع عندي شيء،
هني ما قدر محمد يمسك نفسه و لا يتكلم:
_ و أنت ليش مهتم؟
ناظره جواد بجدية:
_ صالح صديقي و يهمني أمره ..
و لف على حسام يبي بهالطريقة يسكت محمد:
_ عندك تلفونك الحين؟؟
حسام جاوبه كأنه واحد مستهبل:
_ تبي الرقم الحين؟؟
حرك جواد رأسه ب"أي"، فهز محمد راسه و حط سماعات التلفون بأذونه و شغل أغنية عشان يبتعد عن الموضوع .. أخذ جواد رقم علي، و ما طال الوقت لين بدأت أول حصة .. محمد ما أستحمل إلا حصتين و في الثالثة شرد .. حسام ضحك عليه، أما جواد فوقت يتحمس للحصة و وقت يتذكر مصيبة صالح و يحاول يحصل لها حل.. بس طبعاً الشيء صعب، أهله ما حصلوا حل شلون هو يحصل.
*** نزل من باص المدرسة، و أتجه لبيته، كان الباب مفتوح لأن الشغالة كانت تنظف الأدراج الي برى .. دخل البيت و هو يزفر بتعب، كان البيت هادئ شوي .. لكن لما لف على اليمين هناك كانت طاولة الطعام قدام التلفزيون، قاعدين فيها أمه و أخته غالية. راح جواد بحركته المعتادة حيى السلام و باس راس أمه، و أمه قالت كالعادة:
_ حبيت الكعبة يا وليدي
أما غالية قالت بإبتسامة و في فمها أكل:
_ هاي جوجو
غالية أخت جواد الكبيرة و الوحيدة، و ما عنده أخت و لا أخو غيرها .. هي بثالث سنة جامعة، كانت مخطوبة لواحد لكنها اكتشفت حركاته الصايعة قبل لا تتزوج فصارت مشاكل بينها و بينه و بهذا فسخ خطيبها الخطوبة، هي ما كانت متوقعة انهم بينفصلون حتى بعد السالفة لكن الشيء رغم ذلك ريحها. أبتسم:
_ هلا غاليوه ها إلا أشوفكم أكلتو عني
قالت غالية بمرح:
_ والله انا جعت و ما قدرت أنطرك قلت للشغالة تحط الغذى بس أمي ما رضت تاكل بدونك .. حاولت معاها ما رضت.
قعد جواد على الكرسي و ما كان حامل شيء لأنه أول أسبوع .. وهو يسمع كلام أمه:
_ أيه يمه انا قلبي يعورني اذا اكل و وليدي مو قبالي
غالية بطناز:
_ الله و اكبر مرة وحدة قلبج يعورج .. بسم الله عليج يمه عيل لو طلع جوادو مع ربعه و تعشى تموتين علينا.
ضحك جواد مع أمه على مرح غالية .. بعدها قال جواد:
_ فديتج يمه ما عليج من غاليوه هذه بس تغار ..
أمه قالت بإبتسامة:
_ لا ما تغار انتوا اثنينكم اولادي و معزتكم وحدة
أبتسم جواد و لف على السفرة و هو يسأل:
_ الله شهالريحة الحلوة اليوم شنو الغذى؟؟
ردت عليه غالية بصوت شوي عالي:
_ ماتشوف قدامك .. و ان شاء الله بتتغذى و انت للحين ما بدلت ثيابك؟؟
ضحك جواد:
_ أي صح ذكرتيني .. عليكم بالعافية انا ببدل و بجي بتغذى
لفت غالية على امها:
_ ارتحتي الحين يمه بياكل .. يالله اكلي اخاف جوادو يروح و يشوف السرير و ينسى الغذى و ما يجي بعدين اتوهق أبج ماترضين تاكلين ولا تاخذين دواج
ضحكت ام جواد على كلام بنتها .. تعرف غالية طيوبة و حبوبة و تحب تتطنز موت و مسوية جو في البيت رغم كبر سنها. اما جواد قال و هو يركب الدرج:
_ وانتي الصاجة اخاف اشوف السرير و يغريني و انام بروحي تعبان
وقفت ام جواد ضحكتها عشان بس تقول:
_ لا ياوليدي تعال كل لك كم لقمة و بعدها نام
وصل جواد آخر درجة و صاح:
_ ان شاء الله يمه
راح جواد بدل ملابسه و نزل يتغذى و بعدها ما استحمل نفسه انسدح على السرير و نام نومة طويلة صحته قبل الصلاة بشوي. و بعد ما صحصح تذكر صالح عبدالاله و سالفته و بسرعة طلع تلفونه و دور على رقم علي عشان يتصل .. دق .. أول رنة ما رد عليه لكن ثاني رنة أجابه صوت صبي خشن يذكره بصوت محمد:
_ الو السلام عليكم
رد عليه جواد بتردد في هاللحظة بس حصل الشيء محرج:
_وعليكم السلام أخوي .. هذا رقم علي عبدالله؟؟
أكتشف جواد ان صوت علي مقارب لصوت محمد.. تذكر محمد لو عرف ان صوته يشبه صوت واحد يقرب لصالح بينقهر .. ضحك على تفكيره.. و رد علي:
_ اي نعم انا علي .. من معاي؟؟
قال جواد بشوية ثقة:
_ معاك جواد زميل صالح عبدالاله على ما اظن ولد خالتك
علي هني عرف من المتصل و خمن انه بيسأل عن صالح:
_ تعرف صالح؟ اقصد انت معاه بالمدرسة؟؟
حمد جواد ربه ان علي هو علي الي يقرب لصالح:
_ أي معاه .. اخذت رقمك من واحد اسمه حسام كريم و أتصلت لك عشان أسأل عنه
فهم علي كل شيء بس خشى يكشف شيء عن غياب صالح فقال:
_ اها .. انزين انت وش الي سمعته عنه .. اقصد عن صالح؟؟
جواد فكر ان علي ممكن ما يقوله شيء عن ولد خالته بس ابعد الفكرة لأن علي قال لحسام قبله .. سكت شوي و بعدها قال:
_ سمعت انه مختفي .. و الكل قاعد يدور عليه .. و محد يدري بمكانه
علي تذكر لما قال لحسام عن الشيء يمكن يحصل منه فايدة بس حسام ما سوا شيء.. لهذا حمد ربه ان في واحد ثاني جاي يمكن يقدم خدمة .. استغل الفرصة:
_ هالكلام الي سمعته صح .. انا ما عندي اخبار وايد افضل تروح لبيت صالح و تسأل عنه هناك و تشوف أحوالهم.
عجبته جواد الفكرة بس تذكر ان ما يعرف عن صالح اي شيء حتى رقم تلفونه:
_ بس انا ما ادل بيتهم
ببساطة و سهولة عطى علي العنوان لجواد .. و اكتشف جواد ان البيت قريب شوي من المدرسة، في نفس المنطقة الي فيها المدرسة .. اذا بيمشي من المدرسة لها يمكن تاخذ عشر دقايق او اقل، قال ان مافي غير اخته غالية الي توصله لانها تدل المدرسة. تذكر شيء فسأل:
_ طيب ممكن تعطيني رقم أبوه أو اذا عنده اخو عشان اخبرهم بالزيارة
تذكر علي هني صرامة و حزم زوج خالته و اكيد بيعصب اذا شاف صديق لصالح يدري بمصيبته .. و في نفس الوقت يبي جواد يساعدهم بشيء يمكن يقدر يسوي شيء .. فقال:
_ ابوه ماتوقع بيقدر يرد عليك لان في حالة صعبة و ممكن يعطيك موعد ما يجيه .. و صالح ماعنده اخو، انا افضل تروح تزورهم مباشرة .. المغرب لان ابو صالح يرجع الظهر يتغذى و ينام و الليل يطلع حق موضوع صالح.. المغرب بتلحق عليه
استحى جواد من حركته و تردد:
_ اخاف ما تعجبه زيارتي
علي طلعت من باله فكرة:
_ لالا لاتخاف انت بس قوله انك من صوب علي عبدالله و بيتفهم و اكيد بيكلمني وانا برقع السالفة المهم انك تشوفهم لان حالتهم صعبة.
أبتسم جواد لاشعورياً مع ان علي ما يشوفه:
_ ادري .. مشكور اخوي ما قصرت .. طيب لو احتجت هالرقم عادي اتصل
علي استانس لانه قدر يسوي شيء:
_ أي أكيد اي وقت و اذا طلع شيء جديد ياريت تخبرني
و انتهت المكالمة بالشكر و الوداع .. و مباشرة بعد المكالمة اذن الاذان فقام جواد يصلي و من حسن حظه لما طلع شاف غالية و توها كانت بتطلع وقفها و خبرها ان صديقهم صار له غايب مدة طويلة عن المدرسة و يبي يسأل بيتهم عنه لان مايعرف رقمه .. قرر يقول لها سالفة الشرطة و البلاوي بعدين عشان لو عرفت الحين ممكن ترفض ان اخوها يتورط او شيء .. و بالنهاية وافقت توصله للمكان الي يبيه.
*** كان واقف قدام بيت متوسط الحجم، بابه على شكل خطوط حديدية يكشف الحوش الي قدام الباب الرئيسي الثاني الي يكون قدام صالة الدخول بالظبط. صاحت غالية الي كانت داخل السيارة دريشتها مفتوحة لابسة نظارة شمسية عن الشمس تناظر العنوان:
_ متأكد هذا العنوان؟؟
جواد قرأ العنوان مرة ثانية:
_ اي هذا هو العنوان جذي خبروني
لف لجهة أخته .. فقالت بصوت عالي عشان يكون واضح:
_ اوك عيل مثل ما قلتلك بروح اتسوق بالسوق الي هني و اذا كملت سو لي رنة
أبتسم جواد:
_ أوك باي
همست بباي و سكت الدريشة، ثم مشت السيارة نحو إتجاه السوق .. و بقى جواد مكانه لآخر مرة يقرأ العنوان، أزال التردد منه و مشى لعند الجرس و زين كان في رسمة جرس على الحبات و لا كان تلخبط اي حبة هي الجرس، طق الجرس أول مرة .. و بعد ما مرت دقيقة، و كانت الدقيقة بطيئة عليه .. طق مرة ثانية و قال ما بيطق مرة ثالثة الا لما يحس ان مافي احد بالبيت. و من حسن حظه بعد الطقة الثانية مباشرة طلعت وحدة .. شكلها خدامة .. لابسة حجاب يكشف الشعر و الأذنين، و دشداشة قصيرة الأكمام .. و الوجه أندنوسي الأصل، كانت تصارخ:
_ من؟؟
لما وصلت لعند الباب سألت مرة ثانية:
_ من أنت؟
أستغرب جواد من اسلوبها الدفش و طريقتها .. بس تذكر ان الشغالات دايماً جذي .. رغم ان شغالتهم هادية و ما تسوي شيء .. سألها:
_ بابا عبدالاله موجود؟؟
ابتعدت الشغالة و هي تقول:
_ الحين ينادي انتظر هني
همس بصوت ما يسمعه أحد "ماشاءالله" مستغرب ان هي الي تأمره مو هو الي يأمرها، وقف تحت الشمس ينتظر .. كان جاي منوكت لأن علي اتصل عليه و قاله ان عبدالاله فاضي العصر. أما الشغالة فدخلت و أول ما دخلت شافت قدامها حنان ببيجامتها القصيرة تاكل جيبس:
_ سميرة من طق الجرس؟؟
هذه الخدامة اسمها طويل و صعب يشبه اسم سميرة لهالسبب يسمونها سميرة إختصار.. أجابتها و هي تشيل الوسخ من دشداشتها:
_ واحد يبغى بابا
تساءلت حنان بفضول:
_ من؟؟
الشغالة كانت تعبانة عشان جذي قالت:
_ مايعرف .. انت روه ناد بابا
طالعتها حنان بنص عين:
_ حلوة هذه .. انت روح ناد بابا .. ليش انا الشغالة؟؟
ركبت سميرة الدرج و هي تقول:
_ هنان سبري .. انا يقول لماما
حنان طنشتها و مشت بسرعة للدريشة، في العصر الي برى ما يقدر يشوف من ورى الدريشة لكن الي قدام الدريشة يقدر يشوف الي برى .. و بما ان السور قصير، قدرت حنان تشوف الشخص الواقف قدام الباب .. كان شاب أو يقدر الواحد يعرف انه مراهق .. طويل نوعاً ما، جسمه نحيف لكن فيه وزن... أبيض البشرة لكن مو أبيض احمراني، شعره بني و عيونه بنية غامقة كبار على مستوى وجهه البيضاوي. شكله جذب حنان أولاً لأن يعتبر وسيم .. ثانياً لأن ما تعرفه و أول مرة تشوفه، تساءلت بينها و بين نفسها (( هذا من؟ ولد جيرانا؟؟ ما اتوقع لأني ما شفته بالديرة .. يمكن ولد واحد من اصدقاء أبوي .. أو يعرف صالح؟؟ أي يمكن يعرف صالح!!)). تذكرت هاللحظة املها الميؤس في إيجاد صالح .. و في نفس الوقت تذكرت ان ابوها في اي وقت ممكن ينزل و اذا شافها تطالع الدريشة و عرف ان الي تطالعه صبي بيذبحها .. أبتعدت بسرعة و هي تقول ببالها (( مسكين الولد صار له ساعة برى .. اخاف سميرو ما راحت قالت لأبوي )). و صج هذه الشغالة الشيطانة ما خبرته، لهالسبب خبرت حنان أبوها بنفسها .. فنزل عشان يشوف هالزائر الغريب.
في جهة ثانية جواد مل من إنتظاره لكن ما فقد الأمل، و أخيراً أنكشف رجل في الأربعين .. شاربه كبير، أصلع بس عنده شعر شوي مكون من الشعرات السودة و البيضة في مستوى أعلى من الأذن بشوي .. بشرته سمراء فاتحة .. لابس دشداشة رجالية قديمة .. كان وجهه كأنه واحد توه قاعد من النوم .. حاول جواد يطلع شبه بين هالرجال الى قدامه و صالح .. لين وصل الرجال و هو يقول:
_ السلام عليكم
هني جواد تردد بخطوته صحيح كان الرجال مقارب لطوله و مو هيبة .. لكن يرهبه شوي .. رد عليه شوي متأخر:
_ وعليكم السلام .. هذا بيت صالح عبدالاله؟؟
فتح عبدالاله الباب راحم حال الولد الي بدأ يعرق من وقفته الطويلة:
_ اي هذا بيته .. انت صديقه بالمدرسة؟؟
أبتسم جواد لأن عبدالاله رحب فيه:
_ أي
قال عبدالاله و هو يمشي لعند باب المجلس الخارجي:
_ تعال يا ولدي تفضل
و مشوا للمجلس و هم ما يدرون ان عيون حنان كانت تراقبهم من أول ما طلع عبدالاله له الى ان وصلوا للمجلس .. و لما اختفوا جلست على الكرسي و هي تفكر (( هذا أكيد يعرف صالح؟؟ معقولة يعرف الي صار لصالح و يعرف مكانه؟؟ يارب يارب يعرف!! يارب يارب ))، و صارت تتذكر وجه الشخص المجهول الوسيم، مع أن عيونها التفتت الى التلفزيون و تابعته بصمت .